تفاصيل الخبر

بين حزب الله والوطني الحر.. أزمة ثقة

21/10/2020
بين حزب الله والوطني الحر.. أزمة ثقة

بين حزب الله والوطني الحر.. أزمة ثقة

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_82107" align="alignleft" width="217"] الحلف المستجد بين بري والحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.[/caption]

 منذ عام تقريباً، والعلاقة بين "حزب الله" و"التيّار الوطني الحر"، تتأرجح على حبال السياسة الخارجية تحديداً الاميركية. فمنذ إتفاق "مار مخايل" الشهير بين الطرفين عام 2006 ، لم تشهد العلاقة بينهما حجم ما وصلت اليه اليوم من تراجع سواء في المواقف السياسية، او لجهة العلاقة المباشرة التي خفّت وتيرتها بشكل ملحوظ. والباحث بين سطور تدهور العلاقة، سوف يجد أن الشرخ قد تخطّى حدود الترميم، ولم يعد الترقيع يُفيد بشيء، خصوصاً بعد أن كانت الخلافات قد وصلت إلى سلاح المقاومة، قبل وقت قصير من عودة الاميركي وإشهار سيف عقوباته من جديد.

الصورة القاتمة

لا يدل واقع الحال في لبنان، على أن الأمور السياسية والاقتصادية والمالية قد سلكت مع تمرير ملف تمرير الحكومة، نحو الضفّة الآمنة التي يرتجيها المواطن اللبناني، أو الموعود بها منذ عقود طويلة. فالأمور ما زالت مرهونة إلى حد كبير، بعلاقات الأفرقاء السياسيين ببعضهم البعض والتي يبدو أنها ذاهبة في المرحلة المقبلة، إلى ما أسوأ مما هي عليه اليوم وخصوصاً بين حزب الله ورئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل، الذي تخطّت طموحاته السياسية، حدود أي علاقة ثنائية تجمعه بأي طرف آخر. وربما انضمامه منذ فترة وجيزة إلى "جوقة" التهويل ضد "الحزب" من بوابة السلاح، نزع عنه إلى حد ما، صفة "الحليف" الأمر الذي زاد من التعقيدات في حلحلة أو تسهيل عمل الحكومة المرتقبة.

إذاً، لا يبدو المشهد السياسي اللبناني في أحلى حالاته، فالصورة ضبابيّة لدرجة ان الرؤية لما ستحمله الأيّام المقبلة على الصعيد الحكومي وإن حصل التكليف، تبدو شبه معدومة خصوصاً في ظل المواقف المُتصلّبة التي تتمركز خلفها العديد من الجهات السياسية والحزبية. والأنكى من هذا وذاك، غياب المصلحة الوطنية عن المسّودات المعروضة على طاولات البحث والنقاش خلف الستار، وحلول مصلحة الطوائف والزعماء مكانها.

بين الشروط الداخلية والمواقع الاقليمية

 ربّما الأبرز اليوم، أنه بات لكل فريق لبناني وجهة نظر أو مصلحة، يتمترس خلفها بهدف تحسين شروطه، وما الأسقف العالية التي كان رفعها البعض قبل موعد الاستشارات النيابية المُلزمة، وفي هذه اللحظة الحرجة التي تمر بها البلاد، إلا جزء من اللعبة التي ملّ منها المواطن والتي أضحت بمثابة عرف لا بد من عودة أهل السياسة اليه عند كل استحقاق حكومي، أو غير حكومي. والمُضحك المٌبكي في ما حصل في الفترة السابقة وما يحصل اليوم، تحوّل التعطيل إلى مادة دسمة للبعض بحيث يُمكن الانتقال من خلاله لاحقاً إلى إمّا إلى مرتبة التحالف الإنتخابي بين الأفرقاء المتخاصمين ثم استخراج قانون إنتخابي جديد يكون على المقاس، وإمّا إلى فرض تسوية ما، من شأنها قلب الأمور رأساً على عقب، وذلك بناءً على توصيات دولية وإقليمية.

