إن بطارية القلب هي عبارة عن جهاز صغير يزن 30 غراماً او اقل، ويوضع تحت الجلد في اعلى الصدر، ويزود القلب بنبضات كهربائية عند الحاجة ليحافظ على معدل طبيعي لضربات القلب، وقد زرعت البطارية في لبنان لعدد من أهل السياسة والإعلام. وتتكون بطارية القلب من مولدة للنبضات الكهربائية وهي الجزء الرئيسي من البطارية وهي التي تُغرس تحت الجلد عند أعلى الصدر. وتصل اسلاك كهربائية عبر الوريد بالقلب الى البطين الايمن. اما البطارية المؤقتة فقد تواجه «جلطة القلب» بحصار تام في القلب وتباطؤ الضربات، ويحتاج الامر الى بطارية مؤقتة لتؤمن للقلب العدد الطبيعي من الضربات. وتعلق هذه البطارية بحزام يحمله المريض، وتوصل الى القلب بواسطة سلك يمر عبر الوريد. وتُزال هذه البطارية عادة بعد ايام او اكثر حين يعود نظم القلب الى وضعه الطبيعي. اما البطارية الدائمة فتغرس تحت الجلد في اعلى الصدر.
وتعمل الاجهزة التي يتم زرعها باستخدام بطاريات طويلة الامد. وهذه البطاريات لا تتوقف عن العمل فجأة، ولكنها تعطي الكثير من التحذير بانها في طريقها للتوقف عن العمل. وطبعاً يقوم الطبيب بمراقبة البطارية كجزء من الفحص الدوري للجهاز. ومعظم البطاريات تستمر في العمل الا انها تعتمد على الجهاز وعدد المرات التي يرسل فيها نبضات كهربائية الى القلب. وعندما يشير الجهاز الى ضعف البطارية، يقوم الطبيب بالتحضير لعملية استبدال الجهاز.
وقريباً ستصبح الاجهزة المنظمة للنبض والتي تزرع في القلب عبر الجراحة شيئاً من الماضي، اذ ابتكر اطباء منظماً جديداً يشبه البطارية يتم تثبيته في مكانه داخل قلب الانسان دون عمل جراحي. تلك الاجهزة كانت تتطلب من الجراح انشاء شق في اعلى قلب المريض وفتح فجوة يثبت ضمنها الجهاز، ومن ثم توصيله الى اسلاك يتم عبر الاوعية الدموية. الا ان اطباء في استراليا ابتكروا منظماً صغيراً لضربات القلب وتمكنوا من تثبيته في مكانه في قلب المريض دون جراحة وقد تم ايصاله الى مكانه عبر الوريد الفخذي. ومنذ بداية استعمال بطارية القلب او منظمات ضربات القلب في اواخر الخمسينات، استفاد ملايين الناس ذكوراً واناثاً، كباراً وصغاراً، من هذا الاختراع، وحالياً تُزرع المئات من هذه الاجهزة في كل اقطار العالم للمرضى ويعيشون حياة طبيعية. ولقد اصبحت بطارية القلب اصغر واخف من السابق وتحتوي على تقنية متقدمة جداً بالاضافة الى ان زراعتها اصبحت من السهولة لدرجة انها تعتبر روتينية عادية للطبيب.
حنانيك يا قلب
تجدر الاشارة الى ان القلب هو عضو متخصص يمتلىء بالدم وينبض بشكل متواصل ليضخ الدم المحمل بالاوكسجين والغذاء اللازم الى انحاء خلايا الجسم كافة. ويتم التحكم بالانقباضات القلبية من خلال مؤثرات كهربائية يكون مصدرها الجزء الاعلى من الاذين الايمن للقلب عن طريق نوع من الخلايا الخاصة تعرف باسم خلايا العقدة الجيبية الاذنية ( وهي المنظم الطبيعي للقلب ) والتي ترسل بدورها شبكة من نبضات القلب الكهربائية بطريقة منتظمة فيتم انقباض الاذين الايمن والايسر في وقت واحد دافعين الدم الى البطين الايمن والايسر. وعند امتلائهما يقومان بدورهما مرة اخرى بدفع الدم الى الشريان الرئوي والشريان الاورطي لتوصيل الدم الى الرئتين وبقية اجزاء الجسم، وهذه العملية تتكرر مع كل نبضة قلب. في حالة الراحة يكون معدل نبضات القلب للكبار من 60 ــ 80 نبضة بالدقيقة بينما للاطفال فيكون من 80 ــ 110 وقد يزداد هذا الرقم عن 100 نبضة بالدقيقة للكبار في بعض حالات الاجهاد او الانفعال النفسي. فاثناء التمارين الرياضية مثلاً تزداد عضلات الرجلين والذراعين لضخ كميات اكثر من الدم، وللاستجابة لهذا المطلب يستجيب القلب الطبيعي اوتوماتيكاً بزيادة عدد نبضاته في الدقيقة.
