تفاصيل الخبر

  بري لم يكن بعيداً عن تحضيرات ”لقاء باريس“... لكنه ينتظر وحزب الله يخشى من التفاصيل... ومن إجهاض مبادرة ”السيد“!

04/12/2015
   بري لم يكن بعيداً عن تحضيرات ”لقاء باريس“... لكنه ينتظر وحزب الله يخشى من التفاصيل... ومن إجهاض مبادرة ”السيد“!

  بري لم يكن بعيداً عن تحضيرات ”لقاء باريس“... لكنه ينتظر وحزب الله يخشى من التفاصيل... ومن إجهاض مبادرة ”السيد“!

 

بري-فرنجية   إذا كانت <التسوية> التي كُتبت بأحرف أولى بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية لتكون <خارطة الطريق> الى ملء الشغور الرئاسي في قصر بعبدا، قد أقلقت الأحزاب المسيحية في <8 و14 آذار> نتيجة التباين في المواقف من جهة وعدم التشاور المسبق من جهة أخرى، فإنها أرخت بثقلها على الأحزاب الرئيسية في <8 آذار> (من دون تيار <المردة> طبعاً)  التي فضلت البقاء في العموميات بدلاً من الخوض بتفاصيل <التسوية> ولا برأيها فيها وإن كان بعض أركان هذه الأحزاب على علم مسبق بالتحضيرات التي أسفرت عن <لقاء باريس>، والبعض الآخر لم يعلم بها إلا من خلال الإعلام.

بري على علم مسبق

   وتقول مصادر مطلعة انه من الصعب التصور بأن الرئيس نبيه بري لم يكن على علم بما يجري بين بنشعي وباريس. وهو إن أحجم بعد انتشار الخبر عن التعليق المباشر لا سلباً ولا ايجاباً، فإنه اتخذ هذا الموقف لمراقبة ردود الفعل وتقييمها قبل أن يدلي بدلوه، وهذا الأسلوب يعتمده الرئيس بري في كثير من المواضيع لاسيما تلك التي يدرك ان لحليفه في <الثنائية الشيعية>، أي حزب الله، وجهة نظر أخرى قد تتباين مع رأيه أو تختلف في نقاط وتلتقي في أخرى. لذلك، تضيف المصادر، بدا الرئيس بري متابعاً لمسيرة التواصل بين الحريري وفرنجية خصوصاً وان أحد <رعاتها> والمحضرين لها هو صديقه رجل الأعمال اللبناني جيلبير الشاغوري الذي جمع زعيمي تيار <المستقبل> وتيار <المردة> في العاصمة الفرنسية وأمن كل الترتيبات اللوجستية الضرورية لتوفير <راحة> الزعيمين ولاسيما <البيك> الزغرتاوي الذي كان يخطو من خلال اللقاء مع الحريري خطوات <غير مضمونة> على حد تعبير أحد القريبين منه، وهو <خاطر> على أمل أن تؤدي <مغامرته> الى بداية حل الأزمة اللبنانية العالقة في عنق الزجاجة. صحيح ــ تضيف المصادر ــ ان الرئيس بري لم يعلق لا سلباً ولا ايجاباً على <لقاء باريس>، لكن الصحيح أيضاً انه ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط <باركا> سلفاً مثل هذا اللقاء لكنهما فوجئا بردود الفعل السياسية عليه، لاسيما في الوسط المسيحي، فـ<فرملا> اندفاعتهما ريثما تتبلور الصورة وتتوضح المعطيات، فآثر الرئيس بري الصمت على قاعدة <انتظر لترى>، فيما أرجأ جنبلاط الإعلان عن تأييد ترشيح النائب فرنجية وهو الذي كان ينوي اطلاق هذا الاعلان يوم السبت الماضي.

