تفاصيل الخبر

في لندن «وعود» بدعم مالي قد يتأخر ولا يفي بالحاجة، وفي بيروت «مخاوف» من تحوّل «دمج» النازحين الى «توطين»!

12/02/2016
في لندن «وعود» بدعم مالي قد يتأخر ولا يفي بالحاجة،  وفي بيروت «مخاوف» من تحوّل «دمج» النازحين الى «توطين»!

في لندن «وعود» بدعم مالي قد يتأخر ولا يفي بالحاجة، وفي بيروت «مخاوف» من تحوّل «دمج» النازحين الى «توطين»!

 22إذا كان رئيس الحكومة تمام سلام <نجح> خلال مؤتمر <دعم سوريا والمنطقة> الذي عُقد في لندن الاسبوع الماضي، في وضع المجتمع الدولي والمسؤولين الأوروبيين أمام مسؤولياتهم لمعالجة مستدامة وكافية لأزمة النازحين السوريين، فتعهد هذا المجتمع بأن يكون أكثر سخاء مع الدول المضيفة لهؤلاء النازحين، فإن هذا <النجاح>  لن يكتمل في حال تعذر صرف الأموال المستحقة للبنان من أصل 5 مليارات دولار ستُدفع خلال عام 2016 على أن تقسط 6 مليارات دولار أخرى على أربع سنوات مع احتمال زيادتها. صحيح أن حماسة الدول المشاركة في مؤتمر لندن كانت ظاهرة بوضوح خلال إلقاء الكلمات ونثر الوعود وإطلاق التطمينات، إلا أن <الضبابية> - على حدّ تعبير الرئيس سلام نفسه - في تعامل الدول المانحة مع لبنان، جعلت الوفد اللبناني غير قادر على معرفة حصته من <المزاد العلني الدولي>، لاسيما وان المبالغ الموعودة في المؤتمرات السابقة لم تصل كلها بعد، ما جعل الوعود تبقى من دون ترجمة عملية.

وفي وقت قدّر فيه لبنان حاجته هذا العام بمليارين و400 مليون دولار لتلبية متطلبات ورقة العمل الشاملة التي قدمها للمؤتمر، فإن مصادر مطلعة أكدت لـ<الأفكار> أن الوفد اللبناني لم يتمكن من الحصول على <ضمانات> بأن يتلقى لبنان حاجته التي ترتكز على ثلاثة عناوين: تعزيز الوضع التربوي وتطويره لاستيعاب أكبر عدد ممكن من النازحين مع اللبنانيين، إقامة مشاريع إنتاجية لإيجاد فرص عمل للنازحين واللبنانيين على حدٍ سواء، دعم البلديات في المجتمعات المضيفة والبنى التحتية والخدمات. إلا أن مخاوف لبنان في عدم الحصول على كل المبالغ التي طلبها، قوبلت بـ<طمأنة> على ان التجاوب سيكون عملياً، وذلك لبروز تغيير جذري في طريقة تعامل الأوروبيين والأمم المتحدة مع قضية النازحين السوريين نتج عن <خطر> تدفق هؤلاء النازحين في اتجاه حدود الدول الأوروبية، كما حصل خلال الأشهر الماضية، ما جعل الدول الأوروبية، <مقتنعة> أكثر من أي وقت مضى بضرورة دعم المجتمعات المضيفة تقنياً وفنياً ومالياً، لإبقاء النازحين حيث هم وعدم دفعهم للنزوح من الدول المجاورة لسوريا نحو الدول الأوروبية.

وتقول مصادر حكومية مطلعة إن <مخاوف> الأوروبيين من تدفق النازحين مجدداً نحو حدود بلدانهم لم تدفع في اتجاه إلتزام المزيد من الدعم وحسب، بل أدت الى تبني الدول الأوروبية لكثير من المشاريع التي قدمتها الدول المضيفة، وفي مقدمتها المشروع التربوي الذي قدمه الوفد اللبناني لاسيما بعدما اطلع المؤتمرون على أرقام تشير الى وجود 250 ألف طالب لبناني في القطاع الرسمي، في مقابل 200 ألف سوري مسجلين في المدارس التي ينتظر خارجها نحو ربع مليون طالب سوري، ما يعني أن أعباء كبيرة ستترتب على القطاع التربوي اللبناني.

