تفاصيل الخبر

«داعش» ينتقم لتراجعه في الداخل السوري بـ «حرب إلغاء» ضد «النصرة» للتحكّم بعرسال وجرودها!  

13/11/2015
«داعش» ينتقم لتراجعه في الداخل السوري  بـ «حرب إلغاء» ضد «النصرة» للتحكّم بعرسال وجرودها!   

«داعش» ينتقم لتراجعه في الداخل السوري بـ «حرب إلغاء» ضد «النصرة» للتحكّم بعرسال وجرودها!  

tafjir-3ersal الأحداث الأمنية التي شهدتها منطقة عرسال الأسبوع الماضي بدءاً بحادث التفجير الانتحاري الذي استهدف مقراً لمشايخ على خلاف مع تنظيم <داعش>، وصولاً الى استهداف دورية للجيش في المنطقة نفسها، وما تلا ذلك من تحركات مسلحين وإرهابيين، لم تفاجئ المسؤولين الأمنيين اللبنانيين الذين كانوا يتوقعون حصول مثل هذه الحوادث والاعتداءات في ضوء التطورات الأمنية والعسكرية المتسارعة في الداخل السوري بعد دخول روسيا مباشرة في الحرب ضد المسلحين سواء انتموا الى <داعش> أو <جبهة النصرة> وغيرهما من التنظيمات الإرهابية الناشطة في مواجهة الجيش السوري النظامي وحلفائه في حزب الله والجيش الإيراني ومؤخراً الجيش الروسي. وفيما دُفع الجيش اللبناني بتعزيزات إضافية لمواجهة خروقات محتملة في ضوء القراءات التقييمية لما يجري من قتال وتبدّل في المواقع داخل الأراضي السورية، بدا وفق مصادر عسكرية وأخرى متابعة، أن منطقة عرسال ستشهد خلال الآتي من الأيام تطورات أمنية تعيدها الى الضوء بعدما أدى هدوء الجبهة خلال الأشهر الماضية الى ابتعاد الاهتمام الإعلامي بما يجري على الحدود اللبنانية - السورية بقاعاً والتركيز خصوصاً على ما يجري في الداخل السوري.

وتضيف المصادر أن ثمة معطيات عدة رصدتها المراجع الأمنية المعنية تؤشر الى أن عرسال ستستعيد حضورها في وسائل الإعلام من زاويتين: الأولى المواجهة المتجددة مع وحدات الجيش المنتشرة على خطوط التماس في المنطقة المتاخمة لجرود عرسال حيث يتمركز المسلحون، والثانية تجدّد الصدامات بين <داعش> و<جبهة النصرة> في <حرب إلغاء> تظهّر الصراع الذي كان مكتوماً بين التنظيمين، علماً أن المسؤولين عن <داعش> في المنطقة جاهروا برغبتهم في إرهاب خصومهم المسلحين في المنطقة توطئة للهيمنة على البلدة البقاعية وما تمثله من إطار جغرافي له مميزات استراتيجية لأنه نقطة التواصل والتماس على الحدود اللبنانية - السورية المضطربة، ومصدر التوتر الدائم كلما اضطرب الموقف أكثر فأكثر في الداخل السوري عموماً وفي منطقة القلمون خصوصاً والتي لم تنجح فيها المساعي لتثبيت وقف إطلاق النار وتأمين جلاء المسلحين عنها. وفي تقدير المصادر أنه كلما ازداد الخناق على مسلحي <داعش> وحلفائهم نتيجة الإجراءات التي وعد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان باتخاذها بعد الفوز الذي حقّقه حزبه في الانتخابات النيابية المستعادة، كلما كانت ردة فعل <الداعشيين> في اتجاه نقاط الضعف المتمثلة بجبهة عرسال المفتوحة منذ 2 آب/ أغسطس 2014 والمستمرة من دون أفق يمكن أن يدلّل على قرب نهايتها. فضلاً عن أن <داعش> وفق المصادر نفسها - تلقى أخيراً سلسلة ضربات بعد التدخل الروسي المباشر في الحرب مع التنظيمات الإرهابية، خصوصاً ما حصل على طريق حلب وأدى الى منع المسلحين من محاصرة المدينة التي تُعتبر الثانية في سوريا من حيث أهميتها الاقتصادية والسكانية.

مخيمات النازحين... بيئة حاضنة!

 

وترى المصادر العسكرية والمتابعة أن تنظيم <داعش> سيكون رأس حربة في المواجهة، خصوصاً أن المعلومات المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية المعنية تؤكد أن <داعش> سيعمل تباعاً وكلما مكّنته الظروف من ذلك الى توسيع أماكن تموضعه لتفادي اشتداد الحصار عليه وقطع خطوط الإمداد والتواصل مع مقاتليه في الجبهات الاخرى، لأن ثمة من يؤكد بأن قرار <إنهاء داعش> اتُخذ على المستوى الدولي، وأن الأمر يتطلّب المزيد من العمليات العسكرية لتهيئة الأجواء أمام المفاوضات التي أقلعت جزئياً من فيينا في الأسبوع الماضي. وقد بدأ <داعش> يترجم عملياً استراتيجيته الجديدة لاسيما بعد التفجير الأخير الذي استهدف <هيئة علماء القلمون>، ثم الدورية العسكرية التي كانت توفر الحماية لقوى الأمن الداخلي في مسح الأضرار المادية والبشرية التي نتجت عن تفجير مقر <هيئة علماء القلمون>.

