تفاصيل الخبر

فؤاد بطرس وحكايته مع الرئيس ”ديغول“!  

08/01/2016
فؤاد بطرس وحكايته مع الرئيس ”ديغول“!   

فؤاد بطرس وحكايته مع الرئيس ”ديغول“!  

بقلم رئيس التحرير

100019 

   كتبوا الكثير عن وزير الخارجية الأسبق فؤاد بطرس الذي انسحب من عالمنا يوم الأحد الماضي عن عمر 95 سنة، ولم يبق حامل قلم في لبنان لم يجرده كالحسام في الدفاع عن مكارم فؤاد بطرس الذي تحتل صورته في باحة وزارة الخارجية اللبنانية مكاناً بارزاً بين وزراء الخارجية الراحلين.

   من مكتب المحاماة الذي كان يتقاسمه مع الوزير السابق الدكتور بهيج طبارة في منطقة الناصرة، شهر فؤاد بطرس يراعه الحقوقي والديبلوماسي، فكان واحداً من فرسان المرافعات في قصر العدل، ثم فارساً من فرسان الحكومات التي تألفت في عهود الرؤساء فؤاد شهاب وشارل حلو والياس سركيس، فكان يصح أن يقال أيضاً انه عهد فؤاد بطرس ابن الأشرفية التي كرّمته بشارع يحمل اسمه من منطقة مار متر الى منطقة المرفأ.

   وكان في النيابة أيضاً فارساً مجلياً، وانتخب عام 1960 نائباً لرئيس مجلس النواب صبري حمادة، وفي لفحة المذهبية والطائفية خسر مقعده النيابي في انتخابات 1968، عندما انتصرت لائحة الحلف الثلاثي المؤلف من كميل شمعون وبيار الجميّل وريمون اده، وحلّ مكانه النائب الراحل ميشال ساسين.

   وإذا كان اللورد <كارادون> مندوب بريطانيا في مجلس الأمن قد ساهم في وضع القرار 242 الذي أوقف الحرب بين العرب واسرائيل، فإن فؤاد بطرس كان المساهم الأول في استصدار قرار مجلس الأمن رقم 262 بتاريخ 31 كانون الأول (ديسمبر) 1968، وهو القرار الذي أدان اسرائيل لاعتدائها على مطار بيروت ونسف طائرات على الأرض عائدة لشركتي <طيران الشرق الأوسط> و<ليا> لآل عريضة، كما كانت بصمته البيضاء في استصدار القرار 425 بتاريخ 19 آذار (مارس) 1978 ضد اسرائيل لاعتدائها على جنوب لبنان، ومجيء أول قوة <يونيفيل> الى تلك المنطقة برئاسة ضابط فرنسي.

   وفي لقائي مع فارس الديبلوماسية فؤاد بطرس داخل دارته في حي سرسق، روى لي كيف التقى الرئيس <شارل ديغول> أواخر عام 1968، ليقدم له الشكر باسم الرئيس شارل حلو، ورئيس الوزراء الدكتور عبد الله اليافي على ادانته العدوان الاسرائيلي على مطار بيروت. ونقل عن الرئيس <ديغول> قوله: <إن فرنسا جاهزة لإرسال قوة عسكرية الى جنوب لبنان إذا حاولت اسرائيل أن تقوم بعدوان جديد، ومقارعة الجيش الاسرائيلي وجهاً لوجه>.

   ثم صمت الجنرال <ديغول> لحظات ليقول:

   ــ ولكن ليكن معلوماً لديكم يا معالي الوزير ان فرنسا لن تستطيع أن تفعل لكم شيئاً، إذا اصطدمت البسطة مع الجميزة.

   وكان يشير بذلك الى الصدام الطائفي الذي حصل عام 1975، وتنبأ به <ديغول> قبل حصوله بسبع سنوات. وكلمتا <البسطة> و<الجميزة> لم تكونا بعيدتين عن ذاكرة <شارل ديغول>، فقد عاش فترة من حياته في بيروت عند منطقة المصيطبة، وزار طرابلس ليوم واحد، ونام في ثكنة شارع عزمي عندما كان ضابطاً في الجيش الفرنسي، ثم رئيساً لحكومة فرنسا الحرة مطلع الأربعينات.

   وكما ترك فؤاد بطرس بصمة على كل من قراري مجلس الأمن رقم 262، و425، كذلك لم يغب فكره المتوقد عن الابداع في الشأن السياسي اللبناني فكان له يوم ترؤسه للهيئة الوطنية لقانون الانتخابات النيابية قانون باسم <قانون فؤاد بطرس> ويقوم على صيغة مشتركة تجمع بين النظام الأكثري والنظام النسبي، وهو مشروع القانون الغالب الآن على مباحثات اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة قانون الانتخاب.

   رجال يرحلون، ومنهم فؤاد بطرس، ورجال باقون على قيد الحياة، وفؤاد بطرس مستمر في ضمائر اللبنانيين، ولا يمكن أن يغيب إلا.. جسداً!