تفاصيل الخبر

دخول أوروبي "قوي" على الساحة اللبنانية و"خارطة طريق" للمساعدة سياسياً واقتصادياً....

16/12/2020
دخول أوروبي "قوي" على الساحة اللبنانية  و"خارطة طريق" للمساعدة سياسياً واقتصادياً....

دخول أوروبي "قوي" على الساحة اللبنانية و"خارطة طريق" للمساعدة سياسياً واقتصادياً....

 

[caption id="attachment_84015" align="alignleft" width="386"] سفير الاتحاد الاوروبي في لبنان رالف طراف[/caption]

 ليس غريباً في بلد مثل لبنان تنشط فيها السفارات العربية والاجنبية، زيادة عن اللزوم، أن تصدر هذه السفارات والبعثات الديبلوماسية بيانات سياسية تتناول فيها شؤوناً داخلية، لكن الغريب أن تتوسع هذه السفارات في "توجيه" المسؤولين في لبنان الى الطرق الواجب اعتمادها لمعالجة قضاياهم الداخلية، من دون أن يرتفع أي صوت يدعو الى وقف التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية او على الاقل لفت انتباه السفراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية الى أنهم تخطوا حدود القيود التي يفرضها اي عمل ديبلوماسي في بلد ما.

آخر مثل حي لهذا الواقع الذي يعيشه لبنان هذه الفترة، كان البيان الذي صدر عن بعثة الاتحاد الاوروبي في بيروت وتناولت فيه شؤون داخلية صرف مع تحديد "خارطة طريق" طلبت البعثة من لبنان اتباعها للوصول الى وضع يمكن للاتحاد الاوروبي من خلاله مساعدة لبنان.  والعودة الى مضمون هذا البيان، تؤكد ان الاتحاد الاوروبي لم يخرج على نحو عام، عن "أدبيات" الدول الاوروبية منفردة لجهة مقاربة ما حصل في 4 آب (اغسطس) الماضي نتيجة الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، والتعاطف الدولي دعماً للشعب اللبناني ولبيروت، والوقوف الى جانب اللبنانيين في محنتهم الجديدة واستمرار تقديم الدعم لتحقيق التعافي، الذي يريده الشعب.

ومن الملاحظات التي يمكن تسجيلها اشارت اليه مصادر ديبلوماسية لجهة تركيز الاتحاد الاوروبي على عدد من القضايا ابرزها الآتي:

أولاً: التأكيد على اهمية اعتماد الشفافية في ايصال المساعدات الدولية المقررة، ودعم اطار الاصلاح والتعافي واعادة الاعمار الذي تم اعداده من اجل اعادة اعمار لبنان افضل مع التأكيد على مبادىء الشفافية والشمولية والمساءلة. وفي هذا السياق اتت اشارة الاتحاد الى المساعدات الملحوظة للبنان والتي يقدمها لاعادة اعمار "لبنان ديمقراطي وشفاف وشامل ومزدهر". الا ان هذا "اللبنان" ربط الاتحاد بالحاجة الى قيام السلطات اللبنانية بتنفيذ الاصلاحات من اجل اعادة بناء ثقة المجتمع الدولي وتهيئة الظروف التي ستجذب الدعم من المستثمرين.

تقديمات "سيدر" حية...

 ثانياً: التذكير بأهمية مؤتمر "سيدر" وبقاء موجباته وتقديماته "حية" شرط تنفيذ السلطات اللبنانية التزاماتها السابقة بما في ذلك تلك التي تم التعهد بها في اطار مؤتمر "سيدر" – 2018 والتي تحظى بدعم مجموعة الدعم الدولية للبنان واعضاء المجتمع الدولي الآخرين. ودعاها ايضا الى "التعجيل في تنفيذ الاصلاحات القائمة على الاتفاقات التي توصل اليها القادة السياسيون في لبنان بعد تفجير 4 آب (اغسطس) 2020 لحل الخلافات السياسية دعماً للاصلاحات يستتبع ذلك خصوصاً اجراء اصلاحات مجدية وعميقة اقتصادية وعلى صعيد الحوكمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وتحسين تقديم الخدمات العامة، ومعالجة مستويات الفقر المتزايدة، والحد من اوجه عدم المساواة، وجعل التمويل العام مستداماً، واستعادة صدقية القطاع المالي، وضمان استقلال القضاء، وضمان احترام حقوق الانسان وسيادة القانون، ومكافحة الفساد وتلبية التطلعات المشروعة التي يعبر عنها الشعب اللبناني سلمياً. والآن الاتحاد الاوروبي على استعداد لدعم الاصلاحات، ولكن لا بد للبنان ان يتولى بنفسه عملية الاصلاح.

