تفاصيل الخبر

باسيل قد يبقى خارج الحكومة العتيدة لكن من سيدفع ”الثمن الغالي“ لغيابه؟

21/11/2019
باسيل قد يبقى خارج الحكومة العتيدة لكن من سيدفع ”الثمن الغالي“ لغيابه؟

باسيل قد يبقى خارج الحكومة العتيدة لكن من سيدفع ”الثمن الغالي“ لغيابه؟

هل سيعود رئيس <التيار الوطني الحر> ورئيس <تكتل لبنان القوي> جبران باسيل الى الحكومة الجديدة وفي أي حقيبة؟ سؤال يحمل الكثير من التكهنات لاسيما وان الموقع الخاص لباسيل في الحياة السياسية جعله خلال الأعوام الماضية خطاً أحمر سواء عندما كان الرئيس ميشال عون نائباً ورئيساً لـ<تكتل التغيير والاصلاح>، أو عندما أصبح رئيساً للجمهورية. ولعل رجال السياسة في لبنان يذكرون كم من مرة تأخرت ولادة الحكومة من أجل توزير باسيل، وكم من مرة تم تعديل توزيع الحقائب على الوزراء لأن باسيل يريد هذه الوزارة أو تلك، وقد تكرر ذلك في وزارة الاتصالات، ثم في وزارة الطاقة والمياه وصولاً الى وزارة الخارجية والمغتربين التي أقام فيها باسيل في حكومتين متتاليتين.

اليوم المشهد مختلف، فـ<الحراك الشعبي> وضع اسم باسيل الى جانب أسماء شخصيات أخرى <غير مرغوب فيها> ضمن الحكومة العتيدة، وصيحات الاستنكار تتعالى كلما أتى أحدهم على ذكر وزير الخارجية مباشرة أو تلميحاً، وفي الانتاج الغزير على مواقع التواصل الاجتماعي ثمة حصة كبيرة لـ<صهر العهد>، ناهيك عن مواقف السياسيين أنفسهم، وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري الذي كانت علاقة متينة قد جمعته بباسيل  لكنها اهتزت في الآونة الأخيرة ولم يعد الرجلان في موقع الصداقة إياها، ففي أروقة <بيت الوسط> يسمع الزوار كلمات كثيرة وكبيرة عن باسيل، اضافة الى توصيفات مزعجة لأدائه وحضوره و<تسلطه> و<تفرده> وغيرها من المفردات التي تصب في اتجاه واحد. وفي المقابل لا يخفي وزير الخارجية <ملاحظاته> حول <ضعف> الرئيس الحريري و<تشتت أفكاره> وغيرها من العبارات التي تعكس حالة التباعد بين الرجلين. أما في قصر بعبدا فلعل توصيف <المتردد> الذي أطلقه الرئيس عون في مقابلته التلفزيونية عندما سئل عن الرئيس الحريري، ما يعكس فتوراً في العلاقة بين الرجل الذي ساهم في <تحرير> الحريري في ما يعرف بـ<حادث الرياض>، والرجل الذي قال له انه سيحفظ هذا الجميل الى الأبد...

باسيل... يعود أو لا يعود؟

وبين بعبدا و<بيت الوسط> وقصر بسترس (مقر وزارة الخارجية والمغتربين) تتطاير علامات الاستفهام حول مصير باسيل في الحكومة الجديدة التي بات من المؤكد ان ولادتها قد تتأخر لأن <الطبخة ما استوت بعد>، وثمة من يقول إن من أسباب التأخير بت مصير باسيل لجهة عودته وزيراً أم لا. بعض المتابعين يجزم بأن باسيل لن يعود وزيراً في الحكومة الجديدة لأكثر من سبب، أبرزها ردود الفعل الشعبية ضده والتي تزايدت بشكل لافت في الساحات التي يحتشد فيها المعتصمون والمواقف السلبية التي أطلقت في اتجاهه، اضافة الى ان رأس الديبلوماسية اللبنانية لم يعد <مقبولاً> عند بعض السفراء الذين يؤثرون على الساحة الداخلية، وهؤلاء زادت ملاحظاتهم حول أداء الوزير باسيل خلال الفترة الأخيرة الى درجة ان ديبلوماسياً رفعياً جداً <نصح> المعنيين بالتركيبة الحكومية بعدم توزير باسيل في هذه المرحلة، مقترحاً أن <يرتاح> بضعة أشهر بحيث يمكن أن يعود مرة جديدة الى الوزارة بعدما تزول أسباب إبعاده. كذلك هناك روايات عدة حول تصرفات الوزير وعلاقاته <المضطربة> مع عدد من الديبلوماسيين، فضلاً عن عدم رضى بعض الدول العربية خصوصاً بعدما قاد باسيل حملة إعادة سوريا الى جامعة الدول العربية في مختلف خطبه في مؤتمرات ولقاءات عربية واقليمية ودولية. وقد وصلت في الآونة الأخيرة الى سفراء عرب تعليمات من دولهم تقضي بتجنب اللقاءات مع الوزير باسيل وعدم تلبية دعواته إلا عند الضرورة وبعد مراجعة القيادات الأساسية في هذه الدول، لكن هذه المعلومات لقيت نفياً من وزارة الخارجية ومن عدد من السفراء الذين أكدوا استمرار التواصل مع قصر بسترس.

