بقلم عبير انطون
أكثر من رسالة ارادت الرسامة الشابة كوليت حداد ايصالها من خلال التحدي الذي رفعته وفازت به عن جدارة، فاستحقت دخول كتاب <غينيس> للارقام القياسية للعام 2015. ابنة الشوف اللبناني الزاخر بالرسامين الموهوبين تضع <لبنانيتها> في المقام الاول، وعبّرت عنه في لوحة رسمتها لمدة اكثر من ساعتين تحت الماء دون توقف. كيف كسرت كوليت الرقم العالمي؟ لماذا؟ الى اية شخصيات سياسية وفنية قدمت رسماتها، وماذا قالوا لها؟
في حديث لـ<الافكار> كافة التفاصيل وسألناها بداية:
ــ عمن اكتسبت موهبة الرسم؟ وكيف نميتها؟
- كانت أمي تحب الرسم في صغرها، اما أنا فقد اكتشفت موهبتي في هذا المجال في عمر الـ14 سنة تقريباً في صف علوم الحياة <Biologie> عندما طلب منا استاذنا رسم قلب مشرح وعضلات جسم الانسان. طوّرت موهبتي لاحقاً في صفوف رسم خاصة مع الرسام سامر الآغا تعلمت خلالها تقنيات الرسم بالزيت على القماش.
ــ لمـــــاذا تأخــــرت في دراستهـــــــــا؟ وهــــــــل يمكن تعلم تقنيات الرسم في سن ليست صغيرة؟
- كنت ارسم للتسلية في اوقات الفراغ وكان لدي الكثير من الهوايات مثل الغناء، التصوير، الرسم على الكمبيوتر والرياضة على انواعها.. لكن شغفي في الرسم كان يزداد يوماً بعد يوم، الى ان قررت إيقاف بعض من هواياتي والتركيز على الرسم. ليس للرسم عمر محدد، ذلك انه نوع من انواع التعبير التي لا تتوقف عند مكان او زمان معينين.
ــ من هم اساتذتك؟ بما تميّزوا؟
- أستاذي سامر الآغا كما سبق وذكرت تميّز بالنسبة لي برسم الوجوه، اختياره للالوان وشغفه بالرسم الذي يتفرغ له ويعطيه كل وقته، اي انه لا يعمل في مجال آخر ليكسب عيشه.
ــ من هم الرسامون اللبنانيون والعالميون الذين تاثرت بهم؟
- مع حفظ الالقاب محليا سامر الآغا، برنار رنّو، سمير ابي راشد وغيرهم، اما عالمياً فيأتي في اول اللائحة كل من <مايكل انجلو> و<كارافاجيو>..
فن المحاسبة..
ــ درست المحاسبـــــة وهي في عالمها بعيدة جـــــداً عــــن الفــــن والرســـــم، اذ انهــــــا لغة الارقام، كيف تجمعين بين العالمين وأيهما تفضلين؟
- من المعروف علمياً ان لنصفي الدماغ وظائف مختلفة، النصف الايسر مسؤول عن التفكير، التحليل، الاستنتاج وغيرها، اما النصف الايمن فمرتبط بالتفكير العاطفي، المعلومات البصرية، الخيال والابداع.. وتتفاوت قدرة نصفي الدماغ لدى كل شخص، اما قدرة عمل نصفي الدماغ لدي فاعتقد بانها متساوية مما يعطيني القدرة على استيعاب الاعمال الحسابية والالكترونية، والتمتع بإحساس مرهف مع التلذذ بالفنون على انواعها في الوقت ذاته. طبعاً أفضل عالم الفن والرسم على عالم الارقام.
ــ تميلين الى الرسم باية مواد؟ ولماذا؟
- اميل الى الرسم بالزيت لمميزاته الجميلة، وخاصة لرسم الوجوه بدقة وإبراز تفاصيل دقيقة بشكل ناعم.
ــ لماذا اخترت رسم الوجوه <البورتريه>؟ كيف تختارينها؟ وهل سنراك يوماً في الرسوم التشكيلية والتعبيرية؟
- كنت أخاف في البداية من فكرة رسم <البورتريه> لكونه يحتاج لدقة عالية، ولكونه يلمس صاحبه سلباً او إيجاباً، ولكن بعد ان تعلّمت تقنية الرسم بالزيت أصبح رسم <البورتريه> يشكل متعة لي. لا أتوقف عند نوع رسم معين وكل مرحلة أو معرض له طابعه الخاص.
