تفاصيل الخبر

في جبيل التاريخية كنز مفقود... والمطلوب إيجاده في ظرف ساعة ونصف الساعة!

17/02/2021
في جبيل التاريخية كنز مفقود... والمطلوب إيجاده في ظرف ساعة ونصف الساعة!

في جبيل التاريخية كنز مفقود... والمطلوب إيجاده في ظرف ساعة ونصف الساعة!

بقلم عبير أنطون

  [caption id="attachment_85929" align="alignleft" width="250"] المهندس جيروم شهوان: المشاركون هم بغالبيتهم طلاب جامعات وتقريباً ما بين الـ 18 الى 25 عاماً، وهناك العائلات ايضاً.[/caption]

 في "بيبلوس" اليوم، وبين جنبات معالمها، أثرية كانت أم عصرية، كنز مفقود. فهل من سبيل لايجاده؟ متى وكيف السبيل الى ذلك ؟

 "صيد الكنز" هو آخر ما يقدمه المهندس جيروم شهوان، وهو أكثر من لعبة يشترك فيها الأهل والأصدقاء أو زملاء العمل، إنما فكرة مبتكرة تخفف كثيراً عن النفوس المتوترة التي ضاقت ذرعاً بالاحباطات المتتالية التي نعيشها وآخرها ما "اتحفتنا" به "كورونا"، فهي تروّح عن المشتركين فيها بشكل كبير في ظل الجائحة التي جعلت العالم مقفلاً إلا على أفكار جديدة تجد صدى لها، حاملة  النشاط والتحفيز على التفكير خارج عالم بات ضيقاً على أهله. من هنا كان نجاح الفكرة - اللعبة، والطلب عليها.

في تعريفها صعوبة "صيد الكنز" متقدمة، اما الفريق فيمكن ان يبدأ من ثلاثة اشخاص صعوداً نحو عدد أكبر.

 عن أي كنز نتحدث؟ ما هي الفوائد التي تقدمها لنا؟ هل هي بهذه الأهمية في هذه الظروف بالذات وسط كل ما نمر به ويعصف بنا كلبنانيين حتى نعرّف بها ؟ وماذا عن المهارات التي تتطلبها؟

 في هذه السطور إلقاء الضوء على "صيد الكنز TreasureHunt" ومختلف الجوانب التي تتيحها، مع أخذها بالاعتبار تنمية السياحة الداخلية كأولوية.

لطالما شكّل اللعب عنصراً أساسيّاً للتطور الاجتماعي والعاطفي والإدراكي الطبيعي إذ إنه يجعل الإنسان أكثر ذكاءً وقدرةً

[caption id="attachment_85931" align="alignleft" width="188"] التحفيز على التفكير[/caption]

على التكيُّف وأقل توتراً، ولا يقف التقدم في العمر عائقاً دون ذلك .

 ويمثل اللعب المُفعَم بالنشاط، أكثر أنواع الألعاب أهمية، ويتفق علماء النفس على ان اللعب له فوائد تستمر حتى في الكبر، خاصة وأنه  يعزز التطوُّر العصبي في المناطق الدماغية، والمرتبطة بردود الأفعال العاطفية والتعلم الاجتماعي..

 من ناحية اخرى لطالما شكّلت مدن الالعاب الترفيهية من حول العالم مقصداً للعديد من الأفراد وإنما بشكل أكبر العائلات بمختلف أعضائها، وذلك  لقضاء الأوقات الممتعة كـ "ديزني لاند" مثلاً التي كان يقصدها الكثير من العائلات اللبنانية في عطلاتهم. هذه المتعة أضحت اليوم بمنزلة الحلم البعيد مع انتشار فيروس الـ"كوفيد 19" المستجد وغزوته الخبيثة، وسط التساؤل عن امكانية عودة الأمور الى ما كانت عليه في عالم "ما قبل كورونا". فهذا العالم الذي بات اليوم مغلقاً على نفسه بحكم الجائحة، أغلق الباب خلفه على اي ترفيه بين جدران اربعة خوفاً من العدوى وانتقالها. من هنا، كانت ضرورة التوجه الى ابتكار العاب  في الفناء الخارجي، تتخذ من الطبيعة والهواء الطلق مرتعاً لها، بعيداً عن الالتصاق بشاشات الحواسيب والهواتف الذكية، في رحلة مغامرة واستكشاف تجمع الرياضة الى السياحة وتشغيل الذهن، فضلاً عن

[caption id="attachment_85930" align="alignleft" width="500"] نشاط للعائلة.[/caption]

استخدام التكنولوجيا وادواتها، وهذه جميعها تعتمدها لعبة "صيد الكنز" في ربوع جبيل اليوم.

