تفاصيل الخبر

‎فقراء لبنان ينتفضون احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية

27/01/2021
‎فقراء لبنان ينتفضون احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية

‎فقراء لبنان ينتفضون احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية

[caption id="attachment_85226" align="alignleft" width="496"] محاولة المتظاهرين اقتحام سراي طرابلس.[/caption]

انفجر الشارع اللبناني فجأة ودون سابق انذار احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية  مع ‏استمرار الإقفال العام لمواجهة وباء "كورونا" حتى الثامن من شباط (فبراير) المقبل، وتوسعت رقعة الاعتصامات وقطع الطرقات مساء يوم الثلاثاء الماضي لتشمل كل المحافظات وتقطع اوصال العاصمة بيروت عن باقي المناطق عبر قطع الاتوسترادات الرئيسية نحو الشمال والجنوب والبقاع، ولتتخذ هذه الاحتجاجات طابعاً عنفياً خطيراً وصل الى درجة المواجهة مع الجيش والقوى الامنية والتعدي على الأملاك العامة والخاصة ومحاولة اقتحام بعض المؤسسات لاسيما في طرابلس مرددين شعار: الموت بوباء "كورونا" ولا الموت جوعاً.

 تحرك الشارع وقطع الطرقات

  فقد تحرك الشارع من جديد، وعمد المحتجون في أكثر من منطقة الى قطع الطرق بالشاحنات، واحرقوا الاطارات ومستوعبات النفايات، حيث كانت البداية من بيروت، حيث عمد عدد من المحتجين إلى قطع طريق كورنيش المزرعة بالاتجاهين بمستوعبات النفايات. وعلى الأثر، توجهت قوة من مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي نحو جامع عبد الناصر فأزالت المستوعبات والعوائق وفتحت الطريق بالاتجاهين بالقوّة، ثم تم قطع طريق نزلة الحص ونفق سليم سلام  .

[caption id="attachment_85227" align="alignleft" width="200"] قطع طريق الجنوب في الجية .[/caption]

 وفي البقاع  قطع محتجون السير عند مفرق تعلبايا في البقاع الاوسط بالاتجاهين، وشتورا زحلة عند مفرق المرج بالاتجاهين.

 كذلك، قطع محتجون طريق الجية بين صيدا وبيروت، ثم ما لبث ان أعاد الجيش فتحها وبعدها قطعوا طريق خلدة وعرمون.

 وفي الشمال قطع محتجون أوتوستراد البداوي الدولي في الإتجاهين إعتراضاً على تمديد فترة الإقفال العام وتردي أوضاعهم المعيشية، وقاموا بوضع إطارات السيارات وحاويات النفايات والحجارة وسطه. واضطر العابرون على الأوتوستراد من طرابلس باتجاه المنية وعكار والحدود الشمالية وبالعكس، إلى سلوك طرق أخرى بديلة، شهدت بدورها ازدحاماً كبيراً بسبب ضيقها وعدم قدرتها على استيعاب كثافة أعداد السيارات والشاحنات والآليات العابرة عليها.

وقطع محتجون على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية وقرار الأقفال العام، الطريق في ساحة النور وطريق المنكوبين في البداوي، كما استقدموا حاويات النفايات وأضرموا النار فيها أمام مدخل سراي طرابلس وقطعوا الطريق، وسط انتشار كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي المولجة حماية السرايا. ثم بدأ عدد من الشبان برمي الحجارة بشكل عشوائي على باحة السراي، وسط هتافات منددة بالسياسة الاقتصادية للدولة، مطالبين باسترداد الاموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين. وعمد بعض الشبان الى إزالة الاسلاك الشائكة للدخول إلى داخل السراي. وحضر عناصر الجيش اللبناني وتقدمت إلى أمام سرايا طرابلس مع محاولة لمنع المحتجين دخول السراي.

وتسلق عدد من المحتجين سطح غرفة التفتيش الملاصقة لمدخل السراي، بعد ان أزالوا الشريط الشائك ورشقوا عناصر القوى الامنية داخل السراي  بالحجارة، فيما انتشرت القوى الامنية عند المدخل وتعاملت مع المحتجين بهدوء وضبط للنفس. في السياق نفسه جابت مسيرة راجلة شوارع المدينة، ونفذوا وقفات امام منازل عدد من النواب رافعين لافتات ضد الفساد. ورددوا هتافات تندد بالسياسين

[caption id="attachment_85224" align="alignleft" width="356"] تجمع لحراك صيدا في ساحة تقاطع ايليا.[/caption]

وتطالب باسترداد الاموال المنهوبة.

