تفاصيل الخبر

”دوكين“: ”سيدر“ في خطر وثلاثية إنقاذه إعداد المشاريع وتأمين التمويل وتنفيذ الإصلاحات!

08/03/2019
”دوكين“: ”سيدر“ في خطر وثلاثية إنقاذه  إعداد المشاريع وتأمين التمويل وتنفيذ الإصلاحات!

”دوكين“: ”سيدر“ في خطر وثلاثية إنقاذه إعداد المشاريع وتأمين التمويل وتنفيذ الإصلاحات!

بـ<أمانة مطلقة> عكس المسؤول الفرنسي عن تطبيق مندرجات مؤتمر <سيدر> السفير <بيار دوكين>، قلق بلاده من تأخير الحكومة اللبنانية في الوفاء بالتزاماتها في مؤتمر <سيدر> مع مرور سنة تقريباً على انعقاد المؤتمر في باريس. صحيح أن <دوكين> رفض أمام الإعلام أن يكون وجه <إنذاراً> فرنسياً للحكومة اللبنانية بالقيام بالإصلاحات المطلوبة في <سيدر> في غضون شهرين وإلا فإن التزامات الدول المشاركة ستنتقل الى دول أخرى، لكن الأكيد أن المسؤول الفرنسي كان واضحاً خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين بأن باريس ترى أن حكومة الرئيس سعد الحريري التي رفعت شعار <الى العمل> لا تملك <ترف> إضاعة المزيد من الوقت، بل يجب عليها القيام بالإصلاحات المطلوبة في أسرع وقت ممكن تفادياً لما يمكن أن يتركه التأخير من تداعيات تؤثر سلباً على الغاية من انعقاد <سيدر> من جهة، وعلى استعدادات الدول المشاركة فيه لمساعدة لبنان من جهة أخرى...

أكثر من 72 ساعة أمضاها الموفد الفرنسي في بيروت التقى خلالها العديد من المسؤولين الرسميين والسياسيين، من دون أن يزور قصر بعبدا ليلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كما فعل في زيارتين سابقتين الى العاصمة اللبنانية. في هذه الزيارات حمل السفير <دوكين> الكثير من الأسئلة متطلعاً الى الحصول على أجوبة عليها يعود بها الى باريس لـ<طمأنة> حكومة بلاده أن الأمور أخذت طريقها الى التطبيق في بيروت، وان الحكومة اللبنانية <جادة> في تنفيذ ما وعدت به، وأن التأخير الذي نتج عن تمدد الأزمة الحكومية ثمانية أشهر ونصف الشهر، سوف يعوّض بالمزيد من الجهد للتجاوب عملياً مع رغبة الدول التي اجتمعت في باريس تحت شعار المساعدة في عملية النهوض الاقتصادي في لبنان للحد من التراجع الذي بات ينذر بمضاعفات سلبية لن تقوى حكومة الرئيس سعد الحريري الثانية في عهد الرئيس عون على التصدي لها.

 

<كلام كبير> قيل بديبلوماسية!

 

<كلام كبير> قاله السفير <دوكين> لمحديثه اللبنانيين غلّفه بعبارات ديبلوماسية لم تخفِ حدته من حين الى آخر لاسيما مع  الوزراء الجدد الذين التقاهم للمرة الأولى وهو لم يكن يعرفهم، للتدليل على <تحفظات> حكومة بلاده على <الإخفاقات> التي لم تكن متوقعة في أداء الحكومة اللبنانية ما أدى الى ارتفاع العجز في الموازنة السنة الماضية، إضافة الى غياب أي تدبير من شأنه <طمأنة> الشركاء في <سيدر> من أن أي انفاق سيقدمونه في لبنان لن يذهب هدراً كما حصل خلال الأشهر الماضية. تحدث <دوكين> عن أمور كثيرة بدا ملماً بها إلماماً كبيراً لاسيما في مسألة الكهرباء التي دعا الى الإسراع في تشكيل هيئتها الناظمة <بجرأة وموضوعية>، ولرفع الإنتاجية لاسيما وأن لا استثمارات جديدة ستأتي الى لبنان إذا لم تكن الكهرباء مؤمّنة 24 ساعة على 24 ساعة، وأداء المؤسسات والأدارات أكثر حيوية وفاعلية. وحذّر بوضوح أيضاً من عدم حصول <اصلاحات> في الإدارات العامة خصوصاً بعدما بلغت نسبة العجز قياساً الى الناتج المحلي 150 بالمئة، ما يعني أن لبنان يتدرج بسرعة الى شفير الهاوية. وسأل عما فعلته الدولة اللبنانية في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد؟ ولماذا ألغيت وزارة الدولة التي استحدثت في الحكومة السابقة، افتقد <دوكين> في حواراته مع المسؤولين اللبنانيين <الحكومة الالكترونية> التي قيل له العام الماضي انها باتت <على السكة> لأنه يرى فيها وسيلة أساسية للتخفيف من حجم الفساد الموجود على <المستوى الصغير>، علماً أن عملية مكافحة الفساد على المستوى الأعلى تتطلّب معالجات جذرية يمكن أن تنفذ تدريجاً لاستحالة تنفيذها دفعة واحدة في بلد مثل لبنان.

