تفاصيل الخبر

جبران باسيل الخارج على الخط!

14/06/2018
جبران باسيل الخارج على الخط!

جبران باسيل الخارج على الخط!

بقلم وليد عوض

جبران باسيل

سألوني بالجملة لماذا هذا الخط المعتدل في <الأفكار> ولماذا تمسكون بأصابع البيانو، لا بالسلم الموسيقي للقانون؟! ولماذا عندما تفتحون سيرة وزير أو سياسي تحاذرون الإساءة إليه بأية كلمة أو إشارة حتى يصلح أمره مثل الأم <تيريزا>، ولا تمسكون بالآلة الحربية لـ<الاسكندر المقدوني>؟! ومتى كانت الصحافة بهذه القماشة من التسامح والعفو عن أخطاء الآخرين؟!

والسؤال نفسه يضايقني. فأنا منذ أواخر الخمسينات مارست الصحافة بإبرة الطبيب وساطور الجزار. كنت حريصاً على ألا أجرح رجل السياسة أو التعليم وأنا أتحدث عن أخطائه، فحاذرت غير مرة أن أتناول الرئيس شارل حلو بسوء، لا لأنه كان صديقاً يتفقد أخبارنا كما نتفقد أخباره، ولكنني عندما فوجئت بإدخال الزميل سليم نصار الى سجن الرمل، لأنه تناول رئيس الجمهورية بمقالة عنوانها <عهد الماء> في جريدة <لسان الحال> أمسكت بالساطور وعرضت نفسي للملاحقة ويا ليتها تمت!

وعندما أعلن فاروق المقدم انتفاضته ضد السلطة من قلعة طرابلس، لم أمارس تقليم الأظافر، بل ذهبت أنا والمصور الصديق زهير سعادة الى القلعة تحت جنح الظلام والتقينا أبا نافذ وسط قرقعة السلاح مرة من قبل رجال الدولة المحيطين بالقلعة المحاصرة بأمر من العميد أنور كرم، ومرة من قبل <كلاشينكوفات> فاروق المقدم، وفجأة وجدت نفسي مع المصور في قلب حفرة جرى اعدادها لدفن ميت في اليوم التالي!

وفي العام 1978 ذهبت الى مقابلة رئيس المقاومة الفلسطينية ياسر عرفات في محلة <قصقص>، وكان ثالثنا وزير دفاعه أبو الوليد، وكان مشهوراً بالجمع بين قوة السلاح وقوة العقل، وبدون أن أدري انقلب إناء الزهور على المكتب وأنا أمد يدي لأصافحه، وتنبه أبو الوليد (سعد صايل) الى ما أنا فيه من حرج فقال لياسر عرفات: شخصيتك يا أبا عمار تطغى على كل محب.

وفي العام 1979 تدخل عرفات ليمنع عني قراراً بالتصفية أعده أبو الزعيم الذي كان يقيم في شارع <فردان>، وهو يقول لصاحب القرار: لقد كان وليد عوض صحافياً، ولم يكن جزءاً من بركة بابازات المقاومة.

وكان ذنبي يومئذ أنني قابلت سجيناً فلسطينياً اسمه أبو عرب في إحدى ثكنات الأمن الداخلي، بمسعى من مدير عام الأمن الداخلي يومئذ القاضي هشام الشعار، وجعلت صورته غلافاً لمجلة <الحوادث> واعتبر ذلك تشهيراً بالمقاومة!

وفي حزيران (يونيو) من عام 1977 توصلت الى مقابلة صحافية نادرة مع رئيس قبرص المطران <مكاريوس> حيث امتنع على صحافيين من قلب أوروبا. وقال لي سفيرنا في قبرص يومئذ الشيخ منير تقي الدين: <لا تعذب نفسك. فالرجل ممتنع عن المقابلات وسط هذا الحصار البحري المفروض عليه من الأسطول الأميركي. واليوم ودعت فريق <الفيغارو> الباريسية بعدما تلقى رفضاً بلقاء المطران المقاوم>.

مع ذلك كله لم أيأس وحملت الى الرجل سلاماً شفهياً من المطران جورج خضر الذي كان يومئذ مطران الروم الارثوذكس في ميناء طرابلس، فانفتحت أمامي الأبواب وأجريت مقابلة نادرة، ولما علم الشيخ منير تقي الدين بالمقابلة قال لي: <أكتب أن المقابلة تمت بمسعى من السفير اللبناني>.

ولكنني لم أفعل وإلا ضاع السبق الصحافي..

وإذا كان القلم رحيماً مع جبران باسيل فذلك لقناعتي بأن عنترة بن شداد الخارجية سيتحول الى <المهاتما غاندي> إذا قضت الظروف..

فلا ثوابت في السياسة اللبنانية!