تفاصيل الخبر

في الذكرى الـ41 للحرب الأهلية اللبنانية: دعـــــاء موحــــد لرجـــــال الديـــــن مـــن مختلـــف الطوائف لإحــــلال الـســــلام والتعــــــاون!  

22/04/2016
في الذكرى الـ41 للحرب الأهلية اللبنانية: دعـــــاء موحــــد لرجـــــال الديـــــن مـــن مختلـــف الطوائف لإحــــلال الـســــلام والتعــــــاون!   

في الذكرى الـ41 للحرب الأهلية اللبنانية: دعـــــاء موحــــد لرجـــــال الديـــــن مـــن مختلـــف الطوائف لإحــــلال الـســــلام والتعــــــاون!  

بقلم عبير انطون

صورة-احتفال-فرح-العطاء

في الذكرى الواحدة والاربعين لاندلاع الحرب الاهلية اللبنانية في العام 1975، لا تزال الذاكرة الجماعية والفردية للبنانيين مثقلة بصور بشعة بين شركاء الوطن الواحد. الانقسامات لا زالت جلية وان اتخذت اشكالاً اخرى خلف متاريس مختلفة، الا ان الاهم في استعادة الذكرى ان تكون للعبرة وليس لفتح الجراح، في بلد لم يعد يقدّم ما يقنع الكثير من شبابه بالبقاء فيه والنضال من اجله لبنائه على صورتهم، بلداً حضارياً منتجاً وفاعلاً، لا ساحة حرب ورسائل وامتدادات.

مقابل هذه الصورة لا زال لبنان المرتجى يشكّل هدفاً للعديد من الشخصيات والجمعيات، من بينها جمعية <فرح العطاء> التي أصبح لها من على درج المتحف الوطني الرمز الجامع بين شطري العاصمة، موعد سنوي في ذكرى الحرب اللبنانية. فمن هي <فرح العطاء>؟ وماذا عن العمل الفني الذي قدّمته <اقلب الصفحة> والذي نقلته كل شاشات التلفزة اللبنانية؟

 

 أهمية بناء الطمأنينة..

 

محبة، تسامح، احترام، حول هذه الاساسيات بنت <فرح العطاء> جمعيتها التي أسسها ويرئسها المحامي ملحم خلف المنتخب في العام 2013 عضواً في <لجنة مناهضة كل أشكال التمييز العنصري> لدى الأمم المتحدة، متخطياً رسالة المحاماة في إحقاق الحق الى ما هو اوسع في مجال حقوق الانسان من دون اي تمييز طائفي أومذهبي او عرقي أومناطقي. ابن <جامعة القديس يوسف>، اللامع في المحاماة، يهدف من خلال الجمعية الى تحصين السلم الأهلي في لبنان، وذكرى 13 نيسان/ أبريل تشكّل وقفة ضمير حيال كل ما يحصل حتى لا ننزلق مجدداً، وهي تذكير للجميع بضرورة العيش المشترك ومحو الخوف من شبح العودة إلى 13 نيسان/ أبريل...وتكريس العمل على مساحة الوطن بلا مقابل ومن دون اعتبارات تفوق قيمة الإنسان وكرامته. إن التزام الوطن، المواطنة والتعاضد، يختصر <فرح العطاء>.

في ذكرى الحرب اللبنانية الـ41 يؤكد خلف على ضرورة طي الصفحة، فالحرب العبثية انتهت ولكن اذية ذيولها لا تزال ماثلة في بعض الملفات، مثل ملف المخطوفين وملف عدم طي المشاكل الحقيقية التي استشرت زمن الحرب وابرزها الفساد. وبعض هذه الملفات يتداخل في تفاصيل يومياتنا  كقضية النفايات والقمح والطحين والرغيف، والاهم تعطيل المؤسسات. فالخطر يطال الديموقراطية في لبنان لوجود فراغ رئاسي من مجلس تشريعي ممدد له، ومن خلال تعطيل السلطة التنفيذية.

وأمام هذا المشهد، أردنا في الذكرى ان نسلّط الضوء على الخير في لبنان والارادة في طي صفحات لا تشبه مجتمعنا الذي يمتاز بأنه كنز بشري حضاري تَشكل على مر العصور. وعلينا انجاح هذا النموذج اولا لانفسنا، وثانيا للمنطقة المحيطة بنا، وثالثا للبشرية وخصوصا الدول التي تتخبط في ادارة تنوعها.

ويزيد خلف في ذكرى الحرب:

- لبنان ليس الصورة الفاشلة والعاجزة للسياسيين فحسب، انما لبنان هو أيضاً الصورة الخيرة والبهية والجميلة لمجتمع متماسك ومتضامن ومتعاضد. وعلينا جميعاً ان نبنيه ونعمل معاً لجعله حقيقة بعيدة من كل المصالح الضيقة والشخصية. فلبنان الآتي هو لبنان القيَم، والغني بتنوعه ضمن الوحدة، والمبني على المحبة والتسامح والاحترام، والبعيد عن الطائفية والمذهبية والزبائنية، وهو القوي بإيمانه وقيمه الدينية والثقافية.

