تفاصيل الخبر

داعــش مـشـروع فـرقـــــة مــن حـــــلـب الــى الــرقـــــة  

03/06/2016
داعــش مـشـروع فـرقـــــة مــن حـــــلـب الــى الــرقـــــة   

داعــش مـشـروع فـرقـــــة مــن حـــــلـب الــى الــرقـــــة  

بقلم علي الحسيني

الكاتب-والاعلامي-السوري-صهيب-عنجريني

يجوز تشبيه حال المعارضة السورية أو ما يُعرف بالفصائل المقاتلة، بحال التحالفات الإنتخابية في لبنان، ففي هذا البلد تحالفت القوى الحزبية والسياسية في بعض المناطق خلال الانتخابات البلدية، لكنها تواجهت وتخاصمت في مناطق اخرى ووصل الحد بينها الى التخوين وربما الخصومة. وهذا ما يظهر اليوم في ما خص المعارضة السورية التي تتوحد في العديد من مناطق حلب في مواجهة النظام السوري وحلفائه، لكنها تتواجه وتتقاتل في محافظ الرقة وغيرها، وخير دليل هو توحيد بندقية المعارضة لطرد تنظيم <داعش> من الرقة بعد اعتباره خائناً للقضية وأن أفعاله كلها تصب لمصلحة النظام السوري.

في حلب يُقرأ العنوان من خان طومان

في السادس من شهر أيار/ مايو الحالي، تمكنت فصائل المعارضة السورية وضمن غرفة عمليات موحدة من استعادة سيطرتها على بلدة خان طومان في ريف حلب الجنوبي بهجوم مباغت إثر معارك عنيفة شهدت خسائر فادحة في الارواح والعتاد لجميع الفئات استمرت لأكثر من عشرة ايام شارك فيها الطيران الروسي وقوات الحرس الثوري الايراني وحزب الله وقوات عراقية وافغانية، ومن هذه البلدة على اعتبار المعارضة قد اختارت الخاصرة الاهم والاصعب لقوات النظام في المنطقة الجبلية التي تقع على مسافة قريبة جداً من الطريق الدولي دمشق - حلب حيث المكان الذي حاول النظام اكثر من مرة الوصول اليه. وفي وصف لحركة الفصائل ونوعية تحركها باتجاه النقطة المحددة اي خان طومان، يتبين من خلال رصد الهجوم قبيل انطلاقه نيتها في استعادة زمام المبادرة بهدف توقيف تقدم قوات النظام السوري، فبدأت بفرض المعركة، فاختارت الزمان والمكان المناسبين، فكانت قرية خان طومان القريبة من جبل عزان هي الهدف الاساسي على اعتبار سيطرة المعارضة السورية عليها تهدّد الى حد كبير وجود النظام بكامل مناطق ريف حلب الجنوبي، مثل زيتان وبرنه والخلصة والقلعجية، إضافة إلى قرب البلدة من طريق الشيخ السعيد، مما يعني إمكانية الدخول إلى مدينة حلب من الجهة الجنوبية.

وللنظام قراءة خاصة للمعركة

في ظل التحركات التي تقوم بها الفصائل، لا يقوى النظام السوري في هذه المرحلة التي تتقدم فيها المعارك في حلب باتجاه الحسم على يد أي طرف بشكل دراماتيكي ومُفاجئ، تحمل خسارة هذه البلدة ولذا فهو يعد العدة لاستعادتها، ومن هنا تشير مصادره الى انه بدأ يستعيد زمام المبادرة والاقتراب من الانتهاء من الاستعدادات العسكرية وأنه بدأ فعلاً المرحلة الأولى من استعادة البلدة والتي تتمثل بتنفيذ عملية تمهيد ناري مكثف تجاه مواقع الفصائل داخل البلدة، وهو نجح الى حد ما في استعادة المبادرة الهجومية في البلدة الاستراتيجية اضافة الى افشاله محاولات <جبهة النصرة> وحلفائها من تحقيق خرق اضافي خارج سيطرتهم وخصوصاً منعهم من الوصول إلى مستودعات خان طومان وزيتان.

