تفاصيل الخبر

داريــــن حمـــــزة تنغمــــس فـي ”الـبـوكــــر“ وغـبـريـــــال يـمـيــــن يـديــــــر اللـعـبـــــة..

20/01/2017
داريــــن حمـــــزة تنغمــــس فـي ”الـبـوكــــر“  وغـبـريـــــال يـمـيــــن يـديــــــر اللـعـبـــــة..

داريــــن حمـــــزة تنغمــــس فـي ”الـبـوكــــر“ وغـبـريـــــال يـمـيــــن يـديــــــر اللـعـبـــــة..

 

بقلم عبير انطون

a

في دهاليز <البوكر> وكواليسه ومستلزماته ولاعبيه، وفي هذا العالم المجهول بالنسبة لكثيرين والتي تحمل شخصياته في كل واحدة منها حكاية، يأخذنا فيلم <ورقة بيضا> على مدى ساعة و45 دقيقة الى عالم المغامرة والدولار المشار اليه في آخر كلمة <ناتس>، وهو عنوانه بالانكليزية. الفيلم الذي توقع له ابطاله من غبريال يمين الى دارين حمزة، الكسندرا قهوجي، ادمون حداد، حسان مراد وطارق تميم مع اطلالتين خاصتين لبديع ابو شقرا وسيرج عقل مدير مكتب السياحة اللبناني في باريس وعدد كبير من الممثلين ان يشكل قفزة نوعية في السينما اللبنانية، اخرجه الفرنسي <هنري بارجيس> وأنتجه طارق سكياس بما يفوق المليون دولار وأكثر، على ان تنطلق عروضه في التاسع عشر من هذا الشهر في الصالات اللبنانية. فما الجديد في هذا الفيلم الجريء في الطرح والمضمون؟ الى اي عالم مظلم يجرنا بضحكة سوداوية ساخرة ولغة سينمائية عالية متضمنا مجموعة من الرسائل منها الاجتماعي ومنها الفني؟ وهل سيربح الرهان على شباك التذاكر؟

اذا ما اعتبر المخرج الفرنسي <هنري بارجيس> ان لعبة <البوكر> في فيلم <ورقة بيضا> الذي تم تصويره على مدى 33 يوما تشبه الحياة في لبنان، فإنه على حق في جوانب كثيرة. وفي شرحه لاخراج السيناريو الذي كتبته اخت المنتج المقيمة في باريس تانيا سكياس يقول: <أردت ان أصنع فيلماً مسلياً قبل كل شيء، من دون ثقل سياسي أو اجتماعي ومن دون الوقوع في الرثاء و<الكليشيهات>. أردت فيلماً مَرِحاً وخفيفاً، وقاسياً أحياناً مع لمسة فكاهة بالدرجة الثانية تقابل فكرة سوسيولوجيّة وسياسيّة>. وشرح أن <هذا الفيلم لا يدخل في فئة أفلام الإثارة أو المغامرات أو <البولار>، ولا هو فيلم متشائم، إنّما يدور حول شخصيّات مشاكسة وفرحة ومجنونة ومضحكة أو دراماتيكيّة، تعيش حالات واقعيّة ولكن في الوقت ذاته غريبة>. المخرج الفرنسي المعروف بإبداعه في عالم الاعلانات، كان الرهان الرابح للمنتج طارق سكياس، فقد اختاره لأنه يعرفه ويتعاون معه منذ نحو 20 عاماً، ويعرف <طريقة عمله وكفاءته العالية وسرعته، وهو يعرف جيّداً لبنان، والعقليّة اللبنانيّة>. فسكياس يجد ان <الأجنبي يرى الأمور التي لم نعد نحن نراها ونلاحظها لشدة ما اعتدنا عليها، (...) وبالتالي، هو يقدّم قيمة مضافة للفيلم لهذه الناحية>، خاصة <ان انتاج فيلم سينمائي في لبنان هو مقامرة بحد ذاتها> بحسب تعبيره.

دارين.. بثوب <لانا>

Capture-dGÇÖe¦ücran-2016-10-22-a¦Ç-12.12

 تلعب دراين حمزة في الفيلم شخصية بعيدة تماماً عن شخصيتها الحقيقية ما جعلها تغوص في عالم هي بعيدة عنه تماماً. فبعد العمل السينمائي مع باقة من المخرجين الفرنسيين والالمان والايرانيين وصلت حتى الى اليابان من خلال مشاركتها بدور الممرضة في فيلم <هيروشيما> يشكل دور <لانا> الجديد في مسيرتها الفنية، جديداً عليها في حياتها ايضاً، فهي لا تعرف عن عالم المقامرة شيئا وتقول: <هو دور جديد علي وقد اكتشفت أن هناك نساء كثيرات مع الأسف يعانين من هذه المشكلة> اي الادمان على لعب القمار.

