تفاصيل الخبر

بين عون وبري.. أزمة حكم أم أزمة ثقة؟

10/02/2021
بين عون وبري.. أزمة حكم أم أزمة ثقة؟

بين عون وبري.. أزمة حكم أم أزمة ثقة؟

 

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_85711" align="alignleft" width="516"] الفراغ الحكومي يزيد تأزم العلاقة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر.[/caption]

على حبال التناقضات السياسية والنكايات الشخصيّة، تتأرجح العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. ومعها تشتعل حرب البيانات بين "بعبدا" و"عين التينة" وتكثر فيها الاتهامات بين سطور الرسائل المُتبادلة خصوصاً في الشق المتعلّق بتأليف الحكومة على غرار ما حصل في الأيّام الماضية في موضوع "الثلث الضامن". من هنا، يبدو لافتاً غياب "الكيمياء" السياسي والشخصي بين الرئاستين الاولى والثانية ، بحيث تزداد العلاقة بينهما فتوراً مما يؤدي بشكل لا لُبس فيه على مُجمل عملية التأليف التي تحوّلت في الفترة الأخيرة إلى "حلبة" صراع ينقسم أبطالها بين طرف مؤيّد لعون وآخر مناصر لبرّي.

صراع طائفي بغطاء شرعيّ

 في آخر فصول الأزمات اللبنانية، والتي تعود لعقود خَلَت وأسبابها كثيرة ومعروفة، تستمر أزمة التأليف الحكومي في انحدارها، وسط افتقاد كلّي لإدارة رشيدة يُمكنها العمل على اجتراح الحلول للنهوض من القعر الذي وصلت إليه البلاد بفعل العُقم السياسي، وغياب المسؤولية لدى المسؤولين بفعل إصرارهم على تحقيق المصالح الفئويّة والشخصيّة على حساب المصلحة العامة..

ما يحصل في لبنان اليوم من أزمات سياسية ومحاولات إفراغ البلد من مؤسّساته، وإبقائه في منطقة الفراغ والمراوحة على غرار ما هو حاصل في ملف تأليف الحكومة، يُمكن وصفه بأنه صراع نفوذ حزبي ـ طائفي مُغلّف بغطاء شرعي ومؤسّساتي يُشبه في زمنه الحالي، حقبات سابقة اختلطت فيها عوامل داخلية وخارجية، وأدّت إلى حرب أهلية، دفعت جميع الطوائف ثمنها، وما زال دفع الأثمان مستمراً، على الرغم من انتهاء الحرب..

واليوم ثمّة من يعمل على استعادة تلك الحقبة، بقصد أو عن غير قصد، لأن ما يحصل اليوم على خط بعبدا ـ ميرنا الشالوحي ـ عين التينة، سواء لجهة الإتهامات العلنية أو الرسائل المتبادَلة من تحت الطاولة، لا يُبشّر بالخير ولا يوحي بالاستقرار المطلوب، ولن يوصل بالطبع إلى نقطة الالتقاء التي ينتظرها الجميع.

"التيار الوطني": اتهام عون أمر خطير

[caption id="attachment_85710" align="alignleft" width="375"] الرئيسان ميشال عون ونبيه بري.. والود المفقود بينهما.[/caption]

في سياق ما ورد، يبرز السؤال التالي: من هي الجهة التي تتقن فنّ إطلاق الرصاص على المبادرات التي تخرج بين الحين والآخر؟

مصادر في "التيّار الوطني الحر" تردّ على السؤال بسؤال آخر، لمصلحة من استهداف رئاسة الجمهورية؟ وتقول، إن البلاد بحاجة اليوم إلى رجال دولة قادرين على جمع الأفرقاء وليس العكس. لذلك، فإن الرئيس ميشال عون يقوم بواجبه الوطني كرئيس للبلاد، وينطلق من ذهنية وطنية وليس ميليشياوية، انطلاقاً من حفاظه على الدستور والقوانين وتطبيق النصوص.

وتضيف المصادر، أن اتهام رئيس الجمهورية بالسعي للحصول على "الثلث المعطّل"، هو أمر في غاية الخطورة ويصبّ في خانة ضرب المساعي التي يقوم بها الرئيس عون من خلال جعله طرفاً في النزاع السياسي القائم، علماً أن دور رئاسة الجمهورية في هذه المرحلة، يتخطّى كل هذه السجالات الحاصلة، في وقت يُصرّ فيه البعض على التعامل مع القضايا المصيرية على أنها حق مُكتسب له ولجماعاته.

"أمل": انتقادهم تحوّل الى استهداف

في الجهة المقابلة، تُشير مصادر مقرّبة من عين التينة، إلى أن هدف رئيس مجلس النوّاب نبيه بري الأساسي والإستراتيجي هو الهدف نفسه الذي عمل عليه السيد المغيّب موسى الصدر، وهو أمن لبنان واستقراره والعيش المشترك فيه والحفاظ على الوحدة اللبنانية. من هذا المنطلق يبذل بري جهداً استثنائياً لفتح كوّة في جدار التعنّت السياسي الحاصل، علّه يتمكّن من الوصول مع الجميع، الى صيغة تؤدي في نهاية الأمر إلى ولادة حكومة.