[caption id="attachment_82108" align="alignleft" width="366"] الرئيس سعد الحريري .. تكليف من الثنائي الشيعي.[/caption]

في صريح العبارة، يُمكن القول، إن من بين الأفرقاء الذين يخوضون غمار اللعبة السياسية في عملية تأليف الحكومية سواء من موقع التعطيل او التسهيل، يبدو "الثنائي الشيعي" كان الاكثر حنكة وإدراكاً لما ستكون عليه خاتمة التأليف. من هنا تكشف مصادر لـ"الافكار" أن منسوب التفاؤل كان ارتفع بشكل ملحوظ منذ ليل السبت الماضي، حيث تضاعفت الاحتمالات بنسبة عالية لجهة اتمام الاستشارات النيابية المُلزمة بالشكل المطلوب خصوصاً وأن وضع البلد لم يعد يحتمل مناكفات ولا أي تأجيل آخر، لا "من أجل عيون فلان ولا علّان".

التأزم على خط حارة حريك ـ ميرنا شالوحي

منذ ان انفجر الخلاف بين حركة امل وحزب الله من جهة والرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل من جهة أخرى، حول تركيبة الوفد الى مفاوضات ترسيم الحدود، طُرحت تساؤلات في شأن مصير تفاهم مار مخايل وتحالف الحزب والتيار الحر فهل بدأ العد التنازلي لهذه العلاقة، ام انّها صامدة؟. الإجابة تكمن بصريح العبارة، في الاهتزاز الذي تعرّضت له العلاقة بين "الأصفر" و"البرتقالي"، رغم حرص الأخير من خلال بيان مجلسه السياسي، التأكيد بأن تفاهم مار مخايل سيبقى عاملاً اساسياً من عوامل قوة لبنان، رغم المحاولات اليائسة لإحداث فراق سياسي بين الفريقين.

والسؤال الأبرز الذي لا بد من طرحه هنا، هل يُمكن لبيان كهذا، أن يُزيل فعلاً الخلافات بين "الحزب" و"التيّار" وأن يُعيد رسم العلاقة بالشكل الذي كانت عليه قبل دخولهما في زواريب المصالح السياسية؟. مصدر في التيار الوطني الحر يؤكد على التمسّك بمعادلة التفاهم مع ​حارة حريك​، لكن من دون تجاهل وجود مسائل غير مُتفق عليها، على الرغم من اعترافه أن الخلاف بينهما على تركيبة الوفد المفاوض، لا يشبه سواه من التباينات، وقد يكون الاعمق والأكبر منذ إبرام اتفاق مار مخايل.

ولا ينفي المصدر أن التحوّلات الدراماتيكية التي رافقت الانفجار الاقتصادي الاجتماعي، والضغوط الأميركية العالية الوتيرة بوجه المقاومة في محاولة لتحميلها مسؤولية المأزق المالي، والاستهداف الذي توجّه نحو البيئات الحليفة للمقاومة وفي طليعتها التيار الوطني الحر، كانت جميعها مصدراً لوقوع التيار تحت ضغوط معنوية ومادية تفوق قدرته امتصاصها واحتوائها، وكلها ضغوط تلاقي مزاج بيئته التقليدية، بما فيها دعوات الحياد، ووهم التخفّف من القيود والحصار بالابتعاد مسافة عن حزب الله.

ويُبدي المصدر "البرتقالي" عتبه على حزب الله لأنه لم يلاقينا في منتصف الطريق، في كل ملفات الفساد، وكل الملفات التي تهم الشعب اللبناني، لا سيما في ظل الأزمات التي نعيشها. وتابع: يدنا ممدودة للجميع وهذا الأمر يتطلب تضافر جهود الجميع، وعدم مسايرة أي مناصر أو أي طرف، أو أننا لن نتقدم لأننا في أزمة حقيقية ووضع اقتصادي سيئ، محذراً من أن الهيكل سينهار على رؤوس الجميع في حال لم نتحرك لمكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة والقيام بالإصلاحات المطلوبة اليوم قبل الغد.

