تفاصيل الخبر

”دونالد ترامب“ رئيساً للولايات المتحدة حتى ٢٠٢٤؟!

09/11/2018
”دونالد ترامب“ رئيساً  للولايات المتحدة حتى ٢٠٢٤؟!

”دونالد ترامب“ رئيساً للولايات المتحدة حتى ٢٠٢٤؟!

 

بقلم خالد عوض

لا شك أن الإنتخابات النصفية الأميركية التي أدت إلى فوز الديموقراطيين بالأكثرية في <الكونغرس> بعد ثماني سنوات من سيطرة الجمهوريين، كابوس كبير للرئيس الأميركي <دونالد ترامب>، فهي ستفرمل طريقة عمله التي تفلتت نهائيا مع وجود كونغرس جمهوري إلى جانبه في السنتين الماضيتين، حتى أنها يمكن أن تهدد بقاءه في البيت الأبيض في حالة اتهامه بأنه لا يصلح لأن يكون رئيسا أو محاولة عزله من قبل مجموعة غير قليلة من النواب الديموقراطيين الجدد المتحمسين لهذه الفكرة. ولكن السياسة الأميركية العامة، وخاصة الخارجية، لن تتغير بين ليلة وضحاها، فنقاط الإلتقاء بين الجمهورين والديموقراطيين حول جوهر المسائل الخارجية، رغم الإختلاف الكبير على أسلوب <ترامب>، هي اليوم أكثر من أي وقت مضى. كما أن النظر بتمعن إلى نتائج الإنتخابات يؤكد أن <ترامب> لا زال يحظى بشعبية كبيرة لأن الجمهوريين فازوا في كل المناطق التي زارها الرئيس الأميركي وشحذ فيها انصاره ليصوتوا لنواب حزبه.

 

الأولويات الأميركية محض داخلية!

يرجع المحللون خسارة الجمهوريين في المجلس النيابي أولا إلى مسألة الرعاية الصحية التي كانت أهم شاغل للأميركيين، فالرئيس الأميركي ألغى ما كان يسمى بـ<اوباما كير> أو معظم أجزائها من دون أن يعرض بديلا أفضل، وألغى بذلك الكثير من الامتيازات الصحية التي كان أكثر من ١٨ مليون أميركي يحصلون عليها. الأمر الثاني الذي أثر على الناخبين هو موضوع الهجرة، فطريقة الرئيس الأميركي القاسية في التعامل معها مثل تفرقة الأولاد عن أهاليهم على الحدود الأميركية لم تعجب الكثيرين وخاصة ذوي الأصول اللاتينية. الأمر الثالث المؤثر والذي أنقذ ماء الوجه بالنسبة للرئيس الأميركي كان الاقتصاد، وهنا صبت الأرقام لصالح <ترامب> والجمهوريين وساعدت في أن يحتفظوا بالأكثرية في مجلس الشيوخ. لم تكن قضية التجارة مع الصين أو الرسوم الجمركية في بال الناخبين ولا مسألة العقوبات على إيران ولا أي أمر يتعلق بالسياسة الخارجية. الهم الرئيس كان داخليا وسيبقى كذلك عند الأميركيين ونوابهم الجدد. وأول ما سيفعله الديمقراطيون في <الكونغرس> هو الضغط على الرئيس لإعادة امتيازات <اوباما كير> وتخفيف القيود العشوائية على الهجرة. أما في المفاوضات مع الصين أو في مسألة الشرق الأوسط فمن الأرجح أن تظل للرئيس الأميركي الحرية شبه المطلقة في التحرك، على الأقل في الستة شهور بل السنة المقبلة.

 

الخروج من الشرق الأوسط... بالعقوبات!

هناك إعتقاد عند الأميركيين يكاد يصبح إجماعا شعبيا وسياسيا حول الشرق الأوسط: <انها منطقة جنون وأحقاد يجب الإبتعاد عنها أو في أحسن الأحوال الاستفادة منها ماليا من دون المجازفة العسكرية أو السياسية>. كانت هذه الأفكار ركيزة استراتيجية الرئيس السابق <باراك اوباما>، ولكن <ترامب> عاد للانغماس فيها طمعا بالعقود التجارية وإرضاء لإسرائيل. مع وجود أكثرية ديموقراطية في مجلس النواب الأميركي ستعود نغمة <الهروب من وحول الشرق الأوسط> إلى الظهور، ولكن المقلق هذه المرة أنها يمكن أن تقرن بسياسة أكثر تشددا في مسألة العقوبات الاقتصادية، وهنا مكمن الخوف لأن العقوبات لن توفر أحدا ويمكن أن تطال حتى من هم مصنفون في خانة الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة أو حتى الدول الصغيرة المغلوب على أمرها مثل لبنان. هذا الأمر هو موضوع إلتقاء بين الرئيس الأميركي وتوجه <الكونغرس> الجديد وغطاء اللوبي اليهودي، ولذلك يجب التحسب جيدا أن الرياح الأميركية الجديدة من خلال الإنتخابات النصفية يمكن أن تكون حارة جدا بل خانقة على المنطقة.

أفق اقتصادي أميركي جديد!    

كل المؤشرات تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي مستمر على نموه القوي عام ٢٠١٩ ولا تبدو عليه أي معالم ضعف. نسبة البطالة عند 3.7 بالمئة وهو أقل مستوى لها منذ خمسين عاما. النمو الاقتصادي أعلى من ٣ بالمئة وإذا إستمر على هذا المنوال في العام المقبل فستكون الولايات المتحدة في فترة ذهبية لم تشهد مثلها منذ الحرب العالمية الثانية أي منذ أكثر من ٧٠ سنة، مما يعني أن سنوات <ترامب> ستكون أفضل من سنوات <رونالد ريغان> و<بيل كلينتون> التي كانت استثنائية اقتصاديا بكل المقاييس. هذا يعني أن الفوائد على الدولار ستستمر في الإرتفاع وأن الأسواق الناشئة ستجد صعوبة كبيرة في جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال لأنها ستنافس الأسواق الأميركية الأكثر جاذبية من أي أسواق أخرى. انها مرحلة ذهبية للاقتصاد الأميركي ويبدو أنها ستدوم، والكلام عن أنها نتيجة لسياسات <اوباما> ليس دقيقا لأن هناك زخما اقتصاديا جديدا تولد مع رئاسة <ترامب>.

رغم كل الضوضاء التي واكبت الإنتخابات النصفية الأميركية يمكن الوصول إلى إستنتاج وحيد واضح حتى الآن: حظوظ <ترامب> في تجديد ولايته لا تزال قوية جدا بفعل عاملين: الاقتصاد القوي جدا وغياب المنافس المقنع. إنه عصر <ترامب> بلا منازع ليس لأنه <الرئيس القوي> بل لأنه على رأس أقوى اقتصاد في العالم وهو يسير به إلى مستوى أكثر قوة، والأرقام الاقتصادية تكذب كل المشككين.