تفاصيل الخبر

بيــن الحريـــري وجنبــلاط انتكاسة لن تــدوم طويــلاً لأن صناديــق الاقتراع سوف تفرض عــودة التحــالف بينهمــا!

09/06/2017
بيــن الحريـــري وجنبــلاط انتكاسة لن تــدوم طويــلاً لأن  صناديــق الاقتراع سوف تفرض عــودة التحــالف بينهمــا!

بيــن الحريـــري وجنبــلاط انتكاسة لن تــدوم طويــلاً لأن صناديــق الاقتراع سوف تفرض عــودة التحــالف بينهمــا!

 

selfie-hariri-joumblatt---1عندما وزّع مسؤولو المراسم في رئاسة الجمهورية الشخصيات المدعوة الى الإفطار الرمضاني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الأول من شهر حزيران/ يونيو الجاري، وضع مقعد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط على الطاولة الوسطى الأساسية قبالة الطاولة الرئيسية التي جلس خلفها رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة ورؤساء الطوائف والرؤساء السابقون للمجلس والحكومة وغيرهم. وشاءت الصدفة أن يكون مقعد النائب جنبلاط قبالة مقعد الرئيس سعد الحريري، لكن الذين جلسوا معه على الطاولة لم يلاحظوا أي تواصل، ولو بالنظر، بين الزعيم الدرزي ورئيس الحكومة، ما أوحى بأن الفتور الحاصل بين الرجلين بلغ أوجه، لاسيما وأن <تغريدات> النائب جنبلاط تكاثرت في الآونة الأخيرة وهي تغمز من قناة رئيس الحكومة الذي لم يتأخر في الرد مستعملاً أحياناً عبارات قاسية من مثل <المفسدين الذين نهبوا خيرات الدولة>، الى عبارة <خليهم يبلّطوا البحر> وغيرها من العبارات التي كانت تتطاير عبر <تويتر> حيناً وعبر التعليقات المباشرة أحياناً الى حد لم تعد التعابير المستعملة في <التغريدات> مألوفة في قاموس الحياة السياسية اللبنانية الحديثة على الأقل.

وفيما بدا أن النائب جنبلاط يواصل انتقاداته اللاذعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيلقى الرد حيناً والتجاهل أحياناً، رصدت مراجع متابعة تصاعد التوتر بين الزعيمين منذ كان آخر لقاء بينهما في المختارة حين أحيي <وليد بك> ذكرى استشهاد والده الشهيد كمال جنبلاط وسط مشاركة واسعة تمثل مختلف الأطياف. بعد هذه المناسبة بأيام معدودة، لم تعد تظهر في وسائل الإعلام صور للقاءات بين الحريري وجنبلاط، وقيل ان خللاً ما اعترى العلاقة بين <بيت الوسط> ودار المختارة دفع النائب جنبلاط الى <التغريد> في إحدى المرات أنه لم يعد له من صديق أو حليف سوى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ما أزعج الرئيس الحريري الذي كان يعتقد أن علاقته مع <وليد بك> أمتن من أن يهزها سوء تفاهم أو خلاف على مسألة سياسية ولو كانت بحجم قانون جديد للانتخابات.

 

اعتبارات شخصية وانتخابية ومالية!

وبينما يعتبر كثيرون أن المعلن من أسباب الخلاف بين الحريري وجنبلاط يحمل في طياته بعضاً من هذه الأسباب، يبقى أن غير المعلن هو المفصل في أسباب  الخلاف والتي تصب في مسارين: الأول شخصي والثاني انتخابي ومالي.

على خط المسار الأول يسجل جنبلاط أمام زواره عتباً شديداً على الرئيس الحريري <الحليف التاريخي> الذي <تخلى> عن صداقة عمرها من عمر مرحلة ما بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، مع ما رافق ذلك من ملابسات كان أبرزها تبني الرئيس الحريري ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية بعدما كان الاتفاق على رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية، ثم كان الانتخاب، فلاحظ <أبو تيمور> أن الرئيس الحريري <ذهب بعيداً> في التفاهم والتنسيق مع الرئيس عون لاسيما في بعض الأمور التي كانت تزعج زعيم المختارة، ومنها عدم التمديد لمجلس النواب، وإطلاق آراء واستشارات قانونية حول دور النواب في العقد الاستثنائي لمجلس النواب. والواقع، تضيف مصادر مطلعة على موقف جنبلاط، أن الزعيم الدرزي كان يعتقد أن <شهر العسل> بين عون والحريري لن يطول، إلا أن مسار العلاقات بين الاثنين أظهر عمقاً في العلاقة على رغم النتوءات في جسد رئاسة الجمهورية التي كانت تزعج الحريري حيناً، ويتجاهلها أحياناً.

