تفاصيل الخبر

”فضائح بنما“ المتطايرة تكشف عن تورّط مسؤولين كبار ومشاهير عـلــى نـطـــــاق عـالـمـــــــي!

06/05/2016
”فضائح بنما“ المتطايرة تكشف عن تورّط مسؤولين كبار ومشاهير عـلــى نـطـــــاق عـالـمـــــــي!

”فضائح بنما“ المتطايرة تكشف عن تورّط مسؤولين كبار ومشاهير عـلــى نـطـــــاق عـالـمـــــــي!

 

بقلم طوني بشارة

tania-younan

لا يكاد العالم يطوي فضيحة معلوماتية تلف أرجاءه حتى يدخل في دوّامة فضيحة أخرى تطحن سمعة ساسة ومؤسسات يُفترض أنها صانعة القرار الاقتصادي والسياسي والقيّمة على إرساء وتنفيذ خطط إنقاذ الدول والعالم من المصائب والكوارث التي تصيبها في المجالات كافة.

بعد «ويكيليكس> و<سنودن» و<الفيفا»، بدأت بداية شهر نيسان/ ابريل المنصرم شخصيات وشركات ودول تترنّح على وقع تسريبات «أوراق بنما» المتطايرة في كل اتجاه، بعدما كشفت النقاب عن تورّط مسؤولين سياسيين كبار ومشاهير من عالم المال والاقتصاد والرياضة في عمليات تهرّب ضريبي على نطاق واسع.

 <وثائق بنما> كما بات معروفاً هي وثائق سرية تم تسريبها، ويصل عددها إلى 11.5 مليون وثيقة سرية تابعة لشركة <موساك فونسيكا للخدمات القانونية> في بنما، التي تملك منظومة مصرفية تجعلها ملاذاً ضريبياً مغرياً، وتم كشف تسرب تلك الوثائق عبر عمل صحافي استقصائي، لأن الشركة تقدّم خدمات تتعلق بالحسابات الخارجية لرؤوس الدول وشخصيات عامة وسياسية أخرى، إضافة إلى أشخاص بارزين في الأعمال والشؤون المالية والرياضية.

بنما ومصير 12 رئيس دولة سابق وحالي

 

كشفت فضيحة <أوراق بنما> تورط عدد كبير من الشخصيات العالمية بينهم 12 رئيس دولة سابق وحالي، و143 سياسياً وغيرهم في أعمال غير قانونية مثل التهرّب الضريبي وتبييض الاموال عبر شركات <أوفشور> التي تسلطت الاضواء عليها وعلى عملها، ومن بين المتورطين يمكن ذكر اسم رئيس وزراء ايسلندا <ديفيد سيغموندور غونلوغسون> ودائرة المقربين من الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين>، ورئيس الامارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي وفقاً لفضائح <بنما> يمتلك امبراطورية عقارية بقيمة 1,5 مليار يورو في لندن اشتراها عبر شركات «اوفشور>، وفي الجزائر، ورد اسم وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب بعدما تبين أنه يملك شركة في بنما هي «رويال ارايفل كورب>. وبحسب بعض الأرقام غير الرسمية، فإن أكثر من 460 شركة لبنانية لنحو 620 لبنانياً يحملون اسهما مُتورطة في فضائح <وثائق بنما>، اما التقديرات فتشير الى أن حجم رؤوس الأموال اللبنانية موضوع الفضيحة يفوق الـ 100 مليار دولار، هذا الرقم الهائل يطرح السؤال عن الخسائر المُحتملة التي يتكبدها الاقتصاد اللبناني، وعن السبب الذي يمنع وزارة المال من تعقّبهم.

