المطربة الفنانة سميرة سعيد حالة غنائية فريدة من نوعها، ومطربة ذات أحاسيس خاصة جدا، تلهب بصوتها الذي يفيض بالأنوثة مشاعر كل من يسمعها، لكنها تختفي عن جمهورها لفترات ثم تعود لتطل عليه مجدداً لتهديه جديدها من الأغنيات التي طال انتظاره لها. من الرباط في المغرب جاءت برفقة والدتها الى قاهرة المعز التي احتضنتها بدفئها وفتحت لها أبواب الشهرة على مصراعيها. تاريخها الغنائي حافل دوماً بكل جديد، وقد أصدرت أخيراً <ألبومها> الغنائي <عايزة أعيش> الذي اختارت أغنياته التي تتلاءم مع الحالة الكلية لـ<الألبوم> بعد أن عملت عليه قرابة السبع سنوات، كما أنها شاركت هذه السنة في مهرجان <الموسيقى العربية> وأحيت ليلته الثانية بعد عدة اعتذارات.

بدأنا حوارنا معها بالسؤال:

ــ ما سر حماسك للمشاركة في مهرجان <الموسيقى العربية> رغم اعتذارك عنه لسنوات؟

- بالفعل اعتذرت عن المشاركة لسنوات رغم العروض المتكررة من الدكتورة رتيبة الحفني وجيهان مرسي المديرة الحالية للمهرجان، لأنني مقتنعة بأن الجمهور يفضل الاستماع الى الأغنية القديمة والكلاسيكية، وهو مـــا يتعــــارض مع خط الغناء الذي أقدمه منذ بداية الألفية، وان كنت قد قدمت أغنيات ناقدة تقليدية في الثمانينات والتسعينات، لكنني الآن أقدم نمطاً حديثاً، كما انني احجمت لفترة عن الحفلات بشكل عام، وهذا العام لم استطع الاعتذار، <جيهان مرسي عملتلي حصار>، وكنت مترددة لكنها عرضت علي ان تؤمن لي كل ما احتاجه.

ــ وما كانت طلباتك للغناء في المهرجان؟

- طلبت ان أغني مزيجاً بين الغناء الحديث والكلاسيكي، لأعبر عن مراحل متعددة في حياتي الفنية، فلا يمكنني ان اقدم مرحلة واحدة منها فقط، وقد غنيت بصحبة المايسترو مصطفى حلمي، <آل جاني بعد يومين>، <عالبال>، <يوم ورا يوم>، <قابلتك ليه>، <قويني بيك>، <روحي>، كما اخترت ان اقوم بأكثر من <بروفة> للتوصل الى تجانس مع الفرقة الموسيقية، وطلبت ايضاً تسجيل الحفلة بجودة عالية حتى يتم عرضها للجمهور فيما بعد، كما أخترت المطرب رامي صبري ليشاركني تقديم الحفلة لانه يتمتع بمواصفات المطرب الكلاسيكي الحديث، صوته حلو، لديه تنوع في الغناء، اما عن الماديات فأنا تبرعت بأجري ولم أحصل على أي مقابل مادي، وأشكرهم على تكريمي بحفلة الافتتاح وهو تقدير أسعدني كثيراً.

ــ ما هي رؤيتك للمهرجان هذا العام؟

لا شك انه يضمّ مجموعة من الاصوات الرائعة لمطربين كبار في مكانة مدحت صالح وعلي الحجار وهاني شاكر وصابر الرباعي، وبرأيي ان وجودهم يثري اية حفلة يشاركون فيها، وأعتبر هذه الدورة للمهرجان مميزة كونها تكرّم الراحل عبد الرحمن الابنودي وجمال سلامة إضافة الى عدد من الفاعليات المتميزة، وهي فرصة لملتقى مزيد من الثقافات بوجود مطربين من كل الدول العربية من تونس ولبنان واليمن وفلسطين والعراق.

هكذا أختار أغنياتي

ــ ما سبب تأخرك في إصدار <ألبوم> <عايزة أعيش> منذ سنوات؟

 - لعدة أسباب، منها الشخصي، والجانب الاهم يتعلق بالصناعة والانتاج، والتغيرات التي طرأت في هذا المجال منذ 7 سنوات تقريباً، منذ ان طرحت آخر <ألبوم> <ميؤوس منه>، واتجاه المطربين على مستوى العالم لعدم اصدار <ألبومات>، وقد عمدوا الى إصدار الأغنيات المنفردة <السينغل>، اضافة الى انني تأثرت بالحالة العامة للبلد، وكنت أرى تقلبات صادمة، وبالتالي انتظرت حتى اكوّن رؤية واضحة للامور، وكنت أختار أغنيات واؤجل شراءها حتى تستقر الاوضاع، وانا من عاداتي التمهل في اختياراتي. وقد سجلت 23 أغنية كاملة بالصوت والموسيقى والتوزيع، وهو ايضاً أمر عطلني كثيراً حيث استقريت على 12 أغنية وكان من المفترض أن تكون 14، وقد استغرقت اجراءات خاصة بحقوق الملكية الفكرية والتنازلات وقتاً طويلاً أيضاً بعد تعديل القوانين، وعندما استقرت الامور قررنا الإصدار في تشرين الثاني/ نوفمبر.

