تفاصيل الخبر

بـــــــــركــان الــنــــــــــزوح.. مـــــاذا لـــــــو انــفــجــــــر؟!

12/07/2018
بـــــــــركــان الــنــــــــــزوح.. مـــــاذا لـــــــو انــفــجــــــر؟!

بـــــــــركــان الــنــــــــــزوح.. مـــــاذا لـــــــو انــفــجــــــر؟!

بقلم علي الحسيني

ملف النازحين السوريين في لبنان، عاد الى زخمه خلال الأيام الماضية حيث تُرجم بعودة جزء من اللاجئين في عرسال إلى بلداتهم وتحديداً إلى فليطا والقلمون الغربي وذلك بعد مطالبة من هؤلاء العائدين بضمانات أمنية دولية بعدم تعرضهم للملاحقة في الداخل السوري. واللافت أن هذه الخطوة اتت بعد تحذيرات لبنانية تُنذر بخطورة الوضع الذي وصل اليه لبنان في ظل تجاهل دولي لملف النازحين وخطورته المتعددة على الواقع اللبناني. وقد برز في هذا الإتجاه موقف لـحزب الله تعهد من خلاله ببذل الجهد والعمل على تحقيق عودة أكبر عدد من النازحين وذلك بالتعاون والتنسيق مع الحكومة السورية.

المخاوف تبلغ حدها الأقصى

تتكاثر المخاوف اللبنانية من حدوث أمر هو حتّى الساعة رهينة الدول الكبرى، يُمكن أن يؤثر سلباً على الواقع اللبناني وتركيبته المعقدة إذا ما استمر الوضع على حاله بالنسبة إلى النازحين السوريين في البلد، ومن هذا الخوف علت الصرخات خلال الايام الماضية مطالبة بإيجاد حل سريع لمعضلة عمرها من عمر الحرب السورية التي اندلعت في العام 2011. البلد على كفّ عفريت إقتصادياً واجتماعياً، وقد زادت عملية تأخير تأليف الحكومة الوضع صعوبة وسط تقاذف الاتهامات حول الجهة المسؤولة عن كل هذه التعقيدات، وفي ظل التناحر السياسي القائم، يبقى المواطن اللبناني رهينة كل هذه الخيارات الخاطئة والتي تُركت حتى اليوم من دون معالجة ولا حتى تطويق ذيولها أقله لناحية ضبط عملية النزوح عبر معابر التهريب أو اتخاذ قرار سياسي موحد يُنهي هذه الأزمة التي يبدو أنها آخذة بالتمدد خصوصاً في ظل غياب أي آلية واضحة لا داخلياً ولا حتى خارجياً، مع العلم أن الجميع في لبنان متفق أن الوقت قد حان ليعود النازحين إلى بلادهم على أن يتكفّل المجتمع الدولي بهذه العودة. ولكن حتّى الساعة يفتقد القرار اللبناني إلى اتفاق يُميّز بين ضرورة عودة النازحين إلى بلادهم، وبين أخذ النقاش في شأنهم في اتجاهات سياسية ضيقة.

بين الأخذ والرد في قضية النازحين السوريين، يقف المسؤولون اللبنانيون خلف جملة تُفيد بوجود تفهم دولي بأن لبنان أصبح عاجزاً عن تحمل الأعباء الإقتصادية والاجتماعية والسياسية للنزوح السوري. لكن هل يكفي أن يتحوّل المنبر السياسي الداخلي إلى ما يُشبه <الببغاء>، بمعنى أن نردد في الداخل ما نسمعه عن الخارج من دون تقديم حلول ولو جزئية من شأنها أن تضع هذا الملف على بداية سكّة صحيحة تُسهم في وصول القطار إلى محطته بأقل الأضرار المُمكنة؟ هنا يبرز الخلاف اللبناني مجدداً حول آلية تطبيق المقترحات إذ إن جزءاً من اللبنانيين يقول بضرورة التنسيق مع الحكومة السورية كونها صاحبة القرار الأول والاخير في عودة مواطنيها إلى ديارهم، بينما في المقابل، يرى البعض الآخر ان هذه العودة لا بد وأن تتم بالتنسيق مع الأمم المتحدة صاحبة الشرعية الدولية الأبرز والجهة الأمثل لتأمين عودة آمنة لهؤلاء إلى مدنهم

وقراهم خصوصاً وأن جزءاً كبيراً منهم، هم من المعارضة السورية أو مما كانوا ضمنها وكانت صدرت بحقهم أحكام غيابية من قبل النظام السوري.