لبنان و<OCDE>

وبالرغم من تسرب هذه الارقام نرى ان فضيحة <أوراق بنما> هزّت العالم... إلاّ لبنان! فرئيس وزراء ايسلندا اعلن استقالته، و<بوتين> طالب بفتح تحقيق لمعرفة دقة تورط المقربين منه، اما في لبنان وعلى الرغم من إدراج اسماء مئات الشخصيات والشركات اللبنانية، لم يتحرّك القضاء اللبناني ولم يفتح أي تحقيق بالأمر ولم يتم استدعاء أي شركة أو فرد للاستماع الى أقواله والتحقق من المعلومات التي أشارت الى تورط عدد هائل من اللبنانيين بهذه الفضيحة، وما زاد الطينة بلّة، المعلومات التي رجّحت ادراج لبنان في اللائحة السوداء لـ<منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية> (OCDE) للدول التي تُعتبر من الملاذات الضريبيّة. هذه التطورات وان حصلت، ستكون لها تداعيات خطيرة على القطاع المصرفي اللبناني وما تبقى من سرية مصرفية فيه.

ومن ناحية أخرى يُدرك المتتبّع للأمور انه ونتيجة للضغوط الدولية، أقر مجلس النواب في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي قوانين عدة تتعلّق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب ونقل الأموال عبر الحدود والتهرّب الضريبي، حيث ينص القانون المُعجّل رقم 43 <تبادل المعلومات الضريبية> على بنود عدة، منها الايجاز لوزير المال عقد أو الانضمام الى اتفاقات ثنائية أو متعددة الطرف لتبادل المعلومات المتعلّقة بالتهرّب الضريبي أو الاحتيال الضريبي، وتحديد صلاحيات وزارة المال بنقطة عبور الزاميّة لأي طلب معلومات تتعلّق بالتهرّب الضريبي على أن يُحوّل الطلب الى <هيئة التحقيق الخاصة> عندما تكون المعلومات المطلوبة مشمولة بقانون السرية المصرفية أو المادة 151 من <قانون النقد والتسليف>، وكل ذلك مشروط بأن يستند طلب المعلومات الى حكم مبرم بتجريم المستعلم عنه.

ونتيجة لذلك هل يُعتبر لبنان جنة ضريبية؟ ام انه حصّن نفسه لجهة هذا الادعاء؟ وما هو دور شركات <الأوفشور> في التهرّب الضريبي؟ وما هو وضعها القانوني؟

 اسئلة عديدة للاجابة عليها قابلت <الافكار> الخبيرة المالية تانيا يونان والبروفيسور الاقتصادي جاسم عجاقة والخبير الاقتصادي غازي وزني.

يونان والقوانين اللبنانية... ونشاطات الـ<Offshore>

أكدت يونان أنّ شركات الـ<Offshore> تُصنّف على أنها عالية المخاطر لناحية مكافحة تبييض الأموال (high risk) وتُحذر المصارف من التعامل معها أو تخضعها لضوابط مشددة، وهو ما يُسمى <العناية الواجبة المعززة> (Enhanced Due Diligence) على اعتبار أنّ هذا النوع من الشركات وكما يدلّ عليها اسمها يؤسس في بلاد يُمنع عليها ممارسة النشاط فيها، الا ما هو محدد واستثنائي، فتكون بذلك خارج الرقابة الفعلية للسلطة الضريبيّة لبلاد المنشأ، وكذلك خارج رقابة الدول الأجنبية التي يحق لها ممارسة عملها فيها، ذلك رغم الإيجابيات التي تتمتع بها هذه الشركات لجهة ملاءمتها لمقتضيات المرونة والسهولة في تقديم خدمات التجارة الخارجية.

ــ هل تخضع هذه الشركات في لبنان لمرسوم اشتراعي معين؟

- تخضع شركات <الأوفشور> للمرسوم الاشتراعي 83 الشركات المغفلة اللبنانية التي تتعامل، على سبيل الحصر، في النشاطات الآتية:

1 - التفاوض وتوقيع العقود والاتفاقات في شأن عمليات وصفقات يجري تنفيذها خارج الاراضي اللبنانية، وتعود الى أموال موجودة في الخارج او في المناطق الجمركية الحرة.

2 - ادارة شركات ومؤسسات محصور نشاطها خارج لبنان انطلاقاً من لبنان، وتصدير الخدمات المهنية والادارية والتنظيمية وخدمات وبرامج المعلوماتية بكل أنواعها الى مؤسسات مقيمة خارج لبنان وبناء على طلب تلك المؤسسات.