ــ على أي أساس كان اختيارك للأغنيات؟

- اخترت الأغنيات التي تتلاءم مع الحالة الكلية لـ<الألبوم>، وحرصت على ان يكون مختلفاً، وان يعبر عن الحالة العامة، وحذفت أغنيات سجلتها ايام الثورة، ويتضمن <الألبوم> اغنية تحمل عنوان <جرالك ايه> وهي توحي بشكل او بآخر بالظروف التي نعيشها، وأغنية <عايزة عيش> ليس لها علاقة بالحب، ولكنها تتحدث عن فتاة ترغب في العيش والبعد عن الاكتئاب، لأننا جميعاً نعيش هذه الحالة، وأعتبرها دعوة للحياة، الاغنيتين اخترتهما رغم انه لا علاقة لهما بالحب، لكنهما مرتبطتان بالحياة، اما باقي الأغنيات فتحتوي على الدراما القديمة، وكلمات جريئة تُعتبر اكثر جرأة من كل <ألبوماتي> السابقة، فالصياغة جريئة والافكار متباينة، وهناك 4 أغنيات صياغتها مختلفة لحد كبير.

أنا وروتانا

ــ لقد تعاونت مع محمود العسيلي كشاعر، فكيف تقيمين ذلك التعاون؟

 - العسيلي كتب لي أغنية <عايزة أعيش> واغنية كلاسيكية اخرى في <الألبوم>، وهو موهوب وأحسست بكلامه بشكل قوي، وتعاونت ايضاً مع بهاء الدين محمد ونادر عبد الله في اغنيتين، وبلال سرور في 3 أغنيات، وملحن شاب هو شادي نور، كما تعاونت ايضاً مع وليد سعد في أغنية درامية، والملحن الرائع شريف قطة الذي لحّن أغنية في منتهى الجمال، ومع الشاعر نصر الدين ناجي في <انسانة مسؤولة>، والشاعر ايمن عز ومع الملحن ايهاب عبد الواحد.

ــ ما سبب قبولك التعاون مع شركة <روتانا> رغم رفضك أكثر من مرة؟

- لأنها قدّمت عرضاً جيداً الى حدٍ كبير  و<الألبوم> انتاج مشترك. عرضهم وقتئذٍ اي قبل عامين كان الافضل في ظل الظروف المحيطة، واعتقد اننا نعيش أسوأ عصور الانتاج الموسيقي خاصة مع احجام الشركات الكبرى عن الانتاج، واقتصار الامر على افراد وأغنيات <سينغل>، والكيانات الكبيرة تقتصر على <روتانا> والأستاذ محسن جابر، وانا علاقتي بمحسن طيبة وبيننا <عشرة> طويلة، ونحن في النهاية نعمل في مجال واحد، واذا <ماشتغلتش معه النهار ده بكرة سيجمعنا تعاون>.

<عايزة أعيش>... مصورة

 ــ هل انت راضية عن الدعاية المروجّة للـ<ألبوم>؟

- نعم، الى حد كبير، والامور تسير بشكل جيد، بدأت بـ<السوشيال ميديا> والاذاعات والتلفزيون، وثم أُطلقت الدعاية الفعلية.

ــ هل استقريتِ على الاغنية التي ستصورينها على طريقة <الفيديو كليب>؟

- بالفعل اخترت أغنية <عايزة اعيش> وسأصورها ان شاء الله في غضون هذا الشهر، وستكون من اخراج هادي الباجوري.

ــ قدمتِ أغنية <ما زال> منفردة على مدار السنوات الاخيرة، هل كانت كافية؟

- <السينغل> فكرة جيدة، ومنذ ايام طرحت المطربة العالمية <أديل> <ألبومها> ولم يحقق نجاحاً كبيراً، لكن مع تصويرها <كليب> اغنيتها <هالو>، حققت نجاحاً حيث تجاوز عدد مشاهديها 146 مليوناً، أما باقي الأغنيات فأُهملت، إذ أنّ الأزمة اصبحت عالمية، والمنتجون يقولون لأنفسهم <على ايه نتعب ونشتغل ونحضر لـ 14 اغنية ونتعذب وهي اغنية واحدة اللي بتنسمع؟> وهو شيء مثير للانتباه، لذلك أرى ان <السينغل> هو الخيار الصائب.

ــ ما هي رؤيتك للموسيقى في الوطن العربي بشكل عام؟

- حالها كباقي الفنون في كل العالم، تعاني خاصة في ظل الفضاء المفتوح، والقرصنة التى تصعب محاربتها، وهي ازمة صناعة عامة.

ــ هل تحضرين لـ<ديو> غنائي قريباً؟

 - لا أستبعد تقديم <الديو> قريباً، وأنا ابحث عن مطرب يغني بشكل مختلف عني تماماً، ولم أحدّد مطرباً معيّناً بعد، لكن الفكرة مطروحة.

ــ ما رأيك في برامج المواهب وانتشارها مؤخراً؟

- هي برامج عالمية يشترك في تقديمها كبار نجوم الغناء في الخارج بحكم خبراتهم في المجال الفني، وليست عربية فقط، وهي تسهل الشهرة لأصحاب الاصوات الجيدة وتفتح امامهم ابواب النجاح والامل.