وأقفلت ساحة النور في طرابلس من اتجاه السراي وعمد شبان الى إضرام النار بالاطارات، وأقدم عدد من المحتجين على إحراق سيارة تعود لعنصر في قوى الامن الداخلي كانت مركونة في شارع فرعي ملاصق لمبنى السراي.

 وشهدت ساحة تقاطع ايليا في صيدا تجمعاً لعدد من ناشطي "حراك صيدا" ومحتجين، "اعتراضاً على تمديد التعبئة العامة وعدم تقديم مساعدات انسانية للعائلات المحتاجة والمياومين وغيرهم من المواطنين الذين تأثرت أعمالهم ومصالحهم بالاقفال العام، وعدم قدرتهم على الصمود في ظل الجائحة" .

 كما عمد محتجون الى قطع طريق عام البيرة القبيات في عكار بالمستوعبات والحجارة احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية.

 غياب الحكومة والمعالجات والخوف من المجهول

[caption id="attachment_85225" align="alignleft" width="375"] مجلس الدفاع الأعلى برئاسة الرئيس ميشال عون يمدد قرار الاقفال العام .[/caption]

فارتفاع صرخات الجوع في عدد كبير من المناطق اللبنانية ينذر بحركات احتجاجية واسعة تعيد الى الاذهان انتفاضة 17 تشرين الاول (اكتوبر) من العام الماضي في ظل استمرار حال الاقفال العام في البلاد ووصول عدد كبير من الأسر الى خط الفقر، حتى ان وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية قال ان هناك 25 في المئة من اللبنانيين فقط هم خارج اطار حالات الفقر، حيث لم تنفع المساعدات المادية  المقدمة  للفقراء والتي وزعت ‏حتى الآن على دفعتين لمئات العائلات عبر مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية،  الا ان الخطير في الامر هو ان فيروس "كورونا" يفتك باللبنانيين بعدما وصل عدد الاصابات الـى 6 الاف والوفيات وصلت الى اكثر من 70 يومياً ومع ذلك نرى هذا التفلت عبر احتجاجات الشارع مما يفاقم  الوضع ويزيد في نسبة الاصابات لا بل يتخوف البعض من جنوح الاوضاع نحو الفوضى ودخول لبنان في المجهول ، خاصة وان السياسة تتدخل مع الشق الاجتماعي والاقتصادي مع تواصل الفراغ الحكومي منذ تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة منذ اربعة أشهر دون ان ينجح في عملية التأليف الذي يبدو ان مخاضها سيكون عسيراً بسبب الخلاف بين الاطراف المعنية حول الحصص وتوزيع الحقائب، حيث لم تنفع الوساطات الداخلية في تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس الحريري بعدما استنفدت المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي "ايمانويل ماكرون" غرضها وفشلت هي الاخرى في الدفع نحو الاسراع في التشكيل .

فالحكومة غائبة والمعالجات للوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي قاصرة واهل السلطة لا يزالون  يتبادلون الاتهامات بالتعطيل، الا ان البعض يعزو هذه الاحتجاجات الى حركة منظمة عبر استعمال الشارع في اللعبة السياسية مع تفاقم الملف الحكومي وتصاعد الخلاف بين عون والحريري واستمرار السجال بين انصار التيارين الازرق والبرتقالي ، خاصة في ظل الحديث عن محاولة لتمديد عهد الرئيس عون ، حيث ان بعض الجهات تستغل الشارع لفرض شروطها وقطع الطريق على الاخرين حتى ان هناك علامات استفهام تطرح مع المنحى العنفي الذي اتخذته بعض الاحتجاجات في طرابلس عبر اللجوء الى التخريب ومحاولة اقتحام السراي، حتى وضع البعض هذه التحركات في اطارالمؤامرة وللقول ان البلاد تتجه نحو الفوضى والانفجار اذا لم يتم الاسراع بالتأليف والتنازل عن الشروط والبدء بتشكيل حكومة انقاذ تنفذ الخطط الاصلاحية وتوقف الانهيار الحاصل، بحجة ان التحركات تقتصر على فئة محددة ومناطق بعينها محسوبة على الحريري، في وقت يرى مراقبون ان احتجاجات ستستحضر احتجاجات 17 تشرين الاول (اكتوبر) من العام الماضي ، لكن لن تكون نسخة طبق الأصل ‏عنها بل ستكون اكثر عنفاً ، لأن الأوضاع المعيشية تفاقمت بشكل كبير، والفقر وصل الى كل بيت في ظل استمرار "كورونا" والاقفال العام وتدهور سعر صرف الليرة وتصاعد الغلاء واستفحال البطالة، وسط تخوف من انفجار اجتماعي يدخل لبنان في الفوضى والمجهول.