جمع بينهما الحب في أروقة تلفزيون <الجديد> هو الشاب الـ<طحيش> الباحث لنفسه عن اسم ومكانة في عالم الاعلام وهي الشابة الجريئة والديبلوماسية في آن والتي لم تكن بوارد علاقة زوجية فإذا بها غارقة فيها حتى الاعماق.
الطريق لم تكن وعرة أمام علاقتهما وان فيها ما قد يمنع التلاقي. فنانسي السبع شيعية من الجنوب وفراس حاطوم درزي من الجبل. هي قالت لأهلها ان عائلتها <الميكست> من كل الطوائف لن تغير وجهة حبها، وهو قال لأهله هذا قراري وأتمنى ان تقفوا الى جانبي. وهكذا كان، تزوجا مدنياً في قبرص ورزقا بابنة تطفئ مع هذا اللقاء الشمعة الأولى. اما لقاء <الافكار> بهما فيأتي على خلفية مشهد جمعهما سوية منذ أسابيع في ساحة الخطر يوم نزلا سوياً لتغطية انفجار الضاحية. فما كان شعورهما وهما ينقلان الحدث لشاشتين مختلفتين؟ ألم يخشيا على وحيدتهما وماذا يقولان في عمل بعضهما البعض؟
اليهما سوياً توجهنا بالحديث وسألناهما بداية:
ــ كيف نزلتما الى انفجار الضاحية سوية؟
نانسي: كنا في المنزل نشاهد مباراة في كرة القدم و<سما> ابنتنا نائمة. الصالون في بيتنا عند منطقة الحدث واجهته زجاجية وهو يطل على الضاحية الجنوبية فلمع ضوء في سمائها وسمعنا صوتاً، فارتدينا ملابسنا وتوجهنا الى المكان، علماً ان فراس لم يكن مضطراً لذلك.
ــ ألم تخشيا ان تكونا في موقع الخطر نفسه ولديكما ابنة في البيت؟
فراس: هي طبيعة عمل نانسي ان تكون في مواقع مماثلة. انا صرت بعيداً عن الجو، بحكم ترك عملي كمراسل. تحرك فيها للتو الحسّ الصحافي ففضلت أن أكون معها ولا أتركها تنزل وحيدة وتقود السيارة في الليل وسط هذه الاجواء فأخفف <اللبكة عنها>. وبما انني أتعاون مع <المؤسسة اللبنانية للارسال>، فقد مديتهم بالاخبار لحين وصول مراسلهم. بالنسبة لابنتنا، فقد امّنا عليها، علماً ان الخطر موجود لكن في العادة مع وقوع انفجار يخف نوعاً ما حدوث انفجار ثان في المكان نفسه.
ــ من سمى البنوتة <سما>؟
نانسي: فراس سماها.. وهي متعلقة به جداً. حنيتها تجاهه لافتة.
ــ ونسأل فراس: ومن تحب أكثر سما ام امها؟
فراس: حبهما مختلف.في القلب نوافذ مختلفة يفتحها من يدخل اليه.فحبي لزوجتي غير حبي لابنتي، وحبي لامي غير حبي لزوجتي.. وحب الزوجة يتخطى الاعجاب الى ما هو اعمق فتصير حافظة الأسرار والاخبار.
ــ لو تلقيت معلومة مهمة جداً يوم الانفجار، هل كنت مررتها لنانسي بصفتها مراسلة لـ<الجديد> وانت لست مراسلاً معتمداً لـ<ال بي سي>؟
فراس: فعلاً، لو كنت مراسلاً للـ<ال بي سي> تكون الأولوية للشاشة التي أعمل فيها، وربما يحصل اتفاق ضمني مع نانسي حول توقيت الادلاء بالمعلومة فتقولها بعد ان أكون قد أعلنتها انا. لكن بما انني لست مراسلاً بل توليت الامر بمبادرة مني لحين وصول مراسلهم المعتمد تكون الاولوية لنانسي على كل التلفزيونات... اصلاً لها الأولوية على كل الناس.
ــ ما الذي يربطك اليوم بشاشة الـ<ال بي سي آي>؟ هو برنامج <استقصاء> فقط؟
فراس: صحيح. فهم يبثون برنامج « استقصاء» كما ان هناك مسلسلاً شبابياً من انتاج شركتي من كتابة أشرف مطاوع تمتد كل حلقة منه لنصف ساعة. الى ذلك فأنا امدهم بصور و« راشز» يحتاجونها لبرامجهم.
