تفاصيل الخبر

ضغط أوروبي متزايد على واشنطن لــ "تحييد" لبنان من تداعيات "قانون قيصر"!

24/06/2020
ضغط أوروبي متزايد على واشنطن لــ "تحييد" لبنان من تداعيات "قانون قيصر"!

ضغط أوروبي متزايد على واشنطن لــ "تحييد" لبنان من تداعيات "قانون قيصر"!

 

 

[caption id="attachment_79032" align="alignleft" width="432"] بوابة المصنع الحدودية[/caption]

 مع بدء مفعول "قانون قيصر" في 17 حزيران ( يونيو) الجاري، بدأ "الهم اللبناني" يكبر من تداعيات هذا القانون على الواقع اللبناني، وبدأت معه التساؤلات عن كيفية تعامل لبنان الرسمي، والقوى السياسية خصوصاً تلك المشاركة في الحكومة مع هذا القانون الذي يرفع منسوب العقوبات المفروضة على سوريا. وأبرز الاسئلة في هذا المجال تمحورت حول ما اذا كان لبنان سينأى بنفسه عن التداعيات السلبية لهذا القانون على الوضع الداخلي، ام ان لبنان سيبادر الى التصرف حياله وكأنه يستهدفه وبالتالي ستنسحب عليه العقوبات الواردة فيه.

 على الصعيد الرسمي الأميركي، تلقى لبنان أكثر من إشارة بأن الادارة الاميركية لا تقصد "معاقبته" من خلال القانون، وأن العقاب يطاول فقط سوريا. لكن هذه الاشارة وغيرها لم تطمئن الجانب اللبناني لأن التعاون التجاري والاقتصادي والزراعي القائم بين لبنان وسوريا لا يمكن وقفه بين ليلة وضحاها، اضافة الى الامتداد الطبيعي للحركة التجارية اللبنانية من خلال سوريا حيث يعبر الانتاج اللبناني على أنواعه الاراضي السورية للوصول الى الدول العربية التي يصدّر لبنان انتاجه اليها، سواء الصناعي منه او الزراعي، ناهيك عن التعاون التجاري القائم بين شركات لبنانية وسورية، واخرى شركات مختلطة من الجانبين، واذا كان على لبنان ان يتعاطى بحذر مع مندرجات هذا القانون، فإنه يجب ان يتذكر دائماً انه على تفاوض مع صندوق النقد الدولي، حيث للنفوذ الاميركي الحيز الكبير والتأثير المباشر على القرارات التي تصدر عنه سلبية كانت ام ايجابية.

 وفي هذا السياق قالت مصادر متابعة إن قوة المعارضة مدعوة الى التعاطي بحيادية مع العقوبات حتى لو بادر محور "الممانعة" بقيادة حزب الله الى التصدي لها وانخرط في الدفاع عن الحكم في سوريا، علماً ان لا مصلحة للبنان الرسمي- حسب هذه المصادر- وكذلك للاطراف السياسية في محور "الممانعة" في ان يتصرف وكأنه على اتفاق عميق مع الحكم في سوريا نظراً للتداعيات المتوقعة لمثل هذا الموقف.