وفي بعض الاحيان، لا تكون استجابة القلب بصورة ملائمة كأن يكون معدّل النبضات بطيء أو سريع اكثر من اللازم أو غير منتظم، واحياناً لا تنقل النبضات الكهربائية بشكل صحيح للجزء السفلي من القلب وتسمى هذه الحالة (حركة قلبية قليلة الضربات). وفي أي من هذه الاحوال، تقل قدرة القلب على ضخ الدم الى انحاء الجسم كافة وهذا يؤدي الى بعض العوارض مثل التعب، الاعياء، فقدان الوعي. وفي هذه الحالة يقوم الطبيب باختيار افضل سبل العلاج ويكون الحل الامثل هو زراعة منظم لضربات القلب.
البطارية على أنواع
فما هي انواع بطارية القلب؟ ومن يحتاج لعملية زرع بطارية القلب؟ وكيف تتم العملية؟ وهل يمكن ان تتوقف البطارية عن عملها؟ ضمن هذا السياق كان لمجلة «الافكار» حديث مع الدكتور ايلي شماس اختصاصي أمراض القلب والشرايين، وبدأنا بالسؤال الاول:
ــ هل هناك انواع من بطارية القلب؟ وما هي انواعها؟
- اولاً كما تعلمين داخل القلب هناك مركز يمنحه الكهرباء، وهذه الكهرباء تساعد القلب على تنظيم الضربات، ومع التقدم في السن، المركز الذي يمنح الكهرباء للقلب يخف وبالتالي تخف نبضات القلب، فبدل ان تصل ضربات القلب الى 70 و80 نبضة تصل الى 20 و 30 نبضة، وطبعاً عندما تخف نبضات القلب ما دون الثلاثين يفقد الانسان وعيه... من هنا كان لا بد من اختراع بطارية القلب في آواخر الخمسينات، اذ تُزرع البطارية تحت الجلد وتوصل الى القلب بواسطة شريط كهربائي، وبالتالي يتم وضع البطارية لتحل مكان كهرباء القلب الطبيعي وإذ ذاك يعمل بشكل طبيعي. في البداية، كان حجم بطاريات القلب كبيراً اما في يومنا هذا فحجمها أصبح صغيراً اي حوالى 10 سنتمترات.
ويتابع الدكتور ايلي شماس:
- هناك انواع عدة من بطاريات القلب: هناك بطارية للقلب بشريط واحد وهذه البطارية هي قديمة الصنع، اذ كان يوضع شريط واحد في القلب، ولكن الاطباء لاحظوا ان زرع بطارية القلب بشريط واحد لا يساعد الانسان ليعيش بشكل طبيعي اذ يشعر بالتعب، ولهذا تم صنع بطارية بشريطين، واحد يوصل الى الاذين والاخر يوصل الى البطين، وبذلك لم يعد يشعر المريض بالتعب لان القلب ينبض بشكل طبيعي حتى لو اجهد نفسه... ومنذ سنوات معدودة، تم صنع بطارية قلب بثلاثة شرائط اذ يقوي القلب اكثر، كما ان هذا النوع من البطارية يساعد القلب اذا كان هناك قصور في عمل القلب، بالتالي ان بطارية القلب بثلاثة شرائط فعالة جداً انما هي مكلفة اكثر من البطارية التي لها شريط واحد أو شريطان.
وأضاف:
- وهناك نوع آخر من البطاريات تُستخدم في حالة معاكسة اي اذا كانت كهرباء القلب قوية جداً، وبالتالي هذا النوع من البطارية يساعد كثيراً اذا كان القلب ينبض بشكل قوي وبهذه الطريقة نحمي المريض من الموت الفجائي او السكتة القلبية. وفي الوقت الحالي هناك بطارية بثلاثة شرائط وفي الوقت نفسه تقوي عضلات القلب وتحدث صدمة كهربائية اذا توقف القلب عن العمل.
ــ ومن يحتاج لعملية زرع بطارية القلب بشكل أساسي؟ وهل هناك عمر معين لاجراء هذه العملية؟
- كل مريض يعاني من ضعف في كهرباء القلب يحتاج لان يخضع لعملية زرع البطارية، وكل مريض لديه ضعف في عضلات القلب اي اذ كان نبض القلب ما دون الثلاثين نبضة عندئذ نضطر ان نزرع له البطارية. ان الشخص الذي لديه ضعف في عضلات القلب هو الاكثر حاجة لعملية زرع البطارية. اما بالنسبة للعمر، فليس هناك عمر معين اذ يمكن زرع بطارية القلب لطفل او لمسن طالما هناك حاجة لذلك وبالتالي ليس هناك مشكلة بزرع البطارية في اي سن كان.
زرع البطارية
ــ ما هي الاجراءات المتبعة ما قبل عملية زرع بطارية القلب؟ وكيف تتم العملية؟
- اولاً ان عملية زرع بطارية القلب سهلة وبسيطة اذ نخضع الشخص لبنج موضعي ولا يشعر باي الم، كما ان هذه العملية ليست خطيرة. وطبعاً قبل القيام بالعملية، نكون قد اخضعنا المريض لفحص الدم وتخطيط القلب. ان جرح العملية صغير (15 سنتمتراً) اذ نجريها تحت الكتف، وعادة تتطلب العملية ما بين ساعة وثلاث ساعات، ولا يحدث اي مضاعفات خلال اجراء العملية، ولا تشكل العملية اي خطورة على حياة المريض بعدما يكون قد خضع لفحص الصورة الصوتية. ولا يحدث اي خطأ في عملية زرع بطارية القلب اذا تم كل شيء بشكل جيد.