3 - عمليات التجارة الخارجية المثّلثة أو المتعدّدة الطرف الجارية خارج لبنان، لذا يمكن لشركات <الأوفشور> اجراء التفاوض وتوقيع العقود وشحن البضائع واعادة اصدار الفواتير لأعمال وعمليات خارج لبنان، او من المناطق الجمركية الحرة في لبنان واليها.

4 - القيام بأعمال ونشاطات النقل البحري.

5 - تملك اسهم وحصص وسندات ومشاركات في مؤسسات وشركات اجنبية غير مقيمة، واقراض المؤسسات غير المقيمة التي تملك شركة <الأوفشور> اكثر من 20 بالمئة من رأسمالها.

6 - تملك و/أو الانتفاع من حقوق عائدة لوكالات مواد وبضائع وتمثيل لشركات اجنبية في اسواق خارجية.

7 - فتح فروع ومكاتب تمثيل في الخارج.

8 - بناء واستثمار وادارة وتملّك كل المشاريع الاقتصادية باستثناء المحظورات الواردة في المادة الثانية من هذا القانون.

9 - فتح الاعتمادات والاقتراض لتمويل العمليات والنشاطات المشار اليها اعلاه من مصارف ومؤسسات مالية مقيمة في لبنان او في الخارج.

10 - استئجار المكاتب في لبنان وتملك العقارات اللازمة لنشاطها، مع مراعاة قانون تملّك الاجانب لحقوق عينيّة عقارية في لبنان.

غازي-وزني 

<الأوفشور> ومنع التعامل بالتأمين

وتتابع يونان:

- كما يحظر على الشركات المنصوص عليها في المرسوم المذكور، تعاطي عمليات التأمين بمختلف انواعها، والعمليات والاعمال التي تزاولها المصارف والمؤسسات المالية والمؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان، كما يحظر عليها القيام في لبنان بغير الأعمال المشار اليها في المادة الاولى من القانون. كذلك يحظر عليها جني أي ربح او ريع او ايراد من اموال منقولة او غير منقولة موجودة في لبنان، او من جراء تقديم خدمات لمؤسسات مقيمة في لبنان، ما عدا ايراد حساباتها المصرفية والايرادات الناتجة من الاكتتاب في سندات الخزينة اللبنانية والتداول بها.

لبنان وشركات <الأوفشور>

تُسمى البلاد التي تحتضن عمل هذه الشركات ملاذات ضريبيّة أو جنّات ماليّة، وغالباً، فإن شركات <الأوفشور> تقع في بلدان تتمتع بالسرية المصرفية، فما علاقة لبنان بهذا الأمر؟ وكيف تورّطت مئات الشركات اللبنانية بهذا النوع من النشاطات؟

الجواب يكمن في مبدأ المصلحة الذاتية العقلانية، إذ ان أصحاب هذه الشركات يجدون فيها وسيلة مثالية لتحقيق إثراء سريع، فيما تشير النظريات المالية الى أن الوقت اللازم لزيادة رأس المال من نشاط اقتصادي إلى الضعف هو بحدود 7 إلى 10 سنوات. وتُعتبر شركة <الأوفشور> في لبنان نوعاً من الشركات المساهمة ويرعاها المرسوم الاشتراعي 8346 كما القانون الرقم 19 الصادر في عام 2008، وهذا النوع من الشركات هو خيار إيجابي للمستثمرين الذين لديهم نشاطات تجارية خارج لبنان أو في المناطق الحرة اللبنانية، لأن هذه الشركات يمكنها ممارسة كل انواع الاعمال وتستفيد من ضريبة مقطوعة بسيطة جداً بغض النظر عن حجم أعمالها وأرباحها، ما يسمح لها بالتهرّب من قانون الضرائب اللبناني الذي يفرض على الشركات العادية ضرائب تصل الى 25 بالمئة، تتضّمن 15 بالمئة ضريبة باب اول و10 بالمئة ضريبة على الارباح.

