تفاصيل الخبر

دارين حمزة: عقلية المنتج اللبناني متوقفة عند الخمسينات!

31/08/2017
دارين حمزة: عقلية المنتج اللبناني متوقفة عند الخمسينات!

دارين حمزة: عقلية المنتج اللبناني متوقفة عند الخمسينات!

 

بقلم عبير انطون

2

تجرؤ حيث لا يجرؤ الآخرون ولا الأخريات. تتحدث بشفافية وواقعية بعيداً عن <شوفة الحال> التي يتهمها البعض بها. فهذه الممثلة الآتية من خلفية أكاديمية متخصصة تشق لنفسها طريقاً خاصاً وتقتنص الفرص التي تجعلها تبرق عالمياً. تلتقط عبر <مجساتها الخاصة> الافلام التي تدخل كبريات المهرجانات وتعود بالجوائز، فهل الصدفة هي التي تلعب دورها، ام الخطة المدروسة لاختيار ما قد يجذب لجان الحكام المحترفين بعيداً عن قصص لبنانية ضيقة ليست في الكثير منها، من بنات الواقع؟ قلبها على الدراما اللبنانية، وان لم تكن عينها عليها دائما، فهي لا زالت غير كاملة الثقة بها على الرغم من تمنياتها الدائمة بانتاج أعمال لبنانية صرف، تؤكد دارين، انها لو اعطيت فيها الفرصة للجيل الجديد فإننا سنكون جميعاً <الرقم واحد>. فما هي العوائق؟ لماذا لا نرى صاحبة الادوار الصعبة على شاشاتنا المحلية بالقدر الذي تستحقه، وماذا عن المسلسل السوري الضخم الذي تلعب بطولته قريبا جدا؟

مع دارين المجتهدة بذكاء كان لقاء <الافكار> وبدأناه بالتهنئة..

ــ <جائزة أفضل ممثلة> في <مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي> في دولة الجزائر تضاف الى رصيدك <الحرزان> في المجال السينمائي. ماذا عنت لك؟

- بالطبع فرحت جداً بالجائزة خاصة وانها تأتيني من مهرجان عريق كانت فيه المنافسة على أشدها. لما كنت اشاهد الافلام المتنافسة تساءلت مراراً: كيف يمكن لي ان اربح في ظل جودة ما أراه، <كانوا فظيعين>! الفيلم الجزائري <في انتظار السنونوات> الذي حصد جائزة <الوهر الذهبي> كان قد افتتح به <مهرجان كان> الفرنسي العريق وحصد الاعجاب وهو يستحقه. بعد خبرتي ودراستي بت اعرف الافلام التي يمكن ان تشارك في المهرجانات واسعى الى ادوار تدخل المهرجانات السينمائية العالمية لانني احب المنافسة وهذه تكون على أشدها، وطعم الربح يكون مختلفاً لأنه يؤكد ان الممثل جدير وقوي ومحترف.

وتزيد دارين قائلة:

 - لا ادّعي انني اختار افلامي جميعها على هذا الاساس علماً ان الامر يهمني، الا انني اشارك ايضاً في ما هو خفيف وناعم مثل فيلمي <يلا عقبالكن>، وبعده <يلا عقبالكن شباب>.. اكون سعيدة حقاً حين يقترن اسمي باسم بلدي لما تعلن الجائزة، وقد شعرت بإحساس يفوق الوصف في مهرجاني وهران واليابان من قبله.

ــ لماذا اختاروك كأفضل ممثلة برأيك؟

- لتميز الشخصية وجديدها على ما اعتقد. كما انهم يدرسون تاريخ الممثل وما سبق ان قدمه قبل منحه الجائزة. قبل <ناتس> (ورقة بيضا) شاركت في فيلم <الحلال> وهو حصد في اليابان <جائزة أفضل فيلم> لأنه قدم طرحاً جديداً وهو أظهر صورة ايجابية عن الاسلام وبأن المرأة المسلمة تستطيع الاختيار في حياتها على عكس الصورة النمطية عنها، وقد شارك الفيلم في <مهرجان صانداس> الاميركي. وقبلها في فيلم <بيروت اوتيل> كانت شخصيتي فيه جديدة أيضاً، ولقد أسرّ لي احد اعضاء لجنة التحكيم في <وهران> ان شخصية المرأة المقامرة في فيلم <ناتس> لفتته جداً، مثنياً على اتقاني الـ<بوكر فايس> اي الوجه من دون اي تعبير، وهو ما يجيده متقنو <اللعب> لأنهم لا يعبّرون بوجوههم ابداً، وأنا ايضاً وضعت مجهوداً حتى اكون كذلك، اذ تمنيت لمرات عدة ان اصرخ واعبّر فردعت نفسي عن ذلك، وكان طبعاً للمخرج دور في رسم الشخصية واطارها، كذلك فقد شاركت في انتاج الفيلم اي انني تابعت ولادته منذ الصفر، وكان نقاش مستفيض حول نظرة المخرج للشخصية وطريقة لباسها ومشيتها والعبثية التي تعيشها. لقد كان طرح < ناتس> جريئاً، يغوص بعمق في حياة المقامرة وما خلفها...

