تفاصيل الخبر

دمشق تغيب عن القمة بقرار عربي وليس لبنانياً لكن اللقاء قد يفتح الباب أمام العودة!

21/12/2018
دمشق تغيب عن القمة بقرار عربي وليس لبنانياً  لكن اللقاء قد يفتح الباب أمام العودة!

دمشق تغيب عن القمة بقرار عربي وليس لبنانياً لكن اللقاء قد يفتح الباب أمام العودة!

منذ أن أُعلن عن استضافة لبنان للدورة الرابعة من القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية، تحرّكت جهات معينة لطرح إشكالية دعوة سوريا الى حضور هذه القمة في بيروت نظراً للعلاقات اللبنانية - السورية القديمة العهد من جهة، ولكون لبنان يمارس من خلال دعوة سوريا سيادته على أرضه وسياسته الخارجية من جهة ثانية. وانضم الرئيس نبيه بري الى الدعوات المعلنة لضرورة حضور سوريا القمة في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل طارحاً سلسلة تساؤلات عن أسباب عدم توجيه الدعوة الى الرئيس السوري بشار الأسد، على رغم أن العلاقات ليست مقطوعة مع سوريا، ونستجر منها الطاقة الكهربائية، ونتبادل حركة التصدير والاستيراد، وننسق مع الأجهزة الأمنية السورية في إعادة النازحين السوريين طوعاً الى المناطق الآمنة التي لم تعد تشهد قتالاً.

ولا يغيب حلفاء سوريا في لبنان عن <جوقة> الداعين الى مشاركة سوريا في القمة العربية الاقتصادية منطلقين من أن قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا اتخذ في ظروف مختلفة عما هي عليه الآن، لاسيما مع سعي دول عربية، احداها دولة خليجية - لإعادة فتح سفاراتها في العاصمة السورية، ومع عودة التواصل السياسي والأمني والمخابراتي بين دمشق وعدد من العواصم الأوروبية والآسيوية وغيرها... ويضيف هؤلاء ان من مصلحة لبنان مقاربة هذا الملف من زاوية مختلفة مما يتم التداول فيه راهناً، ذلك أن لبنان قادر أن يتذرع أمام الدول العربية بأن استمرار المقاطعة السياسية مع سوريا يضر بالمصالح الحيوية اللبنانية، وهو الذي يبحث عن مخارج لأزماته الاقتصادية، وبوابته الحتمية هي سوريا، ولا بد بالتالي من التنسيق معها وعدم مقاطعته لها. وفيما بلغ الرئيس بري الذروة بإعلانه رفضه المشاركة في أي اجتماع عربي تكون سوريا مغيبة عنه، بدا أن الفريق <الممانع> راغب في جعل <تغييب> سوريا عن القمة عنواناً لموضوع جدلي آخر يختلف حوله اللبنانيون، في محاولة متجددة لخلط الموقف من تشكيل الحكومة الجديدة، بالموقف من دعوة سوريا الى القمة، وهذا ما أوحت به تعليقات سياسية ظهرت الى العلن الأسبوع الماضي ونقلت الملف من مكان الى آخر، ما استوجب تحركاً ظل بعيداً عن الإعلام، لتوضيح الموقف اللبناني الرسمي داخل لبنان وخارجه تحسباً لأية مضاعفات يمكن أن تؤثر سلباً على مسار القمة لاسيما وأن الموعد لم يعد يتجاوز الشهر الواحد.

بيروت تستضيف ولا تدعو!

