تفاصيل الخبر

دخل الحكم وخرج منه مستقيلاً لأن «السيستام » معطّل!

09/05/2014
دخل الحكم وخرج منه مستقيلاً لأن «السيستام » معطّل!

دخل الحكم وخرج منه مستقيلاً لأن «السيستام » معطّل!

الوزيـــر الســـابق شـــربل نحـــــــاس:  المواطنــــون عــــلى عتبــــة الانفجــــار الكبيـــــر!

 

88-(9)في كل قرار يتخذه يفاجئ وزير العمل السابق شربل نحاس اللبنانيين، مسؤولين وعامة الناس. حين استقال من الحكومة تساءل الناس: هل بقي في البلاد من يبادر الى الاستقالة من جنة الحكم، بينما المئات يلهثون نحو كرسي ولو لأيامٍ قليلة؟. في حواره مع <الأفكار> يفاجئ أيضاً حين يبرئ بالفم الملآن كل السياسيين والمسؤولين من <جريمة> هدر حقوق المواطنين. <مساكين هؤلاء... مش طالع بإيدهم شي>. السلطة في مكان آخر وبأيدي آخرين. يجب فضحهم حتى لا نستمر في <سيستام> معطل، واجهته سياسة وباطنه مالي، مصرفي وعقارات، يحكمون البلاد والعباد، تبدى ذلك بوضوح في الصراع الأخير المتفجر بين <أرباب> المال الذين يجسدون السلطة الفعلية الحاكمة، وبين فئات الموظفين والعمال والمحكومين، المغلوب على أمرهم حتى تمكنت هيئة التنسيق النقابية من تفجير القضية على مصراعيها في الشارع تحت لافتة <حسم سلسلة الرتب والرواتب>.

والأكيد كما يبدو، المشهد حتى الآن، ان الصراع طويل، يقول نحاس <طالما أصرّت القوى المالية النافذة والمتحكمة، على الدفاع عن <سيستام> يوفّر لها مصالحها ويخدم أطماعها بأقل التكاليف>.

والحوار مع شربل نحاس، سياسي، مالي، اجتماعي، انمائي بامتياز، يتشعب لينصب في الأخير غضباً على سلطة فعلية يبدو فيها السياسيون مجرد دمى.. صور متحركة على مسرح يحركها مخرجون مقتدرون مالياً ونفوذاً.

مسكين الرئيس سلام

ــ كثر الكلام في الفترة الأخيرة، ومنذ مباشرة حكومة الرئيس تمام سلام مهماتها الدستورية، عن سلسلة الرتب والرواتب وغيرها من القضاياالاجتماعية الملحة.. ألا ترى فيها عقبات مدبرة امام الحكومة الجديدة؟

- مسكين الرئيس تمام سلام وحكومته!.. دعني أسألك، هل سلسلة الرتب والرواتب قضية طارئة على الحكومة اللبنانية؟ ومثلها القضايا الاجتماعية والحياتية الأخرى. يتخبط لبنان حكومات ومواطنين في هذه الدوامة منذ زمن الاستقلال الى اليوم. السياسيون في الواجهة، وخلف الستار الحكام الفعليين يتحكمون بكل مقومات البلاد، من الطبيعة والأرض الى المؤسسات العامة أعلاها وأدناها. لا رئيس الجمهورية ولا البرلمان ولا الحكومة يملكون زمام أمورهم، حركية البلاد تقوم على مصالح القوى المالية النافذة الممثلة بالمصارف وأصحاب العقارات وتجارها.

ــ معنى ذلك تبرئة السياسيين مما وصلت إليه البلاد من انفجارات اجتماعية؟

- لست في معرض تبرئة أو اتهام.. أعرض القضايا كما هي وكما أراها لأؤكد أن الأمور من موظفين وعمال وجيش وقوى أمن.. بدوري أصرّ على التأكيد أن القوى السياسية والمسؤولين عاجزون عن الواجهة لأنهم لا يملكون وسائل المواجهة. المصارف تستمثمر أموالها الفائضة في إقراض الدولة للحفاظ على مصالحها أولاً وأخيراً. <السيستام> القائم يخدمها، فلماذا تساهم في تقويضه وهي المستفيدة الأولى.

