تفاصيل الخبر

داء الصرع يظهر بشكل عام في مرحلة الطفولة ولكنه قد يصيب البالغين أيضاً!

03/01/2020
داء الصرع يظهر بشكل عام في مرحلة الطفولة ولكنه قد يصيب البالغين أيضاً!

داء الصرع يظهر بشكل عام في مرحلة الطفولة ولكنه قد يصيب البالغين أيضاً!

 

بقلم وردية بطرس

الدكتور مروان وهيب نجار:يتجاوب تقريباً من 60 الى 65 بالمئة من المرضى المصابين بالصرع بشكل جيد مع العلاج الدوائي!

 

<Epilepsy> او الصرع هو خلل في نقل الشارات الكهربائية داخل الدماغ. وهو اضطراب عصبي مزمن يصيب الدماغ، ويتميز بنوبات متكررة هي عبارة عن نوبات وجيزة من الحركة غير الارادية التي قد تخص جزءًا من الجسم او الجسم كله، ويصاحبها أحياناً فقدان الوعي والتحكم في وظائف الأمعاء او المثانة. وتنجم النوبات عن فرط الشحنات الكهربائية التي تطلقها مجموعة من خلايا الدماغ، وقد تنطلق هذه الشحنات من أجزاء مختلفة من الدماغ، وقد تتراوح النوبات بين غفلات الانتباه ونفضات العضلات الخاطفة وبين الاختلاجات الممتدة.

وبالرغم من ان الاعتقاد الشائع هو ان مرض الصرع يسبب دائماً نوبة من الحركة اللاارادية وفقدان الوعي، الا ان مرض الصرع  يظهر في الحقيقة بصور متنوعة جداً. وان الحالات التي تظهر فيها العلامات المعروفة بالنوبة الصرعية تكون على الأغلب ضمنية، وتثير أحاسيس غريبة وحساسية زائدة. وبعض المصابين بمرض الصرع يحدقون في الفضاء لمدة ما عندما تصيبهم النوبة، بينما يعاني آخرون من اختلاجات وتشنجات حادة. وتجدر الاشارة الى ان واحداً من كل مئة شخص في الولايات المتحدة عانى خلال حياته من نوبة صرعية لا يمكن تفسيرها، لكن ظهور نوبة صرعية لمرة واحدة لا يشكل مؤشراً على وجود مرض الصرع، فأشخاص كثيرون، وبخاصة الأطفال الذين يعانون كثيراً من الحمى مثلاً، قد يعانون من نوبة صرعية لمرة واحدة، اما اذا تكررت الحالة وأصيب شخص ما بنوبتين صرعيتين فان احتمال التعرض لنوبة أخرى ثالثة يرتفع بصورة جدية جداً. ويظهر مرض الصرع بشكل عام في مرحلة الطفولة او لدى الأشخاص ما فوق سن الـ65، ومع ذلك فقد يظهر مرض الصرع في اية مرحلة عمرية، علماً ان علاج الصرع الصحيح والمناسب يمكن ان يجنّب المريض النوبات الصرعية او ان يقلل على الأقل وتيرة حدوثها ودرجة حدتها، بل ان كثيرين من الأطفال والأولاد المصابين بالصرع يتعافون ويشفون منه في مرحلة البلوغ.

على الصعيد العالمي تشخّص اصابة ما يقدر بنحو 2.4 ملايين شخص بالصرع سنوياً، وفي البلدان المرتفعة الدخل تبلغ حالات الاصابة السنوية الجديدة بين 30 و 50 حالة من كل مئة ألف نسمة بين السكان، أما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل فقد يزيد هذا العدد ليبلغ الضعفين اذ يعيش 80 بالمئة من الأشخاص المصابين بالصرع في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وتقر منظمة الصحة العالمية بأن الصرع يمثل مصدراً كبيراً للقلق في مجال الصحة العامة. وفي مبادرة بدأت في العام 1997 تنظم المنظمة والعصبة الدولية لمكافحة الصرع والمكتب الدولي المعني بداء الصرع حملة عالمية لمكافحة الصرع من أجل تحسين المعلومات عن الصرع والحد من أثر هذا الاضطراب.