وتهدف هذه الاستراتيجية الى تعزيز حضور <داعش> في بلدة عرسال وفي مخيمات النازحين السوريين المحيطة بها والتمدّد داخل مجموعات النازحين التي يصعب على القوى الأمنية استمرار دهم أماكن إقامتها والمخيمات التي نُصبت لهذه الغاية في المنطقة. وفي حال نجح <الداعشيون> في تعزيز حضورهم في عرسال، فـــــإن المصـــــــادر نفسهـــــا تتحدّث عن <ضغط> سيتعرض له غير المؤيدين لـ<داعش> خصوصاً وللتنظيمـــــات المسلحـــــة عمومـــــاً، للحصــــول على مزيد من <المكاسب> التي تحقق للتنظيم الإرهابي حضوراً على الأرض قد يبدأ محدوداً لكنه سرعان ما سيتحوّل الى تمدّد غير مضمون النتائج في المنطقة، ما سيزيد المواجهات بين الجيش والمسلحين الذين سيتخذون من أهالي عرسال دروعاً بشرية في حربهم مع الجيش اللبناني.

من هنا، ترى المصادر نفسها، أن ما حصل في عرسال في الأسبوع الماضي ليس حادثاً عابراً كما وصفه البعض، بل هو جزء من خطة تحرّك جديدة سيعتمدها التنظيم الإرهابي ليعيد تسليط الأضواء على عرسال ومحاولة صرف النظر عما يجري في الداخل السوري، لاسيما إذا ما تجدّد التراجع في حضور <داعش> وانتشاره في الأراضي السورية بفعل مقاومة الجيش النظامي للمسلحين مدعوماً بالأسطول الجوي الروسي الذي شنّ هجمات موجعة كبّدت الإرهابيين خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات والمواقع على حدٍ سواء، وبالتالي فإن عودة الاضطراب الى عرسال، بلدة وجروداً، ستحيي من جديد <تناقضات> الداخل اللبناني وما يمكن أن يرافقها من مناخات سياسية تزداد اضطراباً إذا ما نجح المسلحون في إعادة إحياء موجة تفجير السيارات المفخخة في أماكن حساسة في لبنان، على غرار ما كان يحصل في السابق قبيل وبعد خطف العسكريين في 2 آب/ أغسطس 2014، خصوصاً أن مأساة هؤلاء لا تزال مستمرّة وتتفاعل معاناة أفراد عائلاتهم وتحرّكاتهم الاحتجاجية على المصير المجهول الذي يلقاه هؤلاء العسكريون بين أيدي خاطفيهم.

 

خطة الجيش لمواجهة

التمدّد المتجدّد

عرسال 

حيال هذا الوضع، تضيف المراجع العسكرية المعنية، فإن خطة المواجهة التي سيعتمدها الجيش متعدّدة الأضلاع، فهي من جهة تركّز أولاً على تعزيز خطوط الدفاع وتضييق الخناق على تحرّك المسلحين، وتلحظ ثانياً تفعيل العمل المخابراتي لتطويق أي محاولة لتكريس واقع <البيئة الحاضنة> داخل عرسال، خصوصاً أن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أكد أكثر من مرّة أن عرسال بلدة <مُحتلّة وخارج نطاق الشرعية>. وفي خطة المواجهة أيضاً، الحؤول دون تحوّل عرسال من جديد الى بؤرة توتر وتصادم متعدّد الوجوه والأشكال، ما سيؤدي حتماً الى ضغط على الداخل اللبناني على النحو الذي حصل سابقاً، فضلاً عمّا يمكن أن يسبّبه أي صدام من انعكاسات سلبية على منطقة البقاع، لاسيما في المحاور المتقابلة في البقاع الشمالي حيث تنتشر مجموعات حزب الله والأهالي لحماية البلدات المتاخمة الشيعية منها والمسيحية.

وفي الوقت الذي يسمع زوار اليرزة تأكيدات من قائد الجيش العماد جان قهوجي أن الأوضاع <ممسوكة> في منطقة عرسال ولا داعي للخوف أو القلق، فإن ثمة من يعتقد أن أي تغيير ميداني في الداخل السوري يقضي ولو تدريجياً على حضور تنظيم <داعش>، سيترك انعكاسات سلبية على الوضع في عرسال وجرودها، ويتزامن هذا الاعتقاد مع دعوات الى خطوات استباقية تمنع تجدّد التوتر والتفجير والاحتقان في المنطقة التي كانت قد شهدت خلال الأشهر الماضية هدوءاً حذراً قد لا يستمر طويلاً مع تسارع الأحداث في الداخل السوري. واليقظة المطلوبة بقاعياً، تنسحب - حسب المصادر العسكرية نفسها - على الوضع الداخلي في لبنان، لاسيما في المناطق التي كانت في السابق هدفاً لضربات المسلحين والإرهابيين خصوصاً أن الاعترافات التي أدلى بها الإرهابيون الذين اعتقلهم الجيش والقوى الأمنية الأخرى دلّت أن ثمة خلايا نائمة تتحرّك <غبّ الطلب> لأن إرباك الساحة الداخلية <يُريح> مسلحي الجرود ويحقّق لهم بعضاً من أهدافهم المعلنة وغير المعلنة.