فماذا يقول صاحب اللعبة التي تجد صدى واسعاً لها ؟ 

 في العام 2018، يقول جيروم شهوان لـ"الأفكار" افتتحنا الـ"كودكس ايسكايب روم" (غرفة الهروب) عند منطقة ذوق مصبح، وهي عبارة عن غرفة يدخل اليها فريق مشكل من مجموعة افراد، فنقفل عليه الأبواب لمدة ساعة وعليه ان ينفذ مهمّة نعلمه بها. وحتى يتمكن اعضاؤه من ذلك عليهم ان يحلوا الغازاً معينة ويجتازوا مراحل عديدة حتى الانتهاء من مهمتهم. وقد لاقت الفكرة رواجاً حينها ، الا ان ظهور "كورونا"،

[caption id="attachment_85936" align="alignleft" width="333"] قربت تنحل؟[/caption]

والمخاطر التي قد يولدها وجود مجموعة في غرفة مقفلة، جعلنا نستغني عنها مؤقتاً، وننظر الى ما هو في الفناء الخارجي، فكانت لعبة "صيد الكنز" في مدينة جبيل العظيمة، وقد بدأناها في شهر ايلول (سبتمبر) من العام  2020، وتجاوبت الناس معها اكثر من الغرفة المقفلة حتى، وقد رفعنا معها شعار: "العالم كله هو غرفة الهروب الخاصة بك"! 

 وعن ولادة الفكرة بالأصل، يقول جيروم إن "غرفة الهروب" لم تكن جديدة إذ يوجد منها في لبنان اربع او خمس معروفة كما انها لعبة مشهورة في الخارج. اما لعبة "صيد الكنز" المبتكرة في الفناء الخارجي فقد كان جيروم من وضع مراحلها وأدواتها، ساعده في ذلك حس الكشاف السابق لتنظيمها بشكل جيد، دقيق، وموسع، بحيث يتعين على المشتركين التجول في المدينة والمعالم الأثرية والأماكن الخارجية للبحث عن أدلة ومعرفة كيفية حل الألغاز وإنجاز المهمة.

 لا أماكن خطرة او ما يعرض للخطر ويستحق القلق حوله في ما يتعلق باللعبة، يؤكد جيروم، ومع ذلك فإننا ندعو المشاركين الى التوقيع عن رفع المسؤولية عنا اذا ما حدث شيء لا سمح الله من حوادث خلال تنقلهم في المدينة، كما ان الاماكن كلها آمنة ولا خوف فيها.

 ويشرح أكثر: نلتقي مع اعضاء الفريق في مكان معين، نشرح لهم نوع المهمة ونزوّدهم بحقيبة فيها من المعدات كل ما يتطلبه الامر. وكلما يتوصلون الى حل لغز ما، يمرون الى المرحلة الجديدة وهكذا دواليك حتى ينتهوا. الانتقال بين المناطق المختلفة يكون سيراً على الأقدام ، يتعرفون من خلالها  الى مختلف الاماكن الاثرية اثناء التجوال، ويتعرفون على ابناء المدينة ومنهم من قد يساعدهم بالمهمة، في حين نبقى على تواصل دائم معهم هاتفياً ان احتاجوا شيئاً.

 

 وقضية إنسانية..

[caption id="attachment_85933" align="alignleft" width="374"] الكل متحمس.[/caption]

أما عن الأعمار التي يمكنها المشاركة فيمكن فصلها في مجموعتين: الأولى هم بغالبيتهم طلاب جامعات وتقريباً ما بين الـ 18 الى 25 عاماً، وهناك العائلات بمختلف أفرادها، وهذه تشارك بشكل كبير، فضلاً عن زملاء العمل، او المتفقين لجمع حملة تبرعات لقضية انسانية او اجتماعية معينة. وبشكل عام، ننصح بأن يكون المشاركون في سن السادسة عشرة وما فوق. اما العدد فيكون اقله ثلاثة اشخاص، وكلما ارتفع انجزت المهمة الموكلة للفريق بشكل اسهل لأنهم يمكن ان يوزعوا المسؤوليات. اما ما يحصلون عليه في النهاية فهو الشكر والتقدير لعملهم وجهودهم ، فضلاً عن حماسة كسر الرقم القياسي السابق والذي تم التوصل اليه في ظرف ساعة وأربع وعشرين دقيقة حتى الآن.

