تفاصيل الخبر

بيــروت تجيب ليـلـــة 24 آذار الجــاري فــي كازينـــو لـبــــنـان مــع اضخــم استعـــراض فرانكوفونــي عــن الاسطـــورة!

16/03/2018
بيــروت تجيب ليـلـــة 24 آذار الجــاري فــي كازينـــو لـبــــنـان  مــع اضخــم استعـــراض فرانكوفونــي عــن الاسطـــورة!

بيــروت تجيب ليـلـــة 24 آذار الجــاري فــي كازينـــو لـبــــنـان مــع اضخــم استعـــراض فرانكوفونــي عــن الاسطـــورة!

 

بقلم عبير انطون

A3_200dpi

<اديث بياف> في بيروت، وتحديداً في الرابع والعشرين من شهر آذار/ مارس الجاري في كازينو لبنان لليلة واحدة. فمع تخطي عرض <بياف - الاستعراض> عتبة المليون مشاهد وعدم توقفه منذ العام 2015 في جولات عالمية، تزورنا الأيقونة الغنائية الفرنسية بثوب المغنية الشابة <آن كارير>، فما الذي يميز العرض حتى عرف هذه الشهرة الواسعة ولا يزال؟ اين الفرادة فيه مع عشرات المنشورات والكتب والافلام عن حياة <اديث بياف> ومسيرتها؟ من كانت هذه المراة التي نقلت من احياء باريس وأزقتها الفقيرة الاغنية الفرنسية الى اميركا وكل اصقاع العالم؟ من هذه الاسطورة التي وبعد 55 عاما على وفاتها لا زالت ترافق الاجيال، تنبض لهم حباً وإقداماً وتحديات؟ من هي هذه المرأة التي <لم تندم على شيء> تاركة ارثا غنائيا يترجم الحياة بتقلباتها، من <نشيد الحب> الى <ميلور>، <لا في ان روز>، <لا فول> وغيرها الكثير؟ ما الذي لم نكتشفه كلبنانيين بعد عن صاحبة الراء <الكارجة>، ومن هي تلك المغنية الشابة التي تجرأت ولبست ثوبها لتجول به في كل اصقاع العالم بأداء ارادته بصمة خاصة؟

مع أولغا حداد التي استقدمت العرض الى لبنان لليلة وحيدة كان لقاء <الافكار> للإضاءة على العمل الضخم وبطلته الناجحة، فماذا تقول اولغا وإلام تدعو؟

 

 <بياف> العالمية...

مع بدء اسئلتنا، كان لا بد من استعادة صغيرة فيها تفاصيل مشوقة عن حياة امرأة ما عرفت إلا الأحزان وتحدتها بقوة قبل ان يغمض المرض عينيها في العاشر من تشرين الاول/ اكتوبر عام 1963 بعد تشمع في الكبد ومضاعفات فيه، من دون أن تقام لها مراسم دفن دينية بسبب نمط عيشها المخالف لتعاليم الكنيسة، لكن عشرات الآلاف من المعجبين بـ<اديث بياف> رافقوا نعشها في الرحلة الأخيرة الى مقبرة <بير لاشيز> وسط باريس. محطات حياتها التي بدأت مذ فتحت <اديث جيوفانا غاسيون> عينيها في العام 1915 كان اولها طفولة مرهقة: ام تركت البيت هاربة من واجباتها العائلية، وأب يعمل <اراجوزاً> في الشوارع... كانت <اديث> مضطرة الى مرافقته والغناء خلال استعراضاته البهلوانية لكسب لقمة العيش. هنا اكتشفت المراهقة ذاتها بمساعدة <لوي لو بلي>، مالك أحد الملاهي الليلية ليعرض عليها الغناء في حانته، وليدخلها بعد سنوات الموسيقي <ريمون أسوبتولي> إلى دور الغناء الراقية، فتبدأ رحلة المجد للفنانة التي عرفت الالم والوحدة والرفض ربما لشكلها (لم تتجاوز المتر و47 سنتمتراً) ما دفعها، وكانت ذات طباع غريبة، الى ان تكون امرأة لعوباً غارقة كما وُصفت في <الإغراء والشغف والمعاناة والجنون والاستفزاز>، لطيفة مع الرجال بعكس ما هي مع السيدات، تريد الحب وتعجز عن بلوغه، فقد مر اكثر من رجل في حياتها كان بينهم حبيبها لاعب الملاكمة <مارسيل سيردان> الذي توفي في حادث مأساوي إثر تحطم طائرته في العام 1949 بينما كان يسافر متجهاً الى نيويورك للقائها... لـ<مارسيل> كانت <بياف> قد غنت <نشيد الحب> من كلماتها كما الكثير من اغنياتها التي كتبتها بنفسها. كذلك فإن وفاة ابنتها عن عمر سنتين زادت في قلبها الحسرة، وهي لما كانت تطل بمقابلات تلفزيونية لم تخف يوما طفولتها التعيسة حتى انها ربما استغلت بعض احداثها لكسب التعاطف معها، وحتى رواية مرض عينيها اعتبرها بعض المؤلفين مضخمة، إذ كانت قد اعلنت انها شفيت من المرض فيهما بعد معاناة صعبة بفضل اعجوبة للقديسة تيريزا، فيما وعلى ذمة بعض الروائيين، لم يكن ما عانته سوى مرض عابر في عينيها لأسابيع...