ــ وفقا لخبرتك في هذا المضمار هل ستعتبر منظمة الـ<OCDE> لبنان دولة غير متعاونة؟

- استبعد ذلك على اعتبار ان قانون الاصلاح الضريبي والقوانين التي أقرها مجلس النواب في نهاية العام الفائت خير برهان على مدى التزام لبنان عدم اخفاء أي أموال وتحصين نفسه من أي عمليات مشبوهة قد تساهم في التهرّب الضريبي.

وتتابع يونان:

- <منظمة الـ<OCDE> وافقت على القوانين التي أقرها لبنان ورحّبت بها، ولبنان متعاون الى أقصى درجة مع المنظمة وكل الدول تحت سقف القوانين المرعية الاجراء، واعتقد أن السرية المصرفية في لبنان هي سرية مصرفية مهنية بامتياز تحمي المودعين وأموالهم الناتجة من نشاطات مشروعة ومُعلنة، وهي موجودة في جميع الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة.

وتؤكد يونان بأن السلطات النقدية والمصرفية ملتزمة القرارات القضائيّة الصادرة في الداخل بما يتعلّق برفع السرية المصرفية عن الافراد والمؤسسات، وذلك تحت سقف قانون <السرية المصرفية>. وفي ما يتعلق بالتعاون مع الدول، فلبنان متعاون أيضاً مع كل القرارات الصادرة عنها وملتزم الاستنابات القضائية الدوليّة شرط مرورها بالآليات القانونيّة المحددة والتي تلحظها المعاهدات الدوليّة. وفي هذا السياق لا بدّ من الاشارة الى أن لبنان لطالما التزم الاحكام القضائية الخارجية في العديد من المجالات، وأهمها ما يتعلّق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب وملف التهرّب الضريبي، ضمن أطر قانون السرية المصرفية وقانون الاصلاح الضريبي وتبادل المعلومات الضريبيّة.

عجاقة و<الأوفشور> المخالفة للقوانين

اما الخبير الاقتصادي والاستراتيجي البروفيسور جاسم عجاقة، فاعتبر أن ظاهرة التهرّب الضريبي هي نتيجة منطقية للمبدأ الاقتصادي المبني على المصلحة الذاتية العقلانيّة، إلاّ أن المشكلة تظهر في اختلاف نظرة القوانين الوطنية في الدول لهذا الأمر، فبعض الدول مثل الـ<ليشتنشتاين> يعتبر التهرّب الضريبي مخالفة بسيطة، في حين أن الولايات المُتحدة تعتبره جريمة، وهذا الأمر دفع بالشركات والأشخاص للبحث عن أنظمة ليّنة التعامل مع التهرّب الضريبي كبنما والجزر العذراء والبهاماس وغيرها، ولوضع حدّ لهذه الظاهرة قام عدد من الدول بوضع إطار قانوني لشركات تسمّى <Offshore> يساهم في التخفيف من الضرائب، وينبغي عدم خلط هذا الأمر مع التهرّب الضريبي.

ــ يقال ان شركات <الأوفشور> تُستخدم لمخالفة القوانين، فكيف يتم ذلك ميدانيا؟

- بالتأكيد تُستخدم هذه الشركات لمُخالفة القوانين وتمّ إقحامها في عمليات تبييض أموال والتهرّب الضريبي وتمويل الإرهاب، والمُشكلة الأكبر هي أنها أصبح لها دور اساسي في الهيكلية المالية لمنظومات فاسدة يتمّ تأسيسها لإخفاء هوية المالك الحقيقي، بما أن مُعظم أعمال الشركة هي في الخارج، لذا تتلقى هذه الشركات أموالاً هائلة رسمياً، تأتي من النشاط الاقتصادي ويأتي فعلياً قسم كبير منها من نشاطات محظورة، ويتم فتح شركة <الأوفشور> ضمن أطر قضائية بتشريعات محددة لفتح حساب مصرفي غير ظاهر مباشرة من أجل الحصول على ممتلكات من دون كشف هوية صاحبها، ويكون الأمر غير قانوني عندما يهدف تأسيس هذه الشركات إلى اخفاء المستفيد، كما يتم في معظم الاحيان استخدام اسماء وهمية، ما يسمح بإخفاء هوية المالكين الحقيقيين.

