تفاصيل الخبر

فرنجـيـــــــة أو جعجــــــــع رئـيـــــس لـبــــــنـان عـــــــام 2022!

23/11/2018
فرنجـيـــــــة أو جعجــــــــع رئـيـــــس لـبــــــنـان عـــــــام 2022!

فرنجـيـــــــة أو جعجــــــــع رئـيـــــس لـبــــــنـان عـــــــام 2022!

بقلم وليد عوض

 

الأبواب المغلقة تفسد المشهد حتى لو كانت داخل قصر. وقد أنعم الله على لبنان بطبيعة خلابة وشعب نشيط، وأساتذة جامعات يعرفون كيف يتصرفون. ولكن في الحالة التي نحن فيها، أمام الأبواب الموصدة في طريق تشكيل الحكومة، لا نتمنى أن يحسدنا أحد، لأن القفل بالغ الصعوبة وليس هناك مفتاح على المستوى!

وانه لمن الخطأ وعدم التقدير أن تلقى كل الأوراق في مسؤولية الرئيس سعد الحريري. فالرجل رغم ما يتمتع به من كفاءات ليس قوة سحرية، ولا يستطيع أن يقول للأزمة: <شبيك لبيك> لأن العقد التي تعتريها أمنع من قضبان الحديد، وإذا انفتحت كوة في جانب، كانت هناك كوات بالجملة تنغلق ويحتاج اختراقها الى ما يشبه المعجزة.

فإن أصول الديموقراطية أن تكون هناك حكومة ومجلس نواب مراقب، ومعارضة تتصدى للخطأ، وتعمد الى تصحيح الأرقام، ولا يكون كلامها دخاناً طائراً في الهواء.

وكل من النواب السنة الستة حاملي الأقفال، عزوة ومكانة في محيطه، ولكن ذلك لا يجرده من المسؤولية. فلا يستطيع فيصل كرامي أن يطارد الحكومة وعنده في العاصمة الثانية قضايا معيشية تفترض ما أمكن من الحلول. ورئيسة الهيئة الاقتصادية في طرابلس الوزيرة السابقة ريا الحسن تملك القدرة على التصرف بمقتضى الأرقام، بدءاً من حاجة الأسواق الداخلية الى انتفاضة يشارك فيها الأهالي، ومعرض رشيد كرامي الدولي يحتاج الى يد تسعى لترميم ما يحتاج فيه الى ترميم، وتؤهل قدراته ليكون في شهرة معرض دمشق الدولي، وربما أكثر. وفرص العمل منكمشة الى الحد الذي يفتح باب البحث عن تأشيرة سفر طمعاً بوظيفة أو مستقبل أفضل. وبمجرد ما يتعاون فيصل كرامي مع الرئيس نجيب ميقاتي في نبش خريطة فرص الأعمال، فإنهما يكونان قد أصابا المرمى وقالا للباحثين عن تأشيرة: <زيوان بلادكم ولا قمح الغريب>.

والتجول في شوارع ميناء طرابلس القديمة يوصلك الى أحياء فقيرة تعيش تحت القيم المطلوبة، وهناك منطقة العبد العريقة عطشى للمشاريع التنموية، كما ان صيادي الأسماك الذين ينزلون بمراكبهم وشباكهم لجة البحر في عين العاصفة يسألون: وماذا بعد؟! أين المشاريع الخاصة بجزر الميناء الثلاث؟! أين الضمانات لعائلات الصيادين؟! أين يد الاصلاح والتعمير تخترق الزواريب القديمة لتخفق فيها الروح؟! أين مشاريع سكة الحديد التي كانت في الماضي هدفاً لمدن حمص وحماه وحلب كما كانت زمن الخمسينات؟! أين التصور النهائي لمطار رينيه معوّض في عكار، خصوصاً بعدما ضج مطار بيروت بالزحام وتعطل عن العمل ليلة من الليالي؟!

كلمة <أين هذه> يجب أن تكون شاغل النواب وفيهم النشيط محمد عبد اللطيف كبارة، وواسع الرؤية الرئيس نجيب ميقاتي الذي اختار ميناء طرابلس لتكون مقراً لجامعة <العزم والسعادة>؟!

ومقابل هذه الملابسات كان الحدث السياسي البارز هذا الأسبوع هو الصفحة البيضاء للتصالحات التاريخية بلقاء الزعيم الشمالي سليمان فرنجية ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في بكركي تحت عناية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وحضور نواب حلفاء. وقد أطفأ هذا التلاقي أربعين سنة من التصادم بين <القوات> و<المردة>، حين دهمت مفرزة من القوات اللبنانية في 13 حزيران (يونيو) 1978 دارة الرئيس سليمان فرنجية في إهدن واغتالت النائب طوني فرنجية وعقيلته فيرا وابنتهما جيهان. ولم يكن سمير جعجع في المفرزة والهجوم بل كان موجوداً في الكورة بعدما أصيب في يده، وكان ذلك حالة تخفيفية عما كان عليه الحادث الجاني.

