تفاصيل الخبر

فرنجية يبتعد عن خيارات عون مكرساً تمايزه لكنه يبقى معه رئاسياً... حتى اشعار آخر!

16/07/2015
فرنجية يبتعد عن خيارات عون مكرساً تمايزه  لكنه يبقى معه رئاسياً... حتى اشعار آخر!

فرنجية يبتعد عن خيارات عون مكرساً تمايزه لكنه يبقى معه رئاسياً... حتى اشعار آخر!

  عون-فرنجية لم يكن توقيع وزير الثقافة روني (ريمون) عريجي مرسوم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب المؤشر الوحيد على التمايز الذي يحرص على أن يبديه رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية عن حليفه <الأبدي> (كما سماه ذات يوم) رئيس <تكتل التغيير والاصلاح> العماد ميشال عون. ذلك ان <مسار التمايز> بدأ منذ ما قبل تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، واستمر بعد تشكيلها وبلغ ذروته في موافقة كتلة <المردة> النيابية على التمديد لمجلس النواب وغيره من المواقف التي لم يكن النائب فرنجية الى جانب حليفه العماد عون فيها داخل مجلس الوزراء وخارجه. صحيح ان النائب فرنجية لم يكن ليجهر علناً بتمايزه عن <الجنرال>، إلا ان الإشارات الملتقطة من بنشعي (بلدة شمالية يتخذ منها النائب فرنجية مقراً له) أوحت كلها ان <أبو طوني> الذي يدعم العماد عون رئيساً للجمهورية من دون أي تحفظ، بدأ يبتعد عن خياراته السياسية وبعض الممارسات الميدانية. ولعل ما حصل الأسبوع الماضي من تحركات شعبية غاب عنها <المرديون> خلافاً لما كان يحصل سابقاً خير دليل على ان المسافة الى اتساع بين القطبين المارونيين الأبرز في <8 آذار>.

 

لا تشاور مسبق بين عون وفرنجية

   إلا ان ثمة من يعتبر ان المسيرات التي نظمها <التيار الوطني الحر> بغياب <المردة> لم تكن وحدها السبب الأساسي للتباعد الملحوظ بين الزعيمين، وهو ما أكده لاحقاً النائب فرنجية من خلال <اعتراضه> العلني على عدم تشاور العماد عون معه في التحرك الميداني الذي نفذه شباب <التيار>، علماً ان هذا الأمر يتكرر منذ فترة ولم تنفع الاتصالات بين الرابية وبنشعي في معالجة ذيوله. فالعماد عون لم يتشاور مع حليفه عندما طرح فكرة <استطلاع الرأي> الذي كان اتفق عليه مع رئيس <القوات اللبنانية> الدكتور سمير جعجع. كما انه لم يحدثه مسبقاً بما ينوي أن يفعله وزراء <التكتل> في مجلس الوزراء من موضوع جدول الأعمال وصولاً الى موضوع فتح الدورة الاستثنائية، في وقت كان فيه العماد عون على صلة متواصلة مع <حليفه> الآخر حزب الله للتنسيق والتشاور... وأتى موضوع طرح الفيديرالية كخيار لوّح به العماد عون في لحظة تصعيده الموقف، ليزيد الطين بلة لاسيما وأن للنائب فرنجية مواقف معروفة في رفض الفيديرالية منذ نشوب أحداث العام 1975 وحتى اليوم. وعلى رغم ان العماد عون قال ان موضوع <الفيديرالية> فكرة للنقاش ولم يلتزم العمل لتطبيقها بعد، فإن فرنجية سارع خلال الأسبوع الماضي الى رفض الفيديرالية جملة وتفصيلاً، مستذكراً <الشهداء> الذين قدمهم التيار في سبيل المحافظة على وحدة لبنان.

 

<إعلان النوايا>... القطبة المخفية

   وفي وقت يحرص فيه النائب فرنجية على التشديد على علاقته <الاستراتيجية> مع العماد عون <مرشحي الوحيد للانتخابات الرئاسية>، تقول مصادر زغرتاوية متابعة لمسار العلاقة بين عون وفرنجية، ان زعيم <المردة> لم ينزعج من التحركات الميدانية والمواقف السياسية المواكبة التي صدرت عن عون من دون التشاور معه فحسب، بل انه لا يزال يضرب أخماساً بأسداس حول الحوار الذي دار بين عون وجعجع و<اعلان النوايا> الذي أتى ثمرة طبيعية له ولو بعد نقاش طويل. ذلك ان فرنجية <تخوف> من أن يؤدي هذا الحوار المستجد بين الرابية وبنشعي الى نشوء <ثنائية مارونية> بين التيار البرتقالي <والقوات> مماثلة لـ<الثنائية الشيعية> بين حركة <أمل> وحزب الله، التي اختصرت ــ لا بل أذابت ــ الحيثيات الشيعية الأخرى وهمشت عملياً الشخصيات الشيعية غير المرتبطة بالحركة والحزب، ما يؤدي الى <حصر> حضور تيار <المردة> في منطقة الشمال، وتحديداً في أقضية زغرتا والبترون والكورة بعدما كان حضوره يمتد الى كل أقضية الشمال وصولاً الى جبل لبنان الساحلي والأوسط. وما زاد من <انزعاج> فرنجية ما وصله بالتواتر من أن صيغة <استطلاع الرأي> الذي توافق عون وجعجع على اعتماده، تتجه الى حصر أسماء المرشحين الرئاسيين المطروحين في ورقة الاستطلاع، بالعماد عون والدكتور جعجع فقط من دون ايراد أسماء أخرى بينها اسم فرنجية بحجة أن الخيار سيكون بين خط يمثله عون وفرنجية، وآخر يمثله جعجع ورفاقه في <14 آذار>. لذلك أعلن فرنجية معارضته العلنية للاستطلاع بعدما طرح سلسلة علامات استفهام حول المعايير التي ستعتمد فيه.