مصر.. و7 أيار
ــ لماذا تركت « الجديد» وكنت بارزاً فيها؟
فراس: هي ليست قصة « الجديد».بات لدي مشكلة مع الوظيفة فالاستمرار فيها يقتل الحس الصحافي ويتحول الانسان الى منتظر للمعاش، ويفقد رغبته في الابداع فضلاً عن أن وضع البلد ككل يفقد الانسان دافعه الى العطاء.في «الجديد» وجدت انني قدمت ما قدمته وأردت لنفسي جوّاً أوسع مع اعتزازي بالعلاقات التي سبق وبنيتها فيه.
ــ قبل زواجكما قال فراس ان الامور ستتغير بعده من حيث دق مكامن الخطر والبحث عن المتاعب هو المعروف بـ<الحركشة>. فهل تغير الامر فعلاً؟
نانسي: نوعا ًما، اذ بينه وبين نفسه يشعر بما قد يردعه لكن ليس الى درجة المكوث في البيت وعدم التعرض لاي خطر.بالنهاية هذا عمله.
ــ وهل من أمور بتما تتحاشيانها اليوم مع المسؤولية؟
نانسي: أبتعد عن التغطيات التي تتطلب السفر.
فراس: نوع عملي يفرض عليّ المغامرة والتي باتت محسوبة بحكم وجود العائلة.عملي في الصحافة الاستقصائية يتطلب ذلك. انا لا أتخايل نفسي يوماً في الاستوديو واليوم أحاول ان أوازن بين ما أحبه وأبرع فيه وبين ما لا يفقدني الحياة او الحرية.
ــ متى شعرت بخوف فعلي على فراس؟
نانسي: عندما اعتقل في مصر، شعرت ان كل السبل مسدودة، خاصة وانه في بلد غريب واتهموه بالارهاب وكنت في شهري على وشك الولادة.
ــ وعلى نفسك، متى شعرت أنك في خطر حقيقي؟
نانسي: عند حرب تموز قلقت طبعاً، لكنني خفت بشكل أكبر بكثير في 7 أيار وشعرت بأن الخطر قد يكون قريباً جداً في الطريق نفسه، في الشارع نفسه، وكنت أغطي الاحداث في منطقة المزرعة بين محورين.
ــ وانت فراس، متى شعرت بالخوف الكبير على نانسي؟
فراس: بحكم عملها، نانسي دائماً بموقع خطر لكنني شعرت به كبيراً في زيارتها الأخيرة لسوريا في قضية تبادل راهبات معلولا. فقد كان خطها الهاتفي مقفلاً طوال الوقت. وعادة من يكون في موقع الخطر لا يشعر به كما البعيدين عنه. ولما سألت نانسي لائماً لها لماذا لم تهاتفني من هناك اجابتني بأنها لم تشعر أن هناك ما يستدعي ذلك، اذ ان كل شيء كان طبيعياً.
استقصاء..وبيع الاطفال
ــ هل كنت مع استقالة فراس من <الجديد> وافتتاحه لشركة خاصة بالانتاج؟
نانسي: نعم، خاصة وان شخصاً مثله اشتغل على اسمه وتعب عليه. تلفزيون <الجديد> أعطاه الكثير بلا شك، وأصبح قادراً على الانطلاق بمفرده.
ــ وهل سيستمر برنامج <استقصاء> على الهواء؟
فراس: نعم سيعود الى الهواء. لكن تعرفون ان هذا النوع من البرامج دقيق جداً وفي الغرب لا يحددون للصحافي وقتاً معيناً ليكون له حلقات بمواعيد ثابتة حتى يكتمل الموضوع من جوانبه كافة. فالهواء يصبح عبئاً اذا تحكم بالصحافي في هذا النوع من البرامج. وفي الـ<ال بي سي> كانوا صريحين معي اذ طلبوا تحضير كمية من الحلقات يجري بعدها عرضها على الهواء بشكل منتظم، والآن هناك حلقتان جاهزتان لن أبوح عن مواضيعهما طبعاً.
ــ رفعت دعوى قضائية بحقك في حلقة حول بيع الاطفال من قبل راهبة اشرتم الى قيامها بذلك. أين أصبحت الدعوى اليوم؟
فراس: الراهبة مارست حقها بالادعاء القدح والذم وأنا مقتنع بما عرضته وهو موثق بالأدلة. ثم اننا في الحلقة لم نفترض سوء النية وعرضنا الحالة بكل تهذيب، لم يكن هناك من ادانة لأحد، انما عرض لما يجري امام الناس والقضاء. ما من شيء سيجعلني اتوقف عن القيام بعملي وأنا أدرس جديا التقدم بدعوى مضادة لأنهم تعرضوا لي، لكنني اتردد بسبب حرصي على عدم تحول الأمر الى مسألة شخصية. حتى مع زهير الصديق ومع كل الاهانات والدعاوى لم أرد ان احول الأمور شخصية ابداً.
ونسأل نانسي: سمعنا انه عرض عليك الانتقال الى شاشة <ال بي سي> ورفضت..
نانسي: عملنا هو عرض وطلب. هناك دائماً خيارات ونحن دائماً نفكر بالخطوة التالية.بصراحة ان بنت <الجديد> المدللة وسعيدة بما انا عليه.. لم يكن العرض جدياً بل <دس ّ نبض>، وليس بالأجر الذي كتب عنه. كذلك انا ايضاً لم أكن جاهزة، وتعرفون انني تقدمت باستقالتي من <الجديد> في مرحلة ما لانتقل الى مرحلة أخرى إلا ان الأمر طوي يومها..
ع المنخار..
ــ فراس، هل تشجع نانسي على الانتقال الى <ال بي سي>؟
فراس: لست مع ولا ضد، ولا أشجعها طالما ان ليس هناك شيء كبير مختلف.
ــ ماذا عن المنافسة بين من يقدمن البرنامج الصباحي <الحدث> وهل تطمحين يا نانسي الى برنامج مسائي <برايم تايم>؟
نانسي: بالنسبة للبرنامج الصباحي لا منافسة الا الى الافضل من جانبنـا جميعاً.لا احتكار للضيوف لاننا نعمل كفريق، علماً ان بعض الضيوف يفضلون الظهور مع هذا او تلك الا ان الشاشة في النهاية هي التي تحكم الجميع. لا غيرة عمياء بيننا، انما المنافسة التي تجعل لكل واحدة منا هوية خاصة. وبالنسبة الى البرنامج الخاص فإن التوقيت في النهار او المساء لا يعني لي الكثير إنما المادة التي تظهر على الهواء وهذه لا يحدد هويتها صباحاً او مساء. في النهاية انا أعمل في قسم الاخبار وهذه <برايم تايم> وبرنامج <توك شو> مسائي لي وحدي قد يشكل اضافة لا أكثر.
ــ من هي المنافسة الابرز لك، نوال بري مثلاً؟
نانسي: بالعكس كلنا نعمل من دون منافسة رامز وجاد وباسل ومالك وكريستين.. هي الصدفة التي تجعل احياناً هذا يتقدم في التغطية على ذاك وبالعكس.
ــ فراس: هل تعتبر ان نانسي هي الأولى بين مراسلي ومراسلات <الجديد>؟
فراس: طبيعي ان أقول ذلك كزوج لها، فأنا لست الشخص المؤهل لأعطي رأيي بها. اقول ان نانسي هي طبعاً الأكفأ، وانا اصلاً لا أؤمن بالرقم واحد في أي مجال. هي ضمن مجموعة أكفاء ومن الجيل الجديد الذي تلانا نانسي وأنا ومن كانوا معنا، هناك من لا يمكن الاستهانة بهم في <الجديد> وغيرها مثل رامز القاضي جاد غصن ورونا حلبي عند الصبايا. فالاخيرة تتمتع بشكل جميل ويفهم عليها الناس ما تقوله من دون أن يكون الـ<شو> او الاستعراض هاجسها وفي الـ<ال بي سي> فإن تجربة دلال معوض مختلفة ايضاً.
ــ وقراءة النشرة المسائية اين أنت منها يا نانسي؟
نانسي: لا يمكنني ان أكون داخل الاستديو اقرأ ما اعده وكتبه غيري. المراسل هو الملك.