 ومن المعروف ان الفصائل تُدافع فقط عن المنطقة ولا تتقصد الانتشار خارجها كونها تعلم مسبقاً ان اي عملية انتشار خارج المواقع والنقاط الثابتة، سوف يشتت قواها ويعرضها لنكسة تشبه تلك التي تلقتها في منطقة الغوطة في دمشق منذ ايام حيث نجح النظام وحزب الله في السيطرة عليها بشكل كامل وإخراج الفصائل منها بعد معارك ضارية كانت الغلبة فيها لسلاح الطيران الروسي. وفي حلب تقوم خطة الجيش السوري على استكمال تقطيع اوصال الفصائل والجماعات المسلحة، واجبارها على خوض ثلاث معارك على ثلاث جبهات: جبهة الجيش، جبهة الأكراد وجبهة تنظيم <داعش>، والهدف الرئيس هو السيطرة على المناطق الشرقية والمناطق الشمالية من مدينة حلب، وفك الحصار الذي تفرضه المعارضة على منطقة الشيخ مقصود. ونجاح الجيش في خطته هذه، سوف يجعل المعارضة اما ان تصبح محاصرة داخل المدينة أي بين فكي كماشة القوات الحكومية في منطقة حندرات شرقاً والقوات الكردية في حي الشيخ مقصود غرباً، أو تنسحب إلى خارج المدينة باتجاه الشمال نحو عزاز عند الحدود التركية.

نازحون-من-الرقة

هكذا تفاجأ الإيراني في حلب

منذ عام تقريباً، استعد قائد لواء <فيلق القدس> في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني مع ثلاث فرق تابعة لانهاء وجود حالة اسمها الفصائل المقاتلة في ريف حلب، وقد توعد يومئذٍ سليماني بإنهاء المعركة لصالحة بأقل من شهر واحد، الا ان الامور تبدلت وانقلبت الجبهة من ريف حلب الى الجولان وتحديداً القنيطرة، إذ ذاك استدار القائد الايراني بأمر من السيد الخامنئي الى الجهة الاخرى لتدعيم جبهة الجولان ومنعها من السقوط بيد <جبهة النصرة> التي كانت تمدها اسرائيل وتدعمها بكافة انواع الاسلحة بالاضافة الى تدريبها ومعالجة عناصرها في الداخل الاسرائيلي. تمكن سليماني من منع انهيار جبهة الجولان، لكنه في المقابل لم ينجح في دحر <جبهة النصرة> التي ما زالت تسيطر على الحدود ولديها نقاط ثابتة ومواجهة تماماً لنقاط جيش النظام وحزب الله. واليوم عاد سليماني الى جهة ريف حلب متوعداً ثانية بتوجيه ضربات قاسية للفصائل ودحرهم من كافة حلب وليس ريفها فقط، لكن حتى اليوم ما زالت خان طومان بيد هذه المعارضة التي يبدو انها تستبسل وتستميت في الدفاع عنها، وسط ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجنود الايرانيين بسبب الكمائن المحكمة التي تنصبها المعارضة السورية على الطرقات.

وقد اكد الاعلام الايراني نفسه سقوط عدد لا يُستهان به من كبار قادة الحرس الثوري ولواء النخبة اي اصحاب القبعات الخضر، وهذا ما يجعل الحديث عن الهدنة التي كان فرضها الطرفان الروسي والاميركي، تبدو وكأنها لم تعد تصلح اليوم خصوصاً في ظل نية تقدم كل من <جيش الفتح> و<جبهة النصرة> باتجاه بلدة الحاضر التي تقع في عمق ريف حلب الجنوبي. والوصول الى الحاضر يعني الوصول الى بلدتي العيس ورسم الصهريج، ما يعني الاقتراب من الطريق الدولي الاستراتيجي الذي يربط بين مدينتي حلب وحماه، مروراً ببلدات بخان شيخون وسراقب في محافظة ادلب.

عنجريني: معارك حلب بداية لمعركة وجود

 

بعد اعلان جيش الفتح عن قتله اكثر من 150 عنصراً ايرانياً ومن حزب الله وبعض القوات الافغانية بالإضافة الى أسر آخرين خلال الايام الماضية، ساد الصمت والتكتم الاوساط الايرانية العسكرية والسياسية وسط ذهول كبير من التقارير الاعلامية التي راحت تتحدث عن ان الخسارة هذه تُعتبر اكبر خسارة في معركة خارج ايران منذ الحرب العراقية الإيرانية. لكن للكاتب والاعلامي السوري صهيب عنجريني رأي يقول ان معارك حلب الأخيرة ليست سوى بداية لـمعركة وجود في نظر المجموعات المسلحة هناك. هذا ما تقاطعت عليه مصادر المجموعات وهو ما دفع الى ترك الخلافات جانباً ورص الصفوف.