بنجاح غير بارد، كما وجه <الفايس بوكر> الذي لبسته في الفيلم نقلت دارين الينا عبر شخصية <لانا> واقع سيدة تجد نكهة حياتها في المغامرة على طاولة <البوكر> بعيداً عن روتين الحياة الزوجية مع رجل يعيش <عاللبناني> وولد وحيد. باختصار، هي ربّة منزل أربعينية، تعاني الملل في حياتها اليومية، تحب <البوكر> وتدمنها وتلعبها في كل الأوقات وسراً وبجنون، إذ تشعر على طاولة القمار حيث تلتقي أشخاصاً من مختلف الفئات والنوعيات، بأنّها على قيد الحياة. و<لانا> لا تنفصل عن صديقتها الحميمة <جيني> (الكسندرا قهوجي)، البارعة في لعبة الحب والتي تتقن اصطياد الرجال بحيث يصعب على أي منهم أن يقاومها. لكنّ الحياة التي تعيشها <لانا> و<جيني> تقودهما إلى مغامرات وتوقِعهما في مآزق، فتجدان نفسيهما في قلب الخطر. ففي أحد أندية القمار، تنشأ علاقة بين <لانا> و<قاسم> وهو زعيم عصابة، هاجسه العثور على قاتل أخيه والإنتقام منه. أما <جيني>، فتُغرَم <بوائل> أحد أزلام <قاسم> وهو قوّاد عنيف وغامض. ولكن سرعان ما تبدأ مشاكل الصديقتين، فتقع <لانا> تحت رحمة <قاسم> عندما تخيّب أمله وتصبح حياتها مهددة، في حين أن <جيني> التي تكشف سراً خطيراً من طفولة <وائل>، تجد نفسها في مواجهة وحشية عشيقها>.

يمين ومجاهل الامازون!

 الممثل والاستاذ الجامعي غبريال يمين كتب في فيلم <ورقة بيضا> دوراً فريداً في مسيرته الفنية. <قاسم> شخصية بعيدة عن واقعه <لكنها ليست بعيدة ابدا عن الواقع اللبناني الذي لا يعرفه الكثيرون لكنه فعلي وموجود في كل المجتمعات ومنها المجتمع اللبناني والمجتمعات العربيّة>، وهو يضيف لـ<الافكار> التي سألته اذا ما كان <قاسم الازعر العنيف> سيجد من يتعاطف معه،على اعتبار انه ضحية للحرب اللبنانية Capture-dGÇÖe¦ücran-2016-10-22-a¦Ç-12.19وللفلتان على كل المستويات الذي عرفه بلدنا:

- ما من ضحايا، لكن ليس غريباً ان يجد حتى <قاسم> من يتعاطف معه. بعض الناس تعاطفوا مع بن لادن لو تذكرون. هذا يعود لكل مشاهد وقراءته للشخصية. هذه الشخصية العنيفة <هي شخصيّة مميّزة وخارجة عن المألوف بعض الشيء لأنّها تتمتّع بنوع من السلطة يستمدّها من المال الذي بحوزته ومن طريقة تفكيره ومن عقله المنحرف ومن طريقة حياته وربّما من طريقة تربيته.. طريقة تفكيره غريبة قليلاً وطريقة مواجهته للأمور جذريّة، أي ليست فقط عنيفة إنّما أيضاً قاطعة وهي حالة نادرة>.

 ليست شخصية <قاسم> أصعب من غيرها على الممثل برأي يمين الذي اضاف: <الممثل كيف ما (برمتو)، عليه ان يؤدي الدور المطلوب منه بإتقان حتى يستحق ان يكون ممثلاً مهما كانت الشخصية بعيدة عن شخصيته الاساسية>. وعن موضوع الفيلم حيث القمار والجنس والمخدرات المعششة في زوايا كثيرة من البلد والتي اضاء عليها الفيلم بشكل مباشر، يؤكد يمين ان هذه الصورة السوداوية موجودة فعلاً، وحتى ان الواقع يفوق ما نراه في الفيلم: <هناك وقائع أشد بعد ويمكنني القول انني صدمت واكتشفت اثناء التصوير انها غير مضخمة وهي موجودة بوفرة، كما تفاجأت بأن بعض الاشخاص يقيمون أندية وبارات يديرونها تحت بيوتهم حتى، وانا هنا لا ادين احداً على الاطلاق فلكل انسان الحرية في القيام بما يشاء ضمن حريته الشخصية>.

في آخر مشاهد الفيلم، يقطع <سالم> <البيضة الوحيدة> المتبقية لـ<وائل> الرجل الاعرج الذي يعمل معه، وهو الذي وشى بأخ <قاسم> ما ادى الى وفاته. كانت هذه <البيضة الواحدة> الدليل الوحيد عند <قاسم> على من قتل اخاه، من دون ان يستطيع تحديده. ولما ساعدته الاحداث على ذلك وتوصل الى اكتشافه، قطعها له بعنف دموي ورماها الى خارج الحدود اللبنانية، وتم الرد عليها بقنبلة.