ــ وماذا بعد العملية؟ ما المطلوب من المريض لتجنيب نفسه اي مشكلة؟
- طبعاً يجب التذكير ان المريض الذي يخضع لعملية زرع بطارية القلب يعيش حياته بشكل طبيعي بعد العملية اذ يستطيع ان يقوم باي جهد او عمل الى ما هنالك... ولكن هناك بعض الامور يجب اخذها بعين الاعتبار والالتزام بها تفادياً لحدوث اي مشكلة الا وهي: اولاً يستحسن عدم استخدام «الموبايل» بعد الخضوع لهذه العملية، واذا كان لا بد من اجراء المكالمة بواسطة الموبايل، فعليه الا يستخدمه في الجهة التي اجريت له العملية، بما معناه اذا اجريت عملية زرع البطارية في الجهة اليمنى للقلب فعليه ان يستخدم الاذن في الجهة اليسرى والعكس بالعكس. ثانياً: لا يمكن للمريض ان يخضع للصورة المغناطيسية بعد خضوعه لعملية زرع البطارية. ثالثاً: اذا اضطر المريض ان يسافر فعليه الا يمر عبر جهاز الانذار المستخدم في المطارات فقط، وطبعاً يكون الطبيب قد زوده بتقرير طبي يعفيه من المرور تحت جهاز الانذار لئلا يحصل تشويش او اي مشكلة في جهاز البطارية. واذكر انه لا يمكن ان يمر الشخص تحت جهاز الانذار المستخدم في المطارات فقط بينما يمكنه ان يمر تحت اي جهاز انذار في مجمع تجاري وما شابه. يمكن القول ان بطارية القلب تصبح جزءاً اساسياً في جسم الشخص كأي عضو من اعضاء جسمه اذ لا يشعر باي شيء او تغيير ما. ولان الطب يتطور كثيراً فهناك بطاريات جديدة تؤهل الشخص للخضوع للصورة المغناطيسية حتى لو كان قد زرع له بطارية القلب، وايضاً ان يستخدم الموبايل، ولكنها مكلفة اكثر من غيرها.
تأثير الأجهزة
الكهربائية
ــ يظن البعض ان بطارية القلب تتأثر بالاجهزة الكهربائية، فهل هناك اي علاقة بين هذه البطارية والاجهزة الكهربائية؟
- لا تتأثر بطارية القلب بالاجهزة الكهربائية على الاطلاق ولكن كما ذكرت انها تتأثر بجهاز الانذار المستخدم في المطارات فقط وليس تلك المستخدمة في المحلات التجارية او المباني الى ما هنالك...
ــ وهل يستمر عمل البطارية لسنوات طويلة ام يتطلب الامر تغيير البطارية وما شابه؟
- عندما نزرع بطارية القلب، لا تتوقف البطارية عن القيام بعملها بشكل فجائي اذ تستمر لسنوات طويلة، ولكن عادة نطلب من الشخص ان يقصد الطبيب مرة كل ستة اشهر او مرة واحدة في السنة لكي يقوم بتنظيم الجهاز ليس الا.
ــ وهل نسبة اجراء عمليات زرع بطارية القلب تتزايد عالمياً؟
- تزداد عمليات زرع بطارية القلب في العالم بشكل كبير خصوصاً كلما تقدم الانسان في العمر. وهناك نسبة قليلة من الاطفال الذين يولدون وهم بحاجة لزرع بطارية القلب بسبب اصابة الام بمرض في الدم مما يجعل كهرباء القلب ضعيفة او اذا كانت الام مصابة بمرض له علاقة بالمناعة فيصبح الطفل بحاجة الى عملية زرع البطارية. ولكن كما ذكرت ان الطب يتطور بشكل سريع اذ يُحكى عن صنع بطارية يتم وصلها بدون شريط وما شابه... وهكذا فإن عملية زرع البطارية سهلة وبسيطة وفي الوقت نفسه انقذت حياة عشرات ومئات الناس ومنحتهم الحياة بعدما كان الخطر يهدد حياتهم قبل اختراع البطارية.
ــ لا شك ان هناك امراضاً تصيب القلب حتى لو لم يكن هناك عامل وراثي وما شابه ولكن هل يمكن تفادي الاصابة ببعض امراض القلب وهل يمكن حمايته منها؟
- يمكن ان نحمي القلب عن طريق مزاولة الرياضة واتباع نظام غذائي صحي وسليم واهم ما في الامر عدم التدخين، لأن الشخص الذي يدخن ولا يأكل بطريقة صحية ولا يزاول الرياضة، ستخف كهرباء قلبه مع مرور الوقت، ولكن ليس هناك قاعدة او توازن اذ اما تخف كهرباء القلب او تتضاعف وفي كلا الحالتين، يجب التنبه للامر والخضوع لعملية زرع البطارية عند الحاجة.