وبرأي عنجريني أن الهجوم الذي شنه الجيش السوري وحلفاؤه على محاور عدة في مدينة حلب وريفها خلف أول الامر تخبطاً كبيراً في صفوف المجموعات، ما انعكس في شكل تقاذف للاتهامات والتخوين بينها، قبل ان تجرى سلسلة اتصالات مكثفة ادت إلى دخول <جبهة النصرة> على خط المعارك ومن دون ان يتضح بعد من هي الجهة التي دفعت <النصرة> الى إرسال امدادات ساهمَت في امتصاص مفاجأة الهجوم واستعادة التوازن.

جنود-اميركيون-في-الرقةتركيا والسعودية: ممنوع  سقوط خان طومان

بعد الخسارة الايرانية الكبيرة في خان طومان والتي ما زالت تتردّد مفاعيلها في الداخل الايراني وسط اتهامات متبادلة بين جنرالات ايرانيين كبار وتحميل بعضهم مسؤولية هذه الخسائر، اتهمت الدوائر السياسية والإعلامية الإيرانية السعودية وتركيا بأنهما وراء الخسائر العسكرية التي مني بها الحرس الثوري الإيراني، وعناصر حزب الله اللبناني والميلشيات العراقية والأفغانية في معركة خان طومان. وقد اعترف القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والأمين العام الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي على حسابه على موقع تويتر، بالخسائر الكبيرة التي تكبدتها إيران، وقال هناك اخفاقات كبيرة. أما رئيس لجنة الدفاع في البرلمان الايراني اسماعيل كوثري، فقال ان الدماء اريقت في خان طومان نتيجة لشرور الولايات المتحدة، واكد ان المعلومات الواردة من سوريا تؤكد وقوع اسرى ايرانيين في خان طومان وان هناك خمسة او ستة عسكريين ايرانيين تم اسرهم.

وتابعت ايران اتهاماتها لتركيا والسعودية حيث اتهمت وكالة تسنيم شبه الرسمية فصائل المعارضة السورية المسلحة بأنها شكلت غرفة عمليات مشتركة بدعم تركي سعودي مباشر وان هذا الدعم بدا واضحاً من خلال الخطوة التي اقدمت عليها تركيا بعد ان فتحت معبراً سرياً بطول 2 كيلومتر، بدل معبر باب السلامة، وأكدت ان المعبر السري يصلح لنقل الاسلحة الثقيلة كالدبابات والمجنزرات ويمتد من الأراضي التركية إلى قرية حوار كلس شمال شرق مدينة اعزاز بمسافة 17 كيلومتراً ويبعد عن الحدود التركية حوالى 1 كيلومتر، كما وأن الخطوة التركية تأتي بعد طلب قدمه لواء السلطان مراد و<حركة أحرار الشام> و<جبهة النصرة> و<فيلق الشام> الى تركيا لفتح معبر بديل عن معبر باب السلامة بعد افتضاحها المباشر في دعم المجموعات الارهابية في ريف حلب الشمالي. وأكدت ان المال التي حصلت عليه تركيا من هذه الجماعات، كان مالاً سعودياً دفعته المملكة نقداً في صناديق معبر باب الهوا عند الحدود التركية. أما الدعم السعودي الاكبر، كان من خلال مد الفصائل المعارضة بصواريخ من نوع ميلان التي ادخلتها تركيا الى خان طومان بتمويل سعودي والذي غيّر مجريات المعركة لمصلحة الفصائل حيث كان له الفضل الاكبر في الحفاظ على البلدة وتكبيد النظام والايرانيين خسائر فادحة في العديد والعتاد.

جنود أميركيون في الرقة وانقلاب

 <داعش> في حلب      

منذ ايام تداولت بعض المواقع الاخبارية نقلاً عن موقع في <تويتر> يعود لاحد مستشاري معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط يُدعى <تشارلز ليستر>، صوراً لمقاتلين اميركيين يقاتلون الى جانب <قوات سوريا الديموقراطية> التي يُهيمن عليها الاكراد في المعارك التي اطلقتها قوات التحالف الدولي للسيطرة على مدينة الرقة الاسبوع الفائت. وقد عبر <ليستر> عن مدى فرحته بوجود عناصر من القوات الخاصة الاميركية في شمال الرقة يقاتلون الى جانب عناصر الـ<يو بي جي> الكردية ضد تنظيم <داعش>. ويُذكر ان الصور التي تم تداولها للعناصر الاميركيين، اظهرتهم وهم يستقلون سيارات عسكرية مزودة برشاشات متوسطة والى جانبهم عناصر ينتمون الى قوات سوريا الديموقراطية وهم يضعون على ملابسهم العسكرية شارات خاصة بالقوات الكردية.

