تفاصيل الخبر

بلد بلا ”مستقبل“!

15/02/2019
بلد بلا ”مستقبل“!

بلد بلا ”مستقبل“!

 

بقلم وليد عوض

اختفت من السوق خلال الأيام الماضية جريدة <المستقبل> الورقية وتحولت الى جريدة رقمية، والحجة في توقيفها ان القدرات المالية لم تعد تستطيع أن تفي بالغرض وأن تواصل الرسالة التي اعتمدها الرئيس الراحل رفيق الحريري وبعده ابنه الرئيس سعد الحريري.

و<المستقبل> جريدة نشأت في طرابلس على يد السيدة ألفيرا لطوف عام 1938وكانت تريد من هذه الجريدة أن تتوازن مع روز اليوسف التي أنشأت هذه المجلة باسمها وتزوجت الممثل الفكاهي محمد عبد القدوس وأنجبت منه الصحافي الكبير اللامع احسان عبد القدوس، ثم انتقلت ملكية <المستقبل> الى الصحافي نبيل خوري ثم الى الرئيس رفيق الحريري.

يومئذ لم يكن التمويل هو المشكلة، فقد كانت الجرائد والمجلات تعتمد على الاشتراكات وهكذا كان حال جرائد في طرابلس (مسقط رأس قلم رئيس التحرير وليد عوض) مثل <الحضارة> (أنور عدرة ورياض دبليز)، وجريدة <الأمان> (محمد الخراط)، وجريدة <الإنشاء> لمحمود الأدهمي، وجريدة <صدى الشمال> للصحافي الرفيع الخلق فريد قبلان أنطون، ومجلة <الحوادث> للصحافي الراحل لطف الله خلاط ومنه نقل سليم اللوزي الامتياز الى بيروت وأنشأ له مكتباً في محلة زقاق البلاط وضواحيها قرب قصر هنري فرعون الذي كان يتبادل معه الرأي ويحيط بأسرار الدولة التي كان هنري فرعون من أسيادها.

لكن سليم اللوزي لم يكن على قناعة بأن مجلة <الحوادث> في بيروت يمكن أن تكون لها طنة ورنة باختيار الجو العدائي للرئيس كميل شمعون وانتهى به الأمر لاجئاً سياسياً في دمشق حيث أصابته النكبة الكبرى بفقدان ولده وهو يطل من نافذة أحد المطاعم، وترك له هذا الحادث أثراً كبيراً في حياته الخاصة والصحافية.

من بيروت أولاً ولندن ثانياً واصل سليم اللوزي إصدار مجلة <الحوادث> في حين واصل الصحافي نبيل خوري اصدار جريدة <المستقبل> من بيروت ثم من باريس عام 1977. ولكن الدوائر ما لبثت أن دارت على نبيل خوري فجمع أوراقه وأعلن أنه سيتوقف عن الصدور.

تلك هي لمحات من حياة جريدة <المستقبل> منذ أواخر الثلاثينات وكان لها شأنها ومدارها في العمل الصحافي من باريس.

بلدٌ بلا <مستقبل> ولكن أسيادها ظلوا واقفين على أرجلهم ويفتحون أذرعهم للماضي الجميل.