لقد بدا السفير <دوكين> حريصاً على إيصال رسائله التحذيرية الى اللبنانيين بأن <سيدر> في خطر. قالها بأسلوب غير مباشر نافياً توجيه إنذارات مباشرة، وإن كان محتوى كلامه لم يخلُ من مثل هذه الإشارات بأن تحقيق بعض الإنجازات يجب أن يتم بسرعة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، بحيث لا يحل فصل الصيف إلا ويكون قد تحقق بعض التقدم لاستغلاله في إقناع الشركاء في <سيدر> بأن النظرة الحكومية اللبنانية تبدّلت، وأن الأداء الرسمي أصبح أكثر انسجاماً مع <روحية> ما دار من أحاديث ومقترحات في باريس العام الماضي، وأن الأشهر المقبلة ستكون شاهدة على عزم الحكومة اللبنانية الوفاء بالتزاماتها. قال <دوكين> لمحدثيه إن الأشهر التسعة التي <ضاعت> من عمر لبنان كان يمكن أن يتحقق فيها الكثير، لكنه <تفهّم> الظروف السياسية التي حالت دون تحقيق ما وعدت به حكومة الرئيس سعد الحريري التي انتهى عملها مع حصول الانتخابات النيابية لتحل مكانها حكومة نالت ثقة 111 نواب، ما يعني أن المزيد من التأخير يعني، حسب مفهومه، المزيد من الانهيار والكثير من التردد الدولي لمساعدة لبنان.

 

<ماكرون> آتٍ... لكنه يفضل الإنجازات!

 

وإذا كان السفير <دوكين> لم يربط الزيارة المتوقعة للرئيس الفرنسي <إيمانويل ماكرون> للبنان في الربيع المقبل بـ<سيدر>، لأنها <مستقلة> عن مسار <سيدر>، إلا أنه أوحى من خلال حديثه أن الرئيس الفرنسي يريد عندما يأتي الى لبنان أن يحمل معه <إنجازات عملية> من وحي ما اتفق عليه في <سيدر> لأنه يريد أن يثبت لشركائه في المؤتمر أن الرهان على قيام لبنان من كبوته لم يكن عملية بناء <قصور الرمل>، خصوصاً أنه لمس من خلال لقاءاته أن ما اتفق عليه في 6 نيسان/ ابريل 2018 في باريس <لا يزال ساري المفعول>، وكذلك الخطوات المرافقة المتوقعة من وضع خطة للبنى التحتية اللبنانية التي هي ايضاً سارية المفعول وأن البرنامج الذي وضعته الحكومة اللبنانية في حينه <لا يزال صالحاً>، إضافة الى التمويل المرتبط بهذا البرنامج والذي يبلغ 11,1 مليار دولار أميركي، وكذلك الاصلاحات اللازمة على المستوى القطاعي من أجل الحصول على الاستثمارات، فضلاً عن الإصلاحات الماكرو - اقتصادية تبعاً للوضع الاقتصادي في البلاد. لقد قرأ السفير <دوكين> في البيان الوزاري لحكومة <الى العمل> ترجمة فعلية لما اتفق عليه المجتمعون في باريس، وبدا مرتاحاً عندما علم أن القوى السياسية اللبنانية متفقة هذه المرة على السير قدماً في ثلاثية <المشاريع والتمويل والإصلاحات> خصوصاً بعدما تقرّ الموازنة التي اعتبرها اساسية لإطلاق مسيرة <سيدر> في المجالات المحددة.

 

هذه هي الشروط!

ولأن الموفد الفرنسي معروف بدقته ووضوحه - كما يقول أحد الوزراء الجدد الذين اجتمع بهم - فإنه أودع الجانب اللبناني مطالب بدت وكأنها عملية <الشروط الفرنسية> لتنفيذ <سيدر>، وتتلخص بالآتي: تشكيل الهيئات الناظمة 3 قطاعات هي الطاقة، الاتصالات، الطيران المدني، وإعطاء مجلس الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص الوسائل اللازمة للقيام بالعمل على نحو يمكّن من تطبيق قانون ايلول 2017 المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص. ولم تغب عن باله وهو يودّع المسؤولين <توصياته> ضرورة اتخاذ <قرارات صعبة> ورد ذكرها بشكل عام في البيان الوزاري لخفض العجز في الموازنة على نحو لا يقل عن 1 بالمئة، ودمج خفض النفقات والعجز العام ليس بطريقة <تكسر> الاقتصاد ولكن بطريقة تؤكد وجود إرادة بعدم السماح بانزلاق الحسابات العامة لاسيما وأن نسبة العجز قياساً الى الناتج القومي المحلي هي 150 بالمئة. أما قطاع الكهرباء، <الذي هو علة العلل في لبنان>، فقد أوصى <دوكين> الحكومة بوجوب إصلاحه كي تصبح الكهرباء 24/24 ساعة لأن الاستثمارات تأتي مع وجود تيار كهربائي مستدام، مع ضرورة ملاءمة التعرفة مع السعر الحقيقي للكهرباء، فضلاً عن رفع الانتاجية. وظل <هاجس> مكافحة الفساد يسكن السفير <دوكين> لأن تحقيق أي تقدم في هذا المجال يعني المزيد من الاستثمارات في المشاريع التي قاربت من 280 مشروعاً أقرها <سيدر>، وهي مشاريع مفيدة للاقتصاد اللبناني، نافياً في الوقت نفسه أن يكون قد <فرض> على الحكومة اللبنانية اعتماد الخصخصة كحل وحيد للخروج من النفق، لافتاً الى أن هذا الخيار يعود للحكومة اللبنانية السيدة في قراراتها وفي تفعيل القطاع العام في البلاد.

سلّم <دوكين> <وصاياه> الى المسؤولين اللبنانيين، وقال كلمته ومشى الى باريس حيث سينتظر تجاوب الحكومة اللبنانية، ولسان حاله يقول <إن غداً لناظره قريب>!