 صحيح ان لبنان الرسمي لم يقل كلمته بعد في ما خص "قانون قيصر" واختار التريث الى حين مقاربته لمضامين العقوبات الواردة في القانون، الا ان الصحيح ايضاً ان لبنان سيضطر عاجلاً ام آجلاً الى مواجهة تداعيات القانون اذا ما اعترضت واشنطن على اي تواصل رسمي سياسي او اقتصادي او تجاري بين بيروت ودمشق ولن يكون في مقدور الحكومة اللبنانية مواجهة "الاعتراض" الاميركي، الا اذا ما نجح لبنان في اقناع الاميركيين بضرورة التخفيف من التشدد عليه في علاقاته التجارية مع سوريا طالما ان لا ترجمة فعلية للعلاقات السياسية باستثناء وجود سفيرين في بيروت ودمشق. ويرى مصدر حكومي ان الحكم والحكومة سيبادران الى النظر في رزمة العقوبات الاميركية المفروضة على الحكم السوري للتأكد ما اذا كانت تشمل شراء الطاقة الكهربائية من سوريا لسد النقص الذي يعاني منه لبنان لتأمين تغذية عدد من المناطق بالتيار الكهربائي للحد من التقنين المفروض عليه. لكن المصدر اشار الى ان لبنان لم يتلق بعد تفاصيل حول القانون ليبني عليها موقفه وأن كل ما فهمه لبنان الرسمي من السفيرة الاميركية في بيروت "دوروثي شيا" ان بلادها ستراقب عن "كثب" رد فعل لبنان الرسمي والشعبي، علماً ان لا مصلحة للمعارضة في ان تقدم نفسها وكأنها تقف وراء فرض العقوبات، علماً ان ردود فعل بعض السياسيين اللبنانيين الذين اظهروا "سعادة" في تطبيق " قانون قيصر" لقيت استغراباً لدى اوساط ديبلوماسية اوروبية تسعى لئلا يتأثر لبنان بالقانون الاميركي الجديد نظراً لوضعه الخاص، فضلاً عن ان قرار واشنطن في فرض عقوبات على سوريا لا يتأثر سلباً او ايجاباً بالموقف اللبناني.

 

لا عقوبات على لبنانيين راهناً

 

 وخلال بحث لبنان حول حقائق تطبيق القانون الاميركي الجديد، تبلغت مصادر رسمية من مراجع اوروبية رفيعة المستوى ان "قيصر" لن يفرض في المرحلة الاولى عقوبات على شخصيات لبنانية رسمية على صلة بالنظام السوري، ولن يتعرض للنظام المصرفي اللبناني وحتى لفروع المصارف العاملة في سوريا، لكنه قد يتعرض لمؤسسات او تنظيمات لبنانية تدعم هذا النظام في حال أمنت له بعض المواد التي تعتبرها واشنطن "استراتيجية" مثل السلاح والذخيرة والمحروقات على انواعها وتهريب النفط وتبييض الاموال، او قدمت له مساعدات بشكل او بآخر للحصول على هذه المواد، وسيؤدي ذلك الى حصار على تمويل الميليشيات العاملة في سوريا. وتضيف المعلومات ان المواد الغذائية غير مشمولة بهذا القانون، لكن الشركات التي تريد المشاركة في اعادة اعمار سوريا قد تتعرض للعقوبات فضلاً عن امكانية فرض عقوبات على شخصيات سياسية رسمية تجاهر بتطبيع العلاقات بين لبنان وسوريا، ويشمل ذلك المنادين بتفعيل العلاقة بين البلدين اذا ما لجأوا الى خطوات عملية في هذا الاتجاه. لكن هذه المرحلة من العقوبات لن تكون لها اولوية، إنما قد تأتي في وقت لاحق بعد مرور فترة زمنية على تطبيق القانون. وفي هذا السياق، نظرت مصادر ديبلوماسية غربية بقلق الى إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله "خارطة طريق" للبنان لمواجهة "قانون قيصر"، واعتبرت ان تلك "الخارطة" قد تدفع الولايات المتحدة للتشدد في موقفها حيال لبنان، في وقت تسعى دول اوروبية، في مقدمها فرنسا، الى "التفاهم" مع الاميركيين على ضرورة "التخفيف" من الضغط على لبنان ومراعاة وضعه الخاص. وفي تقدير تلك المصادر الديبلوماسية، ان ظهور السيد نصر الله وكأنه الحاكم الفعلي في لبنان يجعل واشنطن في "نقزة" تدفعها الى التشدد حيال لبنان وعدم التجاوب مع المساعي الاوروبية لتحييده من تداعيات "قانون قيصر"، لاسيما وأن لبنان يعمل على الحصول على مساعدات دولية تمكنه من معالجة ازمته الاقتصادية والمالية الحادة التي يرزح تحت عبئها.

