تفاصيل الخبر

دياب "ارتاح" بعد فشل "الانقلابات" ضده ولا تغيير حكومياً قبل الانتخابات الاميركية!

15/07/2020
دياب "ارتاح" بعد فشل "الانقلابات" ضده ولا تغيير حكومياً قبل الانتخابات الاميركية!

دياب "ارتاح" بعد فشل "الانقلابات" ضده ولا تغيير حكومياً قبل الانتخابات الاميركية!

[caption id="attachment_79473" align="alignleft" width="392"] الرئيس حسان دياب يستقبل السفيرة الاميركية "دورثي شيا" في السراي[/caption]

 تكونت لدى رئيس الحكومة حسان دياب قناعة بأنه استطاع إحباط "الانقلاب" الذي كان يعد لاسقاط حكومته، والذي تكرر ثلاث مرات في غضون ثلاثة اسابيع، وبالتالي فإن خطر سقوط الحكومة لم يعد وارداً في حالتين اثنتين: الاولى أن تسقط في مجلس النواب وهذا غير وارد في الوقت الحاضر على الاقل، والثانية أن يقدم دياب استقالته وهذا من سابع المستحيلات لأنه لا ينوي تقديم رأس الحكومــة الى خصومــــه على طبق من فضة... وعلــــى هذا الاساس "أقنع" الرئيس دياب الوزراء في حكومته بضرورة العمل من دون التأثر بالحملات الاعلامية التي تنطلق من ابواب المعارضة، ولا بتصريحات المعارضين لأنها ستبقى من دون صدى!.

 الا أن هذا الشعور الذي يتملك الرئيس دياب لجهة احباطه كل "الانقلابات" التي تم تحضيرها ضد حكومته لا يعني أن الرجل مرتاح البال ذلك أن من يعرفه يقول إن دياب يعيش حالياً على امل تحقيق خرق جدي في المراوحة القائمة لكنه يفاجأ احياناً بمعارك ليست في البال فيسارع الى مواجهتها وإن لم يكن متيقناً بنجاحه في المواجهة، لكنه لا يمكنه أن يبقى مكتوف الايدي حيال استهدافه دائماً. اما لماذا امكن لحكومة دياب أن تصمد في وجه الخصوم – ومنهم من اهل البيت- فلذلك اكثر من سبب يتصل مباشرة بالاوضاع التي يرزح لبنان تحت عبئها من جهة، وبروز إرادة خارجية أوصت بعدم المغامرة في الوضع الحكومي في الوقت الراهن لأن الظروف الاقليمية والدولية لا تسمح باي "لعبة" تطيح بالحالة الراهنـــة في لبنان وتزيد من تعقيدات الموقف.

 

 المتابعون لمسار الوضع الراهن يؤكدون أنه على الصعيد الداخلي لا توجد اي دلائل بامكانية اسقاط الحكومة وإن كانت اسباب الاسقاط كثيرة، فالمعارضة غير موحدة الصفوف والاهداف، ولا هي قادرة أن تقدم البديل في الظرف الراهن ولم تتمكن من تكوين جبهة معارضة تعمل في السياسة وعلى الارض لتحقيق مكسب على الحكومة، وهذا واضح من خلال المواقف المعلنة وغير المعلنة للسياسيين الذين يكثرون من الانتقاد، وعندما تصل المسألة الى استحقاق "اسقاط" الحكومة، ترتفع اصوات في المعارضة أن الظرف غير مناسب، وأن البديل غير متوافر، وأن الافضل أن تستمر الحكومة على علاتها.... في المقابل يعمل الموالون على المحافظة على الحكومة وإن كان بعضهم- مثل "التيار الوطني الحر"- ينتقد من حين الى آخر اداء الحكومة "الباهت" و"البطيء"، ويبحث عن خطة استراتيجية للعمل الحكومي فلا يجد. والموالون على قناعة بأن امكانية الاتيان بحكومة جديدة في المرحلة الحاضرة لن يكون سهلاً لأن شروط المعارضة ليست سهلة وهي- اي المعارضة- سترفع سقف مطلبها الى حد التعجيز ما يجعل من الافضل تجاهل هذه المطالب والاحتفاظ بالحكومة الحالية وعدم الدخول في مغامرة مجهولة المصير. لذلك يتحمل الموالون الاخطاء التي يرتكبها الوزراء بمن فيهم الوزراء الذين يمثلونهم في مقابل عدم القدرة على تحمل شروط المعارضين للقبول في الدخول في تركيبة حكومية جديدة قد يكون من الصعب التوصل الى اتفاق حولها في مدى قريب.

