تفاصيل الخبر

ضـعـــف الـنـظـــــر يـهــــــــدد نـصــــــف سـكــــان الـعـالـــــم بـحـلــــــول الـعـــــــــام 2050  

17/06/2016
ضـعـــف الـنـظـــــر يـهــــــــدد نـصــــــف  سـكــــان الـعـالـــــم بـحـلــــــول الـعـــــــــام 2050   

ضـعـــف الـنـظـــــر يـهــــــــدد نـصــــــف سـكــــان الـعـالـــــم بـحـلــــــول الـعـــــــــام 2050  

بقلم وردية بطرس

الدكتور-جورج-شرفان-بعد-قيامه-بعملية-جراحية-لأحد-المرضى

تعتبر العين أهم أعضاء الانسان حيث انها العضو الذي يكتسب الانسان من خلاله الجزء الأعظم من معارفه، وعبرها يحقق متعة معاينة الضوء والألوان، وبها يطل على الحياة والعالم الخارجي بمساعدة ضئيلة من الأعضاء والحواس الأخرى مثل السمع واللمس والشم، ولكن العين هي التي تقوم برؤية العالم الخارجي، ومن خلالها يقوم الانسان بالحركة والعمل والتنقل وتمييز الناس ومشاهدة الطبيعة ومشاهدة التلفاز واتمام الأعمال التي تتطلب دقة، ومن دون العين فان الانسان يعيش في ظلام ويصبح عاجزاً عن القيام بالكثير من الأعمال ويبقى اعتماده على الأعمال التي لا تحتاج الى العين وهي ضئيلة جداً وتعتمد على الحواس الأخرى مثل السمع والشم واللمس. لذلك تعتبر العين من أهم أعضاء الانسان فهي التي تساعده على الاندماج في الحياة والأعمال والمجتمع وتمكنه من استكشاف العالم، ومن دونها يصبح الانسان عاجزاً عن القيام بكثير من الأعمال ويبقى يعيش في ظلام طوال حياته لا يرى سواه، لذلك لا بد من الحفاظ على العين بشكل حريص.

مشكلة ضعف النظر ترتفع 28 بالمئة عالمياً

لا شك ان ضعف النظر موجود منذ القدم، ولكن ليس بالمعدلات الحالية، ويعود ذلك بشكل رئيسي الى الطريقة التي يستخدم بها الانسان المعاصر عينيه، فمبدئياً تطورت عين الانسان لتكون قادرة على رؤية ما يحيط به ولمسافات لا بأس بها، غير ان الحياة المعاصرة فرضت عمل العينين بمسافات قصيرة جداً، ونشاطات تشبه الى حد بعيد النشاطات التي نمارسها في أماكن العمل مثل استخدام الكمبيوتر والهواتف الذكية والقراءة. هذا التركيز على مسافات قصيرة حسب قول العلماء يؤدي الى عرقلة حركة العدسة الداخلية في العين وجعلها تعتاد على المسافات القريبة فقط ولا تستطيع بالتالي التكيف عند محاولة النظر نحو اتجاهات بعيدة.

وقد توقعت أحدث دراسة نشرت نتائجها مجلة <أوبثالمولوجي> العلمية ان يعاني نصف سكان العالم من قصر النظر بعد سن الخامسة والثلاثين، وان نحو مليار شخص ممن يعانون من قصر النظر الشديد سيكونون عرضة لفقدان البصر بشكل كامل، وأشارت الاحصاءات الى ان نسبة حالات قصر النظر بين سكان العالم ارتفعت من 23 بالمئة (ما يعادل المليار و400 مليون نسمة في العام 2000) الى 28.3 بالمئة (ما يعادل المليار و900 مليون نسمة في العام الماضي 2015). وتوقعت الدراسة المشتركة بين معهد <برين هولدن فيجن> للبصر (Brien Holden Vision) في جامعة <نيو ساوث والس> (New South Wales) الاسترالية ومعهد <أي ريسيرش> (Eye Research) في سنغافورة، ان يستمر ارتفاع معدلات ضعف النظر في السنوات المقبلة، ليعاني منه نصف سكان العالم بحلول العام 2050، ما يعني ان قصر النظر قد يصبح المسبب الرئيسي لفقدان البصر في العالم.

وأشارت الدراسة الى ان الأسباب المؤدية الى ارتفاع نسبة قصر النظر في العالم تعود الى العوامل البيئية والتغيرات العميقة التي طرأت على نمط الحياة، ومن ذلك قضاء ساعات طويلة أمام شاشات الأجهزة الالكترونية، وقضاء أوقات أقل من السابق في الهواء الطلق للقيام بأنشطة مختلفة، ما أثر على سلامة العينين، كما لم تستبعد الدراسة العامل الجيني. وقد اعتمد الباحثون قبل الوصول الى النتائج على أكثر من 145 دراسة أجريت ابتداء من العام 1995، وعلى احصاءات وتوقعات الأمم المتحدة المتعلقة بتنمية السكان في العالم، ليكتشفوا ارتفاع نسبة قصر النظر بين الشباب، وخصوصاً في شرق آسيا (سنغافورة، وكوريا، وتايوان، والصين) بما يعادل ضعفي نسبتها في مناطق أخرى حول العالم، لأسباب منها ضغط نظام التعليم في تلك الدول واستعمال الأطفال الأجهزة الالكترونية بشكل مكثف. وللدراسة قيمة علمية في مجال الطب الوقائي للعيون، وخصوصاً لدى الأطفال الذين يحتاجون الى فحوصات دورية سنوية في مراحل طفولتهم المبكرة لاكتشاف أمراض العيون وتفاديها بكلفة أقل. وان لمتابعة الدراسات العلمية فائدة كبيرة في تسريع انجاز الحملة وتحقيق مبادرة الرؤية 2020 للحد من العمى الممكن تفاديه وخصوصاً بين الأطفال.