ويستذكر جنبلاط كيف أن الرئيس الحريري كان قد وقف مع خيار التمديد لمجلس النواب لولاية ثالثة، ثم عاد وتراجع رافضاً التمديد، وغيرها من النقاط التي كان <أبو تيمور> يتفاهم عليها مع الرئيس الحريري ثم يبدل رئيس الحكومة موقفه في اليوم التالي. أما الشعرة التي قصمت ظهر البعير فكانت المفاوضات التي كانت تدور حول القانون الانتخابي الجديد والتي كانت تحصل من دون مشاركة جنبلاط أو ممثل عنه، وما كان يروى عن صيغ تعد للقانون العتيد بينها ما لم يكن يرضي جنبلاط وجعله يقف في موقف الحذر والانتباه، لأن الأمور لم تعد كما كانت في العهود الماضية مع تزايد أعداد السوريين الذين نزحوا الى لبنان وما ترك ذلك من أعباء، والأهم ان الرئيس الموجود في قصر بعبدا يختلف عن غيره من الرؤساء. كذلك سجل جنبلاط على زعيم <المستقبل> مقاربة خاطئة في التعاطي مع وضع الناخبين في اقليم الخروب الذين ينتمون الى الطائفة السنية والذين كانوا في معظمهم تقليدياً مع جنبلاط، إلا أن الوضع اختلف بعد الحديث عن تفاهم على قانون مع نظام النسبية، ما يعني أن تيار <المستقبل> ستكون له كلمته مع الناخبين من سنة الإقليم من دون التنسيق مع النائب جنبلاط كما درجت العادة.

إضافة الى ذلك، تتابع المصادر المطلعة، أن جنبلاط نظر بعين حذرة الى <الغزل> القائم بين وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري ابن عمته المهندس نادر الحريري، والتي وصلت الى حد دفع بجنبلاط الى الغمز من قناة نادر الحريري في ما خص تغطيته لمسألة استئجار البواخر التركية لتأمين التيار الكهربائي، وما قيل عن علاقة لنائب رئيس <المستقبل> النقيب سمير ضوميط بالشركة التركية مالكة الباخرتين، ولذلك أطلق جنبلاط العنان لسلسلة <التغريدات> التي أزعجت الحريري وجعلته يخرج عن طوره في الإفطار الذي هاجم فيه جنبلاط ودعاه الى <تبليط البحر>.

 

<المستقبل>: الخلاف غير ثابت

في المقابل، ترفض مصادر <المستقبل> الرد على ما يصدر عن مقربين أو  وزراء أو نواب حزبيين اشتراكيين أو من اللقاء الديموقراطي حول اسباب الخلاف مع جنبلاط، وتكتفي بما قاله الرئيس الحريري في الإفطار الرمضاني وعبر <تويتر>، وذلك بناء على رغبة من الرئيس الحريري الذي لا يريد أن يزيد الامور تعقيداً بينه  وبين النائب جنبلاط، وإن كانت هذه المصادر تتحدث عن <كثير> من المعلومات التي تزعج الزعيم الاشتراكي جداً. وتشير المصادر الى أن رئيس الحكومة يعتبر أن المرحلة الخلافية مع النائب جنبلاط مرحلية وهي تتكرر في مناسبات عدة وسرعان ما تطوى لتظهر من جديد بعد فترة، إلا أن الثابت في هذا السياق انه مهما حصل التباعد في السياسة فإن لا شيء يفسد في الود قضية، ولا بد أن تعود المياه الى مجاريها هذا خصوصاً ان مصادر اشتراكية تقول ان ما يؤكده الزعيم الدرزي هو ان الشرارة الأولى في التوتر والحملات لم تنطلق من كليمنصو أو من المختارة بل استغلها طرف ثالث للوصول الى غايات قد لا تكون حميدة في اي حال.

وفي تطور تأمل الأوساط المتابعة أن يحمل في طياته مؤشراً إيجابياً على صعيد <عودة الروح> الى التواصل بين الحريري وجنبلاط، طلب الزعيم الدرزي الى وزرائه ونوابه عدم الدخول في سجال مع الرئيس الحريري ولا مع وزرائه، وحصر أي تعليق حول هذه المسألة بشخص النائب جنبلاط مباشرة. وفي هذا الإطار فإن مثل هذه الخطوة سوف تضخ هواء بارداً في أجهزة التكييف بعين المختارة و<بيت الوسط> على أمل ألا يرتفع منسوب الحرارة أكثر مما هو الآن، علماً ان ثمة من يؤكد أن الانتكاسة في العلاقات لن تستمر طويلاً، خصوصاً وأن إجراء الانتخابات النيابية سيفرض عودة التحالف بين <المستقبل> والحزب التقدمي الاشتراكي، خصوصاً في دوائر بيروت والبقاع الغربي والشوف، وهو أمر يبدو حتمياً... ولو بعد حين!