تفاصيل الخبر

ضعف السمع الطفيف يمكن ان يتسبب في فقدان الطفل للسمع...

30/08/2019
ضعف السمع الطفيف يمكن ان يتسبب في فقدان الطفل للسمع...

ضعف السمع الطفيف يمكن ان يتسبب في فقدان الطفل للسمع...

 

اختصاصية النطق وتخطيط وتأهيل السمع الدكتورة دورين صليبا: السمع لدى الأطفال يتراجع ما لم تُعالج التهابات الأذن!

بقلم وردية بطرس

تحدث حالات فقدان السمع عند الطفل في مراحل عمرية مبكرة من حياته، فقد تصيبه بعد الولادة مباشرة او بعد تقدم سنه بقليل، لذلك يقوم الأطباء في العادة بتشخيص وفحص الأطفال حديثي الولادة للتأكد من سلامة سمعهم، ومحاولة علاج اي عوارض مبكرة لفقدان السمع بحيث تؤثر هذه العوارض على طريقة تفاعل الأطفال لغوياً مما يؤخر قدرتهم على الكلام... ويُعتبر تراجع حاسة السمع من الأمور التي تسبب مشكلات كبيرة للأطفال خصوصاً في بداية تعلمهم الحديث، ويمكن ان ينتج عنه الاعاقة المزدوجة لفقدان السمع والكلام. وبطبيعة الحال فان اكتشاف العلامات المبكرة لفقدان السمع يكون بمثابة نوع من أنواع الحماية والحفاظ على الطفل طبيعياً، خصوصاً ان السمع والكلام ضرورة للتعلم والنمو الادراكي في بداية الحياة. كما ان تراجع حاسة السمع حتى لو كان بسيطاً جداً يؤثر على العملية التعليمية للطفل، ويجب ان تتم معالجته بمنتهى الجدية والسرعة، إذ ان ضعف السمع الطفيف يمكن ان يتسبب في فقدان الطفل، كما ان تراجع حاسة السمع يمكن ان يؤدي أيضاً الى تغيرات سلوكية مثل عدم التركيز وربما أيضاً يؤدي الى الشعور بالاكتئاب، نظراً لأن الطفل يشعر بالعزلة المجتمعية لعدم تمكنه من متابعة الأحاديث المختلفة والتفاعل مع الأقران سواء في الضحك او الانبهار بشيء معين. ولهذا على الآباء الاهتمام بالحالة الاكلينيكية للطفل وعدم الاعتماد على مقياس السمع في فترة سابقة، بمعنى ان معظم الأطفال في الأغلب يخضعون للكشف من قبل طبيب الأنف والأذن، والبعض يكونون طبيعيين تماماً ولكن يحدث التراجع لأسباب عديدة مثل التعرض المستمر للأصوات العالية او الالتهابات المتكررة في الأذن او تناول أدوية معينة يكون من شأنها ان تؤثر سلباً على السمع. ويجب ان تتم معالجة التهابات الأذن بشكل جيد وكاف حيث ان التهابات الأذن تصيب 5 من كل 6 أطفال، وفي حال عدم علاجها يمكن ان تؤدي الى تراجع السمع. وتشمل العلامات المبكرة عدم التركيز في الصف، وعدم التفاعل مع النقاش، وكذلك عدم أداء الواجبات المدرسية المطلوبة، وعدم اطاعة الأوامر من المرة الأولى، او عدم فهم السؤال وعدم الرد او الرد عن سؤال آخر لم يتم توجيهه بالأساس.

الدكتورة دورين صليبا وأجزاء الأذن!

فهل هناك أسباب تؤدي لضعف السمع عند الطفل؟ وما هي العلامات؟ وماذا عن العلاجات؟ وغيرها من الأسئلة أجابت عنها اختصاصية النطق واختصاصية تخطيط وتأهيل السمع الدكتورة دورين صليبا اذ تستهل حديثها قائلة:

- يعتبر السمع حاسة ثمينة جداً للأطفال من جميع الأعمار، فالرضع يستمعون للحديث ويتعلمون فهم ما يقوله الناس من حولهم قبل أن يلفظوا أولى كلماتهم بوقت طويل، وإنهم يستخدمون حاسة السمع في التعلم والقراءة والحديث، وتكوين الصداقات واكتشاف أصوات العالم، والتعرف على العالم من حولهم. أما بالنسبة للمراهقين فإن حاسة السمع تتيح لهم التواصل والتشارك مع الآخرين. وان مشاكل السمع التي تؤثر على أكثر من 10 بالمئة من سكان العالم يمكن أن توقف تطور الطفل في أحد أو كل هذه المهارات.