وفي وقت يواجه تنظيم <داعش> خطر الانهيار في محافظة الرقة أمام هجوم تشنه قوات سورية الديموقراطية تحت دعم طائرات التحالف الغربي وجنود من القوات الخاصة الأميركية، باغت تنظيم <داعش> الارهابي فصائل المعارضة السورية في ريف حلب وشن هجوماً واسعاً سيطر فيه على قرى عدة وفرض طوقاً على مدينتي مارع وأعزاز مهدداً المعارضين بخسارة آخر موطئ قدم لهم في شمال سوريا على الحدود مع تركيا. وقد استغل <داعش> في هجومه في حلب خلايا نائمة سهلت لعناصره اقتحام مناطق المعارضة وسط غياب واضح لطائرات التحالف عن سماء حلب. والامر المستغرب ان هذه الطائرات عادت وتحركت لكن بعدما أكمل التنظيم الارهابي سيطرته على قرى المعارضة وكذلك لم تفد التقارير سوى عن غارة وحيدة للتحالف استهدفت منطقة كلجبرين، في وقت كانت تغير فيه الطائرات السورية والروسية على مناطق عدة في مدينة حلب وجوارها موقعة قتلى بينهم أطفال. والبعض اعتبر ان غياب الطائرات كان سببه تأمين تقدم قوات سورية الديموقراطية سياف-داعشالكردية في هجومها على معاقل <داعش> في محافظة الرقة المجاورة.

تصريحات مثيرة للجدل

وفي مطلع الاسبوع الحالي صدرت تصريحات مثيرة للجدل عن مسؤول كردي في حزب الاتحاد الديموقراطي قال ان مدينة الرقة ستنضم تلقائياً الى النظام الفدرالي الكردي بعد تحريرها، باعتبار أن الاكراد هم من يتولون الدور الرئيسي في المعارك ضد <داعش>، وهو ما رفضته المعارضة السورية جملة وتفصيلاً، وأعربت عن مخاوفها من حصول عمليات تطهير عرقي في تلك المنطقة، ووسط هذه التصريحات تزداد التساؤلات حول ما يخطط للمدينة بعد تحريرها من قبضة <داعش> لأنه وبحسب ما هو معروف فإن قوات سوريا الديموقراطية هي فصيل يضم قوات من الأكراد والعرب السوريين، لكن الهيمنة على القيادة تظل للفصائل الكردية. كما بدأت هذه التصريحات المثيرة للجدل حول مرحلة بعد ما بعد <داعش>، مع توارد الأنباء عن تجمع المقاتلين في بلدة عين عيسى بريف الرقة الشمالي تحضيراً لإطلاق المعركة التي وصفت بأنها ستكون سريعة وحاسمة وبدعم مباشر من طيران التحالف الدولي

بدوره لم ينفِ صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي تماماً هذه التصريحات لكنه اكد انه لا يوجد اتفاق مع الولايات المتحدة حول مرحلة ما بعد تحرير الرقة من <داعش>، واشار الى ان السيناريو الاكثر واقعية برأيه سيكون تشكيل مجالس ادارة محلية تدير المحافظة بشكل مستقل، كما حصل في المناطق الأخرى التي حررها الأكراد من <داعش>، واعتبر أن بلدة تل أبيض بريف الرقة ربما تكون أفضل مثال على ذلك..

ومما تقدم يتساءل المواطن السوري ما هو المطلوب عمله الآن؟ ويجيب على نفسه بالقول ان المطلوب توحيد جهود العشائر وسكان المنطقة الشرقية والشمالية ورفض النفوذ الأميركي واعلان مقاومة شعبية ضد اي فدرالية او وجود اميركي بشتى وجوهه على الأرض السورية، بالإضافة إلى وجوب التعاون مع مؤسسات الدولة السورية ضد تأسيس أي كيان كردي انفصالي مهما كانت شعاراته وتصريحاته، فالأميركي ما دخل منطقة الا وعاث فيها خراباً وقتلاً وتدميراً وتقسيماً، و<داعش> احد وجوه الولايات المتحدة في المنطقة كما كانت القاعدة في افغانستان حيث أسستها وشكلت الجماعات المسلحة في سوريا من اجل إيجاد تبرير لنفسها بالتدخل في هذه الدولة او تلك، كما فعلت في أفغانستان وفي ليبيا وفي كوسوفو والعراق واماكن اخرى تحت ذرائع محاربة الإرهاب.