ــ مــن هـــي الشخصيات المشهـــــــورة التـــي رسمتها؟ وكيف تختارينها؟
- رسمت غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وزير التربية الياس بوصعب، الوزير السابق زياد بارود، الفنانة الين لحود، الفنانة الراحلة سلوى القطريب، الممثل المصري الاشهر رشدي اباظة، قائد المغاوير السابق شامل روكز، الفنان زكي ناصيف، ملك اسبانيا <فيليبي 6>، الممثل <روبرت دينيرو> وغيرهم..
وأضافت:
- ان اختياري للشخصية يأتي احياناً من باب الصدفة، أو تبعاً لظرف ملائم للالتقاء بها، أو لتقديم لوحتي للشخص المعني وتكريمه، وهناك رسمات جديدة لشخصيات لم أُعلن عنها حتى الآن لكنها سوف تفاجئ الكثيرين، ويمكنكم ان ترصدوها تباعا ًعبر صفحتي على <الفايسبوك Colette’ s paintings>.
ــ هل هناك شخصيات تحفزك على الرسم أكثر من غيرها؟
- نعم هناك شخصيات قدمت الكثير للبنان وهي تستحق التكريم والتقدير، كما أنها تستحـــــــق ان يتعـــــــرف إليهـــــــا الجيل الجديد اذا كانت غائبـــــــة عنا بالجسد لكن أعمالها خالدة.
هدية عمري..
ــ هل قدّمت ما رسمته الى احدى الشخصيات المعروفة؟ وما كانت ابرز ردات الفعل؟
- لقد قدّمت معظم رسماتي، على سبيل المثال رسمة البطريرك موجودة الآن في بكركي وقد أدهشت البطريرك يوم قدمتها له في حفلة تخرج دفعة شبيبة تنشأة بكركي سنة 2015، كان تعريف اللوحة على انها “نسخة عنه..كذلك فإن رسمة الفنانة القديرة الراحلة سلوى القطريب كانت مفاجأة لابنتها الفنانة الين لحود على مسرح <بنت الجبل> وقد صرّحت انها اجمل هدية تلقتها في حياتها.
ــ هل للرسم مواسم تختلف بحسب الأعياد والمناسبات فيُطلب اليك رسم وجوه الأحبة الخ..؟
- طبعاً مثل كل الهدايا يزداد الطلب عليها في المناسبات المختلفة مثل الميلاد، <الفالينتين>، وغيرها.
ــ الرسم عبر الكومبيوتر، هل تحبذينه وهل تقومين به؟
- فيما مضى كنت اقوم بالرسم على برامج الـ< 3D animation> للتسلية، وأهوى صناعة افلام صغيرة مع مؤثرات صوتية، لكنني الآن أفضّل مشاهدتها فقط وإعطاء كل وقت ممكن للرسم على القماش.
ــ هل ثمن لوحاتك مرتفع؟ وكم يتراوح تقريباً؟ وقد عرفنا ايضاً انه طُلب اليك رسم <بورتريهات> لخارج لبنان.
- لا يمكن اعتباره ثمناً مرتفعاً، وهو يختلف بحسب الحجم وصعوبة الرسمة، كما انني آخذ اليوم بالاعتبار الوضع الاقتصادي والمعيشي في البلد، وفي مثل هذه الظروف يزداد الطلب على الرسم بالفحم وليس بالزيت لكونه اقل ثمناً.
وتزيد كوليت قائلة:
- لقد طُلب مني إرسال رسمتين الى لبنانيين مقيمين في الولايات المتحدة الاميركية كهدية في عيد الميلاد، وتأثرت جداً عندما علمت ردة فعل متلقي الهدية اذ كان فرحهم مضاعفاً عند علمهم مصدر الرسمة من وطنهم الأم.
بشهادة.. <غينيس>!