أجزاء الأذن وقياس فقدان السمع!

 

ــ  ماذا عن أجزاء الأذن؟

- هناك ثلاثة أجزاء رئيسية للأذن: الأذن الخارجية التي تلتقط الموجات الصوتية وتوجهها إلى الأذن الوسطى. الأذن الوسطى: تعمل الأذن الوسطى على تحويل الموجات الصوتية الموجودة في الهواء إلى موجات ضغط ميكانيكية حيث يتم تحويلها إلى السوائل في الأذن الداخلية . الأذن الداخلية <قوقعة الأذن> تحول موجات الضغط إلى إشارات صوتية يمكن أن يفهمها الدماغ. ولكي يسمع الطفل أو البالغ بشكل طبيعي، يحتاج أن يعمل كل جزء من الأذن بشكل صحيح.

ــ  كيف يتم قياس فقدان السمع عند الأطفال؟

- تقيس اختبارات السمع الأصوات التي يمكن للطفل سماعها والتي لا يمكن سماعها. لقياس السمع لديهم بشكل صحيح يجب اصطحابهم لزيارة اختصاصي السمع الذي سيقوم باختبار مدى استجابة الطفل لنغمات أو ترددات مختلفة وتسجيل النتائج على رسم بياني يسمى المخطط السمعي. يساعد ذلك في تحديد ما إذا كان الطفل يعاني من فقدان سمع، ونوع فقدان السمع الذي يعاني منه، ويساعد أيضاً اختصاصي السمع على اقتراح أفضل خيارات العلاج. ويقاس فقدان السمع بـ<الديسيبل> لقياس

مستوى السمع (أو DBHL) الذي يصف مقدار الصعوبة التي يعانيها الطفل لسماع كلام المحادثات في كلتا الأذنين، ويصنف مقدار فقدان السمع لدى شخص ما إذا كان طفيفاً أو متوسطاً أو شديداً أو حاداً.

وتتابع الدكتورة صليبا:

- السمع الطبيعي: سماع الأصوات الهادئة وصولاً إلى DBHL 20.، فقدان السمع الطفيف: فقدان السمع في الأذن الأفضل ما بين DBHL 39 – 25 حيث يجد صعوبة في تعقب الكلام في المواقف الصاخبة. فقدان السمع المتوسط: فقدان السمع في الأذن الأفضل ما بين DBHL 69 - 40 حيث يجد صعوبة في تعقب الكلام بدون مساعد سمعي أو معينة سمعية. فقدان السمع الشديد: فقدان السمع في الأذن الأفضل ما بين DBHL 89 - 70 حيث  يكون بحاجة إلى مساعد سمعي أو معينة سمعية قوية أو غرسة. فقدان السمع الحاد: فقدان السمع في الأذن الأفضل من DBHL 90 ويكون بحاجة إلى الاعتماد بشكل رئيسي على قراءة الشفاه أو لغة الإشارة أو غرسة. وبذلك، يعتمد نوع ومستوى فقدان السمع على الجزء الذي لا يعمل في الأذن ومدى التلف الذي لحقه.

حماية حاسة السمع عند الأطفال!

ــ  وكيف يمكن حماية حاسة السمع لدى أطفالنا؟

- أذن الطفل الرقيقة تحتاج دائماً إلى الحماية، بحيث يمكنه النمو والتواصل الاجتماعي وتعلم التواصل في مراحل النمو. ومن الطرق البسيطة التي تساعد الطفل على حماية سمعه:

