تفاصيل الخبر

بسبب الأزمة المالية وعدم الاستقرار السياسي... القطاع السياحي في وضع كارثي!

06/03/2020
بسبب الأزمة المالية وعدم الاستقرار السياسي... القطاع السياحي في وضع كارثي!

بسبب الأزمة المالية وعدم الاستقرار السياسي... القطاع السياحي في وضع كارثي!

 

بقلم طوني بشارة

يمر لبنان حاليا بأزمة مالية خانقة، ازمة طالت تداعياتها كافة القطاعات، فما صحة اقفال اكثر من 750 مؤسسة تتعاطى الخدمات السياحية، وما اثر هذا الاقفال على البطالة وعلى الواقع الاجتماعي لمئات العائلات في لبنان؟ وهل من إمكانية لمعالجة هذه الازمة؟

تساؤلات عديدة للإجابة عنها التقت <الأفكار> رئيس <الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية> الاستاذ امين خياط، كما نقلت رأي رئيس <النقابات السياحية> الأستاذ بيار الأشقر.

 

أزمة القطاع السياحي!

 

بداية مع رئيس <الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية> الأستاذ أمين خياط، وكان السؤال المدخل:

 ــ حدثنا بداية عن الازمة التي يمر بها لبنان بشكل عام والقطاع السياحي بشكل خاص...

- منذ فترة وجيزة ووتيرة الأزمة الاقتصادية والمالية تتصاعد في لبنان لتطال القطاعات الخدماتية، التجارية، والسياحية، وذلك في ظل تدهور سعر صرف الليرة أمام الدولار في السوق السوداء، ووضع المصارف حداً للسحوبات بالليرة اللبنانية وبالدولار الأميركي، علما ان المصارف استولت على أموال المودعين الصغار وتواطأت مع السياسيين لتهريب الأموال الى الخارج وذلك بمؤامرة وسخة غايتها ذبح الشعب، مع ما رافق ذلك من تأثير سلبي على القطاع السياحي ككل فهو تاريخيا يُعد من أكثر القطاعات تأثراً بالأزمات السياسية والأمنية وغيرها، على اعتبار ان غالبية القطاعات المنضوية تحت لوائه معرّضة للإنهيار التام في حال استمرار الوضع السياسي على ما هو عليه اليوم، علما اننا كقطاعات سياحية كافة نعلّق بعض الآمال على شهري (نيسان وايار اي شهري الأعياد عند الاخوة المسيحيين) لسداد بعض نفقاتنا وتعويض بعض الخسائر مما يتيح لنا الإستمرار تجنباً لمزيد من الإقفال في مؤسساتنا. وفي السياق ذاته اشعر بالاسف لحال اللاوعي السياسي الذي يكاد يودي بالبلد، على اعتبار انه في حال غياب بوادر حلول للأزمة الراهنة، فان المؤسسات السياحية ستشهد فاجعة كبيرة في الأشهر القليلة المقبلة.

واننا نخاف كجهات معنية ان نصاب بخيبة أمل أيضا لأننا كقيمين على الواقع السياحي كنا قد عوّلنا على فترة الأعياد (عيدي الميلاد ورأس السنة) وذلك لجذب المغتربين اللبنانيين والسياح العرب والأجانب، ولكن دون جدوى، مما يعني أن الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف في البلاد أدخلت هذا القطاع في خسائر مالية فادحة، الأمر الذي دفع بالعديد من المطاعم والمقاهي والفنادق وشركات السفر إلى الإقفال أو إلى اتخاذ اجراءات تقشفية للإستمرار بأقل خسائر ممكنة لحين عودة الاستقرار السياسي والاقتصادي إلى البلاد.

ــ البعض يؤكد ان عدد المؤسسات التي أُقفلت تخطى الـ500 مؤسسة سياحية لغاية شهر شباط، فما صحة هذه الأرقام؟

- للأسف ان عدد الاقفالات الذي وصلت اليه المؤسسات التي تتعاطى خدمات المنامة والطعام والشراب قد ناهز الـ78 مؤسسة من الفترة الممتدة من الأول من أيلول (سبتمبر) 2019 حتى الأول من شباط (فبراير) 2020، والجدير بالذكر ان شهر كانون الثاني (يناير) 2020 وحده شهد اقفال 240 مؤسسة في لبنان.