 

حزب الله يدخل على خط التفاوض

 دعت وزارة الخارجية السورية منذ بداية الاسبوع الماضي، المواطنين السوريين الذين اضطرتهم الحرب والاعتداءات الإرهابية لمغادرة البلاد إلى العودة لوطنهم الأم بعد تحرير العدد الأكبر من المناطق التي كانت تحت سيطرة الإرهابيين. وعلى بعد ساعات من الدعوة هذه، جاء إعلان اللجنة المكلفة من حزب الله برئاسة النائب نوار الساحلي، قبول طلبات النازحين السوريين الراغبين بالعودة الطوعية إلى سوريا ضمن تسعة مراكز حددها الحزب مع العناوين وأرقام الهواتف. المؤكد أن حزب الله الذي هو جزء لا يتجزأ من النسيج اللبناني وذلك باعتراف خصومه السياسيين قبل حلفائه، يُحاول وضع الأصبع على الجرح الذي يبدو أنه بدأ ينزف بقوة داخل مجتمعه وبيئته الحاضنة نتيجة الوضع المزري الذي يعيشه هؤلاء في مناطقهم نتيجة التزاحم الاجتماعي والاقتصادي وتحديداً في قرى ومناطق البقاع حيث خزّان الحزب المقاوم.

وفي هذا الاتجاه تبرز عدة مخاوف أراد حزب الله استباقها، أبرزها حتمية عودة مقاتليه من سوريا عاجلاً ام آجلاً وهم بالطبع بالآلاف، وهذا الأمر سوف يزيد من البطالة التي سوف يُعاني منها جزء كبير من المقاتلين خصوصاً في ظل الظروف الضاغطة التي يُعاني منها الحزب أيضاً بفعل سياسة التطويق والحصار الإقتصادي التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية على مصادر تمويله. ويُضاف إلى العاملين الاجتماعي والاقتصادي في ملف عودة النازحين، عاملان آخران سياسي وأمني. في الشق الأول، يُمكن تسجيل خطوة حزب الله هذه وكأنها دراسة شاملة أو إحصاء لمعرفة أعداد النازحين الموجودين في مناطقه المؤيدين للنظام السوري وهذا الجزء لا مانع لديه على الإطلاق من العودة إلى سوريا اليوم قبل الغد سواء بحماية الحزب نفسه أو بحماية النظام. أمّا الجزء الذي سيتمنّع عن العودة، فهو حُكماً سوف يُعتبر مُعادياً للنظام أو من المعارضين لسياسته، وبالتالي سيخضع هؤلاء لمراقبة دائمة شديدة من الحزب إلى حين تسوية أمورهم.

 

وعلى خط المصالحة

 

حزب الله الذي رفض أي من مسؤوليه التعليق على الملف خلال رزمة الإتصالات التي أُجريت معهم، ما زال يُراهن الى حد بعيد على نجاح خطته ولو بشكل جزئي، ولكن في الشق الأخير أي قضية المعارضين، تكشف مصادر مواكبة لخطة الحزب أنه بصدد القيام بمصالحة بين النازحين المعارضين الموجودين في لبنان وبين النظام السوري، لكن من دون أن تؤكد مدى إمكانية نجاح هذه المحاولة، خصوصاً وأن مصالحات عدة كانت جرت في الداخل السوري، لكن النهاية كانت اعتقالات للبعض وجر البعض الآخر إلى جبهات القتال رغماً عنهم، لذلك يعتبر بعض الذين يُخالفون توجهات حزب الله أن مبادرته ضعيفة جداً ولن تلقى تجاوباً طالما أنها مطروحة من جهة تُعتبر شريكاً أساسياً بعملية تهجير جزء كبير من الشعب السوري وحليفاً ثابتاً لنظام كانت له اليد الطولى بوصول هذا الشعب إلى المصير الذي يواجهه اليوم. وعليه تعتبر هذه التحليلات القائمة على استنتاجات خبرها أصحابها طيلة فترة الحرب السورية وطريقة تعاطي النظام السوري ومعارضيه سواء من خلال المؤتمرات الدولية أو عن طريق الاتفاقيات الميدانية التي غالباً ما تنهار بلمح البصر، أن المبادرة ولدت ضعيفة كي لا نقول ميّتة، إذ إن للعودة شروطاً وضمانات لا يمكن أن يكفلها حزب الله، أو أن يتبنّاها، فهي بحاجة إلى متابعة دولية مع النظام الذي لم يُقدّم إلى اليوم أي مقترح رسمي يتيح عودة 1.5 مليون نازح في لبنان وثلاثة ملايين في تركيا ومليون في الأردن.

