تفاصيل الخبر

”فوتيل“ ”نأى بنفسه“ عن السياسة المحلية وتجاذباتها وحصر الدعم الأميركي ”اللامحدود“ بالجيش ودوره فقط!

16/06/2017
”فوتيل“ ”نأى بنفسه“ عن السياسة المحلية وتجاذباتها  وحصر الدعم الأميركي ”اللامحدود“ بالجيش ودوره فقط!

”فوتيل“ ”نأى بنفسه“ عن السياسة المحلية وتجاذباتها وحصر الدعم الأميركي ”اللامحدود“ بالجيش ودوره فقط!

جوزف-عون---Aلم يكن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال <جوزف فوتيل> في زيارته الأسبوع الماضي لبيروت، مختلفاً عن زياراته السابقة لجهة الدعم المستمر للجيش في مواجهة التنظيمات الإرهابية، والإشادة الكبيرة بأداء الجيش في هذه المواجهات. إلا أن ما ميّز زيارته هذه المرة ما نقله باسم القيادة العسكرية الأميركية والموصى به من القيادة السياسية الجديدة في إدارة الرئيس <دونالد ترامب> من أن الموقف الأميركي تجاه لبنان لن يتبدّل خصوصاً تجاه الجيش اللبناني، وإن كانت السياسة الأميركية لا تتناغم كلياً مع السياسة اللبنانية في ما يتعلق بالموقف الرسمي من حزب الله. أكثر من 48 ساعة أمضاها الجنرال <فوتيل> متنقلاً بين المقرات الرئاسية الثلاثة وصولاً الى اليرزة وعرسال من دون أن يتناول في أحاديثه الشق السياسي من العلاقات اللبنانية - الأميركية حاصراً زيارته بالشق العسكري وكذلك الرسائل التي شاء إيصالها الى المسؤولين اللبنانيين المدنيين منهم والعسكريين.

مصادر تابعت محادثات الجنرال <فوتيل> في بيروت أكدت لـ<الأفكار> أن القائد الأميركي المعروف بذكائه ودهائه وحكمته ودماثة خُلقه في آن، لم يتحدث مباشرة عن سلاح حزب الله، لكنه في المقابل تحدث عن أهمية الدور الذي يقوم به الجيش اللبناني في المحافظة على الاستقرار في لبنان وضرورة تمكينه من دون غيره، على بسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها وحفظ الأمن للمواطنين. كذلك فإن الضيف الأميركي الذي بات معتاداً على لقاء المسؤولين في كل مرة يزور فيها لبنان، لم يتطرق مباشرة الى الشأن السياسي والتجاذبات حول قانون الانتخابات النيابية ومواقف الكتل من الاقتراحات المطروحة في شأنه، لكنه قال إن الدعم السياسي الذي يقدمه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للجيش <ضروري في هذه المرحلة>، مقدراً خصوصاً الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية الى قيادة الجيش في اليرزة وتفقده غرفة العمليات المركزية حيث تابع بالصوت والصورة مباشرة تفاصيل الغارات التي شنها سلاح الطيران اللبناني تلك الليلة على مواقع الارهابيين في جرود عرسال. وهذه الرعاية الرئاسية للجيش تنسحب ايضاً على رئيسي مجلس النواب ومجلس الوزراء ما يوفر، في نظر <فوتيل>، الغطاء السياسي اللازم للمؤسسة العسكرية.

 

لا إشارة الى السلطة السياسية!

وتشير المصادر نفسها الى أن القائد الأميركي الذي لم يأت على ذكر السلطة السياسية في كل أحاديثه أو موقف بلاده منها، أكثر من الحديث عن الجيش اللبناني <أكثر شركائنا قدرة وكفاية ونحن فخورون بدعمنا له كونه المدافع الوحيد عن لبنان، ونتطلع الى تطوير الروابط الاساسية القوية بين جيشينا في المرحلة المقبلة>. أكثر من ذلك، فإن الجنرال <فوتيل> تحدث عن <المصالح المشتركة> التي تتضمن هزيمة <داعش> والعناصر الإرهابية المتطرفة الأخرى، واعداً بالعمل مع الجيش (دون ذكر غيره من المؤسسات الرسمية) من أجل التعامل مع هذه التحديات وغيرها. وللتدليل على ذلك كانت زيارة <فوتيل> الى اقرب نقطة تماس مع الارهاب في جرود عرسال التي أراد منها معاينة الوضع ميدانياً وإبلاغ قائد الجيش العماد جوزف عون الذي رافقه مع مجموعة من الضباط، بأن مجيئه الى عرسال دليل ثقة بالجيش وبعمله وبالأمان الذي يوفره على الحدود الشرقية مع سوريا، وليقدم شهادة حية لجهود الجيش التي تضاهي ما تقوم به جيوش أخرى في إطار مكافحة الإرهاب.