أما الصعوبة التي سبقت الاشارة في اللعبة  فتكمن في أمرين: الكثير من التفتيش في مختلف انحاء المدينة مع دقة ملاحظة كبيرة جداً. والأمر الثاني يكمن في الألغاز والأحجيات التي هي من الصعوبة بمكان، خاصة وأن الوقت محدد.  

 لا تحتاج إقامة اللعبة الى أذونات معينة من مراجع رسمية "فنحن لا نخبئ شيئاً في المدينة" انما نعتمد في حل الألغاز على معالم موجودة اصلاً ، كمثل رقم شارع معين، او مبنى معروف او اثارات ، وما يمكن ان تدل عليه، وسط علم البلدية بكل ما نقوم به.

ويؤكد شاهين أن "صيد الكنز" لن يقتصر على مدينة جبيل، ونحن نتطلع الى مكانين في منطقة كسروان نحضر لهما، وننتظر الانتهاء من حالة الحجر حتى نستهل عملنا، خاصة وان على لائحتنا 19 موقعاً سوف نكون فيه، وفي مختلف المناطق اللبنانية. ويشير جيروم الى ان اللعبة ليست مقصد الاصحاب والعائلات فقط انما يطلبها عدد من السواح العرب والاجانب وهم يضعونها من ضمن الالعاب

[caption id="attachment_85934" align="alignleft" width="500"] سنكسر الرقم القياسي ..[/caption]

الترفيهية التي يسألون عنها في جولاتهم السياحية، تماماً كما يقصدها السواح في الغرب، إذ إنها تساعدهم في فهم المدن وتاريخها ومعالمها، وسط المغامرة التي يعيشونها. 

 أما عن المهارات التي تغذّيها العاب مماثلة يقول المهندس المدني إنها اولاً تعلم العمل ضمن مجموعة ، وتنمي روح الفريق، وهذا اكثر ما نحتاج اليه كلبنانيين لننهض بوطننا. كما انها تحفز على التفكير النقدي، وتستفز الدماغ ، وتتطلب اغلى جانب دقة الملاحظة، ادارة المهارات، من دون ان ننسى طبعاً الفرح بالانجاز عند الانتهاء، ما يعزّز الشعور بالثقة والارتياح. كذلك فإنها تجعل المشاركين يكتشفون مهارات لم يتعرفوا اليها من قبل كاستخدام البوصلة مثلاً، واكتشاف احداثيات المواقع، فضلاً عن المزج والعيش ما بين الماضي والحاضر، بمعنى ان كتابة فينيقية مثلاً قد تساعدك على حل احجية معاصرة جداً، هذا بغير العديد مما يمكننا مفاجأتهم به. كذلك فإننا نحرص على إدخال مسائل وادوات خاصة حتى لا تكون موضع تقليد من غيرنا، خاصة وان اللعبة لبنانية مئة بالمئة وليست مستوحاة من اية لعبة في الخارج، حيث لها في الغرب مفهوم مختلف بعض الشيء.  

 الأيام المتاحة لمن يريد المشاركة في "تجربة لا تنسى" كما يصفها احد المشاركين، هي ايام الجمعة ونهاية الاسبوع، لأربع جولات مختلفة تبدأ من الثانية ظهراً حتى الثامنة مساء ومنهم من يطلبها حتى ايام الشتاء حيث تصبح المغامرة اجمل تحت المطر، والكلفة للشخص الواحد ثلاثون الف ليرة لبنانية..

  الإقبال الجميل على "صيد الكنز" يرده جيروم اولاً الى حب المغامرة وروح التحدي  بعيداً عن اية مخاوف قد يسببها الاختلاط ، اذ ان الفريق عائلي او يعرف بعضه، ما يشكل متنفساً هائلاً بعيداً عن الجو الضاغط من كل صوب. 

 ينصح جيروم الذي درس الهندسة المعمارية وادارة الاعمال، ويعمل في مجالهما، الناس بالتجربة، هو الشغوف منذ الصغر بوضع الالعاب ورسم مسارها وقواعدها، بحيث يضع نفسه مكان المشتركين وكيف يفكرون، وبذلك يحثهم على مزيد من  التفكير، كما على الرياضة والسياحة. اما التطوير، فيراه من جانب ادخال التكنولوجيا وما توفره الهواتف الذكية اكثر في هذه اللعبة، وهذا ما يحصل اساساً اذا يستخدم المشارك ادوات هاتفه في اكثر من مكان، الأمر الذي ما يجد فيه المشاركون لذة كبيرة. كما يهدف جيروم الى تطوير اللعبة وجعلها "أونلاين" بحيث يصبح "صيد الكنز" افتراضياً، متاحاً ايضاً.