يجب الا يتعرض الرضيع أو الطفل الصغير نهائياً لضوضاء شديدة الارتفاع. وان يحرص الأهل دائماً على اكتشاف التهابات الأذن لأن الرضع والأطفال الصغار أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الأذن الوسطى من البالغين، فالأذن الملتهبة التي لم يتم معالجتها يمكن أن تؤثر على السمع. كذلك، غالباً ما يبكي الأطفال ويبدأون في جذب آذانهم إذا كانوا يعانون من التهاب في الأذن بينما الأطفال الأكبر سناً يشتكون من ألم بالأذن، وبالتالي عندما تشك الوالدة باصابة طفلها بالتهاب في الأذن فيجب زيارة طبيب العائلة. كما يجب ان تتوافر حماية للأذن عندما يذهب الكبار إلى حفلات موسيقية أو سباقات السيارات أو غيرها من الأحداث الصاخبة، وأيضاً مراقبة حجم الصوت في جهاز التلفاز والراديو الى ما هنالك. إذا كان لدى الشخص جهاز iPod أو مُشغل MP3، فيوضح لهم أنه إذا تعذر عليهم سماع حديث الآخرين أثناء تشغيل الموسيقى، حينها يكون مستوى الصوت مرتفعا جداً. كما يجب إبعاد الأجسام الغريبة عن الأذن، والا يزيل الشخص الشمع من أذنه باستخدام الأصابع أو صوف القطن أو مسحات القطن. ويجب اختبار حاسة السمع لدى الطفل بانتظام، إذ على الأم ألا تتجاهل الأمر إذ قد يحدث فقدان السمع عند الولادة أو بشكل تدريجي بين عشية وضحاها. نحن لا نعلم دائماً لماذا يحدث فقدان السمع، ولكننا نعلم أن لدى الطفل فرصة أفضل في الحصول على نتائج جيدة إذا تصرفنا بسرعة. وإذا كان الطفل يعاني من مشكلة في السمع، فليس وحده من يعاني منها، إذ إن فقدان السمع قد يكون أكثر شيوعاً مما نتوقع.

 

علاج فقدان السمع!

ــ  وماذا عن علاجات فقدان السمع عند الأطفال؟

- من الممكن علاج معظم المشاكل السمعية لدى الأطفال، ويشمل ذلك أيضاً حالات فقدان السمع الحاد أو الشديد. وقد يطمئن قلب الوالدين إذا علما، أنه مع علاج السمع المناسب، حتى في حالة الصمم الحاد، يمكن للأطفال أن يسمعوا، ويتعلموا اللغة المنطوقة، بل ويصبحوا محاورين بارعين ويعيشوا حياة كاملة، فإذا تم تشخيص الطفل على أنه يعاني من فقدان في السمع، يمكن لاختصاصي السمع إخبار الأهل بأفضل الحلول لتلبية احتياجاته الفريدة.

ــ  وكيف يستجيب عادة الرضع والأطفال ذوو السمع الطبيعي؟

- الأطفال حديثو الولادة: بشكل عام ينزعج الأطفال حديثو الولادة أو ينتفضون استجابة للضوضاء الصاخبة المفاجئة، كما أنهم في بعض الأحيان يحولون رؤوسهم في اتجاه الصوت. وفي عمر الشهرين يتحسن السمع لدى الطفل، وينبغي أن يكون قادراً على سماع الأصوات بمختلف الدرجات والكثافات والنغمات. وما بين 3 و 4 أشهر يبدأ الطفل في التعرف على صوت الوالدين، ويمكنه نطق الأصوات الساكنة (م، ك، ج، ت، د) وبعض حروف العلة. وما بين 5 و 6 أشهر قد يبدأ الطفل في القهقهة وعند هذه النقطة يشبه صوت التمتمة أصوات الكلمات. وما بين 8 و 9 أشهر يبدأ الطفل في فهم العلاقة بين الكلمات والإيماءات. وما بين 11 و 12 شهراً يبدأ الطفل في فهم الكلمات البسيطة مثل حليب أو زجاجة أو حمام، وينبغي أن يكون قادراً على البدء في قول كلمات مثل <ماما> أو <باي ــ باي>.