ورأت المصادر المتابعة ان في كلام <فوتيل> وفي زيارته لعرسال رسالة تحذيرية مباشرة الى القوى الاقليمية بعدم التعرض للجيش، وهو قال بإن مخازن الجيش الاميركي مفتوحة له ولا داعي للقلق من أي أزمة ذخيرة يمكن أن تحصل إذا ما اتسعت المواجهة مع الارهابيين، كذلك فإن هذا الكلام يعني - حسب المصادر نفسها - ان لا قلق لدى الادارة الاميركية من أن يقع السلاح الاميركي في يد حزب الله أو غيره من التنظيمات وهي حجة طالما استعملها عدد من اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي لوقف ارسال العتاد الاميركي الى الجيش اللبناني، أو خفض المساعدات العسكرية المخصصة للبنان. إلا أن بعض المتابعين رأى في زيارة <فوتيل> لعرسال والكلام الذي قاله في الجبهة لاسيما لجهة الاستعداد لمساعدة الجيش إذا وقع أي طارئ، رسالة مشفرة خلاصتها انه اذا أراد أي طرف من أطراف النزاع في سوريا، والمنطقة، خصوصاً تنظيم <داعش>، الهرب من الموصل والرقة في اتجاه لبنان ومحاولة استعادة السيناريو القديم بوصول <داعش> الى البحر، فإن المواجهة لن تقتصر على الجيش اللبناني فقط، مع القناعة الاميركية بقدرة هذا الجيش إذا ما توافرت له الإمكانات القتالية المناسبة، فالقرار الاميركي واضح - قال <فوتيل> - بأن الادارة الاميركية سوف تردع أي مخطط لتحويل لبنان الى مستنقع إرهابي!

العماد عون: نحارب بقوانا الذاتية

وتؤكد المصادر نفسها ان <التطمينات> التي قدمها الجنرال <فوتيل> خلال زيارته للقيادة العسكرية اللبنانية قوبلت بامتنان لبناني عبّر عنه الرئيس عون حين طلب من <فوتيل> ان ينقل شكره الى الرئيس الاميركي <ترامب> الذي تحدث عن الجيش اللبناني مرتين خلال وجوده في الرياض، كما أكد عليه قائد الجيش العماد عون حين لم يخفَ امتنانه هو أيضاً لحجم المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للجيش لتعزيز قدراته على رغم أن لبنان ليس عضواً في الحلف الدولي القائم لمكافحة الإرهاب، لكن الواقع الأمني - يضيف العماد عون - الذي يعيشه لبنان ووجوده على خط تماس مع الحرب السورية، جعلا لبنان في موقع يشبه وجوده في الحلف، خصوصاً بعدما نجح الجيش في فرض وجوده على خريطة الدول المدعومة من التجمع الدولي بقواه الذاتية المتواضعة التي أحسن استخدامها، وفي تحقيق النتائج الإيجابية من خلال المهمات الكبرى التي نفذها الجيش ما أكسبه احترام الدول والحكومات والجيوش، علماً أنه الجيش الوحيد الذي لم ينكسر أمام الإرهاب وأمام المنظمات الإرهابية تحديداً، ولم يطلب من أحد الدفاع عنه باستثناء امداده بما يحتاج إليه من أسلحة أثبتت قدرة تقنية وبشرية وعسكرية فائقة على استخدامها بأفضل الطرق، كذلك فإن الجيش أثبت وحدته في الأزمنة الصعبة، وما قيل عن <انشقاقات> في صفوفه لا يعدو كونه حالات محصورة جداً لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.

طمأنة أميركية: لا صيف ساخناً

وإذا كان القائد الأميركي لم يشأ أن يدخل في تفاصيل السياسة اللبنانية وزواريبها، فلأنه سمع من العماد عون أن الجيش نجح لأنه بقي بعيداً عن السياسيين، ومحافظاً على مسافة واحدة في علاقته مع جميع الأطراف لئلا يدخل في إطار الخلافات السياسية ما يؤثر إذذاك سلباً على مهمته. وأكد العماد عون لمحدثيه الأميركيين أيضاً أن الجيش يتعامل مع القوى السياسية كافة من منطلقات ومعايير واحدة، وهو، أي الجيش، ليس في وارد الدخول في <محاور> مع هذا الطرف أو ذاك، لاسيما مع وجود إجماع لبناني على دور المؤسسة الوطنية وتنوّع مهامها جنوباً وبقاعاً وشمالاً وجبلاً، وهذه التطمينات التي يحب الجانب الأميركي سماعها سبق أن أبلغها العماد عون للمسؤولين الذين التقاهم في زيارته الأخيرة للعاصمة الاميركية، ما جعله يعود بانطباع <مطمئن> أن ما قيل عن <صيف حار> و<تصعيد أمني مرتقب> و<استعدادات اسرائيلية لعدوان جديد على لبنان، لا يعدو كونه مجرد تحليلات وتوقعات لا تستند الى أدلة حقيقية، ولا هي مرتكزة على معلومات دقيقة، بدليل أن قائد الجيش كان قد طمأن مراجعيه من منظمي المهرجانات الصيفية السياحية والفنية ان الجيش سيكون في جهوزية تامة للمحافظة على أمن هذه الاحتفالات من خلال تطبيق إجراءات وقائية من جهة، وميدانية من جهة أخرى. أما في شأن التهديدات الإسرائيلية، فإن ما سمعه قائد الجيش - وفقاً للمصادر نفسها - من المسؤولين الأميركيين يقلل من منسوب القلق الذي ساد خلال الآونة الأخيرة، لأن واشنطن لن تسمح بأي اعتداء اسرائيلي يؤذي الاستقرار الأمني في لبنان ويعرض الجيش للخطر، علماً أن الوحدات العسكرية اللبنانية لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي إذا حصل اعتداء عليها وسترد وفق إمكاناتها المتوافرة. وقد تفهم الجانب الأميركي الموقف اللبناني من مسألة الدخول في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، على رغم مشاركته في الاجتماعات التي تعقد لهذه الغاية من دون أن يكون عضواً في هذا التحالف، وقيامه بدوره كاملاً في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية.