تفاصيل الخبر

بيئـــة لبـــنان أمانـــة في عنق الجيــل الآتــي لمكافحة التصحّر والتلوّث وثقب ”الأوزون“!

02/12/2016
بيئـــة لبـــنان أمانـــة في عنق الجيــل الآتــي  لمكافحة التصحّر والتلوّث وثقب ”الأوزون“!

بيئـــة لبـــنان أمانـــة في عنق الجيــل الآتــي لمكافحة التصحّر والتلوّث وثقب ”الأوزون“!

بقلم وردية بطرس

safety_enviromentprotection-1200x1200-w800-h600-----1

إن حماية البيئة هي فلسفة واسعة وحركة اجتماعية ظهرت بشكل واسع ازاء المخاوف التي تتعرض لها بيئة كوكب الأرض من تلوث وتغيرات مناخية خطيرة مثل الاحتباس الحراري وتعاظم مخاطر ظاهرة <النينو>. وتقوم فلسفة حماية البيئة على الحدّ من تلوث البيئة والحفاظ عليها. ويتمثل شعار جمعيات حماية البيئة باللون الأخضر.

يمكن ان يُعرّف الاهتمام بالبيئة بأنها حركة اجتماعية تسعى الى التأثير على العملية السياسية من خلال الضغط والنشاط والتعليم من أجل حماية الموارد الطبيعية والنظم الايكولوجية، وأن الحركة البيئية تتمحور حول البيئة، الصحة، وحقوق الانسان. ويبادر القائمون على حماية البيئة عادة بالتظاهرات والاحتجاجات السلمية من اجل احداث تغييرات في السياسة العامة او السلوك الفردي.

وحينما نركز على بيئة الأرض بشكل أساسي بصفتها هي البيئة الأساسية للانسان نرى أن الذين يعيشون عليها نوعان: النوع الأول يُعتبر صديقاً للبيئة وهو الذي يقوم بتحويل النفايات المتراكمة عليها الى طاقة كهربائية لتنظيفها من هذه النفايات التي تتسبب في مشاكل كثيرة، وهو الشخص الذي يقوم بزراعتها بالنباتات والأشجار لاضفاء الجمال والهواء النقي، ويقوم بزيادة المسطحات الخضراء لامتصاص عنصر الكربون من الهواء وامتصاص الغازات السامة والجزيئات العالقة بالهواء وغيرها، كما ان صديق البيئة هو من يحرث الأرض ويصلح تربتها للزراعة، فيفيد مجتمعه في توفير الغذاء والاستخدامات الأخرى التي توفرها هذه الزراعة، فبهذا العمل يفيد مجتمعه ويحب الأرض التي تعطيه من خيراتها ويعتني بها، وبهذا تتكون بينهم علاقة صداقة حميمة وارتباط وثيق يجسد مفهوم المواطنة الصالحة. وبالاضافة الى كل ذلك وحتى تكون صديقاً مخلصاً للبيئة، عليك ان تحافظ على كل ما يحيط بك من جمال وطبيعة، وان تتحكم في اخيتاراتك وقراراتك اليومية كمثل: أين تعيش؟ ماذا تشتري؟ ماذا تأكل؟ ماذا تستخدم في انارة منزلك؟ ماذا تفعل في الطريق؟ كيف تتسوق؟ وكيف تفكر تجاه الحفاظ على البيئة في مدينتك او بلدتك؟ فكل قراراتك وتصرفاتك تلك لها أثر محلي.

 

للبيئة عدوان

وفي المقابل فإن للبيئة عدوين أيضاً: العدو الأول والأخطر على البيئة هو الانسان الذي يعبث بكل مقوماتها عبر ردم البحار وتدمير البيئة والاستيلاء عليها، وعبر تدمير الأراضي الزراعية باقتلاع نباتاتها وأشجارها المثمرة وجرفها، مهدداً ومنتهكاً الأمن الغذائي للناس ومحولاً تلك الأراضي لأراض متصحرة ضارباً عرض الحائط كل الخيرات التي تُحصد منها وسارقاً لقمة العيش من المستفيدين منها، وهذا يعتبر هتكاً لأعراض الوطن وفقاً للكلام المأثور <أرضكم هي عرضكم>. فهذا العدو الحقيقي والجشع الذي لا يتحلى بالمواطنة الحقيقية ولا يتصف بالهوية الصالحة هو ليس عدواً للبيئة فقط وانما عدو للوطن والمواطن معاً، وان الذي يتصف بهذه الصفات السيئة يجب القاؤه في غياهب الجب، ويجب ان ينال جزاءه وألا يفلت من قبضة العدالة وألا يترك يعيث في الأرض فساداً، فهذا النوع من البشر ينتهك كل المبادىء والقيم ولا يتحلى بالأخلاق ولا يعير أدنى اهتمام لقوانين السماء والأرض، وقد صدقت فعلاً المقولة بأن <الطبيعة ضحية طمع الهوامير وسذاجة الفقراء> ونضيف عليها ونقول ضحية تواطؤ الوزارات المعنية والمسؤولين.