 

"حلحلة حكومية"

 لقد تلمس الرئيس دياب "حلحلة" حيال الوضع الحكومي تمثلت بالحد من الحصار الذي كان مفروضاً على حكومته من خلال معاودة الديبلوماسيين الى زيارته في السرايا، وإن كانت هذه الزيارات قليلة وبعضها لا اهمية له. كذلك تلقى اشارات دعم خارجية سواء من الموقف الفرنسي الذي عبر عنه وزير الخارجية "جان ايف لودريان"، او السفيرة الاميركية في بيروت "دوروثي شيا" بعد الزيارة التي قامت بها وغداء العمل الذي جمعها مع الرئيس دياب في السرايا، فضلاً عن تبديل في "لغة" بعض الديبلوماسيين والسياسيين على حد سواء.

 ولعل الابرز في هذا السياق ما نقل عن السفيرة "شيا" من أن بلادها لا تريد معاقبة لبنان وهي تقدر ظروفه وتبدي مرونة في تجاوبها مع الاستثناءات التي تطلبها الحكومة وتلح في طلب إعداد لائحة بهذه الاستثناءات للنظر فيها مع وجود رغبة اميركية في التجاوب مع الطلب اللبناني اذا كان "ضمن المعقول" ... كذلك ألمحت السفيرة الاميركية الى وجود نية لدى واشنطن بمعاودة وساطتها بين لبنان واسرائيل لترسيم الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة المتداخلة بين البلدين بعدما "تفهمت" ملاحظات الجانب اللبناني. كذلك "ارتاح" الرئيس دياب لحركة السفراء الاجانب لاسيما سفراء الدول الاوروبية وفي مقدمهم السفير الفرنسي، الذين يسعون لتحريك ملف الاصلاحات المالية والادارية التي يجب أن تتلازم مع السعي الدائم لتعزيز الاستقرار الامني في البلاد. ومثل هذا الاهتمام الديبلوماسي، والاوروبي خصوصاً يدل على أن " المظلة" الدولية لا تزال مفتوحة فوق لبنان وستبقى كذلك للمساعدة في اخراجه من الازمة الخطيرة التي يعيش فيها والتي جعلته على حافة الانهيار.

 أما من الخارج، فالمشهد عند الرئيس دياب "مشجع" بدليل ما يصدر من مواقف عربية واقليمية ودولية كان آخرها ما لمسه الموفد الرئاسي المدير العام  للامن العام اللواء عباس ابراهيم خلال زيارته للكويت من اهتمام ورغبة في المساعدة على تجاوز المحنة اللبنانية. اضافة الى اشارات اخرى من دولة قطر مع حديث يتنامى عن زيارة لمسؤول قطري رفيع الى بيروت خلال الايام القليلة المقبلة. صحيح أن المملكة العربية السعودية لا تزال "مسكرة" على الرئيس دياب وسفيرها في بيروت وليد البخاري لا يزور السرايا ابداً بل يكثر من استقبال خصوم الحكومة ومعارضيها، لكن التجاوب الكويتي والقطري في مساعدة لبنان يمكن أن يحدث ثغرة في الجدار الخليجي الصلب الذي وضع في وجه الحكومة. اما على الصعيد الدولي فإن المعطيات المشجعة التي عاد بها وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي من زيارته الى روما والفاتيكان، وخصوصاً ما سمعه من المسؤولين الايطاليين لجهة استمرار الدعم الايطالي للبنان ورفض اي تغيير في واقع القوات الدولية العاملة في الجنوب، ولا من حيث المهام ولا من حيث الموازنة، دلت على أن لبنان ليس متروكاً كلياً كما ظهر في وقت من الاوقات، بل أن العناية الدولية لا تزال موجودة وإن بنسبة متفاوتة عما كانت عليه في السابق.

 

 علماً أن المخاوف الدولية من حصول تعثر يعيق انطلاق العملية الاصلاحية لا تزال ماثلة امام العيان ما يدفع بالمسؤولين الدوليين الذين يتابعون دقة الوضع اللبناني الى الاكثار من النصائح بضرورة الاسراع في تحقيق الاصلاحات والتجاوب مع ملاحظات المجتمع الدولي من اجل تشجيع دولي على معاودة مساعدة لبنان وتمكينه من تجاوز محنته القاسية.