وفي التفاصيل، فقد شهدت محافظة جبل لبنان نسبة إقفال 54,6% وهي الأعلى لسنة 2019 تليها بيروت حيث بلغت نسبة الإقفالات فيها 29,4% ثم محافظة الشمال بنسبة 6.7% وبعدها محافظة الجنوب بنسبة 6.6% وأخيراً البقاع بنسبة 2,5%... أما عدد الموظفين المصروفين من عملهم فقد فاق الـ25 الفاً، واليوم قسم كبير من باقي العمال يعملون بداوم جزئي وبنصف راتب بسبب تدني أرقام المبيعات بنسبة 75%.

ــ نفهم من حديثك بأن عملكم كقطاع سياحي قد تأثر بسعر صرف الدولار؟

- أنّ شراء المؤسسات السياحية للمواد الاولية من المورّدين يتم بحسب سعر صرف الدولار في السوق السوداء بسعر 2500 ل.ل. بينما لا يزال أصحاب المؤسسات السياحية يعتمدون سعر صرف الدولار الرسمي اي 1515 ل. ل. في تعاملهم مع زبائنهم من دون زيادة في الأسعار، وذلك بعدما خسر قطاعنا العوامل الأساسية الثلاثة: السيولة والقدرة الشرائية والعامل النفسي، وهذا الأمر يجعل المستثمرين بالكاد قادرين على الايفاء بالحد الأدنى من التزاماتهم إزاء موظفيهم من جهة والمورّدين من جهة اخرى، وهم يساومون على 50% من عقود الإيجارات، من دون تسديد أي نوع من المستحقات الأخرى المترتبة على مؤسساتهم، بهدف شراء الوقت وللمحافظة على القليل من الإستمرارية.

وتابع خياط قائلا:

- بإختصار يعاني لبنان حاليا أسوأ أزمة مالية واقتصادية شهدها منذ سنوات الحرب الأهلية بين 1975 و1990، كما ويشهد احتجاجات شعبية تطالب برحيل كل الطبقة السياسية الحاكمة منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2019، كذلك يغلق متظاهرون من آن لآخر طرقات رئيسية ومؤسسات حكومية، وكل ذلك يؤثر على عملنا كقطاع سياحي.

الفنادق بلغة الأرقام!

ــ بلغة الأرقام التي حدثتنا بها يبدو ان الواقع صعب للغاية على القطاع بكامله فماذا عن نسب تشغيل الفنادق؟

- الواقع كما يبدو مرير للغاية، وبالعودة الى الجداول نرى ان نسبة تشغيل الفنادق ضعيفة جداً اذ لم تتعد الـ 20% في بيروت وتقارب 0% خارج بيروت، ونحن نرفض الإقفال الكلي ونلجأ الى الإقفال الجزئي لأغلبية الفنادق في لبنان، ومَن لديه 3 مطاعم أقفل 2 وترك واحداً، والذي لديه فندق يحتوي 100 غرفة على سبيل المثال يستخدم فقط 20 ويقفل 80 غرفة.

وأضاف خياط قائلا:

- كنا نأمل أن يزور لبنان قسم كبير من المغتربين اللبنانيين في فترة الأعياد، وبالفعل فقد أتى قسم كبير منهم وإنما كانت إقامتهم في المنازل وليس في الفنادق.

ـــ تراجع مخيف ومقلق فهل هو مرتبط بعدم الاستقرار؟

- في كافة دول العالم يكون القطاع السياحي مرتبطاً بالدرجة الأولى بالاستقرار السياسي والاستقرار الامني... وهناك استحالة في لبنان لا بل صعوبة في إيجاد حلول، وإذا لم تكن هناك ثقة من قبل المجتمع الدولي فلن تكون هناك ثقة من السائح الغربي الذي من الممكن أن يزور لبنان او كذلك من السائح العربي وخاصة الخليجي.

ــ وكيف ترى مستقبل هذا القطاع؟

- لست بمتشائم ولكن للأسف اذا استمرت الأمور على ما هي عليه فانني أرى الإنهيار واقعاً لا محالة اذ ان اقتصاد لبنان يخسر يومياً ما لا يقل عن 80 مليون دولار أي نحو نصف دخله الوطني بسبب الأزمة التي تمر بها البلاد، فيما لا زال سياسيوه يتقاذفون الاتهامات بالفساد والعمالة وغيرها من الأوصاف التي غالبا ما تطالهم جميعا بطريقة أو بأخرى.