<فرصة أخيرة>..

ــ أين فتحت هذه الجوائز غير المحلية الابواب لدارين؟ هل طلبت مثلاً الى عمل جديد نتيجة لفوزك؟

- نعم. وهذا سبق لمجلتكم اعلنه للمرة الاولى. بعد الجائزة وقّعت عقداً للتوّ لبطولة مسلسل سوري ضخم من اخراج فهد ميري بعنوان <فرصة أخيرة> مع الممثل جوان خضر للمنتج السوري محمد قبنض، سيناريو وحوار أسامة القشاش، وإنتاج <قبنض للإنتاج الفني>. تعرفون ان <جائزة افضل ممثل> عادت للممثل ايمن زيدان عن فيلم <الاب> من اخراج باسل الخطيب، وكانت مجموعة الفيلم حاضرة ويدور نقاش حول الجوائز ومن حصدها، فلفتت النظر بادائي، وطُلبت الى سوريا، وهذه المهرجانات تخلق شبكات جميلة يتعرف فيها الفنانون على بعضهم البعض خاصة وان لها مستوى معيناً.

ــ لندخل في تفاصيل الدور والمسلسل أكثر.

- ألعب دور <نايا> السيدة اللبنانية المتزوجة من رجل سوري وتعيش في سوريا وتتطلق. من هنا تبدأ الأحداث مع امرأة جميلة مطلقة ونظرة المجتمع اليها، مع جانب الأمومة التي يفرد لها المسلسل حيزاً ايضاً. انه مسلسل رومانسي اجتماعي ويتضمن قصة حب جميلة جداً، وانا منذ مدة <عبالي الرومانس>. الانتاج ضخم جداً، والمسلسل من ستين حلقة يقع في جزءين، والممثلون من سوريا وقد ينضم اليهم ممثلون من جنسيات مختلفة، اما التصوير فسيتم ما بين الشام واللاذقية ونبدأ به بعد عيد الاضحى المبارك..  احببت القصة وهي عالمية تم الاقتباس منها، كما أن المخرج ميري درس في روسيا وهو بارع ومعه فريق عمل محترف.

ــ ألا تخافين من التصوير في سوريا في ظل الوضع الامني الصعب؟

- سألت عن الامر وأكدوا لي ان اماكن التصوير آمنة، وهناك ايضاً اقيم <مهرجان الشام> من دون اي قلق.

ــ قلت لنا <عبالك الرومانس> هل تعيشين الرومانسية في هذه الايام؟

- ان شاء الله..  <كلو نصيب>..  لكن افضّل ان اترك هذا الجانب الخاص لي. الممثل هو لكل الناس، يعطي كل شيء ومن كل قلبه، ومن حقه ان تبقى امور قلبه له.

ــ ما صحة ما كُتب عن فيلم اميركي كبير تشاركين فيه؟

- لم اوقّع بعد. هناك مفاوضات للتمثيل فيه...

1

الأمل..  بالجيل الجديد

 

ــ لبنانياً، لا زلت بعيدة عن شاشتنا والاطلالات نادرة نوعاً ما، هل ما زلت على موقفك بأن ليس <ما تصفقين له في الدراما اللبنانية>؟

- ليس الأمر بهذا الشكل، البعض يترجم موقفي على ذوقه، وانا لا انتقد للانتقاد، لكننا في الدراما لم نصل الى ما هو متكامل لبنانياً تماماً بعد. افرح اذا ما قُدم عمل نفتخر به، كما انه من المفروض ان يفرحوا بي ان طُلبت الى بطولة في الدراما السورية وهذا ليس سهلاً. نحن قادرون ان نقدم الافضل بقدراتنا المحلية في القصة والتمثيل والاخراج والانتاج مع الانفتاح طبعاً على الاعمال المشتركة وهي ضرورية... كنت منذ فترة في جلسة ناقشت فيها وبعض الاصدقاء، ومنهم خريجو معاهد التمثيل، اسباب عدم التقدم المطلوب بعد، وأين الخطأ في التركيبة، فاستنتجنا ان عملية البيع المسبق للمسلسلات هي السبب الاول، اي انهم يبيعون المسلسل قبل ان يكتب او ينفذ فيتم التعاقد مع الكاتب ومن ثم المخرج في حين انه يجري العكس تماماً في مصر وسوريا.. شاركت منذ فترة في مسلسل <شهادة ميلاد> مع احمد مدحت، وهم كغيرهم حين يعملون، يسعون للمنافسة وتقديم الافضل من حيث القصة والممثلين واللقطات ومواقع التصوير، اما البيع المسبق فإنه يحبط المعنويات ويجعل المنافسة غائبة وتعرض المحطة ما يقدم لها.