أدلة استقلالية دياب

 في المقابل، ترى مصادر سياسية متابعة أن "تفاؤل الرئيس دياب بابتعاد الكأس المرة عن حكومته قد لا يستمر طويلاً اذا لم تحصل تطورات ايجابية تواكب الاهتمام الدولي الخجول الذي تجدد في الآونة الاخيرة، على رغم اسماع رئيس الحكومة زواره من الديبلوماسيين أنه غير محسوب على حزب الله كي تقفل الابواب في وجهه، وهو الذي تولى التدريس في الجامعة الاميركية في بيروت لمدة 30 عاماً وشغل منصب نائب الرئيس فيها لمدة 15 عاماً وساهم في تأسيس جامعات اميركية في عدد من الدول العربية والافريقية، وجاهر في اكثر من مناسبة برفض زج لبنان في الصراعات الاقليمية وهو يعني من ضمن من يعنيهم حزب الله وطهران ما يثبت استقلاليته. وفي مواجهة الساعين لاسقاط الحكومة يقول الرئيس دياب امام زواره في السرايا إنه غير مضطر الى اجراء "فحص دم" كل يوم ليثبت عدم خضوعه الى ايران او الولايات المتحدة، والى "حزب الله" او تيار المستقبل، مصراً على أنه يترأس حكومة اختصاصيين، وأن أحد أبرز عناصر قوته هو تعففه عن اي مصالح مالية او طموحات سياسية، "ولذلك ليس لديه ما يخاف عليه ومنه. الأمر الذي يعزز قدرته على الصمود" وفق تأكيد زواره.

 وضمن سياق الرد على مشروع خنق الحكومة، قرر دياب ايضاً الذهاب بعيداً في الانفتاح الاقتصادي على الصين والعراق، حيث تقدم النقاش معهما ليغوص في تفاصيل التعاون الممكن ومجالاته. وتفيد المعلومات أن تفاهماً مبدئياً انجز مع الوفد الوزاري العراقي الذي زار بيروت اخيراً، وقضى بأن تزود بغداد لبنان بالنفط من دولة الى دولة، وفق سعر ارخص من السائد في السوق، وعلى اساس تأجيل الدفع، كذلك تقرر عدم ربط الملفات بعضها ببعض منعاً لاي تأخير في تنفيذ ما يتفق عليه، اي أن الحصول على النفط العراقي غير مرتبط مباشرة بنتائج البحث في مسألة المنتجات الزراعية التي يمكن مد بغداد بها.

وعلم أن الوفد نقل من رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي رسالة تؤكد الاستعداد لدعم لبنان، مع الاشارة الى أن اللواء عباس ابراهيم أدى دوراً كبيراً خلف الاضواء في تعبيد الطريق بين الحكومتين اللبنانية والعراقية.

 

الحكومة تصيّف!

على اي حال، تؤكد مصادر مراقبة أن الوضع الحومي سيبقى على حاله طوال فصل الصيف ولن يحصل اي تغيير يطاول حكومة الرئيس دياب لأن الاوضاع في المنطقة غامضة وكل شيء فيها مجمّد في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ذلك أن اي تغيير اساسي في منطقة الشرق الاوسط لا يمكن حصوله في هذه الفترة حيث الرئيس الاميركي "ترامب" منشغل مع فريق عمله في الشؤون الداخلية الاميركية ولا وقت له لمتابعة التطورات الدولية. فضلاً عن أن اي تغيير اساسي في لبنان لن يتحقق وسط هذه الاجواء لأن ما يجري في الداخل اللبناني له ارتدادات على دول الجوار، والعكس بالعكس. لذلك لا ترى هذه المصادر اي تبديل في الاستحقاق الحكومي في الوقت الراهن، والامور مرتبطة بمرحلة ما بعد الانتخابات الاميركية، وقد يكون هذا العامل، هو الذي دفع بالدول الى اعادة بسط "مظلتها" الواقية فوق لبنان اقله في المرحلة الراهنة. لكن ذلك لا يعني- وفق المصادر نفسها- الا يجعل بعض التعديل في التركيبة الحكومية يطاول عدداً محدوداً من الوزراء والوزيرات الذين لا بد من تبديلهم بعدما صاروا عبئاً على هذه الحكومة يورطونها مع رئيسها في مسائل تدل عن عدم معرفتهم في كيفية ادارة شؤون الدولة ولا التعاطي مع الاوضاع العامة وموجباتها!.