تفاصيل الخبر

"بايدن" ومشروع تلزيم الشرق الأوسط...

17/02/2021
"بايدن" ومشروع تلزيم الشرق الأوسط...

"بايدن" ومشروع تلزيم الشرق الأوسط...

[contact-form][contact-field label="Name" type="name" required="true" /][contact-field label="Email" type="email" required="true" /][contact-field label="Website" type="url" /][contact-field label="Message" type="textarea" /][/contact-form]

بقلم خالد عوض

[caption id="attachment_85964" align="alignleft" width="444"] رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون": بريطانيا إلى اليمن.. من جديد![/caption]

 من الواضح أن إدارة الرئيس الأميركي الجديد "جو بايدن" تكتشف كل يوم أن مهمتها أصعب من كل ما كانت تتوقع، ليس فقط من حيث الصعوبات المالية والاقتصادية التي فرضها وباء "كوفيد"، بل من حيث السياسة الخارجية التي بدأت تثقلها بالتحديات. صحيح أن الإدارة الجديدة لم يتسن لها أن تتسلم الملفات من سلفتها كما يجب وكما يحصل عادة في أي تسلم وتسليم بين إدارتين. فالرئيس الأميركي السابق "ترامب" حرم "بايدن" وإدارته من كل ما لديه من معطيات وصعب كثيراً من مهمة "بايدن" المعقدة أساساً. ولكن في الوقت نفسه الإستراتيجية الأهم للإدارة الجديدة هي هناك، في أقصى الشرق وليس في وسطه.

"ترامب" والعاصفة التي لم ولن تهدأ 

 لم تهدأ عاصفة محاكمة "دونالد ترامب" رغم تبرئته من مجلس الشيوخ منذ أسبوع. من الواضح أن "ترامب" يريد وضع يده بالكامل على الحزب الجمهوري معتمداً على قاعدته الشعبية التي تبين من خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة أنها تزيد عن ٧٤ مليون أميركي. والعدد ليس وحده المهم. فولاء أغلبية هذه القاعدة لـ"ترامب" استثنائي وأعمى. وهم مستعدون أن يفعلوا أي شيء يريده منهم ملهمهم حتى لو كان ذلك اقتحام مبنى "الكابيتول" كما حصل في ٦ كانون الأول (يناير) الماضي. وإذا لم يتمكن "ترامب" من التحكم بالحزب الجمهوري كما يحاول حالياً بكل ما أوتي من وسائل، ليس آخرها مهاجمته زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ "ميتش ماكونيل"، من الأرجح أن ينشئ حزباً رديفاً للجمهوريين ويزيد من الانقسامات داخل الحزب وداخل الولايات المتحدة. في ظل كل التعقيدات الداخلية بالإضافة إلى ضرورة التصدي للزحف الاقتصادي الصيني الذي يتبين أنه لم ولن يوفر أي بلد في العالم، يبدو الشرق الأوسط بالنسبة لإدارة الرئيس "جو بايدن" مسألة معقدة جداً ولا مردود منها يبرر إضاعة وقت إدارته فيها. 

التحدي في بحر.. الصين

 

[caption id="attachment_85965" align="alignleft" width="444"] الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون": هل يفشل في المهمة الكبيرة التي أوكلها إليه "بايدن"؟[/caption]

 إذا كانت تركة "دونالد ترامب" ثقيلة داخلياً فهي أوزن بكثير خارجياً. من أفغانستان حيث قرار الانسحاب الأميركي من هناك ما زال متأرجحاً بين انسحاب كامل أو انسحاب جزئي يمنع "طالبان" من السيطرة على كل أفغانستان، إلى الشرق الأوسط حيث إيران وروسيا تتربصان بالدور الأميركي كل على طريقته، إلى تركيا وطموحاتها في بحر قزوين والبحر المتوسط، وصولاً حتى إلى أوروبا حيث لم تكتمل بعد مفاعيل خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، كلها أمور يمكن تغرق الإدارة الجديدة من دون أن تفيدها. فهي تعرف تماماً أن وقف زحف الصين لا يكون من هناك حيث خط النهاية بل من خط الانطلاق أي بحر جنوب الصين الذي هو المعبر الأكبر لكل صادرات الصين.    

