تفاصيل الخبر

«ديفيد شينكر» مدير «برنامج السياسة العربية» في معهد واشنطن: لواشنطن مصلحة قوية في استقرار لبنان، وحزب الله يقوم بتجنيد السنّة لقتال معارضي نظام الأسد السنّة في سوريا!

24/12/2015
«ديفيد شينكر» مدير «برنامج السياسة العربية» في معهد واشنطن: لواشنطن مصلحة قوية في استقرار لبنان، وحزب الله يقوم بتجنيد السنّة لقتال معارضي نظام الأسد السنّة في سوريا!

«ديفيد شينكر» مدير «برنامج السياسة العربية» في معهد واشنطن: لواشنطن مصلحة قوية في استقرار لبنان، وحزب الله يقوم بتجنيد السنّة لقتال معارضي نظام الأسد السنّة في سوريا!

 

كتب صبجي منذر ياغي

ديفيد-شينكريرى المحللون والمتابعون والباحثون، انه خلافاً لما يتردد في الاروقة والصالونات عن ان الوضع اللبناني وما يجري في لبنان من آخر اهتمامات مراكز الابحاث والدراسات، ومراكز القرار الاميركي، فان بعض زوار واشنطن من الباحثين السياسيين أكدوا لـ<الافكار> ان الملف اللبناني له فريقه وأخصائيوه في الادارة الاميركية، وهو موضع اهتمام ومتابعة بشكل دائم، وأن الاميركيين يحرصون دوماً على أن يكون الوضع في لبنان تحت الأضواء والعدسات الأميركية. وقد لا يمثل لبنان، على الأقل بالمعنى التقليدي للكلمة، موضع اهتمام استراتيجي للولايات المتحدة، الا ان واشنطن لديها مصلحة مهمة وأساسية في استقرار لبنان.

وفي هذا الاطار أعدّ مدير <برنامج السياسة العربية> في معهد واشنطن <ديفيد شينكر> دراسة مصغرة عن الوضع السياسي والامني في لبنان، معتبراً انه بعد الهيجان الإرهابي لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) أرسلت فرنسا حاملة طائرات إلى سواحل سوريا وعملت على تطبيق تدابير أمنية غير مسبوقة ضمن أراضيها. ومن غير الواضح كيف سيرد لبنان، الذي كان قد تعرض لهجوم قام به التنظيم قبل يوم واحد فقط من هجمات باريس، في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر عندما وقع تفجير انتحاري مزدوج في برج البراجنة - حي شيعي في بيروت معروف بأنه معقل لميليشيا حزب الله المدعومة من إيران - أدى إلى مقتل 40 شخصاً وجرح أكثر من 200 آخرين. ومن خلال عمله على نهج تنظيم <القاعدة> في العراق حيث استهدف تنظيم «الدولة الإسلامية» مسجداً شيعياً. وعلى الرغم من أن تفجير بيروت لم يُثر بعد أي ضربات انتقامية، إلا أنه وضع حداً لفترة من الراحة من الإرهاب التي عاشها لبنان على مدى عام تقريباً، وأعاد من جديد شبح استئناف العنف الطائفي من أجل زعزعة الاستقرار في الدولة.

 

انقسام وتفجيرات

وبرأي <ديفيد شينكر> إن لبنان، الدولة المكوّنة بشكل رئيسي من الشيعة والسنّة والمسيحيين، قد انقسم حول موضوع الحرب في البلد المجاور (سوريا) منذ أن بدأت عام 2011، ففي حين أن الشيعة يدعمون العلويين، وبشكل خاص نظام الأسد الشيعي إسمياً، يتعاطف السنّة إلى حد كبير مع الثوار الذين يقودهم السنّة أيضاً. ولقد شهد لبنان بين عامي 2013 و2015 أكثر من عشرة تفجيرات انتحارية وبالسيارات المفخخة مرتبطة بسوريا. وفي حين وقعت بعض هذه التفجيرات في المناطق السنيّة، إلا أن غالبيتها كانت موجّهة نحو الشيعة والعلويين، وذلك من المفترض في إطار رد سني على حزب الله بسبب نشر قواته العسكرية في سوريا دعماً للأسد. وقد قتل النظام السوري حتى الآن أكثر من 300 ألف شخص، معظمهم من السنّة، بدعم من إيران وحزب الله، الأمر الذي أثار غضب السنّة في لبنان والمنطقة. وفي ظل الهجمات الإرهابية المتكررة ضد أهداف طائفية، سعى زعماء الطوائف اللبنانية باستمرار إلى تهدئة التوترات. فعلى سبيل المثال، في أعقاب هجوم تموز/ يوليو 2013 الذي وقع بانفجار سيارة مفخخة في مقر حزب الله جنوب بيروت، وجّه كل من حزب الله والزعيم السنّي سعد الحريري اللوم بصورة غير محتملة إلى إسرائيل. ومع ذلك، من غير المؤكد ما إذا كان الزعماء سيواصلون اعتماد هذا الهدوء.

قلق دائم

ورأى <شينكر> إن لبنان اليوم، مع وجود 5,1 مليون لاجئ سوري، هو البلد الأسرع نمواً في العالم. ويُذكر أن معظم هؤلاء السوريين هم من السنّة الذين فروا من وحشية نظام الأسد. وبالتالي، يبرز قلق دائم في لبنان من أن تكون الخلايا النائمة التابعة لتنظيم «داعش» مقيمة في صفوف هذا المجتمع. هذا ويبقى أمن الحدود مع سوريا موضع قلق. وفي حين ينظر اللبنانيون السنّة والشيعة والمسيحيون إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» على أنه يشكل تهديداً بارزاً، استاء الكثير من السنّة من الصفقة الخاسرة بين وزارة الداخلية، وقوى الأمن الداخلي حيث السيطرة السنّية، والأمن العام التي يهيمن عليه الشيعة، والجيش المتعدد الطوائف، وحزب الله الذي حافظ على أمن البلاد خلال العام الماضي. وكجزء من هذه الصفقة، تم منح الميليشيا الشيعية بطريقة فعّالة إذن مرور لقواتها ذهاباً وإياباً من سوريا وإليها، في حين يتم القبض بانتظام على المسلحين السنّة، من اللبنانيين والسوريين على حد سواء.