التجاوب المنقوص

 

إلا أن التجاوب الدولي مع المشاريع التي قدمها لبنان وإن لم يكن كاملاً، لم يلغِ بروز ضغوط أوروبية على لبنان لـ<دمج> النازحين السوريين في المجتمعات المضيفة، وهذا ما ظهر جلياً من خلال سلسلة إشارات سبقت مؤتمر لندن ورافقته، كان من أبرزها طلب وفد من وزارة الخارجية البريطانية في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تقديم تسهيلات مالية للسوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية، وتشجيع الشركات على توظيف عمال سوريين من خلال منحها <تسهيلات> مالية معينة، كما طالب الوفد بإعطاء رجال الأعمال السوريين الراغبين في إقامة مشاريع اقتصادية في لبنان تسهيلات مالية أيضاً. وفيما أكدت مصادر مطلعة أن الحاكم سلامة لم يوافق على الطلب البريطاني، فإنه في المقابل طالب بمضاعفة المساعدات للبنان الذي يستقبل على أرضه الأعداد الهائلة من السوريين، علماً أن الحاجة المالية المقدرة لرعايتهم وتعويض المجتمعات اللبنانية المضيفة تصل الى حدود 10 مليارات دولار.

وفيما أكدت مصادر معنية ان الوفد اللبناني الى لندن سمع <همسات> مماثلة لما كان سمعه الحاكم سلامة الشهر الماضي حول <دمج> النازحين السوريين في المجتمعات اللبنانية، أشارت هذه المصادر الى أن الموقف اللبناني ظل واحداً وتركّز خصوصاً على رفض أي إجراءات يمكن أن تشكل <توطيناً مقنّعاً> للسوريين في لبنان، وهو ما أكد عليه الرئيس سلام الذي نفى بشدة وجود أي توجّه لقبول التوطين، وأبلغ من التقاهم في لندن على أن لبنان لم يتخذ ولم يقرر أي خطوات في هذا الاتجاه، فضلاً عن أن لبنان الذي رفض توطين الفلسطينيين ليس في وارد قبول توطين السوريين.

1 

<توطين مقنّع>؟

 

إلا أن <تطمينات> الرئيس سلام لم تسقط اعتراضات أفرقاء سياسيين في لبنان باتوا يتخوّفون من وجود مخطط لإبقاء السوريين في المدن والقرى والبلدات اللبنانية التي حلوا بها منذ نزوحهم، كما حصل بالنسبة الى الفلسطينيين الذين مضى على وجودهم في لبنان 68 سنة ولم تتحقّق عودتهم الى أرضهم. وفي هذا الإطار كشفت مصادر وزارية في 14 آذار عن وجود توجه لعدد من الوزراء، ومنهم وزراء حزب الكتائب للاعتراض على منح السوريين تسهيلات للعمل في لبنان، أو القيام باستثمارات معينة تتيح لهم البقاء في الأراضي اللبنانية وفتح أسواق للعمل وغير ذلك من الفرص التي لا تتوافر للبنانيين أنفسهم، علماً أن عبارة <العودة الطوعية> التي اعترض عليها لبنان لدى الأمم المتحدة لا تزال تتصدّر معظم المواقف الدولية لدى الحديث عن أوضاع النازحين السوريين ومستقبلهم. ولعل الموقف الذي أعلنه وزير العمل سجعان قزي عن أن وزارته لن توافق على إعطاء أي تسهيلات للسوريين للعمل في لبنان <على رغم كل ما قيل في لندن>، شكّل التعبير الأكثر وضوحاً للحالة الاعتراضية التي يُنتظر أن تتبلور تباعاً، والتي تقابلها مطالبة بالعمل على إقامة مناطق آمنة في سوريا ينتقل إليها النازحون بإشراف الأمم المتحدة، بدلاً من البقاء في مخيمات داخل لبنان، سرعان ما تتحوّل الى قنابل موقوتة من خلال استضافتها إرهابيين.

وأشارت مصادر معنية الى أن هذا الملف ستتم مقاربته بطريقة مختلفة عن تلك التي اعتُمدت في السابق لأن مخاطر النزوح السوري إلى لبنان تتكشف يوماً بعد يوم، في الوقت الذي تجاوز فيه عدد السوريين مليون و700 ألف شخص استناداً الى جداول تسجيل هؤلاء، فيما العدد الحقيقي قد يصل الى مليوني شخص أي ما يعادل نصف عدد سكان لبنان تقريباً، وهذا العدد لن يكون مرشحاً للتراجع بشكل كثيف، لأن أعداد السوريين الذين يُمنحون عادة سمات دخول الى كندا ودول أوروبية لن يتجاوز في أفضل الحالات الـ150 ألف شخص.