 

الدكتور مروان وهيب نجار وأنواع الصرع!

فمن هم الأكثر عرضة للاصابة بمرض الصرع؟ وماذا عن العوارض؟ وكيف يُعالج؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها (الأفكار) على الاختصاصي في جراحة الدماغ والأعصاب والعمود الفقري والأورام الدماغية والصرع وجراحة الجهاز العصبي الدكتور مروان وهيب نجار ونسأله:

ــ هل هناك عوامل او اسباب محددة تؤدي لاصابة الانسان بداء الصرع؟

- ممكن ان يصيب داء الصرع مجموعة من الناس، اذ تقريباً 1 بالمئة من الناس ممكن ان يُصابوا بهذا المرض، وغالباً نرى حالات الصرع عند الأطفال والمراهقين، وهو يصيب الكبار أيضاً وعندما تحدث معهم نوبات كهرباء عندها من الضروري الخضوع لفحص الرنيم المغناطيسي اذ قد تكون هناك كتلة في الدماغ او تشوه او نزف في الشريان، وممكن ان تترافق الجلطات مع النوبات وذلك في سن متقدم، ولكن بالاجمال نرى الصرع عند الأطفال والمراهقين أكثر من الكبار، علماً ان الحالات المرتبطة بالعوامل الوراثية هي قليلة جداً.

وعن أنواع الصرع يشرح الدكتور نجار:

- ممكن ان يكون الصرع من نوعين: اما ان يكون الشخص مصاباً بما نسميه <Generalized Epilepsy> اي الكهرباء التي تصيب الدماغ بشكل عام، واما ما نسميه بـ<Focal or Localization Related Epilepsy > و<Focal> اي مصدر البؤرة في الدماغ، اي اما يكون الصرع عاماً او بؤرة محددة، واجمالاً اذا كان لدى المريض أحد الأمراض الجينية او مشكلة تكوينية معينة فممكن ان يكون لديه نوع من <Generalized Epilepsy> اما الـ<Focal Epilepsy> اي الصرع الناتج عن بؤرة محددة بالدماغ فممكن ان يكون مرتبطاً بتشوه معين او كتلة صغيرة حميدة او تشوه معين بتكوين موضعي بمكان واحد في الدماغ. ومن الضروري ان نميز بين النوعين، فاذا كان هناك مئة مريض مصابين بالصرع، فنحن نعلم انه اذا أعطينا المرضى العلاج الدوائي وهو العلاج الأساسي للصرع فتقريباً 50 بالمئة منهم يتجاوبون مع الدواء وبشكل جيد جداً، أما الأشخاص الذين لا يتجاوبون مع الدواء فنغيّر الدواء او نعطيهم دواء ثانياً، وتقريباً هناك من 60 الى 65 بالمئة من المرضى المصابين بالصرع يتجاوبون مع العلاج الدوائي بشكل جيد وتتوقف لديهم النوبات، وهذا الأمر ضروري خصوصاً اذا كنا نتحدث عن طفل فان تكرار النوبات عند الطفل ممكن ان يؤدي الى التأخر الذهني وأيضاً ممكن ان يؤدي الى تأخر في القدرات العقلية والقدرات الذهنية وتطور النمو الذهني، فعندما يبدأ الصرع عند الطفل بسن السابعة او الثامنة مثلاً ولا يتجاوب مع العلاج الدوائي يتراجع اداؤه المدرسي ولا يعود يدرس بشكل جيد وهذا يؤدي الى تأخر ذهني في المستقبل. ونستنتج مما سبق ان الناس الذين لديهم داء الصرع او هم بالأساس لديهم تأخر ذهني شديد فهم يشكلون نسبة قليلة جداً من مرضى حالات الصرع، فالأغلبية لا يكون لديها تأخر ذهني بالأساس  ولكن تبدأ لديهم النوبات، واذا لم تتم السيطرة على داء الصرع او النوبات عندها ومع مرور الوقت خصوصاً عند الأطفال فسيؤدي ذلك الى تأخر النمو العقلي والذهني، وهنا تكمن أهمية علاج الصرع بشكل جيد جداً وبوقت مبكر من حدوث العوارض والنوبات.