ــ  وهل يحتاج الطفل الى تقييم كامل للسمع؟

- بالفعل يحتاج الطفل الى تقييم كامل للسمع في الحالات التالية: إذا لم يستجب الطفل لما يقـــــــــــــــــــــــــــــال له، أو لم يلاحظ أنك تتحدث إليه، وإذا طلب منك تكرار ما تقوله <للأطفال الأكبر سناً من الرضع>، أو كان بحاجة إلى البحث عن اليمين وعن اليسار للعثور على الصوت أو الكلام، وإذا بدأ الكلام بعد الأطفال الذين من عمره بناء على تقارير مدرسية، إلى غير ذلك، وإذا كان لا يستطيـــــــــــــــــــــــــــــع أن يقول كلمات وجملاً بالطريقة الصحيحة، وإذا وجد صعوبة في سماع صوت أحد الأشخاص في حال كان هناك العديد من الناس يتحدثون، وإذا كان لا يسمع الأصـــــــــــــــــــــــــوات المنخفضة أو السريعة، وإذا كان أداؤه ضعيفاً في المدرسة.

وتتابع:

- قد يحتاج الأطفال من جميع الأعمار الى تقييم كامل للسمع إذا كان لديهم أمراض قد تسبب فقدان السمع، وإذا تم تشخيص حالتهم في ظروف أخرى تشمل أحياناً فقدان السمع، وإذا كانوا يتناولون علاجات طبية قد يكون فقدان السمع أحد آثارها الجانبية، وإذا كان هناك تاريخ عائلي به مشاكل في السمع إذ يمكن أن يكون فقدان السمع مرضاً وراثياً.

ــ  هل من سلوكيات شائعة للأطفال المصابين بفقدان السمع؟

- الحزن: لأنهم لا يفهمون لماذا يصرخ الناس في وجوههم. الغضب والإحباط لعدم تمكنهم من السمع والتواصل. الخجل خصوصاً من الناس الذين لا يعرفونهم لأنهم لا يستطيعون فهم كل ما يقال. الهدوء والانعزال في المدرسة إذا لم يتمكنوا سماع المعلم جيداً أو اتباع التعليمات. الإرهاق لأن السمع لديهم يتطلب الكثير من الطاقة إذ غالباً ما ينهك الأطفال الذين يعانون من فقدان السمع في نهاية اليوم. سوء التصرف إذ يمكن للمشاكل السلوكية أحياناً أن تخفي فقدان السمع عند الأطفال، وغالباً ما تنتج المشاكل السلوكية من الإحباط لعدم السمع بشكل صحيح.

وتضيف قائلة:

- اليوم أصبحت الحلول متاحة، وعلى المستوى الشخصي من خلال خبرتي أقول أن التفاؤل والاطلاع مطلوبان بصورة أساسية تكملهما خبرة الاختصاصيين في مجال السمع، وذلك عبر تحديد المشكلة واقتراح الحل المناسب ومراقبة ومتابعة الحالة مع الأهل والفريق المتخصص. وان الكشف المبكر هو الأساس لتأمين التدخل المبكر على أنواعه: علاج طبي، جراحة، أجهزة سمع أو زراعة أجهزة صناعية، فاللجوء الى فريق متكامل متعدد الاختصاص يؤمن التوجيه الصحيح للشخص الذي يعاني من فقدان للسمع ولذويه. وان هدفنا دمج أو إعادة دمج هؤلاء الأشخاص اجتماعياً، أكاديمياً وعملياً.

وتختم الدكتورة صليبا حديثها بالقول:

- يكمن دوري في: كشف فقدان السمع حسياً ومن خلال الفحوصات اللازمة حتى عند الأطفال الرضع (متخصصة بتخطيط السمع للرضع من خلال ردود الفعل ــ Behavioral Audiometry). تحديد ضعف السمع وتأثيره على الشخص وعلى الأهل. الارشاد والتوجيه للأهل حول الحالة والحل أو الحلول الممكنة. انتقاء مشروع وبرنامج التأهيل الخاص بكل حالة وتنفيذه. اقامة تقييم دائم للحالة وتطور العلاج. التدريب والتأهيل على السمع والنطق من خلال برامج عدة (حسب العمر، نوع ضعف السمع وشدته). اقامة حلقات حوار وتدريب للأهل وللاختصاصيين في المجال (Training in Audiology and Auditory-Verbal Therapy).

ولقد أظهرت الدراسات ونتائجنا أنه كلما كان الكشف مبكراً عن ضعف السمع، كلما استطعنا اقامة تدخل مبكر، ومع توجيه العائلة الصحيح والصحي يمكننا تأمين فرصة لفاقد السمع بتطوير مهاراته كافة وتجنب انعزاله النفسي وعلى المستوى الاجتماعي.