تفاصيل الخبر

دروس رفيق الحريري!

17/02/2017
دروس رفيق الحريري!

دروس رفيق الحريري!

 

بقلم وليد عوض

Banat00001-aaa0000200018

اثنا عشر عاماً مرت على استشهاد رئيس الوزراء السابق والزعيم الوطني رفيق الحريري، وهو لا يزال بيننا، ونتلفت يمنة ويساراً علنا نجد من نستأنس به في غمرة غياب الحريري الأب.

استشهد رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما قبل أن يشقوا طريقهم في الحياة كباقي الناس. لكن اسم كل منهم ما زال حياً بيننا، واستمر أقوى من الموت. فالانسان يموت جسداً ولا يموت روحاً ولا مثالاً يحتذى. وخلال اثني عشر عاماً لم تستطع المحكمة العليا من أجل لبنان في هولندا أن تهتدي الى شخصية القاتل الحقيقي الذي يكمن وراء عدد من الأسماء والوجوه،ولم يخرج الى النور بقرار من محكمة <لاهاي>.

استشهاد رفيق الحريري نشر حالة توعية ضد الارهاب فكراً وجسداً، وخلق مناخاً بين جيل أتعبه النضال وجيل جعل من النضال والاعتدال خبزه اليومي. وقد تجلى في هذا الخبز اليومي مؤسسات بالجملة تحمل اسم رفيق الحريري، بدءاً من جامعة رفيق الحريري في محلة المشرف، ومدرسة رفيق الحريري في حي مار الياس الذي هو واحد من أشهر وأبرز أحياء بيروت، ومطار رفيق الحريري الدولي، وكل من أراد أن يقدم هدية الى الوطن اختار لمؤسسته اسم رفيق الحريري حتى صار الرجل في حجم وطن، بعد هذا الجيل من المتخرجين على نفقته وأصبحوا اليوم قابضين على زمام مفاتيح الوطن.

ومعرفتي بالشيخ رفيق الحريري ترقى الى صيف 1982عندما أطلقت مجلة <الأفكار> من الرياض، ببركة الملك سلمان بن عبد العزيز. قال لي يومئذ بحضور الدكتور صباح الحاج ابن المربي عبد الله الحاج نائب بيروت منتزعاً الفرصة النيابية من الوزير السابق رشيد بيضون:

ــ اسمعني جيداً.. الصحافي الجيد هو الذي يتحرر من نوازعه الشخصية، ويتيح لآراء الآخرين ان تكون جزءاً من عمله الصحفي. فالجريدة وإن كان لها صاحب اسمه على صفحتها الأولى، هي جريدة كل الناس، وكل من يقرؤها يشعر بأن شخصيته وهمومه وهواجسه تحتل كل السطور.

ومنذ العام 1982 ومجلة <الأفكار> تصدر من مبنى مهدي التاجر في شارع كليمنصو، اسم الرجل الذي رسم بقلمه دولة لبنان الكبير وهو الى جانب البطريرك الياس الحويك. والكثيرون من الناس الذين نلتقي بهم في الشارع، أو يحادثوننا في التليفون يسائلوننا: إذا كانت جريدة <السفير>، إحدى روائع الصحافة اليومية قد أقفلت أبوابها، فهل تملك <الأفكار> فرص الاستمرار، والفرص مال قبل كل شيء؟

ما دام في البلد أشخاص من الطينة الخلقية لرفيق الحريري، فمجلة <الأفكار> مستمرة، وما دام في البلد رجال من نوع رفيق الحريري، فالمجلة ليست بحاجة الى جهاز تنفسي بل تكفيها جرعة هواء من لبنان، حتى تقول: أنا هنا ولن أقفل أبوابي.

ذلك هو الدرس الذي تعلمناه من الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والدرس رجال أولاً وأخيراً! والله معنا!