عجاقة والخسارة الاقتصادية

ويعتبر عجاقة أن الإطار القانوني لشركة <Offshore> يُعطي طابع السريّة على نشاطاتها، وتالياً لا يُمكن فعلياً لوزارة المال تعقّب هذا الأمر، كما أن التحويلات المصرفية التي تفرض على المصارف التصريح لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان يُمكن لها أن تكشف النشاط الاقتصادي من النشاط المنافي للقوانين، وعدم كشف الأمر قد يكون ناتجاً من فساد أو عن طبيعة العمليات التي لا تمرّ عبر لبنان بالضرورة.

ــ البعض يتحدث عن خسارة مالية على الخزينة بسبب  شركات<الأوفشور>، والبعض الآخر يعتبر لبنان بعيداً كل البعد عن الجنة الضريبية، فما رأيك في هذا الامر؟

- هنا لا يُمكن الحديث عن خسارة مالية مباشرة على الخزينة بل عن خسارة اقتصادية ناجمة عن عدم استثمار هذه الأموال في الاقتصاد اللبناني أو عن تشويه سمعة لبنان وجعله يظهر وكأنه جنّة ضريبية، وهذا الأمر غير صحيح مع التزام المصارف اللبنانية كل القوانين الدولية بدون استثناء، وبالرغم من ذلك اعتبر أن القانون الصادر في نهاية العام الماضي، وعلى الرغم من أهميته، لا يستوفي شروط المنظمة الدولية التي لم ترَ فيه تعاوناً كافياً، ما قد يدفعها الى ادراج لبنان في اللائحة السوداء للدول غير المتعاونة أي تلك التي لا تحترم أياً من الشروط الثلاثة: تبادل المعلومات الضريبيّة على الطلب، الاتفاقات المُتعددة الطرف والتبادل التلقائي للمعلومات. ويضيف: مع الاشارة الى ان الشرط الثالث هو المُشكلة الاساسية التي يواجهها لبنان، والتي في ظل وجود السرّية المصرفية ستجلب له مشكلات أكبر من قدراته.

 

وزني يشرح المخاطر وحلقة الضعف في النظام المالي العالمي

وبدوره أفادنا الدكتور غازي وزني بأن العالم انشغل في الاسابيع الفائتة بفضائح <أوراق بنما>، أي فضائح الجنات الضريبية التي تساهم من جهة في التهرّب الضريبي وتأمين ملاذات للاموال غير الشرعية الناتجة عن الفساد والرشى والعمولات وتجارة المخدرات والاسلحة والحسومات النفطية... ومن جهة أخرى تساهم في التخفيف من مستوى الضريبة لكبار الشركات والمصارف العالمية عبر هندسات مالية وضريبية.

ويعتبر وزني ان <أوراق بنما> حملت بعدا سياسيا اذ طالت محيطين بالرئيس الروسي <بوتين> ومسؤولين في الصين والبرازيل وايسلندا وبريطانيا ورؤساء وملوكاً في المنطقة العربية، كما حملت بُعداً مالياً اذ أضاءت على التهرّب الضريبي الذي يتسبّب بخسارة الولايات المتحدة سنويا حوالى 700 مليار دولار و<الاتحاد الاوروبي> حوالى 1000 مليار يورو.

ويتابع وزني:

- تُعتبر الجنات الضريبية (وعددها حوالى 100 أبرزها في الولايات المتحدة الاميركية) بمنزلة حلقة ضعف في النظام المالي العالمي، اذ انها تخرج عن الرقابة والانتظام المالي العالمي وتتسبب بتقلبات حادة في الاسواق المالية العالمية لانها تدير رساميل بقيمة 5000 مليار دولار، 20  بالمئة منها من مصادر محظورة اي 1000 مليار دولار و80  بالمئة منها من مصادر غير محظورة اي 4000 مليار دولار (صناديق التحوط Hedge fund، صناديق التقاعد...).