 ثالثاً: دعوة الاتحاد الاوروبي الحكومة اللبنانية الى استئناف المحادثات الفاعلة مع صندوق النقد الدولي "في اقرب وقت"، وفي هذه الدعوة - وفقا للمصادر نفسها- تأكيد اوروبي على ان لا حل للازمة الاقتصادية والمالية من دون آلية يعتمدها صندوق النقد الدولي، اي ان المحاولات السابقة التي قامت بها الحكومة للخروج من آلية الصندوق، لم تعد قائمة وان لا خيار للدولة اللبنانية سوى معاودة المحادثات مع صندوق النقد وتنفيذ سلسلة اولويات من ضمنها اعتماد قانون خاص بمراقبة رأس المال "كابيتال كونترول" واجراء تدقيق جنائي سريع وشامل لمصرف لبنان، واتخاذ تدابير لضمان استقرار القطاع المصرفي بشكل طارىء. ويتعين على لبنان ان يأخذ زمام المبادرة في ترتيب اولويات تدابير الحوكمة الرئيسية، بما في ذلك التنظيم الموثوق به لقطاع الكهرباء، وانشاء هيئة لمنع الفساد، ووضع نظام ملائم للمشتريات العامة، وغير ذلك من التدابير التي تكفل ادخال تغييرات ملموسة وضمان الشفافية والمساءلة الكاملتين للشعب اللبناني". وينبغي ان تكون عملية الاصلاح شاملة وان تشرك النساء والشباب والمجتمع المدني والقطاع الخاص لاستعادة ثقة الشعب وان تضمن احترام حقوق الانسان والحريات الاساسية.

شبكات الأمان الاجتماعي....

 رابعاً: اثارة الاتحاد موضوع "المجتمعات الاكثر ضعفاً في لبنان الذي تركز عليه الهيئات الدولية في مراجعاتها للوضع في لبنان لجهة دعم شبكات الامان الاجتماعي والدعوة الى ضمانة استدامة هذه الجهود الاستثنائية وحماية حقوق الانسان وتعزيز النظم الوطنية لتلبية الحاجات الاساسية للسكان.

 خامساً: حدد الاتحاد سياسته في التعاطي مع حكومة الرئيس حسان دياب التي باتت حكومة لتصريف الاعمال، فحضها على العمل بسرعة وبحسم ضمن حدودها الدستورية، لكنه لفت الى انه من غير الممكن تنفيذ البرنامج الذي يحظى بالدعم المطلق من مجلس النواب والذي يتضمن التزامات الاصلاح الدقيقة والتي تتمتع بالصدقية والمحدودة زمنياً والتي تعالج الصعوبات التي يواجهها لبنان بالكامل الا من خلال حكومة قادرة على العمل. ودعا جميع اصحاب المصلحة والقوى السياسية اللبنانية الى دعم التأليف العاجل لحكومة مهمة تتمتع بالصدقية وخاضعة للمساءلة في لبنان قادرة على تنفيذ الاصلاحات اللازمة. ويؤكد الاتحاد ايضاً ضرورة ضمان مشاركة النساء والشباب مشاركة مجدية وفاعلة في كل هذه العمليات.

كما اكد على ضرورة تعزيز المجتمع المدني اللبناني واشراكه بالكامل في جميع عمليات صنع القرار ذات الصلة، وشدد على اهمية القطاع الخاص في اعادة اعمار لبنان.

 سادساً: تجاهل الاتحاد الاوروبي في "خارطة الطريق" التي رسمها للبنان في المرحلة المقبلة، المطلب اللبناني الداعي الى عودة النازحين السوريين الى بلادهم لاسيما في المناطق الامنة، فاكتفى بالثناء على الجهود التي يبذلها لبنان لاستضافة اكثر من مليون نازح سوري الى حين تتوافر ظروف عودتهم الامنة والطوعية والكريمة بما يراعي معايير القانون الدولي الصحية السارية ومبدأ عدم الاعادة القسرية. واعلن الاتحاد انه يفي بالكامل، بما في ذلك من خلال الصندوق الاستئماني الاقليمي للاتحاد الاوروبي للاستجابة للازمة السورية، بالتعهدات التي قطعها في مؤتمرات بروكسيل بشأن دعم مستقبل سوريا والمنطقة، بما في ذلك دورته الرابعة التي عقدت في 30 حزيران 2020، مثنياً ايضاً على الدعم الذي يقدمه لبنان الى اللاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك اولئك الذين فروا من سوريا".

القرار 1559 وملحقاته!

 سابعاً: سجل الاتحاد موقفاً هو الاول من نوعه في موضوع المفاوضات غير المباشرة على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان واسرائيل، مكتفياً بــ"تشجيع" الطرفين على ازالة العقبات واحراز تقدم سريع في هذا الصدد مع مراعاة الانعكاسات الايجابية التي ستترتب على نجاح الطرفين وعلى السلام والاستقرار في المنطقة. ولم يغفل الاتحاد التأكيد على التزامه وحدة لبنان وسيادته واستقلاله وسلامة اراضيه، مطالباً اياه بالتزام لبنان "سياسة النأي بالنفس" عن النزاعات الاقليمية كلها، مع التشديد على الالتزام بالتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الامن الارقام 1559 و1680 و 1701 و 1757. ولم يفت الاتحاد الثناء على دور القوات المسلحة اللبنانية  و"اليونيفيل" في صون السلام والاستقرار في جنوب لبنان، مؤكداً على اهمية تعزيز القدرات التشغيلية للقوات المسلحة اللبنانية، وغيرها من مؤسسات الدولة الامنية والقضائية، بصفتها الجهة الوحيدة التي توفر الاستقرار والنظام والامن في البلاد، مع التزام القانون الدولي وقانون حقوق الانسان....

 في اي حال، بيان الاتحاد الاوروبي، وصفته  مراجع رسمية بأنه "دخول قوي" على الساحة اللبنانية التي لا تريد دول الاتحاد ان تبقى حكراً على دولة اوروبية واحدة، او الى تنامي النفوذ الاميركي من خلال العلاقات المميزة بين القيادتين العسكريتين اللبنانية والاميركية!.