وإذا كان كل حدث يحتاج الى قراءة فإن مصالحة فرنجية وجعجع في بكركي تحت رعاية البطريرك الراعي تعني ان أحد الرجلين سوف يكون رئيس جمهورية لبنان عام 2022. وقد سألت إحدى المذيعات الزعيم فرنجية عما يخبئه بعد أربع سنوات فقال: <من هلق الى أربع سنوات الله وحده بيعرف شو بدو يصير>.

ومعنى ذلك ان السياسي الواقع خارج الصراعات مثل الياس سركيس عام 1976، لن يكون رئيساً للبلاد، بل سيكون الرئيس حتى الآن واحداً من اثنين: سليمان فرنجية أو سمير جعجع. وأكثر الاثنين حيازة للأصوات النيابية سيتقدم على الآخر، كما حصل عام 1970 عندما خرج الرئيس كميل شمعون من اجتماعه التاريخي مع الرئيس صائب سلام في فندق <فاندوم> ليعلن انه لم يعد ضمن معركة الرئاسة، وان الجبهة اللبنانية ستسمي للرئاسة وزير الاقتصاد سليمان فرنجية. وبغض النظر عن انضمام الزعيم كمال جنبلاط الى المصوتين لسليمان فرنجية في الدورة الثانية للمعركة، فقد اعتبر موقف جنبلاط المؤيد لفرنجية رسالة من موسكو رداً على تحميلها فضيحة الكشف على طائرة <ميراج> الفرنسية بفريق من الضباط اللبنانيين وعلى رأسهم العميد محمود مطر.

والمستخلص من كل هذه الملابسات ان اثنين من أهل السياسة صارا معروفين كفارسين في معركة رئاسة الجمهورية عام 2022، أي فرنجية وجعجع. وإذا وصل أحدهما الى سدة قصر بعبدا، فمعنى ذلك ان التاريخ انحاز الى الشمال في لبنان بدءاً من سليمان فرنجية ورينيه معوّض، وان الهواء الشمالي سيكون الحاكم الأكثر حظاً لسدة الرئاسة.

في ظلال المفتي

 

ولعل البارز في عناصر التهدئة هو اللقاء الذي عقده وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مع المفتي عبد اللطيف دريان صباح الأربعاء ما قبل الماضي، وكان ملفتاً قول الوزير باسيل ان الرئيس الحريري هو <بي> السنة السياسي، والمفتي دريان هو <بي> السنة الروحي، ولا بد من أن يكون الرئيس الحريري قوياً، حتى تكون هناك حكومة قوية، وقصر جمهوري قوي، وحين ينتصر زعيم مسيحي لرئيس الوزراء، تكون شمعة الفتنة قد انطفأت، واشتعلت شموع الغد الأفضل!

ويمكن الاعتراف للوزير باسيل بالفضل في تهدئة المعركة، واستعانته بالرئيس نبيه بري، ثم بالمفتي دريان، لسكب سيول الأمل بدل دموع الندم.

وتبقى مسألة النواب السنة الستة.

لا بد من الاعتراف لكل منهم بما له من حظوة في بيئته. فالنائب فيصل كرامي يقود تراث آل كرامي بكل وعي وادراك وحسن تدبير. ويعرف كوامن البيئة الطرابلسية، وليس متدلياً بالباراشوت، والنائب عبد الرحيم مراد له حضوره وقوته والجامعة التي أقامها في البقاع الغربي، وله قاعدته الانتخابية على طول وعرض البقاع الغربي. وجهاد الصمد لم يتكل على إرث والده النائب الراحل مرشد الصمد، ولا يخطئ إن فعل، بل يستطيع أن يعتز ويفاخر بقاعدته الانتخابية في الضنية، وكل من الثلاثة الباقين عرف كيف يحرث في الأرض الانتخابية، واستطاع نائب المنطقة الحدودية الجنوبية قاسم هاشم مذيع جلسات يوم الأربعاء للرئيس نبيه بري أن ينقل الهالة النيابية للرجل من المنطقة الحدودية الى كل لبنان، وبطبيعة الحال هو على مقربة من حزب الله، لأن حزب الله أشد القوى السياسية تأثيراً في الجنوب والبقاع.

وهاتوا المخرج!

والذي يبدو حتى الآن أن جبران باسيل أخذ موافقة الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري على شخصية الوزير السني السادس. وبعدما كان هذا الوزير السادس وقفاً على الرئيس ميشال عون، يستطيع تفاهم الرئيس بري والرئيس الحريري أن يحسما أمر هذا الوزير الذي قدم اسمه الرئيس نجيب ميقاتي، الى جانب الرئيس سعد الحريري. وبذلك يكون الحريري قد سحب المظلة من على رأس الوزير السادس، وأوكلها الى الرئيس نبيه بري.

ومن حق الرئيس الحريري أن يقول انه <بي> السنة في لبنان، فقد تعاطى مع الأمر بغيرة فريدة، وعناية مركزة، وما من شك بأنه بعد الرئيس صائب سلام قد حافظ على مركزية البيئة السنية، فلم يعد يقال ان السنة شركاء في السلطة، بل يمكن أن يقال ان الحكومة هي بيت الحكم وأن سعد الحريري هو أبو السلطة أو <البي> كما التعبير باللهجة اللبنانية.

ويا زمان الخير حوّل. اننا نهوى الزمان!