حذار الانفجار الكبير

ــ تعتقد أن الحلول تكمن في تقويض دعائم النظام، <السيستام> القائم؟

- أتطلع الى إصلاح <السيستام> وليس هدم الهيكل على من فيه. لبنان يواجه استحقاقات اجتماعية وحياتية قابلة للتفجير أكثر فأكثر، ما لم يتمكن المسؤولون من وضع حدٍ لها بالحد من سلطة المال المتوحشة. أقرأ المشهد على الشكل الآتي: الانفجار ينزل سريعاً الى الشارع. حركة اعتصامات وإضرابات وتظاهرات نقابية، دعت إليها هيئة التنسيق النقابية، وبدعم ولو بحركة مستحدثة من الاتحاد العمالي العام. إضراب السائقين العموميين، إضراب هيئة التنسيق النقابية للمطالبة بحسم سلسلة الرتب والرواتب، وتحركات المستأجرين القدامى. الأمور قابلة للتصعيد، ولم يعد هناك أي مجال لتطبيق معادلة <لننتظر ونر...>. بات المواطنون على عتبة الانفجار الكبير.

ــ لكن البلاد تواجه استحقاق انتخاب رئيس جمهورية جديد قد يكون الأخطر على مستقبل البلاد؟

- هذه مسؤولية مجلس النواب ولا شأن للحكومة بها. صحيح أن الحكومة <رشت> أخيراً بعض القوانين من هنا وهناك. هذا جلّ ما فعلته. لكن ما زلت أنتظر حتى الآن صدور ولو قانون واحد يساعد المواطنين على تدبير شؤون حياتهم. وهنا أسأل: هل انتخاب رئيس جمهورية أهم من توفير القوانين الملائمة لتحسين حياة المواطنين؟ لا أتهم حكومة الرئيس تمام سلام، إنما كل الحكومات والبرلمانات المتعاقبة. نحن نعيش أزمة <سيستام> محكوم بقوى مالية نافذة تعمل وتؤثر من خارج المشهد. تلك علّة لبنان في كل العهود المتعاقبة. الساحة اللبنانية مكشوفة على حاكم ظاهر يتجسد بالسياسيين، عاجز عن الإصلاح والتصحيح، وحاكم مخفي يدير اللعبة من تحت لتحت، وقادر دائماً على التلاعب بالحركة السياسية طالما يملك سلطة المال.. في كل الأحوال صرت على قناعة أكبر أن صوت الشارع يعلو أكثر بإصرار هيئة التنسيق النقابية على ضرورة حسم سلسلة الرتب والرواتب مهما بلغت التحديات، لن تتراجع ما لم تأخذ اللجنة  الحكومية والنيابية المكلفة بالقضية بزيادة الـ 121 بالمئة.

ــ في كل حواراتك ومواقفك تتحدث عن <سلطة غير ظاهرة> وتؤكد أن بقاءها  علّة النظام اللبناني...

- أنا على قناعـــــة كاملــــــة بمــا أقـــــول وأدعـــــو إليــــه. اختبرت ذلك عـــن قرب مع هــــذه القـــــوة غير الظاهــــــرة التي تــــــدّعي حمايــــــة الاقتصاد الوطني والعملـــــة الوطنيـــــة. جـــــلّ ما تفعله أنها تساهم وبشراسة باستمرار الاقتصاد الوطني داخل مصالحها غير آبهة بمصالح الأكثرية الساحقة من المواطنين. اقتصاد يقوم على استثمارات استهلاكية خاضع للانهيار في أي لحظة. أين هي القطاعات الانتاجية من صناعية وزراعية التي ساهم القطاع المصرفي في تطويرها؟ كل اقتصاد لبنان يقوم على أموال الخليج والاغتراب والمصالح الاستهلاكية الخدّاعة. صرنا وطن المظاهر ليس أكثر. الى أين أوصلنا هذا  <السيستام>؟ ربما تراءى للقوى المالية الحاكمة أن الأمور ستبقى على حالها، وتناست أن لقمة العيش هي السلاح الأقوى في وجه أطماعهم ومصالحهم.