والعدو الآخر هي المواد الدخيلة على البيئة التي تنتجها الصناعات المختلفة النفطية وغير النفطية وهي من صنع الانسان أيضاً، ومن تلك المواد الدخلية المادة البلاستيكية حيث يتركب البلاستيك من <الايثين> أحد مشتقات النفط الذي يستخدم في صناعة <البوليثين>، و<الايثين> هو غاز عضوي يتكون الجزيء الواحد فيه من ذرتين من الكربون وأربع ذرات من الهيدروجين التي تحتوي على مادة <الديوكسين> الكيميائية التي تسم خلايا الجسم بشكل خطير وتنتقل اليه عبر التسخين حيث تحرر هذه المادة وتختلط مع الطعام الذي نسخنه في المايكرويف، وتصنع من هذه المادة أكياس النايلون <البوليثين> التي غزتنا ونستخدمها في حمل الخضراوات والفواكهة وفي حفظ الأسماك والمواد الغذائية في الثلاجة وغيرها.

ويشكل التلوث الذي يصيب الطبيعة في عصرنا الحديث مشكلة مهمة وخطيرة يجب التنبه لها بشكل جدي، وهو من أكثر الظواهر المؤثرة بشكل سلبي على الكرة الأرضية وسكان الكرة الأرضية قاطبة، فهذا التلوث يؤثر على صحة الانسان ويزيد من نسبة الأمراض المتفشية، وقد انتشرت ظواهر جديدة تدل على زيادة التلوث الطبيعي وخطره مثل الفيضانات، ومشكلة ثقب <الأوزون>، والاحتباس الحراري، والتصحر.

thumbnail_العميد-ستيف-هارفي-متحدثاً----2لقد خلق الله هذا الكون وأبدع في خلقه وتكوينه فلا بد من ايجاد طرق لحمايته من الطبيعة الانسانية المائلة للتخريب والعبث، ولا بد من السيطرة بكل قوة على الدمار والخراب اللذين يحصلان في عالمنا.

واليوم يدور حديث الناس حول تفاقم التلوث في البيئة وحول سبل حمايتها من خلال التصدي لهذا التلوث الجائر الذي قد يقضي على كوكب الأرض، وقد يضر بالأجيال القادمة، إذ أي مستقبل ستعيشه الأجيال القادمة ومن سينقذهم من الكوارث التي قد تلحق بهم في ظل التلوث والدمار والحروب؟ وهذا التلوث هو من صنع الانسان في أخيه الانسان، وبتنا لا نتصور حياتنا خالية من هذه الملوثات، فقد اعتدنا عليها رغم انها تؤذينا، ولكن لحماية الطبيعة من التلوث علينا ان نقوم بالعديد من الخطوات التي تساعدنا في التخلص من نسبة ولو قليلة من التلوث المحيط بنا.

وان طلاب المدارس والجامعات هم الجيل القادم الذي يجب ان يعتمد عليه للحفاظ على الطبيعة من التلوث، ولا يحصل هذه الأمر الا من خلال ندوات تحذيرية توضح أهمية ان يكون الانسان على وعي كامل بخطورة التلوث على البشرية ككل، وهذا الجيل هو أول من سيصيبه هذا الضرر عندما يكبر حيث سيجد كل شيء جميلاً حوله قد تدمر بفعل الانسان الذي سبقه عن قلة وعي وثقافة، وهنا يأتي دور الشباب في تنمية المجتمع والحفاظ عليه والتقليل من الملوثات التي وصلت بالفعل الى طبقات الجو العليا وأدت الى تدمير طبقة <الأوزون> وألحقت بها ثقباً تنفذ من خلاله المواد الاشعاعية الضارة التي تتسبب في الفتك بملايين البشر من حول العالم.

جائزة <سمير وكلود ابي اللمع>

لريادة الأعمال البيئية

وقد أقام <مركز حماية الطبيعة> التابع للجامعة الأميركية في بيروت احتفاله السنوي لاعلان الفائزين بـ<جائزة سمير وكلود ابي اللمع لريادة الأعمال البيئية> والتي تمنح عشرين ألف دولار لأفضل منتج او خدمة او نظام في الأعمال يكون صديقاً للبيئة.

وقد فاز بالجائزة فريق <ضفاف أكوابونيك فارمز> بقيادة خريج العام 2004 حسام حوّا الذي اقترح مشروعاً ممكن التنفيذ ويلبي متطلبات الحفاظ على البيئة، وله تأثير جيد على لبنان. ويعني مصطلح <أكوابونيك> الزراعة المائية او تربية الأحياء المائية مثل الأسماك، فـ<الاكوابونيك> هو نظام بيئي حيوي متكامل يمكّن من تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء في المنزل عبر انتاج الاسماك والمحاصيل الغذائية دون أسمدة او ملوثات في دورة مستديمة ومستمرة تضمن للشخص الابتعاد عن الملوثات التي صارت تلاحقنا في غذائنا وحياتنا.