وكان اختصاصيون في البصريات قد أكدوا ان ادمان النظر على شاشات الهواتف الذكية او شاشات الكومبيوتر يلحق ضرراً بالعيون ويؤثر عليها على المدى الطويل. وقد ارتفع ضعف النظر لدى الانسان بنسبة 80 بالمئة خلال السنوات الأخيرة لأن مستعملي الهواتف لا يتخذون مسافة بين العين والشاشة لدى النظر إليها، وهذا يشكل خطراً على العين.

فما هي العوامل التي ادت الى تزايد مشكلة ضعف النظر؟ ومن هم الاكثر عرضة للاصابة بضعف النظر؟ وهل من طرق وقائية لحماية العين؟

 

الدكتور جورج شرفان يشرح أسباب ضعف النظر

<الأفكار> التقت الدكتور جورج شرفان الاختصاصي في طب وجراحة العيون وتقنية الليزر بعد انتهائه من عملية جراحية لأحد المرضى داخل <المستشفى التخصصي لطب العيون> في المتحف وتحدثنا عن ضعف النظر من كل النواحي وسألناه:

ــ ما هي العوامل التي تؤدي الى ازدياد مشكلة ضعف النظر؟ وما صحة ان ضعف النظر يهدد نصف سكان العالم بحسب الدراسة الحديثة التي نشرتها مجلة <أوبثالموجي> العلمية؟

- لا شك انه يحدث مع الناس ضعف نظر لسببين، الأول هو عامل المناخ العام اي البيئة، فالبيئة التي نعيش فيها تتحول من سيء الى أسوأ، ونحن كأطباء لا نقدر ان نصلح ذلك، وهذا العامل البيئي على علاقة بالأمم المتحدة والمنظمات البيئية التي تهتم بمشاكل التلوث الى ما هنالك حيث من المفروض بها ان تعمل على الحد من نسبة التلوث في العالم. وهناك عامل ثان وهو مهم جداً الا وهو ان متوسط عمر الانسان أصبح أعلى، وعندما يعيش الانسان فترة أطول يصبح عرضة للاصابة بأمراض فتحدث معه مشاكل سواء في العين او غير ذلك، فمثلاً مشكلة الماء الزرقاء ليس لأنها تحدث كثيراً او انها كانت تحدث من قبل بل لأن الانسان يعيش لعمر أطول في يومنا هذا، وهناك أمراض تتعلق بالشيخوخة مثلاً تلك التي لها علاقة بنشاف شبكة العين فكلما تقدم الانسان في العمر يصبح أكثر عرضة للاصابة بها.

ويتابع:

- في الوقت نفسه هناك عوامل خارجية تؤثر على قصر النظر بسبب استعمال الكمبيوتر والاجهزة الالكترونية مما يجعل الأطفال يقضون أوقاتهم في أماكن مغلقة ولا يلعبون في الهواء الطلق كما كانوا يفعلون في الماضي حيث كانوا يمضون أوقاتاً أكثر في الطبيعة والهواء الطلق ولهذا لم يكن هناك مشاكل في النظر وما شابه، كما ان الناس اليوم يقضون أوقاتاً طويلة داخل المكاتب والأماكن المغلقة ولا يتعرضون لأشعة الشمس والهواء كما في الماضي، ويعود ذلك لاستعمال الكمبيوتر في معظم الأعمال والمهن، وبالتالي فإن التعرض لشاشة الكمبيوتر يؤثر على النظر ويسبب للشخص قصر النظر خصوصاً عندما يستعمله بشكل مطول.

ــ وماذا عن العامل الجيني؟

- بطبيعة الحال ليس هناك مرض الا وله علاقة بالعامل الجيني، والعوامل الجينية تظهر اكثر مع التقدم في العمر او بالأحرى هي موجودة ولكن تأثيرها يظهر اكثر مع التقدم في السن. وإن الدول التي تكون مجتمعاتها منغلقة ويكثر فيها زواج الأقارب يتم توارث الأمراض فيها. اذاً زواج الأقارب يزيد من تأثير العامل الجيني الذي هو أصلاً موجود ولهذا تتوارث بعض العائلات الأمراض من جيل لجيل.