كما ويستند معارضو خطة حزب الله لجهة حتمية فشل الخطة، إلى ما كان قاله نائب الحزب السابق نوار الساحلي وهو المسؤول عن هذا الملف، بأن ما قمنا به خطوة أولى لمعرفة حجم الذين يريدون العودة وقد لا يكون أكثر من بضع مئات. وعندما أكد أن هناك مناطق آمنة في سوريا لكن مهدمة، سُئل عن إمكانية العودة إلى <القصير> فاكتفى بالقول: سنعمل على الموضوع. هنا تعتبر مصادر في تيّار <المستقبل> أن مقاربة هذا الملف، جاءت إعلامية أكثر مما هي واقعية، فلا رأس النظام الذي لم يحصل خلال <الإنتخابات الرئاسية> على أكثر من خمسة في المئة من أصوات الناخبين السوريين في لبنان مخوّلاً اليوم لكي يُحدد شروط العودة، ولا الدول الكبرى المعنية بالملف السوري، تحدثت عن عودة آمنة لا إلى مناطق النظام ولا إلى مناطق المعارضة.

 

المرعبي: لا حل بظل الوزير باسيل

وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الاعمال معين المرعبي يلفت بداية عبر <الأفكار> الى انه حتى الساعة لا يوجد قرار موحد حول ملف النزوح السوري من لبنان وخصوصاً بظل وجود الوزير جبران باسيل على حد قوله. المشكلة ليست شخصية على الاطلاق، فمثلاُ من خلال اللجنة الوزارية كنا قد قمنا بتحضير ورقة السياسة العامة للحكومة اللبنانية بالتنسيق مع ممثلين عن باسيل وهذا في أول اجتماع لنا. يومها عبّر لنا عن اعجابه بموقف الرئيس سعد الحريري وموقفي من هذا الملف وأكد موافقته على نسبة 95 في المئة مما ورد في ورقة الاقتراحات التي تقدمنا بها، لكن ولفترة ثلاثة أشهر من بعدها ظلت المراوحة من قبل باسيل، سيدة المواقف إلى أن وصلنا الى الاجتماع الثالث فلم يحضر، ولاحقاً عندما حضر أبلغنا بأنه كان <يمزح> في ما خص موافقته وانه لم يكن موافقاً، وحصل يومها جدل بيني وبينه حلّه لاحقاً الرئيس الحريري على طريقته الديبلوماسية.

ويضيف: لاحقاً ناقشنا مع الوزير باسيل ورقة متفقاً عليها بين الجميع مع بعض التعديلات الطفيفة، ووعد بإيفاد مندوبين عنه لمتابعة القضية لكنه حتى اليوم لم يُرسلهم، ويبدو أن سحب الكلام تحوّل إلى محطة بارزة في سياسة باسيل وهذا أمر مُتفق عليه بين الجميع.

ورداً على سؤال حول تخوفه من ملف النزوح، يقول: بالنسبة لي فإن الخوف أو الحرص الذي أبديه تجاه ملف النزوح هو ان نتمكن من تأمين سبل العيش للنازحين ووضع انساني مقبول نوعاً ما. ويتوجه الينا بالقول: إذا كنتم تغمزون من ملف التوطين فأنا غير خائف على الإطلاق من هذا الأمر خصوصاً وأن السوري يعي تماماً بأن أرضه الى جنبه وأنها أوسع من أرضنا ويُدرك صعوبة إيجاد عمل في ظل الظروف الراهنة، لذلك في نهاية الموضوع الجميع سيعود الى وطنه.

هل تشجع بقاء النازحين؟.. لا على الاطلاق، لكن هل المطلوب مني أن أُعيدهم الى النظام السوري لكي يقتلهم، هناك بعد إنساني في الملف ولا يجب أن ننسى استقبالهم للبنانيين منذ بداية الحرب وحتى حرب اسرائيل علينا. أما من يتهمني بأنني أسعى الى دور ما، فأنا لم اترشح لأي منصب ولا اسعى الى أي دور غير أنني أقوم برد الجميل لهؤلاء من خلال انصافهم وتأمين حمايتهم خصوصاً وأنني وزير معني بهذا الملف.

ماذا عن الطرح الذي قدمه حزب الله؟.. ما يقوم به حزب الله هو لنسف الكيان اللبناني. هو المسؤول عن ملف تهجير هؤلاء وكان الأجدى به عدم تهجيرهم وأن لا يُدخلنا في هذه الأزمة منذ البداية، لكن الحزب مُصر على تطبيق المثل القائل <حاكمك ظالمك>. وعلينا أن نسأل الحزب عما يُريده من طرحه هذا وهو الذي يقوم اليوم مكان الصليب الأحمر والجمعيات الإنسانية وكاريتاس. والأهم أن ما يقوم به الحزب يُخيف الى حد كبير النازحين السوريين بدل أن يُطمئنهم.

