تفاصيل الخبر

ضياء ”تيريزا ماي“ في ظلام ”مارغريت تاتشر“!

09/06/2017
ضياء ”تيريزا ماي“ في ظلام ”مارغريت تاتشر“!

ضياء ”تيريزا ماي“ في ظلام ”مارغريت تاتشر“!

بقلم وليد عوض

theresa-may

في البدء <ونستون تشرشل> قبطان الحرب العالمية الثانية وصاحب الصرخة العسكرية الشهيرة <اغرقوا البيسمارك> إشارة الى بارجة <البيسمارك> الألمانية التي نشرت الأضرار في طول الساحل البريطاني، ثم <مارغريت تاتشر> التي جعلت حكم المرأة في انكلترا تاريخاً وتراثاً خصوصاً بعد انتصارها في حرب جزر <الفوكلاند> والآن رئيسة وزراء انكلترا <تيريزا ماي> التي أعلنت الحرب على الارهاب، وتحايلت على الامساك به من كافة الأطراف.

وحين يطفو على سطح الأحداث اسم <تيريزا ماي> لا يملك المواطن العربي إلا أن يتذكر ماضي الانكليز في هذا الشرق. ولا يملك المواطن اللبناني إلا استذكار المندوب البريطاني في لبنان <ادوارد سبيرز> الذي جعل لنفسه حصة في زوال الانتداب الفرنسي، والهيمنة الانكليزية. كما يستذكر المواطن اللبناني نفسه انبلاج ثورة 1958 في العراق، خلال تموز (يوليو) 1958، وكيف بادر العميد عبد العزيز الأحدب قائد منطقة بيروت الى رص صف الجيش اللبناني على شاطئ الأوزاعي، وتصويب مدافع الجيش صوب البحر، مما حمل الرئيس اللبناني فؤاد شهاب مصحوباً بالعميد ريمون إده على زيارة الموقع، وإمساك الرئيس شهاب بكتف العميد عزيز الأحدب قائلاً: <اسمع يا جنرال.. طول مدفعك العسكري لا يزيد عن عشرة سنتمترات، فيما طول مدفع الجيش البريطاني يزيد على عشرين سنتمتراً، فأين التكافؤ>؟

وهيمنة الانكليز على مقدرات لبنان بعد العام 1958 تذكر اللبنانيين كذلك بصالون السيدة مود فرج الله سيدة الصالون السياسي في زمانها، وفيه كانت تستقبل الزعماء وقادة السياسة والقرار.

وفي صالون هذه المرأة عند منطقة زقاق البلاط كان المندوب البريطاني. <ادوارد سبيرز> يعقد الصفقات السياسية، وقد جمعتني به، وأنا في شرخ حياتي الصحافية في هذا الصالون مجلس كان يضم الرئيس سامي الصلح الذي لم يكن في البداية يرحب بوجود صحافي في هذا المجلس، ثم ارتاح إليّ شيئاً فشيئاً، وقال لي:

ــ شوف بابا.. إذا أردت أن تكون صحافياً وكفى، فلن يرتاح أهل المجلس إليك، أما إذا كنت تريد أن تكون رجل فكر خارج أية مصلحة مهنية، فيرحبون بك وأنا أولهم!

وصمت سامي بك للحظات، ثم تطلع إلي قائلاً:

ــ أيهما اخترت بابا؟!

قلت ضاحكاً: آخذ من هذا قطعة ومن ذاك قطعة.. وأتمم واجبي!

وعندما غادرت مع سامي بك مجلس مود فرج الله، وأردت أن أجلس قرب سائق سيارته، رفع يده وقال:

ــ لا.. بابا.. رجل الفكر لا يجلس إلا في صدر السيارة.. تفضل الى هنا.

يومئذ لم تكن سن ابن العشرين تسمح بأن يلتقي الجنرال <سبيرز> فكنت أحفظ أخباره بالسمع، لا بالمعاشرة.

وعندما تسلم الانكليز تركة الانتداب الفرنسي مطلع الأربعينات، كنت أتردد مع والدي في طرابلس على مقهى <مارييت باشا> ملتقى أهل السياسة ومنهم كبار المحامين الذين يرافعون في محاكم طرابلس المقابلة للفندق مثل الشيخ بشارة الخوري وحبيب أبو شهلا وشكري قرداحي، وكنت سعيداً برؤية كل منهم وهو يمشط شعره أمام المرآة المستديرة، ولم يكن يدور في خلدي أن أصبح صحافياً سياسياً أحضر مجالس العظماء دون أن أعاشرهم..

ذكريات أثارتها شخصية <تيريزا ماي> وهي تجدد صبا اجراءاتها ضد الارهاب، بعد حوادث جسر لندن ومنطقة <مانشستر>. وحلمنا أن تكون <ماي> المرأة القوية مثل <مارغريت تاتشر>!

إنه استذكار لصالون مود فرج الله ومن قال ان الماضي.. يموت ويندحر؟