وتضيف دارين قائلة:

- هناك سبب آخر استنتجته من تحليلات عديدة وأنا احب التحليل لأنني درست المهنة وحزت الماجستير فيها من لندن، وهي ان المنتجين في لبنان توقفوا عند زمن الخمسينات، وهنا لا اعمّم بالطبع... ما زالوا على صورة عبد الحليم حافظ و<فرانك سناترا> اي يأتون بالنجم ويركّبون الاحداث بحسب هذا الشخص فيكون مطرباً او مذيعاً او ملك جمال، فيما تغيرت الدنيا واضحت الاولوية للحبكة. تابعوا المسلسلات السورية والتركية والمسلسلات الاميركية، فهذه اضحت وكأنها افلام سينمائية. لقد طورت نفسها وحبكتها وهم لا يعتمدون على عنصر الجمال بالضرورة. برأيي يجب ان تترك الفرصة للجيل الجديد ليقوم بـ<Shift>، بتحول عن الذهنية السابقة في البيع المسبق وفي دوران القصة حول النجم او النجمة. لقد بدأها بعض الشباب وهم يتوجهون لعرض اعمالهم غبر <الويب سايت> ويلاقون نجاحاً كبيراً، واذا ما ترك المجال لهؤلاء في الدراما على التلفزيون التقليدي فإنهم سيبدعون. لدينا طاقات رائعة، ويمكن أن نكون الرقم واحد، المهم تغيير الذهنية. قبل الحرب في سوريا كنا نشارك في ورشات عمل في التمثيل والمسرح السوري، مواهبنا توازي مواهبهم الا انهم عرفوا كيف يواكبون الجديد، ومن قلب الواقع.

ــ مسلسل < الهيبة> مؤخراً كان جديداً في طرحه.

- طبعاً لكن لا تنسوا ان شركة <الصباح> المنتجة موجودة في مصر منذ زمن بعيد ولديها الخبرة الكافية، لكن هل عدد المنتجين الذين يفكرون بمثل ذهنيتهم كبير؟

ــ هل يمكن للممثل ان يلمع في مجال دون غيره، كأن يتألق في السينما ويخفت نجمه في التلفزيون مثلاً؟

- الممثل الجيد يكون كذلك في أي مجال وبحسب تحضيره وتركيبه للشخصية. في مسلسل <الغالبون> كانت الثياب من <البالة> وصورنا بالحجاب ومن دون ماكياج ظاهر، والناس تابعته بشغف لأنه يحمل قضية ويصور معاناة اهل الجنوب وكيف خلصوا أنفسهم بكرامة، فضلاً عن حكاية البنت التي احبت شاباً واعتقدته عميلاً وصولاً الى البراءة. القيم التي اظهرها المسلسل كانت رائعة، لكن الاختلاف بين السينما والتلفزيون يكمن في ان للاولى قواعد ومبادئ تختلف عن الثانية. في التلفزيون هناك خطوط حمراء يجب مراعاتها ويعرفها اهل المهنة جميعهم. في السينما تكون الحدود مكسورة، وبأقصى الحالات ترمّز لأعمار معينة، فيختار المتفرج بإرادته ان يكون ضيف الصالة، فيمكن الذهاب في اي طرح للنهاية مع وقائع ومواضيع وأجوبة قاسية احياناً، في حين اننا في التلفزيون نحل ضيوفاً على المنازل وفيها الشيخ والخوري وكبار العائلة وصغارها..

ــ لعبت الادوار المتناقضة تماماً، <الجاسوسة> و<فتاة الليل> و<البنت المحافظة> الخ. اية شخصية لها <معزة> خاصة عندك ولأي سبب؟

- كلها احبها، وفي التنويع بينها اكون كمن يجمع شخصيات عدة في امرأة واحدة، واختلاف الأدوار جعلني اشترك عنها في مهرجانات عالمية، لكنني حين اتذكر <بتول> في <الغالبون>، فإنني اشعر بحنين دائم الى هذه الشخصية لمثاليتها وكرامتها وعنفوانها ورقتها وحقيقيتها وحبها لبلدها. تذكر باللبناني الذي يتشبث بأرضه ويؤكد على كرامته ومبادئه بعيداً عن انتمائه الديني او الطائفي. تميزت <بتول> ايضا بالشفافية الرائعة.

ــ سينمائياً شاهدتك في العرض الاول لفيلم <المسافر> الذي يعرض في الصالات اليوم من بطولة رودريغ سليمان وعايدة صبرا، ما رأيك الصريح به؟

- <مهضوم>..  احببته، فيه طرح جديد وهو موضوع الناس التي تسافر للمرة الاولى في حياتها، وهذا الطرح لم يتم تناوله كثيراً في السابق علماً ان هذه الحالات لا تزال موجودة. في الفيلم رسالة حول الذين يعتقدون ان الخلاص في الخارج ومع السفر يضيعون فيسرعون بالعودة الى الجذور.

ــ ماذا في جديدك بغير المسلسل؟

- اكتب فيلماً لبنانياً مع دوريس سابا من النوع الاجتماعي الجميل وهو من تمثيلي وانتاجي ولا يزال يطبخ على نار هادئة وبالشكل <اللي عبالي اعملو>.