ــ المنافسة خاصة في الاخبار ما بين <الجديد> والـ<ال بي سي> هي على المنخار كما يقولون ما رأيك فراس، لمن السبق اليوم؟
فراس: تختلف الاحصاءات من يوم لآخر وهما فعلاً <على المنخار> واكيد ان <الجديد> قطعت شوطاً كبيراً، وما يحسب لها انها استطاعت بظرف سبع سنوات ان تقلّص فرقاً شاسعاً كان بين <ال بي سي> والمحطات الأخرى. كنا فوجاً جديداً ومتحمساً، وكرمى خياط بصفتها ابنة رئيس المؤسسة تمتعت بصلاحيات عالية فانعكس الأمر في أفكار وتقارير غريبة وجديدة، كما أن مريم البسام في شق التواصل مع السياسيين وكتابة المقدمة اعطت هوية مختلفة للنشرة. لكن ما بدأ بشكل عفوي وأخذ طريقه لا يجب ان يبقى هكذا بل لا بد ان <يمأسس> وهذا هو التحدي الكبير الآن امام <الجديد> وما كان يغفر له في البدايات كأخطاء لم يعد يسمح به اليوم.
ــ ماذا عن السبق الى الاخبار والاخطاء التي تحصل؟
نانسي: <الخبر العاجل> شكل ضغطاً ومشكلاً كبيراً. من يعمل يخطئ ونحن نعمل جداً. في البث الحي تجري الامور أحيانا بتوتر والسرعة التي نعيشها توقع في الأخطاء خاصة ان المنافسة على الخبر ونقله لم تعد تقتصر على التلفزيونات انما أصبح هناك أيضاً <الفايسبوك> و<التويتر> ومختلف وسائط التواصل الاجتماعي.
ــ هل سبق ووقعت في خطأ ما اثناء تغطية مباشرة؟
نانسي: الحمدلله لا حتى الآن، حتى مع انفجار الضاحية بقيت مصرة على عدم اعلان عدد الشهداء ثلاثة او أربعة فيما غيرنا أعلنهم، ذلك ان الصليب الأحمر والهيئة الصحية الاسلامية قالوا انهم رفعوا أشلاء ولم يكن قد انجلى الامر بعد وثبت ان ما أعلن كان خاطئاً.
ــ في حواراتك مع الضيوف الى اي مدى يساعد او يتدخل فراس في الاعداد في البيت؟
نانسي: هو متابع لي عندما يسمح له وقته و<يكون فاضيلي>. وهو ناقد شرس لي.
نظام.. رصّ
ــ لو أردت ان توجه انتقادين واحد مهني وآخر بيتي لنانسي ماذا تقول؟
فراس: في المهنة انتقادي لها قاسٍ. هي تملك قلماً جميلاً واحياناً وأشدد على قول أحياناً ـــ حتى لا تقبرني نانسي ـــ يكون الطابع الأدبي طاغياً على الشق الاخباري. انا لست ضد اللمعة الادبية والقلم الحلو كما انني أحب النص الجميل، شرط ألا يطغى على الخبر. وفي البيت لا اجد انتقاداً ولا أقول ذلك لانها زوجتي. فقبل ارتباطنا قلت في نفسي ان نانسي موظفة والتزاماتها كبيرة فلن تلحق على كل شيء، فإذا بها تفاجئني وهي حريصة على أدق التفاصيل. واذا ما صغت ذلك على شكل انتقاد فيكون <نظاميتها الزائدة> اذ لا مجال <لشوية فوضى>.
ــ لو عرضت احدى الشاشات وثائقياً لفراس وحواراً مع شخصية مهمة لنانسي. من تشاهدان أولاً؟
نانسي: لم يصادف الامر هكذا ولا مرة. واذا صارت، يشاهد كل منا عمل الآخر.
ــ ومن برامج رمضان ماذا تتابعان؟
فراس: انا أحضر مباريات كأس العالم في كرة القدم.
نانسي: وأنا أهرب الى الغرفة الاخرى لأشاهد مسلسل <لو>، علماً انني شاهدت نسخته الاجنبية <انفايسفول> من حيث استوحيت الفكرة.
ــ ستعتب عليك <الجديد> لانك لا تشاهدين مسلسل <اتهام> الذي تعرضه..
نانسي: لم اتابعه من البداية.. <ما بعرف اذا بلحقو>.
ــ ومع من أنتما في <المونديال>؟
فراس: انا مع الارجنتين.
نانسي: وأنا مع البرازيل. ومن المؤكد بأننا سوف نربح!