تكرار نوبات الصرع!

ــ عندما لا يتجاوب المرضى مع العلاج ماذا يحدث؟

 - كما ذكرت في سياق الحديث انه تقريباً من 60 الى 65 بالمئة من المرضى يتجاوبون مع الدواء، أما بخصوص الـ35 الى 40 بالمئة من المرضى الذين لا يتجاوبون مع الدواء فماذا سنفعل لهم؟ هنا تكمن أهمية معالجتهم بشكل جيد جداً لأنه اذا لم يتعالجوا ولم تتوقف النوبات لديهم فممكن ان يحدث معهم اذا كانوا أطفالاً تأخر ذهني، وبالتالي تأخر في التحصيل العلمي الى ما هنالك، واذا كانوا كباراً وتكررت النوبات فلن يقدر المصاب ان يعمل او ان يقود سيارة الى ما هنالك، وبالتالي نحاول ان نشفي المرضى، وهنا أهمية العلاج فاذا لم يتجاوب المريض مع العلاج يجب ان يتم تحويله الى مركز متخصص بأحد المراكز الجامعية الكبيرة لدراسة الصرع لديه والتأكد من سبب النوبات وتكرارها... وهؤلاء المرضى الذين يتعرضون لنوبات ولا يتجاوبون مع العلاج، فجزء كبير من المشكلة لديهم يكون ناتجاً عن تشوه في منطقة صغيرة في الدماغ نسميه <Dysplasia> اي يكون هناك خلل في منطقة غير متكونّة جيداً او ممكن ان تكون هناك كتلة صغيرة حميدة تسبب هذه النوبات وأحياناً لا تكون واضحة في صورة الرنيم المغناطيسي، وبالتالي من الضروري اخضاع المرضى الذين لا يتجاوبون مع العلاج لدراسات مكثفة عبارة عن تخطيط مطوّل او تخطيط بالفيديو لمدة يومين او ثلاثة أيام لنسجّل النوبة في محاولة لاكتشاف مصدر هذه النوبة في الدماغ، كما نقوم بفحص صورة رنيم مغناطيسي دقيق جداً لنعرف مصدر الكهرباء، واذا استطعنا ان نحدد المصدر عندها يمكن ان نقوم بجراحة للصرع لاستئصال البؤرة الصرعية او المنطقة التي تسبب الكهرباء وغالباً ما تكون نسبة الشفاء فيها عالية جداً.

ــ وهل يتبين منذ الولادة ما اذا كان الطفل معرضاً للاصابة بالصرع؟

- لا يظهر ذلك منذ الولادة، فعادة يظهر داء الصرع بعمر 4 او 5 سنوات، ولكن ممكن ان يصيب الشخص بسن 16 او 17 ولكن غالباً نراه عند الأطفال، وحالات الصرع التي نسميها <Hereditary> او متوارثة هي حالات قليلة جداً اذ ان أغلب الحالات غير متوارثة.

 

العوارض!

ــ وهل ان عوارض الصرع تظهر بشكل خفيف وتزداد تدريجياً مع الوقت؟

- حسب كل حالة اذ هناك أنواع من كهرباء الرأس، فبعض الأشخاص يُصابون بالصفنة، وبعض الأشخاص تحدث معهم الصفنة مع هزة خفيفة، وهناك البعض يصابون بهزة شديدة اذ يرتجف الجسم كله ويعض الشخص لسانه. اذاً هناك أنواع لحالات الصرع ولكن أغلبها يرافقها غياب عن الوعي، ونوع من الرجفة في القدمين واليدين، وممكن ان يقع المريض على الأرض وان يعض لسانه ويخرج الزبد من فمه.