ماذا لدى حزب الله؟

[caption id="attachment_82109" align="alignleft" width="482"] الرئيسان ميشال عون ونبيه بري ..علاقتهما غير سليمة.[/caption]

خلال موقف سابق له، لكنه لافت، كان أقرّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بوجود توتر في العلاقة مع التيّار الوطني الحر، وقال: إننا نعالج المشاكل بين حلفائنا ونعالج مشاكلنا مع الحلفاء من خلال إطفاء المشاكل، مضيفاً إننا وحلفاؤنا لسنا نسخة طبق الأصل، لكننا لا نسمح للخلاف بأن يؤدي إلى فرط التحالف.

وإنطلاقاً من الحقيقة التي أقرّ بها نصرالله، يؤكد أحد حلفاء حزب الله أنه بالنسبة إلى للأخير، لا هامش للمناورة ولا مجال لمسايرة احد، حتى الحليف، عندما يتعلق الامر بالملف الاسرائيلي. وهو اذا كان قد اكتفى في العلن بـ"بيان الفجر" الشهير، ليعكس اعتراضه وحركة امل على طريقة تشكيل الوفد المفاوض في عملية ترسيم الحدود البحري، الّا انّه في الكواليس يلوم باسيل، اكثر من عون، على ما حصل نتيجة عدم تجاوبه مع كل المساعي التي بُذلت لإقناعه بضرورة عدم انتداب مدنيين الى الوفد وحصره في الضباط العسكريين. وسأل المصدر: أمّا وإذا كان عون أو باسيل، مصرّان على توسيع الوفد، فلماذا لم يستعينا بضباط متقاعدين على سبيل المثال، حتى لا يعطي لبنان اي إشارة ملتبسة الى الاسرائيلي. وأيضاً من جهة "الحزب"، لم يكن جائزاً ولا مفيداً ان يذهب وفد رسمي الى "حلبة ​الناقورة​" للتفاوض باسم كل لبنان، فيما هناك نزاع على نسيجه مع المكون الشيعي ورئيس ​حكومة​ ​تصريف الأعمال​ السنّي وآخرين. وأضاف: مع ذلك، لم يتراجع باسيل عن اختياراته وايضاً ​قصر بعبدا​، الامر الذي اعتبرته قيادة الحزب تجاهلاً من قِبل الحليف الأساسي لمعادلات دقيقة ولثوابت ​المقاومة، في قضية استراتيجية تعني لها الكثير بكل المعايير، وتقع في أعلى سلم أولوياتها واهتماماتها.

والرأي الآخر.. والحلف الرباعي

 بناءً على دقة هذا الملف، يوضح العارفون، انّ ما جرى لجهة قرار الرئيس عون في عملية تشكيل الوفد، لا يُعتبر انه فقط قفز فوق اعتراضات "الثنائي" انما تسبب في شرخ بين الحزب والتيار، وهذا الشرخ لا تزال مفاعيله مستمرة، ولو ضمن حدود مضبوطة بقرار من الطرفين. ويُضيف المصدر: لكن، وعلى الرغم من انّ حزب الله يشعر بأنّ حليفه البرتقالي خذله في بدايات المعركة السياسية مع إسرائيل حول تثبيت الحدود البحرية للبنان، الّا أن ذلك لا يعني أن تفاهم مار مخايل سقط، وكل التباينات مهما اشتدت، يجب أن تبقى تحت السيطرة وتحت سقف استمرار التحالف على قاعدة اننا لسنا تنظيماً واحداً بل لكل منا خصوصيته.

أمّا لجهة المعلومات التي تتحدث عن إمكان تكوين "حلف رباعي حكومي"، بين "الحزب"، و​حركة أمل​، و​تيار المستقبل​، و​الحزب التقدمي الإشتراكي​، يؤكد المصدر أن هذه "الأكاذيب" لا أساس لها.