 

وزني وتعريف الجنة الضريبية

 

ــ ما هو التعريف الاقرب للجنات الضريبية؟

- توجد خلافات دولياً في تعريف الجنة الضريبية ولكن في المقابل يوجد توافق على ميزاتها التالية:

- مستوى متدنٍ أو عدم وجود للضرائب (لا ضرائب على المداخيل، والثروة، والاصول...).

- سرية مصرفية مطلقة.

- لا تبادل للمعلومات الضريبية مع الدول الاخرى كما ان التعاون القضائي مع الخارج محدود.

جاسم-عجاقة- مرونة شديدة وضعف الرقابة والتدقيق للعمليات المصرفية والمالية (فتح الحسابات، تحويلات، مدفوعات...).

- تسهيلات في تأسيس الشركات لاسيما شركات <الاوفشور> (اخفاء هوية المالكين الحقيقيين لشراء الممتلكات أو لفتح حسابات، استخدام اسماء وهمية لتبييض الاموال وتجارة المخدرات اضافة الى طابع السرية في المعاملات).

وأضاف:

- إن شركة <الاوفشور> هي من الشركات المساهمة المسجلة في بلد لا يكون المالك مقيماً فيه كما انها لا تمارس اي نشاط اقتصادي في البلد الذي تتخذه مقراً لها. أما لبنان، فقد أشارت احدى الصحف الدولية انه مهدد في الاشهر المقبلة بوضعه على اللائحة السوداء للجنات الضريبية غير المتعاونة، لانه لا يحترم بشكل كامل نوعية تبادل المعلومات عند الطلب ولم يوقع على المعاهدة المتعددة الطرف لتبادل المعلومات وفق معايير <منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية> ولم يتعهد بالانتقال الى تبادل المعلومات تلقائيا في العام 2018.

ــ هل يُعتبر لبنان جنة ضريبية ام لا؟

- في الواقع لا يمكن اعتبار لبنان جنة ضريبية للاسباب الآتية:

- مستوى الضرائب مقبول وليس متدنياً: الضريبة على أرباح الشركات والتوزيع تبلغ 23.5 بالمئة، وعلى فوائد الودائع 5 بالمئة ... ويصل العبء الضريبي في لبنان الى 18 بالمئة.

- السرية المصرفية غير مطلقة وتُرفع فوراً لدى الشبهات والشكوك بعمليات التبييض المالي، اضافة الى ان لبنان يطبق <قانون FATCA> ويتعاون قضائياً مع الخارج.

- اقرار مجلس النواب مؤخرا قانون تبادل المعلومات الضريبية عند الطلب مع الخارج وآخر يلزم بالتصريح عن الاموال المنقولة عبر الحدود.

- العمليات المصرفية مقيدّة وتحت الرقابة الداخلية للمصارف (دائرة الامتثال) لاسيما في عمليات فتح الحسابات والتحويلات، اضافة الى ان مصرف لبنان يصدر دورياً تعاميم منسجمة مع التشريعات الدولية، وآخرها الطلب من المصارف التوقف عن فتح الحسابات لشركات اسهمها لحامله ووقف العمل بالبطاقات المسبقة الدفع.

- اخضاع حسابات شركات <الاوفشور> لمفوض مراقب اضافة الى تسجيلها للدوائر الضريبية كما انها تخضع الى ضريبة سنوية مقطوعة قيمتها مليون ليرة، والى الضريبة على فوائد وعائدات وايرادات الحسابات الدائنة.

وختم وزني حديثه:

- في المحصلة، لبنان ليس جنة ضريبية وفق المعايير الدولية اذ انه يلتزم بالتشريعات الدولية التي تحد من التهرّب الضريبي، وتكافح تبييض الاموال وتمويل الارهاب، وتراقب عن كثب نشاط القطاع المصرفي ونشاط شركات <الاوفشور>. لذلك من المستبعد وضع لبنان في الاشهر المقبلة على لائحة الدول غير المتعاونة.