   وتؤكد المصادر نفسها انه ليس سراً ان الرئيس بري يميل الى تأييد النائب فرنجية أكثر من العماد ميشال عون الذي لا يزال <الانسجام> مفقوداً بينهما على رغم العلاقة الشخصية المستمرة والمواقف المشتركة في مواضيع كثيرة. لكن الواضح ان رئيس مجلس النواب <يرتاح> أكثر مع النائب فرنجية لاعتبارات كثيرة من بينها ان امكانية التفاهم مع <الرئيس> فرنجية أسهل بكثير من التفاهم مع <الرئيس> عون، إضافة الى رؤيتهما التي تقاربت أخيراً في موضوع استخراج النفط من المياه الاقليمية اللبنانية التي تتناقض مع تلك التي يتبناها الوزير جبران باسيل ومعه العماد عون و<التيار الوطني الحر>، والتي تجد لدى رجل الأعمال الشاغوري <صدى> ايجابياً. ولا شك ان الخلافات التي وقعت بين الرئيس بري والعماد عون على مرّ السنوات الماضية، أدت الى اتساع الهوة بين الرئيسين ولم تنفع معالجات السيد نصر الله ومعاونيه، ووساطة النائب ابراهيم كنعان المتواصلة، في رأب الصدع توطئة لردم الهوة.

حزب الله حذر... ويريد التفاصيل

   اما على <جبهة> حزب الله، فإن الموقف من ترشيح النائب فرنجية لا يقل احراجاً عن موقف <التيار الوطني الحر> وغيره من الأحزاب والتيارات وإن اختلفت الأسباب والحيثيات. ولا يأتي الاحراج من شخصية النائب فرنجية أو موقعه السياسي أو موقفه من المقاومة الذي لا غبار عليه، لأن تيار <المردة> التزم المقاومة خياراً ونهجاً وخطاً، بل مما يمكن ان طلبه الرئيس الحريري في مقابل تسييل <التسوية> في أسرع وقت ممكن كما شيّع كثيرون. وإذا كان حزب الله يدرك ان النائب فرنجية ليس في وارد التفريط بالثوابت والمسلمات، إلا انه يخشى من ألا تأتي <التسوية> المطروحة <شاملة> كما أرادها الأمين العام للحزب في اطلالاته الاعلامية المتكررة لاسيما بعد تفجيري برج البراجنة الارهابيين، لاسيما إذا ما تناقضت هذه المطالب مع مواقف الحزب من جهة، أو أزعجت حليفه المسيحي العماد ميشال عون. من هنا بدا ان حزب الله تلقف تسريبات <التسوية> بحذر شديد وتمهّل بالتعليق عليها لا سلباً ولا ايجاباً وسعى، كما فعل غيره من الأحزاب، الى طلب المزيد من التفاصيل والايضاحات والأسس التي قامت عليها التسوية، مع تسجيله في المقابل <تجاوب> الرئيس الحريري ومعه النائب فرنجية مع دعوة <السيد> الى تسوية شاملة يريدها قائمة على أربعة أعمدة: رئاسة الجمهورية، الحكومة الجديدة، القانون الانتخابي العتيد، وتركيبة المجلس النيابي. وبدا من خلال الاتصالات التي أجريت خلال الأيام الماضية، ان قيادة حزب الله راغبة في معرفة <أجوبة> الرئيس الحريري على المواضيع <الحساسة> لاسيما منها موضوع سلاح حزب الله والمشاركة في الحرب السورية والتمثيل في الحكومة (الثلث المعطل) وغيرها من النقاط التي يقول <مستقبليون> ان بعضها يندرج تحت خانة <الشروط التعجيزية>.

   إلا ان قيادة حزب الله، وفيما ترصد ردود الفعل على <لقاء باريس>، توقفت ــ كما فعل غيرها من الأوساط السياسية ــ عند تزامن الحديث عن <موافقة سعودية> على مبادرة الحريري مع اعلان وزارة الداخلية السعودية وضع 12 شخصية من حزب الله على لائحة الارهاب، لاسيما وان التوقيت الملتبس للاعلان أثار علامات استفهام كثيرة إذ غالباً ما تلجأ الرياض الى اتخاذ مثل هذه القرارات من دون الاعلان عنها، فلماذا كان هذا الاستثناء وأي رسالة أراد بعض من في موقع المسؤولية في الرياض توجيهها الى حزب الله المدعو الى الموافقة على <تسوية> ترعاها ــ مبدئياً ــ السعودية من خلال الرئيس الحريري، مع حليف أساسي لحزب الله وسوريا هو النائب سليمان فرنجية. ولم يقتصر الأمر على هذه المسألة فقط، بل تزامن اعلان وزارة الداخلية السعودية مع كلام لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير قال فيه ان الرئيس السوري بشار الأسد لن يكون جزءاً من مستقبل سوريا، في وقت تدعم فيه الرياض ــ كلياً أو جزئياً ــ ترشيح صديق الأسد ليكون رئيساً للجمهورية اللبنانية.

