تفاصيل الخبر

فتشوا في انتخابات الرئاسة عن المشهد السوري

04/04/2014
فتشوا في انتخابات الرئاسة عن المشهد السوري

فتشوا في انتخابات الرئاسة عن المشهد السوري

الرجل الثالث هو الآتي من فجوة حظوظ ميشال عون وسمير جعجع!

1  

العالم في الطريق الى أن يخلع ثياب الماضي، والمستقبل هو للشباب. فها هو الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند>، تحت ضغط النتائج المؤسفة للاشتراكيين في الانتخابات البلدية، يطلب من رئيس وزرائه <جان مارك ايرول> أن يستقيل ليخلفه وزير الداخلية <مانويل فالس> (51 سنة) المولود في <برشلونة> والحاصل على الجنسية الفرنسية لاحقاً، باعتبار أنه الوجه المحبب الى الفرنسيين.

   وها هو ابن العقد الخامس الآخر رئيس وزراء تركيا <رجب طيب أردوغان>، يقطف نتائج زاهرة في الانتخابات البلدية يوم الأحد الماضي، بدءاً من مدينة اسطمبول التي كان فيها رئيساً للبلدية ذات يوم، وتضم عشرة ملايين انسان، وقد أعطت حزبه، حزب <العدالة والتنمية> نسبة 44,8 بالمئة من الأصوات، غير حافلة بتهم الفساد التي أصابت أقرب المقربين إليه، ولا بفشله حتى الآن في ضم تركيا الى الاتحاد الأوروبي، ولا بالبطالة الآخذة في الاستشراء، مما يهيئه لكسب الانتخابات الرئاسية في آب (أغسطس) المقبل واحتلال كرسي رئاسة الجمهورية، أي كرسي السلطان. ومن يدري؟! فقد يعيد <أردوغان> دور العاصمة الى اسطمبول.

   وتغيير العواصم عادة مألوفة في حياة الدول. فمدينة <لاهاي> أخذت دور العاصمة الهولندية من <أمستردام>، وبرازيليا أخذت ثوب العاصمة البرازيلية من <ريو دي جانيرو>، واسلام آباد الباكستانية حلت عاصمة لباكستان مكان <كراتشي>. فلم لا ينسحب الأمر على اسطمبول العاصمة السابقة لسلاطين بني عثمان؟

   وعنصر الشباب آتٍ الى حكم مصر عبر المشير عبد الفتاح السيسي (60 سنة)، كما هو متمثل في زعيم المعارضة الشاب حمدين صباحي. وبدوره يرتدي لبنان السياسي ثوب الشباب، فيحل تمام سلام في زعامة السراي الحكومي، ونهاد المشنوق في معقل وزارة الداخلية، والياس بوصعب في وزارة التربية والتعليم العالي، ووائل أبو فاعور في وزارة الصحة، ومحمد المشنوق في وزارة البيئة، وروني عريجي في وزارة الثقافة. ولكن معركة رئاسة الجمهورية تشهد لانصاف الشباب، أو الكهول، ولا تجد <أردوغان> آخر، أو <السيسي> آخر. فمن الآتي إذن؟!

   المعركة، كما يبدو من المشهد السياسي، ليست للمرشح القوي مسيحياً، أي ليست للعماد ميشال عون، ولا للدكتور سمير جميع، لأن كلاً منهما لايستطيع أن يضمن الـ65 صوتاً، أي نصف المقترعين في الدورة الثانية زائداً واحداً، لأن وصول أي منهما يشكل هزيمة. ميشال عون لفريق 14 آذار، وسمير جعجع لفريق 8 آذار. فلا بد إذن من الرجل الثالث الذي جعل منه الكاتب البريطاني الراحل <غراهام غرين> صاحب الدور في فيينا زمن الحرب العالمية الثانية. ولعل وزير الاتصالات بطرس حرب قد تنبه من الأساس لهذا المأزق فأنشأ كتلة نيابية مستقلة، وإن كانت تدور في فلك فريق 14 آذار. ولا تسقطوا من حسابكم اسم بطرس حرب إذا اجتمعت الظروف في صالحه وتلاقى عنده فريق 14 آذار مع فريق 8 آذار، وكان هناك عطف شعبي على أدائه في وزارة الاتصالات بعدما أخذ قراراً بتخفيض أسعار الاتصالات، ونجح في تسليم <الداتا> الى الدوائر المختصة.