ومن أبرز خطوات التحرّك، هو الرد الذي أكدته مصادر رسمية حول عدم قدرة لبنان على دعوة سوريا لأن بيروت <تستضيف> القمة، لكن الدعوة هي من جامعة الدول العربية التي تنظم فعاليات القمة في العاصمة اللبنانية وبالتنسيق مع المسؤولين اللبنانيين، وبالتالي فإن <الاستضافة> لا تعطي الحق للدولة المضيفة بتغيير قرارات الجامعة العربية، علماً أن قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية اتخذ في قمة سياسية تعقد عادة في الشهر الثالث من كل سنة، وبالتالي، فإن أي قرار معاكس لا بد أن يتبع الآلية نفسها أي ان تتخذ القمة العربية (السياسية) التي تعقد في شهر آذار/ مارس المقبل في تونس قراراً بإلغاء تعليق العضوية. هذا من حيث الشكل، أما من حيث الأساس فلن يكون سهلاً على لبنان أن يخالف القرار العربي وأن يوجه الدعوة الى الرئيس السوري. وتضيف المصادر الرسمية انه لا يمكن أن يزايد أحد على فريق رئيس الجمهورية، من وزراء ونواب، في مسألة الانفتاح على سوريا، على رغم ما كان وزير الخارجية جبران باسيل قد اعلنه لجهة ضرورة وضع <بلاطة> على صخور نهر الكلب تؤرخ لتاريخ الانسحاب السوري من لبنان، الى جانب <البلاطة> التي تسجل انسحاب الإسرائيليين من الجنوب في أيار/ مايو من العام 2000، ذلك أن الاتصالات بين قصر بعبدا والقصر الرئاسي السوري لم تنقطع يوماً، وتبادل وجهات النظر حول التطورات الأمنية والسياسية عملية دائمة خصوصاً في الظروف الصعبة. الا ان ذلك لا يعني ان يخالف لبنان قراراً عربياً متخذاً على أعلى مستوى، مع معرفة المسؤولين فيه انه سيقع في مأزق كبير إذا ما غامر وتجاهل القرار العربي بتعليق عضوية سوريا، لأن مثل هذه <المغامرة> ستكون مكلفة إذ سيقوم المحور العربي المناوئ للنظام السوري بالرد على لبنان ومقاطعة القمة ما سيؤدي حتماً الى تعطيل انعقادها وإحباطها تماماً، وبعد ذلك سيتم تحميل لبنان مسؤولية فشل القمة، وستتراجع علاقات لبنان مع دول هذا المحور، على رغم أن الحاجة الى هذه الدول كبيرة لاسيما في إطار متابعة قرارات وتوصيات مؤتمر <سيدر>.

سياسة النأي بالنفس... حاضرة!

وفي تقدير المصادر نفسها ان لبنان الذي اعتمد سياسة النأي بالنفس لدى التصويت على قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، لا يمكنه أن يخالف هذه السياسة ويعيد إدخال نفسه في الخلافات العربية - العربية بعدما نجح في الابتعاد عنها، وإن كانت حصلت <خروقات> لهذه السياسة المعلنة، واستطراداً فإن من مصلحته أن يتذرع مجدداً بـ<النأي بالنفس> لعدم مخالفة قرار الجامعة العربية الذي كانت له انعكاسات على مجالات أخرى لاسيما على صعيد التعاون بين البلدين. لذلك ترى المصادر أن الجانب السوري <يتفهّم> الموقف اللبناني في هذه الظروف الضاغطة على لبنان، <ويقدر> خصوصاً أن توجيه الدعوة قد لا يعني بالضرورة الحضور، ذلك أن ثمة قراراً اتخذته القيادة السورية بمقاطعة الجامعة العربية بعد قرار تعليق عضويتها، كردة فعل على السياسة العربية التي كانت سائدة آنذاك. وعليه، فإن دمشق لن تضغط مباشرة على حلفائها في لبنان للتمسك بالدعوة الى القمة، لأن القرار السوري بمقاطعة اجتماعات جامعة الدول العربية على أي مستوى كان، لا يزال ساري المفعول... ويقدر المسؤولون السوريون - كما تقول المصادر نفسها - الجهد الذي بذله لبنان الرسمي مع عدد من الدول العربية صاحبة النفوذ والتأثير في مسار القرار العربي بهدف العودة عن قرار تعليق العضوية، إلا أن هذه الجهود لم تعطِ ثماراً ايجابية على المستوى العربي ككل، وإن كانت أعطت هذه الثمار على صعيد العلاقة بين البلدين. وثمة من يرى في دمشق - حسب المصادر الرسمية - أنه من المستحيل أن يوجه لبنان الدعوة وعلى رأس حكومته الرئيس سعد الحريري الذي يقاطع النظام السوري منذ بداية الأحداث في العام 2011، ولا يزال يتخذ مواقف صلبة من ملف العلاقات اللبنانية - السورية، رغم إعلانه في أكثر من مرة انه على علم بالاتصالات التي يجريها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مع الجانب السوري للبحث في عدد من المواضيع التي يغلب عليها الطابع الأمني!

في أي حال، سوريا لن تحضر القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية عند انعقادها في 19 و20 كانون الثاني/ يناير المقبل في الواجهة البحرية لبيروت، لكن <ملائكتها> ستكون حاضرة حتماً من خلال شخصيات لبنانية في موقع المسؤولين تشارك حتماً في القمة، ومن خلال أجواء عربية مشجعة لإعادة وصل ما انقطع مع سوريا، خصوصاً ان ثمة مواضيع عدة يتم التعامل خلالها مع سوريا لأسباب مختلفة. ولا يستبعد المراقبون أن تكون <قمة بيروت> الاقتصادية مفتاح العودة السورية الى الجامعة العربية بمعنى أن المؤتمرين سيدعون الى تحديد موقف من مسألة العلاقة مع سوريا، وقد يكون ذلك هو الباب الذي يلج من خلاله الحل السياسي مع سوريا... وربما الحكومي في آن!