مقاولو الباطن

 

 في ظل الاهتمام الإستراتيجي لإدارة "بايدن" بالتصدي لطريق وحزام الحرير يبدو الشرق الوسط تفصيلاً لا يقدم ولا يؤخر. ورغم التعديات التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية بشكل متصاعد من قبل الحوثيين ورغم التطاول على قاعدة عسكرية أميركية في "إربيل" ما زالت إيران تصعد من استفزازاتها لتضع اتفاقها النووي في سلم أولويات "بايدن". ولكن يبدو أن هذا لن يحصل. غير صحيح أن الإدارة الأميركية الجديدة مرتبكة ولكنها في صدد مشروع تلزيم دورها في الشرق الأوسط لحلفائها. بالنسبة لها الشرق الوسط مشروع كبير معقد ولا بد من تقسيمه الى مشاريع صغيرة يتولى كل منها مقاول من الباطن له الخبرة المناسبة. يمكن رسم صورة التلزيم السياسي للشرق الأوسط كما تبدو اليوم من خلال حركة الدبلوماسية الأميركية على النحو التالي: اليمن من حصة بريطانيا وهي الأدرى به منذ انتدابها. تركيا وشمال أفريقيا من حصة الإتحاد الأوروبي، وسوريا لإسرائيل ومن خلفها (أو من أمامها) روسيا رغم النفور بين "بوتين" و"بايدن"، لبنان لفرنسا الأم الحنونة مع مساعدة قطرية أو مصرية حسب المعطيات الإسترتيجية النفطية والغازية. حتى العراق يمكن أن تعطى فيه فرنسا فرصة مع دعم سعودي وخليجي.

العقدة الإيرانية

[caption id="attachment_86082" align="alignleft" width="375"] رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين[/caption]

 يبقى الملف الإيراني الذي لم تقرر الإدارة الأميركية بعد كيف تتعامل معه، مباشرة أم عبر تسوية دولية مع روسيا؟ أم عبر مواجهة عسكرية مع إسرائيل تفرض واقعاً جديداً؟ فهي قد جربت سياسة الجزرة في اليمن عن طريق حذف الحوثيين من قائمة الإرهاب وبالإعلان عن وقف الدعم العسكري لحلفائها هناك. ولكن إيران ردت بمزيد من التصعيد داخل اليمن وحتى داخل الأراضي السعودية. بل تمادت أيضاً في العراق حيث تعرضت قاعدة أميركية عسكرية في "إربيل" لهجوم صاروخي تبنته جماعة "أولياء الدم" المنضوية تحت لواء الجماعات المسلحة التابعة لإيران. الأرجح أن إدارة "بايدن" تريد ترك الملف الإيراني إلى الآخر ريثما يتسنى لمقاوليها الآخرين تفكيك مشاكل الشرق الوسط كل بطريقته. في المقابل إيران لا تريد وفي الوقت نفسه لا يسعها الانتظار ولن تتوانى عن زيادة منسوب الاستفزازات لتفرض على "بايدن" أجندتها وتوقيتها.      

لم يؤخر "جو بايدن" اتصاله برئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو"، الذي بالمناسبة تحادث مع "بوتين" عدة مرات منذ انتخاب "بايدن"، فقط لكي لا يعطيه دفعاً في الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة في ٢٣ آذار (مارس) المقبل. فهو، رغم تلزيمه الشرق الأوسط إلى حلفائه، ما زال لا يملك الجواب على سؤال "نتنياهو" البديهي له عند أول إتصال: "كيف سنتعامل مع إيران"؟.