ــ لكن ألا توافقني الرأي أن التجار والمصرفيين من أساسات الاقتصاد الوطني؟

- شرط أن تقوم على أسس اقتصادية سليمة وليس تسلطية، كما هي الحال في الدول الرأسمالية المتطورة. فرنسا أعطتنا دستورها فعملنا على تشويهه من خلال الدفاع عن مصالح قوى المال وليس دفاعاً عن حقوق المواطنين، خصوصاً الفقراء والمتوسطي الدخل. آن الأوان للخروج من هذا المأزق وهذا هو التحدي الكبير أمام هيئة التنسيق النقابية. نقلت الصراع من الكلام والخطب الى الشارع، أي الى العمل الفعلي، انتظرت الهيئة سنتين أو ثلاثاً قبل أن تبادر للعمل الميداني. كانت تأمل بالوصول الى حلول عادلة، لكن أصحاب السلطة الفعلية مصرين على عدم الدفع ولديهم وسائلهم وأسلحتهم المالية والإعلامية والسياسية. قد تكون المعركة طويلة، لكن لا بد منها، وتأجيلها يعني خضوع لبنان لهذه السلطة غير الظاهرة لسنوات طويلة آنية.

ــ أفهم أن ما دامت هذه السلطة غير الظاهرة متحكمة، فلبنان أسير نظام بلا نظام؟

- أبداً.. إنما لبنان يتخبط في نظام مركب. مواقع السلطة الفعلية غير مواقع السلطة الشكلية. برلمان، حكومة، رئيس جمهورية... الكل بلا نفع ما لم يعمل هؤلاء جميعاً على استعادة سلطتهم التي ينص عليها الدستور والتعامل مع السلطة المخفية وفق القانون ليس أكثر. وفي هذا المجال، وفي مرحلة انتخاب رئيس جمهورية، لو كانت هذه المواقع تؤدي دورها بما يفرضه الدستور، لكان أصحابها يشعرون بقلق فظيع. لكن المشهد على  كل يكشف عن غليان ظاهري، لا يؤشر لهذا القلق السياسي. المشهد ظريف يرافقه حماس كبير. عدد من الزجالين على المسرح، والكل يتبارى للمزيد من التصفيق ليس أكثر. هذا خير دليل على أن ما يجري ليس أكثر من فولوكلور لبناني.

ــ وما يجري بين هيئة التنسيق النقابية والسياسيين، شكل فولوكلوري أيضاً؟

- أبداً، قد ينطبق ذلك على السياسيين، لكن هيئة التنسيق واعية تماماً للقضية، وكل ما تخيلته من انفجار اجتماعي يرتبط بالواقع المعيشي للغالبية الساحقة من المواطنين.

الى المقاومة ... السلمية

ــ عنيت أيضاً الصراع بين هيئة التنسيق والسلطة غير الظاهرة؟

- الأكيد أن  السلطة غير الظاهرة شعرت بحراجة الموقف، ولذا جندت كل أسلحتها المالية والإعلامية لتأليب الرأي ضد هيئة التنسيق، وعادت الى زجل قديم مضى عليه الزمن مثل إبداء تخوّفها على العملة الوطنية والخوف من التضخم وفرض المزيد من الضرائب على الناس... الى غيرها من شعارات في ظاهرها وطنية وفي باطنها دفاع مستميت عن مصالحها. من المفيد جداً القول ان المواطنين حفظوا جيداً هذه الشعارات ورموها خلف ظهورهم. ما يهمهم أولاً لقمة عيش تؤمنها لهم ولو بنسبة  معقولة سلسلة الرتب والرواتب.

ــ غـــــــير أن كثيريــــن مــــن الفئــــــات الشـــــعبية لن تدركهـــــم هــــــذه السلسلة؟

- ليس أمام هذه الفئات سوى المقاومة السلمية، عليهم أن يبــــادروا كما فعلت هيئة التنسيق النقابية للحصول على مطالبهم. الشعب اللبناني واحد، ولا بد أن يحصل الكل على المعاملة نفسها.

ــ هل ترى نهاية سعيدة لهذا الصراع؟

- حسب نتائجهـــــا. يستحيل عليّ التنبــــؤ، نحـــن في معــــــركة قد نربح وقد نخسر، العراك طويل والقصة غير محسومة، وبالتالي الصراع مفتوح بين وقاحة السلطة الفعلية وجدية هيئة التنسيق.