تفاصيل الخبر

بـمـعـارضـتـــــه ميشــــال عـــــون يـصــبــــــح بــــــــري أحــــد أهــــم الوسطـــــاء بـيــــن الـسعـوديــــة وإيــــــران

21/10/2016
بـمـعـارضـتـــــه ميشــــال عـــــون يـصــبــــــح بــــــــري  أحــــد أهــــم الوسطـــــاء بـيــــن الـسعـوديــــة وإيــــــران

بـمـعـارضـتـــــه ميشــــال عـــــون يـصــبــــــح بــــــــري أحــــد أهــــم الوسطـــــاء بـيــــن الـسعـوديــــة وإيــــــران

بقلم خالد عوض

بري-2

كثيرون إنتقدوا ولا يزالون حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة في الهندسة المالية الأخيرة التي اتاحت زيادة موجودات مصرف لبنان من العملات الأجنبية إلى أكثر من أربعين مليار دولار لأول مرة في تاريخ لبنان.

الملاحظات كثيرة:

أولا لماذا هذا التوقيت بالذات؟ فالمصرف كان لديه أكثر من ٣٥ مليار دولار في جعبته ولم يكن هناك خطر حقيقي على الليرة، كما أن الدولة لديها ما يكفي من المؤونة المالية للإنفاق (ولو بالدين) ولم تكن بحاجة إلى سيولة.

الأمر الثاني هو أن الهندسة المالية، رغم نجاحها الكامل، لا تعدو أكثر من كونها شراء للوقت. صحيح أنها زادت متانة الوضع المالي ولكنها لم تغير من واقع العجز والزيادة المستمرة في الدين العام.

ثالثا أدت هذه الهندسة إلى تراكم السيولة بالليرة بمستويات قياسية لم يعرف القطاع المصرفي مثلها من قبل.

وأخيرا كافأت الهندسة المصارف التي مولت الدولة اللبنانية وأتاحت لها تحقيق أرباح كبيرة بينما لم تستفد منها البنوك الصغيرة أو تلك التي حاولت تجنب تحمل مخاطرة إقراض الدولة اللبنانية على مر السنوات الماضية. هذه الأرباح تقاسمتها البنوك مع متمولين لبنانيين وصناديق استثمارية عربية وأجنبية ادخلت إلى البلد ودائع جديدة (FRESH FUNDS) وحصلت على فوائد وصلت إلى أكثر من عشرين بالمئة لأول سنة تجميد، تدفع مسبقا، تماما كما دفع البنك المركزي إلى المصارف التي خصمت لديه سنداتها بالدولار.

جواب مصرف لبنان على كل ذلك هو أن الوضع المالي كان في إنحدار كبير إذ كان البنك المركزي يتدخل بإستمرار منذ تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي للمحافظة على سعر الصرف، وقد تراجعت الموجودات من العملات الأجنبية لديه من أكثر من ٣٩ مليار دولار في صيف سنة ٢٠١٥ إلى ٣٥ مليار دولار قبل الهندسة. كما كان لبنان، ومعه بالتالي المصارف، يواجه إحتمال تخفيض جديد في التصنيف السيادي سلامةمما سيؤدي إلى رفع الفوائد على أي دين جديد وبالتالي زيادة إنتفاخ الدين العام.

السبب المهم الآخر هو أن مصرف لبنان كان قد إشترى هو نفسه سندات بالليرة اللبنانية في السنتين الماضيتين لتمويل الدولة ومنع صعود الفوائد في ظل الفراغ السياسي والوضع الأمني المتذبذب والأخطار الإقليمية المحدقة. ومن غير الممكن أن يحمل المصرف هذا الكم من السندات لمدة طويلة من دون لفت إنتباه المؤسسات المالية الدولية إلى هشاشة الوضع المالي للدولة اللبنانية، مما يمكن أن يقيد قدرته على تمويل الدولة من جديد إذا أراد أن يقوم بذلك مباشرة.

ولكن الأهم في ما قام به رياض سلامة هو تثبيت سياسة التحصين المالي. فالبلد لا زال على كف عفريت وهو محاط بكل الأخطار. دول الخليج مشغولة عن لبنان. تحويلات اللبنانيين تراجعت والحبل على الجرار. الدولة تواجه تراجعا حادا في المداخيل. البلد بلا رئيس، حتى ميشال عون إن أتى فالواضح من المعارضة المستجدة أمامه أنه لن يحكم، ولن يقوم الرئيس نبيه بري، رغم كل ما يقال، بحركة شبيهة بـ٦ شباط ١٩٨٤ عندما تمرد على الرئيس أمين الجميل، فهو اليوم أبو الشرعية ولن يتغير شيء في ذلك، ومعارضته للعماد عون لا علاقة لها بترتيبات الداخل رغم أهميتها بالنسبة للطائفة الشيعية. فالجميع يعرف أن تشكيل الحكومات كلها منذ <الطائف> كان يمر أولا عبر الرئيس بري، ولم ولن يتغير شيء اليوم، ولكن هناك لحظة إقليمية فريدة اليوم بين تعب المقاتلين في اليمن وسوريا وإنحسار <داعش> في العراق من بوابة <الموصل> لن تتكرر.

الرئيس بري عرض هو نفسه أن يتوسط بين السعودية وإيران منذ سنتين ونيف ولم يلق عرضه يومئذ آذانا صاغية في البلدين. ولكنه بموقفه المتمايز عن حزب الله وعرقلة وصول عون، فتح الباب للرافضين الإقليميين لعون، مرشح حزب الله. ومع كلامه عن وجوده في المعارضة وتعطيل أي حكومة سيترأسها سعد الحريري، يعني أنه يلاقي كل الرافضين الإقليميين <للحريرية السياسية> ومن يقف وراءها.

المشهد اللبناني مضحك مبكي، فبعد كل محاولات لبننة الإستحقاق الرئاسي، يرسم نبيه بري اليوم دورا جديدا للبنان في المرحلة المقبلة اسمه ساحة تفاوض... هذا أفضل بكثير من أن نكون ساحة صراعات وبالتأكيد ليس أقل من أن لا نكون ساحة لأي شيء.

ما يحصل اليوم سياسيا يؤكد أن رياض سلامة وسياسته التحصينية على حق، حجماً وتوقيتاً.