   وتقول مصادر متابعة ان هذه المعطيات جعلت قيادة الحزب تتمهل في التعبير عن موقفها من <التسوية>، مع التركيز على الحلف القائم بينها وبين العماد عون <الذي لن يتمكن أحد من دق اسفين في هذه العلاقة> على حد تعبير قيادي بارز في حزب الله. كذلك أبلغت القيادة الحزبية الحليف الرئيس بري بأنه من الأفضل <التبصر> أكثر في مقاربة ما حصل في باريس، مع علم هذه القيادة بأن الرئيس بري لم يكن بعيداً عن لقاء الحريري ــ فرنجية حتى انه ساهم في إنضاج الظروف لانعقاده بهدف إحداث خرق في جدار الأزمة المستمرة مع انشغال الخارج في تأمين مصالحه انطلاقاً من التطورات على الساحتين السورية واليمنية وتسليم معظم الأطراف المحليين بأن الدول الاقليمية غير مستعجلة لإعطاء لبنان حيزاً من اهتمامها مع تأكيدها على ضرورة الحفاظ على الاستقرار في بلد تحيط به التوترات من كل الجهات.

   واستطراداً فإن مراجع في حزب الله اعتبرت ان تجدد الحملة السعودية على الحزب بالتزامن مع مبادرة الحريري ــ فرنجية قد يكون هدفه اجهاض مبادرة السيد نصر الله من خلال الاظهار بأن تسوية بين <8 و14 آذار> غير ممكنة وتحميل الفريق المسيحي في <8 آذار> (أي العماد عون) مسؤولية تفشيل مبادرة نصر الله وكل حل آخر، ما يؤدي الى إعادة النظر في الجهود المبذولة لتسييل دعوة السيد نصر الله الى <التسوية الشاملة> واعتبارها شعاراً لا قدرة على تحويله الى حقيقة قائمة، والبحث بالتالي عن بدائل أخرى...

ارسلان متحفظ ووهاب غير راضٍ

   أما على صعيد رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني الأمير طلال ارسلان، الذي يشكل الحضور الدرزي في قوى <8 آذار> بعد تموضع النائب جنبلاط الوسطي، فقد تبين ان ارسلان الذي تربطه علاقة متينة بالنائب فرنجية، لم يكن على علم بالتواصل مع الحريري وهو بدا متحفظاً على مسار <لقاء باريس> لأنه ــ كما قال لمقربين منه ــ لا يرى حالياً ان الرئيس الحريري يملك القدرة في الوقت الحاضر على صناعة حلٍ للأزمة الرئاسية اللبنانية وما يتفرع عنها ما لم يتوافر الدعم الاقليمي والدولي للحل، وهو غير متوافر في الظرف الراهن. ويعتبر ارسلان ان الأولوية يجب أن تكون لإعادة تكوين الحياة السياسية من خلال انتخابات نيابية تظهر حجم التمثيل الشعبي وتكون اللبنة الأساسية للانتخابات الرئاسية وتأخذ في الاعتبار المتغيرات التي ستفرزها صناديق الاقتراع. إلا ان ذلك لا يعني بالنسبة الى ارسلان عدم تأييد فرنجية إذا ما توافرت له معطيات الفوز بالرئاسة.

   كذلك كانت للوزير السابق وئام وهاب مواقف غير مشجعة حيال <لقاء باريس> عكست مناخاً سلبياً حيال ما جرى في العاصمة الفرنسية، علماً ان وهاب تربطه علاقات متينة بالنائب فرنجية، وقد أتى موقفه مفاجئاً للمتابعين الذين رأوا فيه اشارة واضحة الى ان رعاة فريق <8 آذار> الاقليميين ليسوا <راضين> عما حصل، وما لا يستطيع المقربون من هؤلاء الرعاة قوله يمكن أن يُعبّر عنه... بالواسطة أيضاً.