 

 لبنان.. وخلف الحدود

منذ عام 1985، تقدم جمعية <فرح العطاء> أنشطة ملموسة ومستمرة لإقامة روابط بين جميع اللبنانيين، ولاصلاح أضرار الحرب أو الأذى الناجم عن الانفجارات. من الجعيتاوي الى الاشرفية وبرج ابي حيدر كان لشباب <فرح العطاء> اياديهم البيضاء في المساعدة وإعادة إعمار ما خلّفته الانفجارات الدموية الهمجية، ونيتها في ذلك دائماً حشد جهود المجتمع المدني من أجل لبنان الوحدة والتضامن، خاصة في الملمات. من اعادة التأهيل بعد الانفجارات الى السلاسل البشرية وتنظيم المخيمات الجامعة بين أطفال جبل محسن وباب التبانة الى الادعية المشتركة، وصولاً الى تأهيل السجون والمدارس الرسمية ومساعدة النازحين السوريين والكثير من النشاطات الأخرى في شتى الميادين، وصولاً الى المساعدة في احداث تخطت حدود لبنان الى العراق وفرنسا وأوروبا وصولاً الى الولايات المتحدة، وذلك من ضمن رؤيتها بإقامة روابط تتخطى حدود المجتمع الذي وُلدنا فيه، تستمر <فرح العطاء> في تقديم المساعدة، محوّلة الجراح الى ورود تبلسم بقدر المستطاع وبقدر الدعم الذي لا تعرفه الجمعية الا من مصادر معروفة في التبرعات، ما اكسبها ثقة المواطنين.

 لـ<فرح العطاء> رؤية تنبثق من اقتناعها بأن تنوّع المجتمع الذي غالباً ما يحمل في طياته الحقد والشرخ يمكن أن يتحول إلى مصدر غنى، مؤكدة بأن لبنان، بفضل موقعه الجغرافي وتنوّعه الثقافي والديني يجب أن يصبح رسالة سلام للعالم أجمع، والجمعية تريد المساهمة في هذا التحدي. فعمل الجمعية ومتطوّعيها دؤوب كيما يتمكن لبنان التعددية والتضامن والاحترام لقناعات كل شخص بشري ومعتقده، من التأثير على العالم، وسط مكافحة روح الفردية من خلال الوعي لضرورة العيش في مجتمع عادل وسلمي، مع التأكيد على إعطاء الآخر ما يطيب لنا الحصول عليه، وسط اتخاذ القرار بمواجهة المستقبل معا من خلال ارساء مبدأ الاحترام المتبادل وتطوير حس التضامن الاجتماعي.

صورة-احتفال-فرح-العطاء-2 

<اقلب الصفحة>!

 

 على خلفية صورة كبيرة تبرز الدمار الذي خلفته الحرب الاهلية اللبنانية، يضيء العلم اللبناني في ذكرى 13 نيسان/ ابريل درج المتحف الوطني اللبناني، المكان الرمز، ففي ألوان هذا العلم، الأمل الذي حشد نسبة كبيرة من متطوعي الجمعية. رفعوا بإيمان كبير الاعلام اللبنانية وسط حشد من المواطنين وعدد كبير من رجال دين يمثلون مختلف الطوائف اللبنانية. الجميع دعا الى <طي صفحة 13 نيسان/ ابريل، وقالوا: <اقلب الصفحة>، وهو العنوان للعمل الفني اللافت الذي مررت <فرح العطاء> من خلاله رسائلها المتعددة قبل مسيرة شموع حملها المواطنون حتى الجندي المجهول. فإلى من أوكلت <فرح العطاء> المهمة؟

 السيدة جيزال هاشم زرد تحدثت لـ<الافكار> عن العمل الفني الذي اعدته تأليفاً وكتابة سيناريو، وأخرجته كاريلين زرد مصابني، بناء على طلب جمعية <فرح العطاء>، وعن <13 نيسان/ أبريل اقلب الصفحة> تقول:

- هو عمل فني أردناه رسالة لهذه الشريحة من الشباب غير المتحزبة وغير المنتمية الى جهات سياسية، والتي تعزم على بناء وطن يعكس صورة جمعية <فرح العطاء> في مختلف المناطق والاتجاهات. في لبنان الجميع أخطأ بمكان ما، الا ان طي الصفحة مطلوب حتى لا نعيش في الماضي الذي هدم وطننا، وعلينا جميعاً مهمة النهوض من جديد بعيداً عن اي عنف، فالكيديات تعيدنا الى الخلف بدل ان تطلقنا الى الامام، وهذه الصفحة الجديدة تشكّل انطلاقة جديدة. من جهتي تربيت على اهمية وجود الآخر في حياتي، وهذا الوجود عبّرت عنه من خلال الشاب الذي يلعب دور الجندي في الجيش اللبناني الجامع ويقول:

