تفاصيل الخبر

فـــــادي بـــو كـــــرم بعد قيامه بجولة على 47 مدينة وبلدة في الولايات المتحدة الاميركية : الــــرئـيـــــس كـمـيــــــل شمــعــــون دعــا مخاتيــر هذه البـلـدات فلبـى سبعــة منهــم الدعــوة!

05/04/2018
فـــــادي بـــو كـــــرم بعد قيامه بجولة على 47 مدينة وبلدة في الولايات المتحدة الاميركية : الــــرئـيـــــس كـمـيــــــل شمــعــــون دعــا مخاتيــر هذه البـلـدات فلبـى سبعــة منهــم الدعــوة!

فـــــادي بـــو كـــــرم بعد قيامه بجولة على 47 مدينة وبلدة في الولايات المتحدة الاميركية : الــــرئـيـــــس كـمـيــــــل شمــعــــون دعــا مخاتيــر هذه البـلـدات فلبـى سبعــة منهــم الدعــوة!

 

بقلم عبير انطون

ND10

<لبنان ــ الولايات المتحدة> عنوان لجولة قام بها مهندس الاتصالات المستشار المالي السابق فادي بو كرم في الولايات المتحدة الاميركية مفتشاً عن مدن وبلدات تحمل اسم لبنان فبلغ عددها 47، وقد قام بتصويرها بعد ابحاث عن مؤسسيها، فما الذي حفّزه على مشروع مماثل وما كانت مشاهداته في خلال هذه الجولة؟

مع فادي السعيد بإنجازه كان لقاء <الافكار> وسألناه اولاً:

ــ من هو فادي بو كرم؟ ما هو اختصاصك وميدان عملك؟

- انا في الاساس مهندس اتصالات تخرجت من الجامعة اللبنانية ومن ثم حزت <ماجيستير> في ادارة الاعمال في اميركا. انخرطت لفترة وجيزة في مجال الهندسة ومن ثم انتقلت الى الحقل المالي فعملت في احد البنوك في لبنان كمدير لادارة المخاطر، انتقلت بعد ذلك الى شركة استشارات كمستشار في القوانين الضريبية لأميركا وبلدان اوروبا وغيرها. عملي الأساسي لم يكن له اية صلة بالتصوير الذي اعتبره هواية منذ سافرت للدراسة في اميركا. بدأت في 2005 إلا انها لم تأخذ منحى جدياً لدي الا في العام 2012. وفي العام 2016 اتخذت القرار بتغيير مهنتي كلياً فانتقلت من عالم الاستشارات المالية لأتفرغ للتصوير، ولهذا المشروع تحديداً.

ــ كيف ولدت فكرة مشروعك <لبنان ــ الولايات المتحدة> بزيارة المدن التي تحمل اسم لبنان وكم بلغ عددها؟

- ولد المشروع في العام 2005، اي في السنة التي قصدت فيها اميركا لحيازة <الماجيستير>، وصودف انني كنت ابحث عبر محرك البحث <غوغل> في الانترنت عن كلمة <ليبانون> بالانكليزية وكانت خرائط <الغوغل> جديدة نوعاً ما، وبدل ان يعطيني معلومات عن لبنان بلدنا هنا، وجدت <ليبانون ــ اوريغن> وهي واحدة من المدن الأقرب الى كاليفورنيا وكنت انا من سكان هذه المدينة فتعجبت لهذا الاسم، ورحت افتش اذا ما أجد غيرها فاكتشفت ان هناك 47 الى 53 واحدة تحمل اسم ليبانون. وبما انه في اميركا نجد قاعدة بيانات اساسية (داتا بيس) عن اسماء المدن كلها دخلت عليها وعلمت بهذا العدد ولا يمكنني تحديده تماماً لأن بعض تلك المدن لم تعد مأهولة ابدا. في ذلك الحين، كنت ادرس وقلت في نفسي سأقوم لاحقاً بتصوير هذه المدن كلها، على ان يكون مشروعي للتقاعد عبر جولة في السيارة فألفها كلها واصورها واتعرف عليها. لكن شيئا ما حمسني الى عدم التأجيل ومنذ عامين تركت عملي بهدف انجاز هذا المشروع تحديداً. شعرت بأن الحياة قصيرة وما علي ان اتركه لوقت لاحق.