ونظام <اكوابونيك> يجمع بين تربة الأحياء المائية والزراعة المائية للنبات لانتاج محاصيل الخضر والأسماك. والفكرة هي ان نفايات الأسماك توفر وسيلة مخصّبة لزراعة النباتات في حين تشكل النباتات مصافي طبيعية للمياه التي تعيش فيها الأسماك. وبالاضافة الى الجائزة فقد نال الفريق مبلغاً نقدياً لدعم تطوير المشروع.

وتجدر الاشارة الى ان <جائزة سمير وكلود ابي اللمع> تجمع بين روح المبادرة والحفاظ على الطبيعة وخدمة المجتمع، وتؤكد الجائزة على أهمية تطوير أفكار مبتكرة لمنتجات قابلة للتسويق وصديقة للطبيعة وفقاً لنموذج المبادرات الخضراء، كما تهدف الجائزة الى خلق فرص عمل في لبنان من خلال دعم أصحاب المبادرات الشباب الذين يتحلون بالمسؤولية الاجتماعية.

الدكتورة-نجاة-صليبا----3ويعتبر الدكتور <ستيف هارفي> عميد كلية سليمان العليان لادارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت ان المشروع ناجح ويقول:

- قد تكون لدينا الأفكار والشغف والرغبة في العمل لما نحب، ولكننا بحاجة الى ان ندمج معها الناحية التجارية. وقد كانت لنا لقاءات شخصية مع أصحاب المشاريع البيئية الذين كان عملهم على الدوام تلبية لما يحبّوه. وان المشروع الناجح هو مشروع مستدام.

وتحدث لوسيان بورجيلي الكاتب اللبناني والمدير والناشط الاجتماعي الذي ألهم الشباب بحديثه عن أهمية التغيير في لبنان وعن تجربته الخاصة المُعاشة خلال أزمة النفايات في لبنان قائلاً:

- انه من الضروري اتخاذ المبادرات الشخصية خصوصاً لحماية البيئة، ونهنىء المشاركين ونشكر حماستهم وتحليهم بالمسؤولية تجاه البيئة.

وكان أكثر من خمسين متسابقاً من جميع أنحاء لبنان قد تقدموا بمشاريع للمسابقة، وطُلب من المرشحين تقديم موجز عن مفهوم مشروعهم كما دُعوا لحضور ورشة عمل حول عرض المشاريع والتقدم بها، ثم شارك المتسابقون في ورشة عمل حول نمذجة الأعمال وتسويق مفاهيمها، ثم خضعوا لدورات افرادية لاعدادهم لمقابلة هيئة المحلفين وعرض مشروعهم ومناقشته.

وقد تم اختيار خمسة متسابقين في المرحلة النهائية نالوا شهادات لأفكارهم ومشاريعهم المبتكرة. وأول المتسابقين في المرحلة النهائية كان <مشروع بيروت كوكتيل> بقيادة منى حلاق والذي هدف الى حماية هوية بيروت عن طريق رفع الوعي حول أهمية الحفاظ على تراثها المعماري والاجتماعي والطبيعي من خلال خلق منتجات جديدة والجمع بين التصميم الحديث والحِرف المحلية. وقد عمل فريق من مرشحي المرحلة النهائية على فكرة صنع الملابس والمنسوجات الصديقة للبيئة باستخدام النفايات البلاستيكية المتراكمة لجعلها منتجات مفيدة. وطوّر فريق آخر أول ممسحة أقدام مطهّرة وصديقة للبيئة ويمكن ابتياعها عبر تطبيق المنصة المتحركة على الهاتف الذكي. واقترح فريق ثالث مستوعب المُهملات للاستخدام المنزلي والذي يفرز البلاستيك والمعادن عن النفايات العضوية.

هذا ويُنظم <مركز حماية الطبيعة> مسابقة <جائزة سمير وكلود أبي اللمع لريادة الأعمال البيئية> بدعم من عائلة أبي اللمع، وقد مُنحت أول جوائز المسابقة في حزيران (يونيو) من العام 2014. والجائزة تكرّم سمير وكلود أبي اللمع والقِيم التي يناديان بأدائها مثل خدمة المجتمع والحفاظ على الطبيعة.

 

الدكتورة صليبا وحماية الطبيعة

وعن أهمية <مركز حماية الطبيعة> تقول الدكتورة نجاة صليبا مديرة المركز:

- ان <مركز حماية الطبيعة> كان أول مركز في الجامعة الأميركية في بيروت وفي لبنان الذي يدخل الاهتمام البيئي الى قطاع الأعمال، ولم يكن الأمر سهلاً لأنه تطلب خلق ثقافة جديدة تركز على حماية البيئة وازدهار الأعمال التجارية، ونحن فخورون بإنجازات المركز، وفيما نتطلع الى المستقبل نأمل ان ينشأ المزيد من المبادرات المماثلة وان يصبح المركز مرجعاً لكل المتقدمين والمنظمين لهذه المسابقات والذين سيطلبون المساعدة والمشورة. نحن نريد ان نقدم كل المساعدة المتاحة للمبدعين لدينا للفوز ليس فقط في مسابقة <جائزة أبي اللمع> لكن في مسابقات محلية ودولية كذلك.