وتصف المصادر نفسها بعض الهجومات التي يتعرّض لها بري من جهات عدة بـ "المُسيّس"، وبعضها الآخر مدفوع الأجر من جهات محلية وخارجية، وهذه ضريبة يدفعها بري في عمله السياسي، علماً أن الاستهداف لم يتوقّف لحظة منذ أن تسلّم القيادة في حركة "أمل" وصولاً إلى رئاسة مجلس النواب. وعلى الرغم من كل هذا، لم يتراجع عن المحافظة على واقع لبنان واستقراره ومنعه من العودة إلى زمن الحروب

[caption id="attachment_85713" align="alignleft" width="444"] النائب محمد خواجة لنواب التيار: أنتم المعطلون.[/caption]

والتقاتل.

وتتابع المصادر، العمل السياسي يطاله الانتقاد في بعض محطاته، لكن أن يتحوّل الانتقاد إلى استهداف، فهذا يدلّ على حقد وجهل للتاريخ، ومع هذا يبقى جزء من التضحيات التي يدفعها الرجل في سبيل الرسالة المؤتمَن عليها. واليوم لدينا شعور أن ثمة جهات تسعى إلى خراب البلد وتدميره تحت ذريعة "المطالبة" بالحقوق، ولا همّ لدى الجهات هذه سوى تحقيق مصالحها وطموحاتها الخاصة، ولو على حساب الشعب، خصوصاً وأننا أمام واقع أليم تتعدّد فيه الأزمات.

وتؤكد المصادر نفسها، أن حركة "أمل" هي اليوم في الموقع نفسه الذي كانت عليه منذ زمن الإمام الصدر، على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعته بسبب وجودها في السلطة. كما أنها الجهة التي قدّمت سبعة آلاف شهيد في سبيل بقاء لبنان من دون أن يكون لديها مشروع خاص أو شخصي. في المقابل، هناك من لا مشكلة لديهم في حال دُمِّر البلد أو استشرت فيه الأزمة الطائفية والمذهبية.

قصف متجدد بين "أمل" و"الوطني الحر"

منذ شهر تقريباً، ردّ الوزير السابق سليم جريصاتي على تغريدة النائب أنور الخليل، وقال في تصريح: حرام أن تستكتبوا الشيخ الجليل أنور ما هو جاهله في الدستور وما لا يرغب فيه من اتهام الرئيس في خرقه، فيندفع من ثم إلى الاعتذار والتبرؤ بالواسطة. وأضاف جريصاتي: حافظوا على وقاره. وكان جاء كلام جريصاتي كرد على تغريدة للخليل توجّه من خلالها الى رئيس الجمهورية بالقول: متى السيد رئيس الجمهورية توقف محاولاتك المستمرة لخرق الدستور؟ الجديد منها طلبك المجلس الدستوري تفسير الدستور وتعلم أكيداً أن تفسير الدستور منوط بمجلس النواب لا غيره.

تجدد الاسبوع الماضي، القصف السياسي بين "أمل" و"التيّار الوطني الحر" وهذه المرّة بالوكالة بين نواب ووزراء ومستشارين. وكان أوّل من بارد إلى قصف الجبهات، النائب الخليل الذي قال: بعد تأكيد الرئيس بري مبادرته لتأليف الحكومة العتيدة وتفاهم أميركا وفرنسا على ضرورة التأليف، لبنان أمام حلين: إما تلقف مبادرة الرئيس بري التي أكد متابعتها لنهايتها أو قد يفرض الحل تحت البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. فخامة الرئيس أعقد العزم وسر بالحل الذي يحفظ كرامة لبنان.

كلام الخليل عاد ورد عليه جريصاتي بدعوته إلى رفع السرية المصرفية عن حساباته، معتبراً أن ما يستحق التدويل، تحت أي فصل، هو ملف التحاويل المشبوهة من لبنان إلى الخارج، من قبل السياسيين وأصحاب النفوذ المصرفي في فترة "الريبة".

النواب على خط الردح والتهم

[caption id="attachment_85712" align="alignleft" width="436"] النائب أنور الخليل والوزير السابق سليم جريصاتي..حرب الوكيل عن الأصيل.[/caption]

لم تنته الأمور عند هذا الحد، فقد دخل عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة على الخط من بوابة "إتهام بعض نواب كتلة لبنان القوي المجلس النيابي بالتلكؤ في إقرار قوانين إصلاحية". وقال خواجة: طالعنا بعض نواب كتلة لبنان القوي بكلام عن تلكؤ المجلس النيابي في إقرار قوانين إصلاحية متناسين أن هناك أكثر من 54 قانوناً منجزاً، لا تحتاج سوى إلى التطبيق والعمل بها من قبل السلطة الإجرائية التي وحدها تُسأل عن التلكؤ وعدم تطبيقها.

وأضاف خواجة: من بين تلك القوانين إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والتدقيق الجنائي، هذا القانون الذي فقدتم حماستكم حيال تطبيقه بعدما شمل التدقيق في حسابات وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، إلى جانب كل الوزارات والإدارات والمؤسسات والمجالس والصناديق وكل مكامن الهدر في المال العام.

لم يتأخر الرد من نواب "لبنان القوي" على خواجة، حيث رد النائب سيزار أبي خليل بالقول: إن من عجائب الزمان أن يحاضر نواب حركة أمل بالإصلاح، مضيفاً: يوم نتحمل هذيان أنور الخليل ويوم آخر هلوسة محمد الخواجة. وشدد على أن التحدي لا يزال مرفوعاً بوجه الجميع للسير بالتدقيق الجنائي في مصرف لبنان وكل الوزارات والمجالس والهيئات.