 عن الدلالة او الاسقاطات السياسية لهذا المشهد يجيبنا يمين:

- انتم كمشاهدين تفتشون عن الدلالات التي علينا كممثلين ان نوصلها لكم. لا استطيع تأكيد قراءة المشهد او الدلالة بهذا الاتجاه... ربما يكون كذلك اذا ما ارادته الكاتبة بهذا الشكل. والامر ليس مستبعداً إذ تعرفون ان احداث العام 1860 كان سببها <نقيفة> أشعلت الدنيا.. اما <قطع البيضة>، فهذه ايضاً من الاحداث غير النادرة ونذكر جميعاً منذ فترة حادثة تم فيها بتر العضو الذكري لأحدهم على خلفية واقعة معينة في احدى القرى Capture-dGÇÖe¦ücran-2016-10-22-a¦Ç-11.51الشوفية.

<قاسم> المتزوج من امرأتين محجبتين تعيشان معه تحت سقف واحد ويعمل من جانبه في الممنوع كـ<بزنس>،لا بد أنه سيثير ضجة <الغيارى على الدين> في شخصيته السينمائية هذه. في هذا المجال يقول يمين: <من سيثير قضية مماثلة بحجة الدين يمكنه ان يجد حججاً في افــــلام <والت ديزني> للأطفال حتى. جوابي في هذا الاطار هو سؤال: ألا تصادفون في حياتكم اليومية رجلاً متزوجاً من امرأتين محجبتين ويعمـــــل في مجـــــال بعيــــد عـــن الالتـــــزام الديني؟ اذا كان الجـــــواب بالنفــــــي، فلنستحضر موضوعات من المريخ اذاً..

الصدمة!

الفيلم الذي عرض ضمن فعاليات الدورة 13 من «مهرجان دبي السينمائي الدولي» ولاقى استحسانا، يراه يمّين <مميّزا جداً> ويقول: <أعتقد أن الجمهور على الصعيد العربي لم يشاهد قبلاً مثل هذه القصّة أو هذا الانتاج أو هذا التمثيل، وأتوقّع أنْ يُصدم الناس إيجابياً عند مشاهدة الفيلم>، مضيفاً: <لا أعتقد أنّ هناك فيلماً صنع قبله بهذه الضخامة.. صحيح أنّه إنتاج لبناني محض لكنّه يوازي الأفلام العالميّة من مختلف النواحي، سواء لجهة الإخراج أو لجهة الإنتاج أو الكتابة أو التصوير أو التمثيل>.

وعن امكانية عرضه في بلدان عربية مختلفة، يجيب يمين بأن ذلك يعود لشركة الانتاج والتوزيع، وقد علم في هذا المجال انها تعاقدت مع شركة أميركيّة كي توزّعه حول العالم وتبيعه في الخارج. أما عن امكانية منعه في بعض الدول لجرأته على اكثر من صعيد، فان يمين يستبعد ذلك <إلا اذا كانت بلاداً Capture-dGÇÖe¦ücran-2016-10-22-a¦Ç-11.49من مجاهل الامازون>!.

 وننهي مع الممثل القدير بسؤاله عن الاضافة التي شكلها اختيار مخرج فرنسي لفيلم لبناني، فيجيب:

- الاخراج هو الاخراج، لا جنسية له.. ولو عهد بالنص الى مخرج لبناني فما كان الأمر ليتغير ، فالفن يجتاز اية حدود، اما الاختلاف فيكون بحسب رؤية المخرج.

وعن اللغة السينمائية العالمية التي تحدث عنها يمين لما أعرب عن سعادته بفيلم مماثل، فأوجزها كالتالي: انها تتمثل بالدقة والاتقان اللذين صنع بهما الفيلم، على صعيد الممثلين اولا. شخصيا، تمرنت لاسابيع وأيام وتعمقت في كل تفصيل كما تمت جلسات مناقشة لمسار الفيلم والشخصيات لحرص الجميع على ان يصل مضمون <ورقة بيضا> الى الممثل قبل المشاهد، فضلاً طبعاً عن التقنيات ولغة الكاميرا وما الى ذلك.

كفصول كتاب توجزها عبارة مختارة، وبينها رسائل <كعدم الجمع بين <الفياغرا> والمخدرات ما يؤدي الى الوفاة> يقدم فيلم <ورقة بيضا> نكهة جديدة في سينما لبنانية بدأت تستعيد ثقة المشاهد بها، وان كانت وحدها لا تكفي لهذه الصناعة التي أثبتت في اكثر من فيلم انها تتقدم خطوات الى الامام..