 

<الخشبة>... والحضور التاريخي

   وفي هذا السياق تحدثت مصادر مطلعة في <المردة> ان التحالف القائم بين عون وفرنجية يقتصر على <الخطوط العريضة> و<المواضيع الاستراتيجية>، وعندما يصل البحث الى التفاصيل يبرز التمايز بين الرجلين الذي يحمل بعض <المردة> وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مسؤوليته لأنه لم يعد سراً ان فرنجية <يتململ> دائماً من ممارسات الوزير باسيل ومواقفه وطريقة التعبير عنها و<التواصل> بين الرجلين يقتصر على المناسبات التي يكون فيها باسيل موفداً من العماد عون. وكان لافتاً قول فرنجية الأسبوع الماضي رداً على سؤال حول دور الوزير باسيل في <تأزيم> العلاقة بينه وبين عون، انه <مجبر على التعاطي مع من يكلفه العماد عون حتى ولو كان... خشبة>!

   ولم تكن عبارة <الخشبة> الرسالة الوحيدة التي مررها فرنجية لحليفه في الرابية، إذ يحرص في هذه الأيام على التذكير بأنه يعمل في السياسة منذ 30 سنة، وزعامة عائلته من جده الرئيس سليمان فرنجية الى والده الشهيد طوني فرنجية، لا تحتاج الى شهادة من أحد، ما يعني أن حضور العائلة على الصعيدين الوزاري والنيابي والشعبي لم يكن نتيجة علاقة أفرادها بالقيادة السورية منذ الرئيس الراحل حافظ الأسد الى نجله الدكتور بشار... واستطراداً فإن لـ<المردة> الدور البارز في الدفاع عن حقوق المسيحيين خصوصاً، واللبنانيين عموماً. أما <الرسالة> الثانية فتمثلت في قول فرنجية ان ما من مسيحي اليوم ضد حقوق المسيحيين، ما اعتبرته الأوساط المعنية <شهادة حسن سلوك> أعطاها فرنجية للمسيحيين من حلفاء <المستقبل> و<المستقلين> في <14 آذار>.

   و<الرسالة> الثالثة كانت من خلال <التطمينات> التي أعطاها فرنجية للمسلمين حيث اعتبر ان المطالبة بصلاحيات رئيس الجمهورية لا تعني اطلاقاً <كسر> صلاحيات باقي الرئاسات، في حين شكلت إشادته المستمرة بقائد الجيش العماد جان قهوجي وجدارته ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع، نقيضاً لما يعلنه العماد عون دائماً حول <أخطاء> القيادة العسكرية و<خطاياها>.

 

الرابية تستعين بالذاكرة...

   وسط هذا التطور في علاقة العماد عون مع النائب فرنجية، آثر <الجنرال> عدم الدخول في سجال معه وأوعز الى وزرائه ونوابه بعدم الرد على حليفه الزغرتاوي مطلقاً، لكن <الهمسات> التي تُسمع في الرابية تورد <ملاحظات على سلوك> النائب فرنجية منذ أن تفرّد وزيره فايز غصن بالتمديد لمدير المخابرات العميد ادمون فاضل ثم للعماد قهوجي من دون <التشاور> مع العماد عون على رغم الحكومة الواحدة التي جمعت الطرفين. أما <حجة> التواصل بين <القوات اللبنانية> والتيار البرتقالي من دون التنسيق المسبق، فيرد عليها من في الرابية بأن تيار <المردة> سبق <التيار الوطني الحر> في التواصل مع <القوات> من دون أن تكون الرابية في أجواء ما حصل بين الفريقين المتناحرين في الشمال على مستوى كل لبنان.

   كذلك لا يبدي قريبون من العماد عون <ارتياحاً> للعلاقة التي تجمع بين الرئيس نبيه بري والنائب فرنجية، معتبرين ان الزعيم الزغرتاوي يقدّم علاقته مع رئيس مجلس النواب على العلاقة التي يفترض أن تكون مع حليفه العماد عون، وهذا ما برز خصوصاً في موقف <المردة> من التمديد لمجلس النواب ومرســــــــــــــــــــــــــــوم الدورة الاستثنائية الذي وقعه الوزير عريجي وحده دون سائر الوزراء المسيحيين (باستثناء الوزير نبيل دو فريج) ما أعطى للمرسوم غطاء مارونياً ينتظر أن يكتمل مع تواقيع وزراء مستقلين ووزراء الرئيس ميشال سليمان.

   الى أين سيصل <الفتور> في العلاقة بين عون وفرنجية؟

   عن هذا السؤال تجيب مصادر متابعة ان العلاقة <انشعرت> بين الزعيمين وعملية ترميمها لن تكون سهلة في المدى المنظور، وإن كان خيار فرنجية رئاسياً هو العماد عون... حتى إشعار آخر!