22PIAF-OLYMPIA-PARIS(c)Stephane-Kerrad---copie_preview  

<كارير>... والبصمة الخاصة

اليوم تدخل <آن كارير> جلد الأسطورة وتحملها الى العالم في اكثر من ثلاثمئة استعراض في خمسين بلداً مختلفاً، وقد اعتبر العرض من افضل العروض الفرانكوفونية الحديثة حتى انه عرف نجاحاً هائلاً في <كارنيغي هول> في نيويورك وغيرها من مدن وعواصم العالم. العرض الغنائي من تـأليف واخراج <لجيل مارسالا> وباداء <آن كارير> التي توجتها الصحافة الوريثة الموسيقية الشرعية لـ<اديث بياف>، ما اعتبره كثيرون بينهم اقرباء للراحلة وسكرتيرتها الخاصة <جيرمين ريكور> فضلاً عن كبار الفنانين وعلى رأسهم <شارل ازنافور> بأنه اجمل تحية قدمت عن مسيرة <اديث بياف> حتى اليوم. من هذه النقطة بالتحديد انطلقنا وسألنا أولغا حداد:

ــ كيف ولدت فكرة استقدام العرض الى لبنان ولليلة واحدة؟

- نعرف ان المغنية <اديث بياف> محبوبة جدا في لبنان، وهي من الفنانات العابرات للوقت والزمن والتاريخ حتى أنّ من لا يتكلم اللغة الفرنسية يحب <بياف>. فقد تم عرض <بياف - لوسبيكتاكل> في جولة في اميركا لثلاث مرات سابقة، وها هم يستعدون للزيارة الرابعة الى الولايات المتحدة وكندا، والشعب هناك لا يتكلم اللغة الفرنسية وعلى الرغم من ذلك يلاقي العرض اقبالاً منقطع النظير، فالمواضيع التي غنتها <بياف> تتناول حياة كل شخص منا، فيها المشاعر والعواطف والأحاسيس وما يمر بنا من محطات في الحياة من فرح وحزن. كانت هذه السيدة كما يقولون باللغة الفرنسية <Une Femme Entire>  بمعنى أنها لا تعرف الوسط ما بين حالتين، فتعيش ما تشعره كلياً في الحب او الكره، الفرح او الحزن، فيما الرمادي ليس موجودا في قاموسها. لدى لشعب اللبناني محبة وتقدير لها، ونحن لا نستقدم اي عرض الى لبنان الا اذا شاهدناه واقتنعنا به، وهذا ما جرى بعد ان حضرناه في <الأولمبيا دو باري> في شهر ايلول / سبتمبر الماضي ولمسنا الى أي مدى كان اداء <آن كارير> جميلاً ويستحق التصفيق.

ــ هل وضع منتجو الاحتفال شروطاً خاصة لتقديم العرض في لبنان؟

- بالطبع وضعوا شروطاً كما تجري الأمور مع كل فرقة أجنبية، لا بل كانت شروطاً صارمة من حيث التقنيات العالية في الصوت والاضاءة.

DSC_1937rlــ اي صعوبات واجهتكم؟

- الصعوبة الأكبر كانت في ايجاد تاريخ يتلاءم ووقتهم المشحون بالمواعيد، فهم في جولة تستمر منذ العام 2015 من دون توقف في العالم كله، وبين جولتهم في فرنسا وقبيل ان ينطلقوا من جديد الى الولايات المتحدة والصين ومن ثم الى آسيا سيكونون معنا... لقد أردنا ان لا يغيب لبنان عن هذه الجولة العالمية.