ــ كيف استعلمت عن البلدات والمدن قبل زيارتها، وهل تفكر بالتفتيش عن اخرى للبنان خارج الولايات المتحدة؟

- للصراحة بدأت بالتفتيش عن مدن تحمل اسم لبنان خارج الولايات المتحدة، ووجدت واحدة فقط في كندا حتى الان، ولا اعرف ان كنت سأستمر في البحث. عددهم كبير جدا في اميركا فركّزت عليها وكانت هذه رحلتي الاولى، على ان تعقبها رحلة ثانية قريباً في حزيران/ يونيو المقبل.

IMG_2306c1 ويضيف بو كرم قائلاً:

- هناك ما له علاقة بتاريخ لبنان، فعندما كنت اقوم بأبحاثي اكتشفت انه في العام 1955 قام رئيس الجمهورية آنذاك كميل شمعون بدعوة 23 مختاراً من المدن والبلدات التي تحمل اسم <ليبانون في اميركا> وقد لبى سبعة منهم الدعوة وقضوا في الربوع اللبنانية نحو اسبوعين وهذا ما وقعت عليه وأنا افتش في أرشيف الصحف اللبنانية، وقد أهدت السيدة الاولى حينذاك زلفا شمعون لكل مختار منهم ارزة، حملوها معهم لزرعها في مناطقهم. هذه الارزات شكلت الهدف الأساسي الثاني من رحلتي ايضا لأقف عندها وارى ما حل بها منذ اكثر من ستين سنة واذا ما كانت لا تزال على قيد الحياة. ومن هذه الارزات السبع للأسف لم يبق الا واحدة، اذ لما حملت هذه الأرزات الى الولايات المتحدة كان من المفترض ان ترش بالمبيدات الخاصة لأن القانون يفرض ذلك، وهذا اثر عليها فما استطاعت الحياة ولم يبق سوى <ارزة ليبانون ــ اوهايو>. والآن في رحلتي الثانية اعود الى العديد من هذه المناطق وأقدم لهم ارزاً من لبنان، لكن من حاضنة لهم في اميركا يملكها شخص لبناني الاصل سيؤمنها لي واحملها الى تلك المطارح السبعة حيث كانت الارزات اللبنانيات الاولى، والى غيرها من <لبنانات> اميركية سألني مخاتيرها ان احمل الارز اللبناني إليهم ليزرعوه في مناطقهم...

 

اهلاً... باللبناني!

 

ــ ما كانت مشاهداتك وبماذا تتميز هذه المدن؟

- بما ان العدد قارب الـ47 في الولايات المتحدة نجد المدن والقرى التي تحمل اسم <ليبانون> تمتد على كل رقعة اميركا وفي مختلف مناطقها إلا انها ليست مدناً بالمعنى المعروف للمدينة من حيث ارتفاع عدد السكان فبعض هذه لا يقبع فيها اكثر من مئة نسمة، وهي بالاجمال مناطق زراعية وغالبية سكانها من الفلاحين، وهذه <اللبنانات> هي اشبه بالضيع او القرى وعدد سكانها محدود. استقبال الناس لي اذهلني واعتقدت للحظات انني في عمق ضيعة لبنانية. الاستقبال الحار كان كبيراً، حتى انه في منطقة <ليبانون ايلينوي، وبمجرد انني زرتهم وانا من اصل لبناني، اقام لي المختار تأهيلاً وتكريماً وأهداني مفتاح المدينة ما اثر بي جداً علماً ان السكان فيها ليسوا لبنانيين.