ــ لمع اسمك مؤخراً في كتاب <غينيس>، أخبرينا عن السبب بالتفصيل؟ في اي مكان؟ ماذا رسمت؟ كم استغرق من الوقت؟ ومن رافقك في رحلتك المائية؟
- كما ذكرت سابقاً ان حبي للرسم تحوّل الى شغف، لم يكن هذا السبب الوحيد بل حدث انني سافرت الى روما في ايطاليا للسياحة في صيف 2015 وجلت على العديد من المعارض وأماكن النحت والتراث. كان ذلك جميلاً جداً ولكنني رحت افكر بأن لبنان لديه ايضاً رسامون ونحاتون والكثير من التراث الجميل الذي يميل الى الانقراض نوعاً ما، فقررت ان أعمل على دعم التراث في لبنان، من هنا اتت فكرة <غينيس> كبداية للمسيرة، وأحرزت رقماً قياسياً له ارتباط مباشر بالرسم، وكان الموضوع الرئيسي للوحتي معالم اثرية وتراثية من لبنان، وبذلك أكون قد كسرت الرقم القياسيّ القديم للرسام الدانماركي <جيسبر كيكنبورغ Jesper Kikkenborg>.
وتشرح كوليت بحماسة كبيرة:
- اخترت طابعاً مالياً لاتحكم بمضمون الرسمة فتكون متماسكة ضمن إطار معين. وقد أنجزت الرسمة على قطعة من القماش بلغت مساحتها 6 م2، وذلك فقط خلال ساعتين متتاليتين تحت المياه الباردة، في مسبح <لا مارينا ضبيه - جوزف خوري> < Abyss Lebanese Divers College>، تحت إشراف الغطاسين جيلبير بو عسلي وأفيديس ديميرجيان. وقد جمعت في رسمة الطابع المالي كلاً من الرموز التالية: صخرة الروشة، أعمدة بعلبك، سفينة فينيقية، رقصة الدبكة والعلم اللبناني، فضلاً عن مساحة لبنان 10452 كلم2.
ــ ما الذي جعلك تتحمسين لفكرة تحطيم رقم قياسي عالمي سابق في الرسم تحت الماء؟
- كي أضيء على الفن والتراث في لبنان ولإيصال اسم لبنان الى العالمية بأخبار فنية رغم الوضع السيئ الذي نمر فيه.
ــ هل حضرت لجنة من <غينيس> الى لبنان؟ وكيف تسلمت شهادتك؟
- لم تحضر اللجنة الى مكان الحدث، الا انها طلبت مني ارسال كل الدلائل المطلوبة على <الانترنت>، وتلقيت الشهادة عبر البريد.
ــ هل من تهنئة رسمية لك؟ وهل واكبك الاعلام كما يجب؟
- لم اطلق الحدث على الاعلام الا بعد حصولي على المصادقة من <غينيس> على الانجاز ليكون الخبر رسميا.
ــ هل من فكرة <مجنونة أخرى> تفكرين بها مستقبلاً؟
- لديّ دائماً افكار جديدة، لكنني افضل انتظار الوقت المناسب لها.
ــ على ماذا تعملين حالياً؟ وما هي مشاريعك المقبلة؟
- أعطي حالياً الكثير من الوقت للرياضة والرسم فقط، وسأشارك قريباً جداً في معرض لوحات في جونية برعاية المجلس البلدي من3 لغاية 6 آذار/ مارس الجاري من الساعة 6 حتى 10 مساءً، والدعوة مفتوحة للجميع.
وأضافت قائلة:
- أما بالنسبة للمشاريع المقبلة، فأنا بصدد التحضير لمعرض السيدة العذراء في <جامعة اللويزة> في أول أسبوع من ايار/ مايو المقبل، ومعرض ثانٍ مميز في الصيف سوف أُعلن عنه لاحقاً.
ــ أخيراً، ما هو باختصار مشروعك المتعلق بالتراث اللبناني؟ وكيف تعملين عليه؟
- كمرحلة أولى، أعمل على تكوين فريق من الفنانين المبدعين في عدّة مجالات من نحت، تحف من النحاس، حفر خشب، رسم ايقونات وغيرها، اما المرحلة الثانية فأبقيها مفاجأة لوقت بات قريباً.
وتنهي كوليت خاتمة:
- ان تراثنا اللبناني أجده أمانة بين أيدينا نحن الشباب، وهو جزء من هويتنا وتاريخنا، ما يحتم علينا واجب إحيائه والمحافظة عليه في عالم مليئ بالمتغيرات..