حظوظ روبير غانم

   ولكن من غير بطرس حرب يدور في هذا الفلك التوافقي؟

   لو كان النائب روبير غانم موجوداً في هذه الحكومة، وكان له انجاز خاص به، لاستطاع أن يقتحم معركة الرئاسة بذكاء ومهارة وثبات، ولكن وجوده خارج السلطة التنفيذية يقلل من فرصه، مع أنه موصوف بالثقافة السياسية والبرلمانية كرئيس للجنة الادارة والعدل النيابية، وأنه ترعرع في بيت الوالد قائد الجيش الراحل العماد اسكندر غانم الذي ضحى الرئيس سليمان فرنجية برفيق العمر الرئيس صائب سلام كرئيس للوزارة بعد عملية فردان الاسرائيلية يوم 10 نيسان (ابريل) 1973، فرفض إقالته من قيادة الجيش، وكان أن قدم الرئيس سلام استقالته كرد فعل!

   وفي مقدمة المرشحين التوافقيين، بعدما يتعذر لقاء الرجلين وكأنهما جبلان، أي ميشال عون وسمير جعجع، يبرز اسم وزير الخارجية السابق ونائب طرابلس الأسبق جان عبيد. وقوته نابعة من شخصيته الواسعة الثقافة السياسية، والبالغة المرونة، اضافة الى ما تسربه الشائعات حول اتفاق الرئيس نبيه بري والزعيم وليد جنبلاط على تأييده، بعدما يتعذر تأمين الأصوات النيابية المطلوبة دستورياً لكل من ميشال عون وسمير جعجع. وإذا ثبت اتفاق الرئيس بري ووليد جنبلاط على اسمه، فإنه

2

سيكون صاحب الفخامة الآتي.

   هذا بالنسبة للموازين الداخلية، فهلا سألتم عن الموازين الاقليمية والدولية التي لها بصماتها في انتخابات الرئاسة اللبنانية؟ ليس دقيقاً القول إن انتخابات رئاسة الجمهورية التي جاءت عام 1970 بوزير الاقتصاد سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية بصوت واحد متفوق على المرشح الشهابي الياس سركيس، كانت صناعة لبنانية. فالذي غيّر الموازين الداخلية يومذاك كان صوت كمال جنبلاط، وجنبلاط في ذلك التاريخ كان صديقاً للاتحاد السوفييتي، وصديقاً للشهابيين، ولكن حادث اتهام السفارة السوفييتية بمحاولة نسخ طائرة <الميراج> الفرنسية في مطار بيروت، رجحت عند جنبلاط الكفة السوفييتية على الكفة الشهابية.

   ويخطئ من يداخله التصور أن مجيء وزير التربية شارل حلو رئيساً للجمهورية عام 1964، جاء بقرار من سلفه الرئيس فؤاد شهاب وحده. فقد كان للرئيس جمال عبد الناصر وللرئيس الفرنسي <شارل ديغول> الذي كان يعتبر شارل حلو من أهل البيت الفرانكوفوني.

   والرئيسان رينيه معوّض والياس الهراوي جاء بهما بالتوالي اتفاق الطائف، أي الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، طيب الله ثراه، بالتوافق مع الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد والعاهل المغربي الحسن الثاني، الشريكين في مؤتمر الطائف. والرغبة السعودية ــ القطرية جاءت عبر اتفاق الدوحة عام 2008 بالعماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية كجائزة ترضية لكل الفرقاء.

   ولنا اليوم الساعة التي نحن فيها. فمن هو المرشح الرئاسي المقبول أو المطلوب عند القوى الاقليمية والدولية؟

 

قلها يا مستر <هيل>!