- <وجودي ووجودك يعني اسمعلك وتسمعلي... وعن بعضنا ما نستغني>. هذه الدعوة للتلاقي مع الآخر أطلقها البابا يوحنا بولس الثاني اثناء زيارته للبنان، وقد اوصى اللبنانيين ببلدهم - الرسالة. هذه الرسالة لا بد ان تؤثر وتصل، حتى من خلال الفن والمسرح، وألمس ذلك من خلال جيل عرف مسرحياتي التي تهدف كلها الى المحبة والتلاقي. لقد اصبحوا اليوم في مراكز المسؤولية وهم يذكّرونني بجمل يحفظونها ويطبقونها اليوم كشعارات في اعمالهم وحياتهم، ما يعني ان الرسائل تنطبع في أذهان الاولاد. العلاج بالمحبة اساسي، والمبادلة بالاذى مرفوضة، وغالباً ما اورد هذا المثل حول قبيلة في افريقيا التي، ومع حصول جريمة ما، فإنهم يذهبون بالجاني الى نهر ويلقونه فيه مانحين اياه فرصة للحياة اذا ما استطاع ذلك، بعيداً عن الثأر..

وعن الدعاء المشترك بين رجال الدين المسيحيين والمسلمين من على درج المتحف الوطني تكلمت زرد عن رمزية الخطوة: <كانوا بمنزلة رسل سلام، فهذا الدعاء الموحد من اجل السلام والمحبة والتسامح يلتزم به ممثلو القيادات الروحية من مختلف الطوائف كل سنة لحماية لبنان واعادة نهوضه، في دعوة لوقف الحقد والعنف ولنشر المحبة في زمن الحروب المتنقلة والمخططات التدميرية>.

واستطردت زرد قائلة:

-  هذا الدعاء اساسي من ارض لبنان لانها ارض مقدسة، وهي لم تعرف الخنوع يوما لانها ارض مباركة. فالله واحد وكل يبتهل اليه بطريقته، والهدف في النهاية يبقى الفرح والسلام وارادة الخير التي تنتصر على الشر...والى دعاء رجال الدين لقد وجّهنا من خلال <اقلب الصفحة> اغنية تدور حول الاعلام ودوره، وهو السيف ذو الحدّين. انها بمنزلة تحية الى الصحافة الملتزمة بالوطن وقضاياه ودورها الاساسي في هذا البلد، فيما اشرنا ايضاً الى الصحافة المأجورة حتى يحذرها المواطن فلا ينجر وراء تضخيمها صورة-جيزال-هاشم-زرد-وملحم-خلفلمشاكل واحداث تخدم مصالح فئوية تقود الى الفتن والويلات.

وختمت زرد حديثها:

 - استغرق العمل مدة شهر ونصف الشهر، وقد قدّمته مجموعة صبايا وشباب من الجامعات وينتمون لمسرحنا بالاشتراك مع شباب جمعية <فرح العطاء> الذين ساعدونا في <التابلوه> على درج المتحف حاملين الاعلام اللبنانية. هؤلاء الشباب يختصرون حال الشباب اللبناني اليوم، فمنهم من يريد الهجرة ومنهم من يعتريه اليأس، الا ان القرار يبقى بالنهوض واستعادة الوطن من خلال التفافنا حول الجيش اللبناني، الذي مثّل صوته مجد عقيقي في دور العسكري اللبناني داعياً الشباب للعودة الى الوطن والتمسك به والايمان بأن <راجع يتعمر لبنان> الذي غناها جميع من حضر. كذلك فقد أدّت ليا مهنا بصوتها الملائكي أغنية السيدة فيروز <بحبك يا لبنان>، مع مشاركة رائعة للفنان نادر خوري الذي قدّم اغنية <انت مين> برفقة استعراض راقص، وأيضاً بمشاركة ريمي بندلي التي استعادت اغنيتها الاشهر زمن الحرب <اعطونا الطفولة>.. وبعدها اغنية <اشتقتلك يا ارضي>..

وعن حضور السياسيين الى الذكرى التي باتت سنوية، اعلنت زرد ان الدعوات لم توجه لشخصيات معينة، وكان الاكتفاء بنقل الحدث عبر شاشات التلفزيون التي تجندت لنقله مباشرة <في ذاك اليوم الممطر بغزارة والذي لم تشرق شمسه الا مع الافتتاح بالنشيد الوطني اللبناني، فكانت رسالة من السماء بأن الشمس تشرق بعد العواصف>..