1701160191o1ــ هل استعلمت عن مؤسسيها الاوائل وكيف أجريت الابحاث حولها؟

- انها النقطة المهمة في المشروع. صحيح ان هذه المدن الـ47 تحمل اسم <ليبانون> لكن ولا واحدة منها تأسست من قبل لبنانيين. التأسيس يعود الى القرن السابع عشر او الثامن عشر، وهذا ما عرفته من خلال ابحاثي في ارشيف مكتبة كل واحدة من البلدات او المدن هذه وقد قضيت وقتاً في التفتيش عن أصل الاسم وتاريخ المدينة. كان السكان حينئذٍ جلهم من المزارعين والمتدينين. وبما انهم كانوا كذلك، فانهم غالبا ما كانوا يسمون مناطقهم بأسماء مستقاة من الكتاب المقدس. وبما انه في العهد القديم، ذكر اسم لبنان أكثر من مرة، كانوا لما يقصدون المناطق الخصبة حيث الخضرة والشجر لتأسيس حياة لهم، يقارنون هذه الاشجار الغضة بما سمعوه من العهد القديم عن ارز لبنان، فيسمون المنطقة باسم <ليبانون> الذي شعاره الارزة. وتسمية المناطق ليست محصورة بلبنان فقط، فهناك عدد ولو أقل مستوحى من العهد القديم ايضا بينها <باليستاين> (فلسطين) او الشام <داماسكوس>. والمضحك ان <داماسكوس> ليست منطقة بعيدة عن <ليبانون> حتى في اميركا اذ انهما يتجاوران في <فيرجينيا>، فكما المناطق قريبة من بعضها هنا فإنها كذلك في اميركا ايضا.

ــ ماذا عن سكان هذه المدن وأعمالهم وهل يعرفون لبنان؟

- في كثير من الاحيان يعمل سكان هذه المدن كفلاحين ومزارعين او يعملون في مناجم الفحم اي انهم عمال يدويون والقليلون منهم يعملون في المكاتب او الشركات. جميعهم يعرف لبنان وان لم تكن اصولهم منه، ولهم قصص طريفة يروونها عنه، بينها مثلا مرة في <ليبانون ــ نيوهامشير> روت لي سيدة بأن ابنتها قصدت السويد ولما ارادت العودة اضاعت حقيبتها، فأخبرتها شركة الطيران انهم سيشحنون الحقيبة من السويد الى <ليبانون ــ نيوهامشير>... بقيت الصبية لشهرين تنتظر الحقيبة وعرفت بعد مدة انهم ارسلوا حقيبتها عن طريق الخطأ الى لبنان بدلاً من <ليبانون اميركا> وكانت قد وصلتها بختم البريد اللبناني... وهناك قصص اخرى طريفة بينها انهم كانوا يسألونني عن اسباب عدم انتخاب رئيس جمهورية للبنان في تلك الفترة اذ كنت هناك في شهر تشرين الأول/ اكتوبر وكانوا مطلعين على البلد الذي يطابق اسمه اسم منطقتهم.

ــ ما هي ابرز الصعوبات التي واجهتك؟

- واجهت أكثر من صعوبة، وكنت تقصّدت ان تكون جولتي بعد تشرين الاول/ اكتوبر الماضي اي قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية حتى اقف على كيفية تحضير الاميركيين لانتخابات رئيس الجمهورية وعندما تم قسم اليمين للرئيس <دونالد ترامب> كنت في <واشنطن دي سي> اصور هناك لمشروع جانبي. اكبر صعوبة واجهتها كانت الطقس <العنيف> بعد شهر تشرين الأول/ اكتوبر خاصة وانني كنت اسافر في <كارافان> هو ايضا بيتي ويتضمن كل ما احتاج اليه، اذ عندما تهبط الحرارة الى ما تحت الصفر فلا يعود بالامكان استخدام الماء الساخنة للاستحمام كما ان القساطل تتجمد. وفي احدى المرات وصلت الحرارة الى ما دون الـ16 درجة تحت الصفر ما يشل الانسان. وبما انني كنت اقود بنفسي ولا انزل في الفنادق اقتصاداً للمصاريف كان علي ان استريح فوجدت ما يسمى بـ<وول مارت> وهي عبارة عن <سوبرماركت> مع <باركينغ> كبير يسمح فيه بقضاء الليلة في <الكارافان>، وكانت هذه فرصة جيدة لأنام في الموقف. الآن في رحلتي المقبلة في حزيران/ يونيو تعمدت ان اسافر حين يكون الطقس جيداً بحيث استطيع الخروج من دون ان تتجمد اصابعي. بغير ذلك هناك صعوبات اسميها ثانوية كالقيادة لساعات طوال بحيث تستمر ما بين 8 الى 9 ساعات يوميا.