 

   السفير الأميركي <دايفيد هيل> يملك مفتاح علبة <باندورا> أي مفتاح الاسم المطلوب لدخول قصر بعبدا بعد الخامس والعشرين من أيار (مايو) المقبل. ولكن السفير الأميركي ينفي أن يكون قد أعطى أياً من الأسماء. وهو ذكي في هذا الجواب، لأن إعطاء أي اسم معناه التدخل في شؤون لبنان الداخلية، ولا يحب المستر <هيل> أن تساق إليه هذه التهمة الملعونة. وما ذكره <هيل> عن أن الادارة الأميركية لم تتبن ترشيح العماد ميشال عون كان في مكانه المناسب. فالبيت الأبيض لا يكشف أوراقه منذ الآن، بل يجعل لكل زمان قراره المناسب. والرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> عندما اجتمع بالبابا <فرانسيس> في الفاتيكان خلال الشهر الماضي، تعاطى مع الملف اللبناني ككل ولم يتفق مع الحبر الأعظم على اسم، مثلما فعل الرئيس <شارل ديغول> عام 1964 بالنسبة لشارل حلو. ولكن عندما تنحصر المعركة بين اسمين، ويكون لكل منهما حظوظه، فالرئيس <هولاند> سيحسم الموقف بالنسبة لأحد المرشحين.

   إذن كيف يمكن تفسير لقاء روما في شباط (فبراير) الماضي بين الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون، والرئيس الحري    والناخب الكبير اقليمياً في معركة الرئاسة اللبنانية هو المملكة العربية السعودية، وكلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز هي المعوّل عليها، مستأنساً برأي كل من ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز، وكلاهما واسعا الصداقات في

3

لبنان، بدءاً من بعض وزراء الحكومة الحالية. وإذا كانت السعودية لم تحدد حتى الآن موعداً لزيارة العماد ميشال عون للرياض، فربما يكون السبب هو أن استقباله قبل شهر ونصف الشهر من موعد الاستحقاق الرئاسي في لبنان، قد يؤخذ معناه على أنه

ري محسوب على المحور السعودي؟! قد يكون اللقاء هو لتبريد الأجواء السياسية الساخنة في لبنان، وهذا ما تريده السعودية، وهذا التبريد هو الذي أدى الى تشكيل الحكومة الحالية برئاسة تمام سلام، وحصولها على أكثرية أصوات النواب. أما الاستحقاق الرئاسي فمسألة أخرى، ولا يجوز دمج الاستحقاق الحكومي بالاستحقاق الرئاسي.المرشح الرئاسي المقبول عند المملكة العربية السعودية، وهذا ما يقوي حظوظه على حظوظ سمير جعجع.

    ويبقى السؤال: هل ستجري انتخابات الرئاسة في موعدها الدستوري؟!

للرئاسة، لأن في ذلك القضاء النهائي على مؤتمر <جنيف 2>.   هنا لا بد من التطلع الى المشهد السوري. ففي حزيران (يونيو) المقبل يأتي الاستحقاق الرئاسي السوري، ومعه السؤال: هل سيترشح الرئيس بشار الأسد لولاية رئاسية جديدة، ودون ذلك الكثير من المحاذير؟ وها هو المبعوث العربي والدولي للملف السوري الأخضر الابراهيمي يحذر الرئيس الأسد من ترشيح نفسه

   سوريا برئاسة الأسد من جديد شيء، وبعدم وجوده في قصر المهاجرين شيء آخر، وعلى هذا الأساس تقاس حظوظ المرشح الرئاسي اللبناني الأكثر لمعاناً. فالنواب المنتمون الى فريق 8 آذار سوف يتأثرون بالوحي السوري إذا كان الأسد هو الحاكم، والنواب المنتمون الى فريق 14 آذار سوف يتأثرون بالوحي السوري إذا كانت المعارضة السورية هي التي تم

   بصراحة: الحظ حتى الآن هو من نصيب المرشح التوافقي. وما يقرره الاثنان: الرئيس بري ووليد جنبلاط مع الاستئناس بالوحي الاقليمي (السعودية وإيران) والوحي الدولي (واشنطن وباريس والفاتيكان)، هو الكلمة التي ستحسم معركة الرئاسة، يوم 25 أيار (مايو).. إذا انعقدت جلسة مجلس النواب لاختيار الرئيس!سك بناصية السلطة، أو يغيب التأثير السوري على مجرى المعركة

الرئاسية اللبنانية.