وتابع: مما يزيد من حدة التوتر أن حزب الله، في مبادرة مثيرة للجدل، يقوم الآن بتجنيد المسلمين السنّة من سهل البقاع لقتال معارضي نظام الأسد (السنّة) في سوريا. ففي أيلول/ سبتمبر، وبعد أن ترددت شائعات عن مقتل أحد أعضاء ما يُسمى بـ<سرايا المقاومة> أو <كتائب المقاومة> في المعارك، اقتحم السنّة مسجداً في البقاع احتجاجاً على الإمام الذي جند المقاتلين.

 

فراغ رئاسي

واضاف: وعلى الرغم من أن صمود لبنان يشكل أسطورة بحد ذاتها، فإن الهجمات التي شهدتها بيروت تأتي في وقت حساس بشكل خاص بالنسبة إلى العلاقات الطائفية في الدولة. فالخلاف بين حزب الله والمسيحيين والسنّة المعتدلين في لبنان قد أعاق البرلمان، وترك البلاد تغرق في فراغ رئاسي منذ أيار/ مايو 2014. وفي ظل غياب رئيس للجمهورية، لم يتم اتخاذ أي قرارات بارزة أو القيام بتعيينات كبرى.

وما يتردد في بيروت حالياً هو أنه سيتم قريباً انتخاب مرشح رئاسي يشكل <حلاً وسطاً> يُدعى سليمان فرنجية، وهو عضو في البرلمان عن منطقة زغرتا معروف بعلاقته الوطيدة مع أسرة الأسد. وللأسف، نظراً إلى ارتباطه مع عائلة الأسد، فإن انتخاب فرنجية لن يساعد كثيراً على التخفيف من غضب السنّة أو تهدئة الضغوط الطائفية في لبنان وسط الشلل الحكومي. وحتى النفايات قد أصبحت قضية طائفية. ففي الصيف الماضي، وبعد إغلاق مكب النفايات <مستودع القمامة> الرئيسي في لبنان، تناثرت آلاف الأطنان من النفايات في شوارع بيروت. وتم التوصل إلى حل وسط يتمثل بإنشاء مكبين جديدين: واحد في منطقة سنية والآخر في منطقة شيعية. وفي حين تم تحديد موقع في منطقة عكار السنية، تعثرت الجهود لإيجاد موقع مناسب في المنطقة الشيعية، وعندما توجهت الشاحنات إلى عكار للبدء بعملية الإنشاء، أحرق السنّة الغاضبون الشاحنات، رافضين قبول <النفايات الشيعية>.

ووفق <شينكر> لا يمثل لبنان، على الأقل بالمعنى التقليدي للكلمة، موضع اهتمام استراتيجي للولايات المتحدة. ومع ذلك، تتمتع واشنطن بمصلحة قوية في استقرار لبنان. ولا ينحصر ذلك فقط في كون الدولة إحدى الأمثلة الإقليمية القليلة على التعدّدية الدينية والعرقية، بل هي أيضاً موالية للغرب، مع استثناء ملحوظ من حزب الله. وفي الواقع، على الرغم من تهديدات حزب الله، أسفرت العمليتان الانتخابيتان البرلمانيتان الأخيرتان في لبنان عن أغلبية برلمانية معتدلة موالية للغرب. بالإضافة إلى ذلك، يشارك لبنان حدوداً طويلة مع إسرائيل، وسيكون ضبطها أكثر صعوبة إذا ازداد وضع الأمن في البلاد سوءاً. كما أن المشاكل الأمنية الخطيرة في لبنان ستعني أيضاً المزيد من اللاجئين. وكان قد فر نحو 900 ألف لبناني من البلاد خلال الحرب الأهلية اللبنانية. وللأسف، في حين أن المساعدة العسكرية والأمنية التي تقدمها واشنطن في العام 2015 والتي تبلغ 80 مليون دولار قد تساعد لبنان على الصمود في وجه الهجوم الحالي لتنظيم «الدولة الإسلامية»، إلا أنها لن تساعد كثيراً على التخفيف من المشاكل الطائفية المزمنة والمسببة للتآكل في المجتمع على نحو متزايد والتي تؤدي الحرب السورية إلى تفاقم حدتها يوماً بعد يوم. وفي الواقع، إن الدمار المستمر سوف يجعل من لبنان على الأرجح أرضاً أكثر خصوبة للتشدد على غرار نموذج تنظيم «داعش».

وختم <شينكر> قائلاً: وبعد مرور خمس سنوات على الحرب في سوريا، يشكل الاستقرار المستمر في لبنان شعاع أمل غير متوقع في منطقة مظلمة. لكن، بينما يشن تنظيم «الدولة الإسلامية» معركة ضد حزب الله في لبنان، أصبح هذا الوضع الإقليمي الفريد من نوعه في خطر على نحو متزايد. ولحسن الحظ، ونظراً إلى أن ذكريات الحرب الأهلية التي دامت 15 عاماً لا تزال حية نسبياً في أذهان اللبنانيين، فالظاهر أن لا رغبة لديهم في حرب ثانية. ولكن كلما استمرت الحرب في سوريا، كلما كان لبنان أكثر عرضة للعيش في تجربة كتلك التي عاشتها مدينة سامراء في العراق.