DSCF3003o2ــ من ساعدك في مشروعك وهل من جهات رسمية او خاصة دعمتك فيه؟

- للصراحة لا، ولم افتش عن دعم لمشروعي. عملت مدة 15 عاماً واستخدمت جزءاً كبيراً من المال الذي ادخرته لهذه الرحلة. وسأعود في حزيران/ يونيو المقبل لحمل الأرز اللبناني لهذه المناطق كما سبق وأشرت بناء على طلب المختارين والاهالي فيها. فالأرزة رمز للبنان وهي رمز لهذه المناطق ايضا وأتمنى ان يكون لهذه السفرة دعم او رعاية.

ــ هل فيها لبنانيون لا يزالون على تواصل مع لبنان ويعرفون عنه؟

 - هناك عدد غير مرتفع ولكن لا بأس بهم في <ليبانون - كنتاكي> او <ليبانون ــ كانزس> او<ساوث داكوتا> والقليلون منهم على تواصل مع لبنان. شخصان او ثلاثة يتكلمون اللغة العربية <المكسرة> لأنهم من الجيل الثالث او الرابع للبنانيين هناك، ومن لا يتكلم اللغة لكنه يعرف معلومات عن المطبخ اللبناني من اطباق الكبة واللوبية بزيت ويلفظونها بطريقة لذيذة.

ــ اعددت تقريراً مصوراً، هل سيعرض على قناة ما؟

 - ركزت في التقرير على مغامرتي من ألفها الى يائها وكل ما استطعت تصويره على هامش الرحلة من حلف اليمين لـ<ترامب> الى عملي في عز الثلج... حتى الآن لن يعرض التقرير على اية قناة.

 

<آميش>...

DSCF3390 ــ ما المشاهد والصور الابرز التي لا تزال في ذاكرتك؟

 - الحفاوة التي استقبلت بها ولم اكن اتوقعها من خلال ما نسمعه جميعا عبر بعض وسائل الاعلام والاخبار عن عنصرية بعض الاميركيين خاصة الذين يعيشون في المناطق البعيدة عن المدينة، وهذا ما يمكن ان نقع عليه في اي بلد في الدنيا. ترحابهم لا انساه. اما من الصور التي استعيدها فتعود لمنطقة في <ليبانون ــ بنسلفانيا> وفيها شعب اسمه <آميش> يعيشون كما في القرن التاسع عشر ويرفضون كل ما يتعلق بالتكنولوجيا... السيارات تجوب الطرقات من حولهم فيما هم يتنقلون على عربة الحصان، كذلك لباسهم يشبه لباس القرن التاسع عشر وليس هناك كهرباء ولا هواتف ولا اي شيء من هذا القبيل ويعيشون في مزارع لكنهم يضطرون الحضور الى المدينة للحصول على حاجياتهم... لفتتني طريقة تعاملهم مع البائعين، ويشعر الناظر اليهم انهم خارجون من كتب التاريخ.

ــ سبق وعرضت صورك الفوتوغرافية في مدن عالمية، ما كانت هذه المعارض وما هو جديدك؟

- المطارح التي عرضت فيها امتدت من لندن الى <سان فرانسيسكو>، و<ازرلون> في المانيا ومن ثم دبي، وهي بالاجمال صور تنتمي الى ما يعرف بـ<ستريت فوتوغرافي> (تصوير الشارع) بحيث تلتقط العدسة مشاهد من المدن وترصد الحياة فيها، وكانت غالبية صوري عن بيروت. اما معرضي الحالي فهو جوال بدأ في <الاباما> في اميركا ثم انتقل الى <تينيسي> والآن <اتلاتنا> في جورجيا، وهو معرض ثنائي يجمع صوري الفوتوغرافية بلوحات لفنان تجريدي، وان سعادتي لكبيرة لأن هذا المعرض لا يزال يجول منذ شباط / فبراير العام الماضي حتى آذار/ مارس الحالي، وها هو يحط اليوم في جورجيا.