المنلا: للعودة شروطها وضماناتها

في هذا الإطار، يؤكد مستشار رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لشؤون النازحين نديم المنلا لـ<الأفكار>، أن <السياسة اللبنانية قائمة على أن أي مواطن سوري يُريد العودة إلى بلاده، سنكون معه بكل تأكيد. ولكن في المقابل فإن أي شخص لا يُريد العودة لأسباب عدة، فلن تتم إعادته بالقوة. ولهذا نحن نعتبر ان العودة الكُبرى المنظمة للاجئين السوريين، يجب أن تخضع لجملة شروط أبرزها، أن تكون بالتنسيق مع الأمم المتحدة وأن تكون هناك ضمانات أساسية من الدول الكبرى والمعنية، حول الوضع الداخلي في سوريا وتحديداً الوضع الأمني. كما لا بد من تقديم ضمانات من الدولة السورية نفسها بعدم مصادرة أملاك العائدين أو اعتقالهم. وهذا الأمر عادة تطالب به الأمم المتحدة قبل أي عملية عودة للنازحين>.

وإذ يلفت المنلا إلى أننا والأمم المتحدة نعتبر ان شروط هذه العودة غير مكتملة حالياً، وفي الوقت عينه، ثمة أطراف لبنانية ومنهم حزب الله يعتبرون أن هناك فئة من النازحين تريد العودة، ونحن طبعاً قلنا مراراً وتكراراً أننا نرحب بهذا الأمر، وحتى أن هناك حواراً مع الأمم المتحدة حول ما إذا كان هناك من إمكانية لمساعدة العائدين لوجستياً، يؤكد أنه من حيث المبدأ يحق لأي نازح سوري أن يعود إلى بلاده وإذا كنا قادرين على تقديم بعض التسهيلات فليكن. ويستغرب كيف أن الدولة السورية التي تُطالب سواء عبرها أو من خلال حلفائها بعودة مواطنيها إلى بلادهم، وافقت فقط على عودة عشرة في المئة من النازحين السوريين الموجودين في عرسال. كيف لحكومة ان ترفض عودة شعبها الى بلاده طالما انها وجهت اليه دعوات عدة للعودة. ويسأل: ألا يدعو هذا الأمر إلى التساؤل؟

 

موقف حزب الله من العودة

تعتبر مصادر مطلعة على الواقع المتأزم في لبنان، أن حزب الله لن يقبل بأي شكل من الأشكال، إبقاء وضع النازحين على ما هو عليه مع ما يتضمنه من توزيع عشوائي على مساحة الأراضي اللبنانية ولاسيما في مناطق أساسية بالنسبة إليه سواء أكانت ضمن بيئته أم ضمن مناطق تعتبر ممرات أساسية له في البقاع. بالتالي، فإن حساباته لأي ضربة إسرائيلية محتملة، يقاربها بميزان ضرورة إخراج اللاجئين السوريين. أولاً لما يمثّلونه من تهديد ديموغرافي في لبنان ككل، وثانياً لتخوفه من إنفلات الوضع بحال حصول أي ضربة إسرائيلية. إذ يضع الحزب في حساباته محاولات بعض الجهات استغلال الوجود ذاك لإلهائه وإشغاله في عدد من

المناطق. هذا على الأقل سبب أساسي يعتبره الحزب دافعاً لأجل العمل في سبيل إعادة اللاجئين.

وبدوره يرى حزب الله أن الدولة اللبنانية لم تستجب بالسرعة المطلوبة للعمل على إعادة اللاجئين من خلال التواصل مع النظام السوري. لذلك يمسك الحزب بخيوط المبادرة التي يمتلكها، والتي حصلت على أساسها أول عملية إعادة لاجئين من بلدة عرسال إلى بلدة عسال الورد القلمونية وبعدها ما جرى في الجرود. واليوم يعتبر الحزب نفسه مؤهلاً لأن يلعب الدور نفسه لكن من دون العودة الى الشرعية الدولية التي تُمثلها الأمم المتحدة والتي يرى فيها عاملاً مؤخراً لأي عملية تفاوض بين النظام السوري والمعارضة.