تحرك مجموعة الدعم

 

 وكشفت مصادر ديبلوماسية أن مجموعة الدعم الدولية للبنان لا تزال تنتظر مسار المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي لتحدد الخطوات التالية ومنها عقد اجتماع لصالح دعم لبنان، علماً ان بعض الدول الاعضاء في المجموعة يتحرك صوب الولايات المتحدة الاميركية لإبعاد كأس "قانون قيصر" عن لبنان انطلاقاً من رغبة هذه الدول بعدم زيادة الضغط على بيروت التي يكفيها ثقل الازمة المالية التي تمر بها وتقول هذه المصادر إن الاتصالات الاولية مع واشنطن اسفرت عن "تجاوب مشروط" من الادارة الاميركية التي تريد ايضاً ألا تشمل العقوبات لبنان شرط ان تساهم بيروت في عدم التسبب بفرض العقوبات وذلك من خلال تحييد نفسها عن الحكم في سوريا وعدم تقديم العون له في المجالات المحظورة عليه.

 وعلى هذا الصعيد يقول سفير اوروبي إن التحرك صوب اميركا من اجل لبنان قد اعطى نتائج ايجابية اسفرت عن تحييده عن العقوبات، لكن ثمة مخاوف لدى الاوروبيين من عدم قدرة الدولة اللبنانية على "الصمود" في وجه الضغوط التي تمارس عليها من "قوى الممانعة " لاسيما مع وجود جهات تفوق الدولة بقدراتها وعلاقاتها التحالفية مع سوريا، وهذا ما يسبب "احراجات" لدول المجموعة في سعيها الى إبقاء لبنان بعيداً عن العقوبات الاميركية فضلاً عن ظهور انقسامات في المشهد السياسي اللبناني حيال هذه المسألة  تحديداً. لذلك ينظر الاوروبيون الى دور للجيش اللبناني في اتخاذ اجراءات تمنع تهريب المحروقات الى سوريا عبر الحدود المفتوحة لأن الواضح ان من اهم بنود القانون قطاع النفط والتهريب الحاصل عبر الحدود وبالتالي، قد لا يكون مبالغ فيه القول إن من الاهداف الاساسية لقانون قيصر اقفال خطوط التهريب عند الحدود البرية، ولاحقاً ترسيم الحدود وحسم مناطق التداخل والامساك بالحدود جيداً، الا ان "قانون قيصر" لا يستهدف فقط الجانب التجاري مع النظام السوري لكن ايضاً الاتفاقات العسكرية وهيئة التنسيق، ومنها المجلس الاعلى اللبناني- السوري القائم منذ العام 1991، والاتفاقات الامنية. ما يعني ان قانون قيصر سيؤدي الى اعادة النظر في المعاهدات بين البلدين.

 والأهم أنه في مرحلة لاحقة سيفتح هذا القانون الطريق امام طرح القرارات الدولية  1559 و 1701، ومن خلالها بطبيعة الحال ترسيم الحدود  اللبنانية البرية الجنوبية كما البحرية.

 حتى الآن لم تكشف واشنطن بعد عن طبيعة عقوباتها في حال خرق بنود القرار. ولهذا تفسيره. فالمسؤولون الاميركيون لا يتوقعون التزاماً لبنانياً كاملاً وصارماً فورياً بالقانون. نظراً لتداخل وترابط اقتصاد لبنان وسوريا واعتياد اللبنانيين كما السوريين على الحدود المفتوحة والمصالح السياسية التي يستفيد منها "حزب الله" في شكل اساسي ومباشر.

 لكن هذا التطبيق سيتدرج وفق مراحل تصاعدية. ذلك ان واشنطن تدرك جيداً الاهمية الفائقة "للاوكسيجين" الذي يتنفسه "حزب الله" من خلال الطريق البرية. واستطراداً فإن الاستنتاج بأن ثمة مفاوضات ستحصل في الكواليس وعبر القنوات الموثوقة، والتي ستتولاها ايران مع واشنطن لايجاد البدائل التي ستجمع بين تأمين المصالح وفي الوقت نفسه ضمان ضبط الحدود. وهو ربما ما يعول عليه البيت الابيض لدفع ايران في اتجاه المفاوضات قبل الانتخابات الاميركية، وفق ما صرح به "ترامب".