ــ وهل تزداد نسبة الاصابة بالصرع؟

- اجمالاً نسبة الاصابة بالصرع هي ثابتة ولا تزداد، والحمد لله بفضل التقنيات الحديثة نتمكن منذ عشر سنوات من تشخيص الحالات بشكل أفضل، فمثلاً كان الأطباء  سابقاً يقولون للمريض انه بعدما أخضع للفحوصات لم يظهر اي شيء يسبب المشكلة وبأن عليه ان يواظب على تناول الدواء او ان الدواء لا يؤدي الى نتيجة، أما اليوم فالمرضى المصابون بالصرع الذين يشكلون تقريباً من 30 الى 40 بالمئة ولا يتجاوبون مع العلاج نجد لهم طرقاً ودراسات لنحدد البؤرة او مصدر الصرع ونجري لهم العملية الجراحية لاستئصال البؤرة او مصدر حالة الصرع، اذ في كثير من الحالات اذا تم تحديد البؤرة فممكن ان يتم الشفاء. وبالتشخيص نتمكن من كشف الحالات ولكن لا نقدر ان نقول عددياً ان النسبة تزداد عما كانت عليه من قبل، لأن مرض الصرع ليس مرتبطاً بعوامل مثل مرض السرطان، اذ ممكن ان نقول بأن السرطان يزداد لأنه مرتبط بالتلوث، بينما في حالة الصرع فليس هناك ارتباط واضح بهذه العوامل.

العلاج!

 

ــ وما هي المراحل التي يمر بها المريض خلال العلاج؟

- أولاً يجب ان يتم التشخيص من قبل طبيب الدماغ والأعصاب والأفضل ان يكون متخصصاً بمرض الصرع، وبدايةً يخضع المريض لفحص تخطيط الرأس والرنيم المغناطيسي، ثم يشخّص الحالة وعلى الأغلب يصف له الطبيب العلاج الدوائي، فاذا تجاوب المريض مع العلاج الدوائي على الطبيب ان يتابعه ويعاينه من فترة لأخرى لكي يتأكد بأن كل شيء يسير على ما يرام، اما بحال لم يتجاوب المريض مع العلاج الدوائي فعندها من الأفضل ان يحوّله الطبيب الى مركز جامعي متخصص لاجراء فحوصات متطورة أكثر لتشخيص حالة الصرع والكشف اذا كان بالامكان اجراء جراحة للصرع وتحديد البؤرة الصرعية لاجراء الجراحة ام لا، فهذه العمليات من الصعب اجراؤها في مراكز صغيرة اذ يجب ان تُجرى في مركز جامعي كبير، ونسبة الشفاء تكون جيدة، ونسبياً كلما تتطور التكنولوجيا  في مجال تحديد البؤر الصرعية ومصدرها وكيفية استئصالها وعلاجها، كلما كانت النتيجة أفضل وستصبح الأمور أفضل بكثير في المستقبل ان شاء الله.

ــ وبحال لم يُعالج المريض؟

- اذا تُركت الحالة دون معالجة عند الكبار وتكررت النوبات ولم يتجاوبوا مع العلاج، عندها لن يقدروا ان يعملوا وينتجوا بل سيلازمون المنزل خوفاً على سلامتهم اذا حدثت النوبة وهم خارج المنزل وما شابه. وبالنسبة للطفل فاذا لم يُعالج يحدث لديه تأخر في النمو الذهني وتراجع في الحالة الذهنية وبالتالي لا بد من معالجته. اذاً كما ذكرت ان المريض المصاب بالصرع اذا تجاوب مع الدواء يتحسن حاله، ولكن اذا لم يتجاوب مع الدواء وتكررت النوبات لديه فعندها يجب ان ينصحه طبيبه بضرورة ان يُحوّل الى مركز جامعي متخصص لديه مركز خاص لداء الصرع ليجري له الدراسات المتخصصة المتطورة لكشف الحالة والبؤرة الصرعية وسبب المرض ولماذا لا يتجاوب مع العلاج.

ــ وهل اننا سنصل بفضل التقنيات الحديثة والتطور الى ما هو أفضل بما يتعلق بعلاج الصرع؟

- يمكن القول ان هناك أموراً لم نكن نحلم بها، واليوم تتم ونقوم بها من خلال استئصال البؤر الصرعية وتحديدها بواسطة التكنولوجيا الجديدة والمتطورة، وطبعاً الطب بحالة تطور دائم، ولبنان يتمتع بمستوى متطور جداً في مجال الطب والعلاج، وبالتوازي نحن نقوم بحملات توعية لكي نعرّف الناس عن هذا المرض أكثر.