أيضاً وفي الاتجاه نفسه، يسأل مؤيدو الحزب: أين أصبحت مطالبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المستشارة الألمانية <أنجيلا ميركل> خلال زيارتها الاخيرة الرسمية للبنان بدعم موقف لبنان الداعي إلى عودة النازحين السوريين تدريجياً إلى المناطق الآمنة في سوريا؟. وأين أصبحت الوعود الدولية بمساعدة لبنان بهذا الملف وإنهائه بأسرع وقت؟. لذلك تعتبر هذه الجهة ان ما يقوم به حزب الله هو عين العقل والذي يفترض أن أي عودة للاجئين لا بد وان تتم بالتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، هذا إن لم تكن ثمة نيّات دولية مبيتة تهدف إلى توطين اللاجئين السوريين في أماكن وجودهم، وهذا بالتأكيد سيخلق إشكالاً سياسياً ومذهبياً لا يستطع بلد مثل لبنان منقسم مذهبياً، تحمله لا اليوم ولا غداً ولا تحت أي من الضغوط التي تُمارسها الدول الكبيرة المعنية بملفات كهذه، على الدول الصغيرة والتي يُعتبر لبنان أبرزها.

خطة الأمن العام

الخطّة الموضوعة من قبل الأمن العام لعودة النازحين أو جزء كبير منهم إلى بلادهم، تشمل توليه إعداد ملفات وبيانات عن الراغبين بالعودة، والمناطق التي سيعودون إليها، ويجري تسليمها للجهات السورية المختصة، لتسوية أوضاع أصحابها على أن تأتي قوافل الباصات إلى الحدود اللبنانية لتقّلهم إلى الداخل السوري. فبعد نجاح عودة عدد من لاجئي بيت جن، كان مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد توجه إلى دمشق والتقى عدداً من المسؤولين فيها، وبحث معهم كيفية توسيع هذا الإطار، والعنوان العريض للمشروع الذي يهدف إلى إعادة نحو 200 ألف لاجئ إلى أراضيهم على مراحل خلال الفترة المقبلة. وفيما كان النظام السوري يصرّ على التنسيق العلني مع لبنان لإعادة هؤلاء اللاجئين، ذهب اللواء إبراهيم إلى دمشق بصفته موفداً رئاسياً مكلّفاً هذه المهمة، وعلى هذا الأساس انطلق التنسيق. وأيضاً وفي السياق نفسه، لا تغيب بعض الهيئات المدنية والمنظمات المرتبطة بالأمم المتحدة عما يجري، بحيث تجري هذه الجمعيات لقاءات مع اللاجئين، عبر توجيه أسئلة لهم عن ظروف عودتهم وإن كانت إرادية أم قسرية. ويجري العمل حالياً، وفق مصادر متابعة للملف، على إعداد لوائح للاجئين في الجنوب اللبناني، وتحديداً في قرى حاصبيا ومرجعيون، للعودة إلى مناطقهم بعد توقف العمليات العسكرية فيها.

وكان اللواء ابراهيم قد أكد في تصريح له في الأسبوع الماضي، انه مستمر في تولي ملف النازحين السوريين مكلفاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث تم تسهيل عودة مئات النازحين من منطقة شبعا ومن بعدهم 500 نازح من عرسال في المرحلة الاولى و276 نازحاً في المرحلة الثانية، على أن تكون المرحلة الثالثة استكمالاً للدفعات الماضية. واشار الى أن دفعة اليوم هي <جزء من سلسلة دفعات النازحين الراغبين في العودة، والذين ستزداد أعدادهم تباعاً، خصوصاً مع اتساع رقعة المناطق الآمنة داخل سوريا. كما ثمّن اللواء إبراهيم خطوة حزب الله التي ستصبّ في نهاية الأمر لدى الأمن العام لتسوية أوضاع الراغبين في العودة والتنسيق بشأنها، متمنياً أن تلقى التجاوب اللازم من قبل النازحين وأن تكون الخطوة مساعدة لعملنا على الملف الذي ننسّق بشأنه مع مفوضية شؤون اللاجئين والسلطات السورية لتأمين عودة لن تكون إلا طوعية وآمنة.

المؤكد أن حل قضية النزوح السوري الى لبنان وإعادتهم الى سوريا، لن تتم من دون تنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، لكن هذه العودة وبما أنها تُرخي بمخاطر ما على الجزء المعارض لسياسة الرئيس السوري بشار الأسد، لا بد من تنسيق دولي يضمن لهؤلاء عودة ميسرة وآمنة. من هنا يبدو أن الملف سوف يخضع كثيراً للأخذ والرد إلى حين الإتفاق على نوعية الحكم في سوريا وهذا أمر يحتاج إلى اجماع دولي، أو الوصول الى صيغة مع النظام السوري على قاعدة <عفا الله عما مضى>.