ــ هل هناك من طرق وقائية لنحمي أنفسنا من تزايد حدوث ضعف النظر؟

- بيئياً يجب ان تكون البيئة نظيفة وخالية من التلوث، وكما ذكرت اننا كأطباء لا نقدر ان نقوم بشيء حيال ما يحصل من تلوث حولنا الى ما هنالك، وفي ما يتعلق باستعمال الكمبيوتر فلا نقدر ان نتفادى الأمر لأنه مرتبط بالتقدم والتكنولوجيا، ولكن نقدر ان نعوض او أن نحاول التخفيف من مضاعفاته. وبالنسبة الى العامل البيئي فنقدر ان نعمل على تنقية الهواء داخل المنزل ولكن طبعاً لا نقدر ان نقضي وقتنا داخل المنزل. الا انه علينا ان نعوض عن ذلك عن طريق التغذية اي ان نأكل طعاماً صحياً وبيولوجياً وان نتجنب تناول الأطعمة التي تحتوي على المواد الحافظة، فكل هذه الأمور نقدر ان نهتم بها وبالتالي نعوض عن تعرضنا للبيئة الملوثة.

الأطفال هم الأكثر عرضة

للإصابة بضعف النظر

ــ وهل الأطفال هم الأكثر عرضة للاصابة بضعف النظر؟

- كل الناس عرضة للاصابة بضعف النظر، ولكن الأطفال حتى لو كان لديهم مناعة ولكن تظهر لديهم مشاكل في النظر في الكبر لأنهم لم يتنبهوا لهذه الأمور في مرحلة الطفولة واقصد هنا بسبب استعمال الكمبيوتر والهواتف الذكية وما شابه بشكل مفرط... وتجدر الاشارة هنا الى ان الجسم يقاوم وله منظفات بيولوجية تنظف الجسم من مساوىء البيئة ولكن بالنتيجة فإن تراكمها يتغلب على الطرق التي ينظف الجسم بها نفسه بشكل تتبين السلبيات لاحقاً ويصبح الجسم عرضة للاصابة بمشاكل صحية عديدة وليس فقط بما يتعلق بالعين.

ــ نرى في بلدان آسيا معمرين واشخاصاً متقدمين في السن دون أن يعانوا من مشاكل في النظر، فهل للأمر علاقة بنمط العيش وما شابه؟

- ان سكان آسيا يستهلكون طاقتهم وفي الوقت نفسه طعامهم صحي، ونحن في لبنان طعامنا صحي أيضاً ولكن نتأثر بالخارج وأصبحنا نستهلك الوجبات السريعة بشكل اكثر، وهذه الوجبات تحتوي على مواد تضر بصحة الانسان، مع العلم ان الطعام اللبناني والشرق الأوسطي مبني على الحبوب والبروتينيات والسمك فلو اننا نتناول من أطعمتنا لكان وضعنا احسن من الشعوب الأخرى حيث يستهلكون هناك مواداً حافظة وغير صحية تؤثر سلباً على صحة الانسان.

ــ اذاً هل يعاني الناس في الدول المتقدمة وخصوصاً الدول الاسكندنافية من ضعف النظر اكثر من غيرهم؟

- ليس في الدول الاسكندنافية فقط وحتى في اليابان وكل الدول المتقدمة يعاني الناس فيها سواء من ناحية التكنولوجيا او استعمال الهواتف الذكية <آيفون> و<ايباد> وغيرها، لذا ان نسبة قصر النظر لديهم اعلى من غيرهم وخصوصاً في اليابان والصين والدول الاسكندنافية وحتى في لبنان نظراً لاستعمال التكنولوجيا اكثر من السابق.

ــ يرى العلماء ان ابتعاد الانسان عن الشمس والوجود في اماكن مغلقة اديا الى تزايد مشاكل النظر، فما أهمية التعرض لأشعة الشمس في هذا الخصوص؟

- هذا صحيح، ففي الماضي كان الانسان يقضي أوقاتاً طويلة في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس، بينما اليوم يقضي معظم أوقاته في أماكن مغلقة حيث لا تدخلها اشعة الشمس او الهواء، فبمجرد ان نخرج من المنزل او مكان العمل وتعرضنا لأشعة الشمس فلن يعاني الناس من مشاكل سواء من ناحية النظر او اي مشكلة صحية أخرى، يجب ان يدرك الناس هذه الأمور وان يحموا أنفسهم من هذه العوامل التي تؤثر سلباً على صحتهم وان يعيشوا بطريقة صحية.

ويختم قائلاً:

- نحن لا نقدر ان نمنع الأولاد وجيل الشباب من استعمال الكمبيوتر والتكنولوجيا، ولكن ننصح الأهل دائماً ان يتنبهوا الى الأمور التي ذكرناها الا وهي الغذاء الصحي، والاستفادة من الوقت وذلك بان يصطحبوا أولادهم الى الطبيعة والأحراش والغابات ليلعبوا في الهواء الطلق والا يقضوا معظم أوقاتهم أمام شاشة الكمبيوتر او <الايفون> وما شابه. بهذه الطرق نقدر ان نحمي أولادنا من مشاكل النظر التي قد تصيبهم لاحقاً.