ــ جمهور <بياف> واسع في لبنان. هل تعتقدين ان الجمهور الشاب فيه سيكون مهتما أيضا؟

- جمهور <بياف> واسع في لبنان كما في العالم اذ انها كما ذكرت سابقا عابرة للزمن وللتاريخ. البعض قد يعتقد ان المتقدمين بالعمر يفضلونها أكثر من الجيل الشاب، الا ان هذا الامر منافٍ للحقيقة، فهي محبوبة من قبل الجمهور المتقدم بالسن لأنها تعيدهم الى ذواتهم وذكرياتهم والعصر الذهبي ويسترجعون الزمن الجميل من خلالها، وهناك ايضا الجيل الجديد المتعلق بأغنياتها، فمن فيهم لا يعرف روائعها من <la vie en rose> أو <rien de rien> العابرة للاجيال، وحتى انه يمكنني التأكيد بأن هذا العرض موجه بشكل أكبر الى الشباب الذين يودون ان يكتشفوا <بياف> وهم يعرفونها من خلال أغنياتها التي يسمعونها عبر الاسطوانات المدمجة ويودون لو يكتشفون شخصيتها وحياتها. كذلك فان اداء <آن كارير> وهي شابة ايضا يحاكي عصرنا... هذا الاداء عصري جدا، وهو بعكس اداء بعض الفنانين الذين يجنحون الى التقليد في اداء دور شخصية معينة إذ يتمتع ببصمة خاصة، فـ<آن كارير> رفضت ان تقلد <بياف> وأدت الشخصية بحرفية كبيرة، فقد استعلمت عنها كثيرا وغاصت جدا في الشخصية لدرجة انها تحدثت الى الكثيرين ممن عرفوا <بياف> من اصدقائها القدامى الى سكرتيرها الذي لحن لها الكثير من أغنياتها، فتشربت سيرتها ودخلت في شخصيتها لدرجة انها لم تعد مضطرة الى تقليدها فجسدت حياتها عبر أغنياتها بشخصيتها الخاصة على المسرح، وهذا عنصر يحاكي الشباب ايضا.

DLsggJsXkAARrWz_777674 ــ مــــا الـــذي يمــــيّز هـــــذا العـــــــرض وبطلتــــــه <آن كارير> بشكل خاص؟

- اولاً يتميز هذا العرض بأن المضمون يطغى على الشكل. ثانياً ان لا كلام فيه فهو يتألف فقط من أغنيات <بياف>، مختلف أغنياتها. القسم الاول الذي يمتد على 45 دقيقة يمثل حياة <بياف> في بداياتها وهي تتمثل عبر أغنياتها القديمة، اي من يوم بدأت بالغناء في طرقات باريس وفي هذا المجال هناك الكثير من هذه الأغنيات لا يعرفه الجمهور، أما القسم الثاني فتتمّ فيه استعادة حفلتها الموسيقية الكبيرة في <الاولمبيا> يوم صدحت بأغنياتها التي طبقت الآفاق والتي لا زلنا نرددها حتى اللحظة، ويمكنني التأكيد بأن الحضور سيخرج من العرض الرائع ملآنا بـ<ريبرتوار> <بياف>.

ــ ماذا عن الديكور، هل استقدم خصيصاً ام نفّذ في كازينو لبنان؟

- بما ان المضمون يطغى على الشكل، فإن مهمة الديكور لم تكن صعبة بل جاء هذا بسيطاً، ذلك ان العمل كله تركز على الموسيقى والاداء وايصال الفكرة من دون تقليد <بياف>. وابرز ما سنراه هو الشاشة على المسرح التي ستكون خلف <آن كارير> وتبث عبرها من خلال هذا العرض للمرة الأولى صور ومشاهد و<فيديوهات> فريدة لـ<بياف> مع أشخاص تحبهم او اشخاص خسرتهم او في اماكن كانت ترتادها، فـ<آن كارير> وهي تغني ستكون <مدعومة> بهذه الصور والمشاهد التي نراها للمرة الاولى خلفها.

ــ انت تعيشين في باريس و<بياف> ايقونة فيها. هل لا زال صدى أغنياتها واسعاً حتى اليوم؟

- صدى أغنيات <بياف> لا يزال يصدح ليس في فرنسا وحسب انما في كل العالم. ففي أغنياتها الكثير من المشاعر التي تعبّر عن اي شخص منا وتحاكي مرحلة معينة من حياتنا عرفنا فيها الغضب او القلق او الفرح. انها اغنيات قوية بمعنى انها تفجر ما يعيشه الفرد ولا تزال رائجة وكأنها بنت اليوم، فمَن من بين الصغار حتى، لا يعرف <الحياة الوردية>، <ميلور> <لا فول> وغيرها؟! هذه الأغنيات انحفرت في الذاكرة الجماعية ولا يمكن ان تتسلل منها.

ــ هل يمكن ان نرى هذا العرض في احد المهرجانات الدولية في صيف لبنان؟

- هذا العرض لن يعود الى لبنان ولا في مهرجانات الصيف، وهو سيكون في 24 آذار/ مارس الجاري لليلة واحدة... انها فرصة للشباب نشجعهم فيها للتعرف على <بياف>، كما وان الذين يريدون ان يستعيدوا العصر الجميل مدعوون ان ينضموا الينا في مشاهدة العرض، وقد اخترنا تاريخه قريباً من عيد الأم فيكون اجمل هدية تتلقاها، فمَن يريد ان يقدم الى امه او زوجته هدية <غير شكل> ما عليه سوى الحجز لالتقاط فرصة قد لا تتكرر عن امرأة ارّخت لحقبة تاريخية بصوتها وأغنياتها وشكلت جزءاً من وجداننا في الشرق والغرب.