واستطرد خياط قائلا:

- يشهد البلد انهيارات قطاعية دون أن يجاهر أي من أصحاب السلطة بوجود أزمة حقيقية قد تطيح بالأخضر واليابس في البلد، وبالطبع دون أي مبادرة لاجتراح حلول أقله لقطاعات سياحية او انتاجية او صناعية تعيل مئات الالاف من العائلات، فناقوس الخطر قد دق وعلى السلطة النظر بوضع هذه القطاعات في هذه المرحلة العصيبة، كالقطاع الخدماتي او الصناعي أو الزراعي وغيرها.

والحال أن العديد من القطاعات الخدماتية والإنتاجية تتداعى بشكل مأساوي بعد أن أنهكتها الأزمات السياسية والأمنية المتتالية على مر السنوات الماضية لتأتي الأزمة النقدية والسياسية الراهنة وتُجهز عليها بالكامل، حتى أن بعض القطاعات شهد الكثير من الإفلاسات وبعضها الآخر لا يُتوقع صمودها للأشهر القليلة المقبلة في حال استمرار الوضع القائم على ما هو عليه.

ــ بالرغم من ذلك نرى استمرارية فما السبب؟

- بعض اصحاب المؤسسات اتخذ قراراً بالمقاومة الاقتصادية، إلاّ أن الأزمة الحالية دفعت ببعضهم لبيع حصصهم او علاماتهم التجارية في الخارج بلا شروط ولا قيود بعدما كانوا يطلبون المستحيل لقاءها، حرصاً منهم على تأمين استمرارية المؤسسات في الوطن وحفاظاً على عمالهم.

وتابع خياط قائلا:

- وللاستمرارية على الجميع الإبتعاد عن الإستفزازات التي يمكن ان تعرّض المؤسسات القليلة المتبقية للأذى بسبب الأفعال وردود الفعل من أي جهة صدرت ومنعاً لاحراج صاحب المؤسسة والعاملين والروّاد خصوصاً في هذه الظروف الإستثنائية.

وتابع خياط:

 - اننا نترقب عمل الحكومة التي يفترض ان تبتعد عن مبدأ المحاصصة في التشكيلات القضائية وان تكف يد السياسيين في مجال تسمية قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق، وان تسعى لتقديم مشروع وخطة عمل تتناسب والوضع الحالي من أجل مواكبة الخطط والهندسات الماليّة المقبلة، والايعاز للمصارف باعادة جدولة المستحقات مع تقديم إعفاءات وتسويات ضريبية وتخفيض للفوائد وتقسيط للقروض لاسيما للقطاع السياحي.

كما أجدّد النداء للعمل جدّياً على الوصول بسفينة الوطن إلى بر الامان، فالتضحية بالخاص في سبيل العام هو المفتاح الوحيد، وأؤكد بأنّ <الاتحاد اللبناني للنقابات السياحية> سيبقى كالقبطان في باخرته يقاوم الصعاب المتمثلة بالامواج العاتية الاتية من كل حدب وصوب، وذلك من اجل انقاذ ما تبقى من هذا القطاع، كما يسعى لصناعة مراكب انقاذ ولو صغيرة تحمل أصحاب المؤسسات إلى بر الامان.

بيار الأشقر يفنّد وجوه الأزمة!

بدوره لفت رئيس <اتحاد النقابات السياحية> بيار الأشقر إلى أنّه عندما لا يكون هناك استقرار سياسي أو أمني أو مالي في أي بلد، يحصل تراجع بالقطاع السياحي، كاشفاً أنّ نسبة التشغيل في بيروت لا تتعدّى الـ10 إلى 15% بالنسبة إلى الفنادق، فيما تقارب النسبة خارج بيروت حدّ الصفر.

وأكّد الاشقر بأنّ هناك مشاكل كبيرة مع وكالات السفر، ووضع الشقق المفروشة ليس أفضل من وضع الفنادق بل هناك تراجع بنسبة اكبر، مشدّداً على أنّنا في وضع كارثي، وإعادة النهوض تحتاج إلى استقرار سياسي وإلى عودة السياح العرب والمغتربين، مركزاً على أنّ نسبة التشغيل في أيلول وصلت إلى ما بين 65 و75 بالمئة.

وأوضح الأشقر أنّ السياحة الخارجيّة هي العمود الفقري للاقتصاد اللبناني، وهي تشغّل المطاعم والفنادق والأسواق التجارية، ويجب التعويل على القيام بخطّة إنقاذيّة تعيد أوّلاً الاستقرار السياسي، مشيراً إلى أنّ لا إقفال نهائيّاً بعد في الفنادق، لكن الفنادق شبه مقفلة جزئيّاً، وقد وصلنا إلى مكان لن نستطيع فيه دفع رواتب الموظّفين.