خيار البقاء أو الغياب 50/50!

في المقابل، يقول فريق آخر ان عودة باسيل الى الحكومة الجديدة يقررها اثنان: الرئيس عون والوزير باسيل نفسه، ولا قرار في هذا المجال لأحد غيرهما. وفي هذا الإطار يروي المطلعون ان الرئيس عون كان ينوي الطلب الى باسيل عدم الاشتراك في الحكومة المستقيلة خلال فترة تشكيلها بحيث يتفرغ للكتلة النيابية الكبيرة التي ولدت نتيجة الانتخابات النيابية من جهة، ولـ<التيار الوطني الحر> من جهة ثانية، إلا ان الظروف التي رافقت تشكيل الحكومة السابقة حتمت عودة باسيل الى كنفها خصوصاً بعدما سمّى الرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، وسمى النائب السابق وليد جنبلاط الوزير وائل أبو فاعور، وكلاهما من <الصقور>، في وقت كانت تسمية معظم وزراء <التيار> من <الحمائم> الذين لا خبرة سياسية لهم باستثناء الوزير سليم جريصاتي. أما اليوم فيبدو ان ثمة وجهات نظر مختلفة تراوح بين الاصرار على إعادة توزير باسيل ولذلك تم <اختراع> فكرة الحكومة التي تضم وزراء سياسيين بمعدل الثلث ووزراء تكنوقراط بمعدل الثلثين على ان يكون بينهم من يمثل <الحراك الشعبي>، وبين عدم توزيره من جديد، ونسبة الخيارين 50 بالمئة لكل منهما. ذلك ان من يرى ضرورة التوزير يعتبر ان وجود باسيل أساسي في الحكومة لتوفير الغطاء السياسي لرئاسة الجمهورية في الحكومة، فضلاً عن قدراته في ادارة جلسات مجلس الوزراء خصوصاً عندما تطرح مسائل دقيقة وحساسة، وبالتالي فإن عدم توزيره <ضربة سياسية> قوية يتلقاها باسيل قد تؤثر على مستقبله السياسي، وعلى دوره داخل <التيار الوطني الحر> خصوصاً مع وجود <معترضين> داخل <التيار> والحالة العونية على أداء باسيل في الحكومة وفي الحزب على حد سواء، ومن بين هؤلاء الصهر الثاني للرئيس نائب كسروان - جبيل العميد شامل روكز. علماً ان فكرة التفرغ لادارة التيار والاهتمام بإعادة ترتيب صفوفه، تبقى واردة في ذهن الوزير باسيل الذي كان قد أبلغ في أحد اجتماعات تكتله بأنه يفضل أن يبقى خارج <الجنة> الحكومية هذه المرة ليكون أقرب الى القاعدة الحزبية. أما المخرج الذي يمكن أن يعتمد فهو رفع شعار حكومة مؤلفة من وزراء غير النواب بحيث يطبق فصل الوزارة عن النيابة، وهو مشروع قديم سبق للرئيس عون أن تقدم به عندما كان رئيساً لـ<تكتل الاصلاح والتغيير>، ومن خلال هذا المخرج يكون باسيل حكماً خارج الحكومة لأنه نائب عن منطقة الشمال، وبذلك يغيب أيضاً الوزراء النواب من كتلة الرئيس الحريري ومن كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي ولاسيما الوزير وائل أبو فاعور الذي طالب المتظاهرون بتنحيته أيضاً.

ويرى المعنيون بأن الخيار لن يكون سهلاً لا على الرئيس عون ولا على الوزير باسيل، ما يعني ان امكانية <التفاوض> لإبقائه وزيراً في صيغة تكنو ــ سياسية عدد الوزراء السياسيين فيها لا يتعدى الأربعة وزراء، تبقى واردة، وهذا الخيار يثبت مرة أخرى ان باسيل يبقى الرقم الصعب في عهد الرئيس عون الذي لا يمكن محوه من أي تركيبة وزارية بصرف النظر عن الآراء التي تقال على هذا الصعيد. من هنا كانت المعلومات المسربة عن لقاءات الحريري ــ باسيل في <بيت الوسط> تؤكد ان الهدف الأبرز كان إزالة الجليد الذي تراكم بين الرجلين لاسيما وان الحريري تناهى الى مسامعه قول باسيل ان عودته الى السرايا مرتبطة بعودة باسيل الى الحكومة العتيدة، وهما يبقيان معاً أو يخرجان معاً، وهذا الكلام أشعل غضباً في <بيت الوسط>، لكنه سرعان ما انطفأ بعدما صار البحث يتمحور حول تشكيل حكومة لن يكون باسيل في عدادها سواء أكان الحريري رئيساً لها أم لا.

لكن عدم عودة باسيل وزيراً له ثمن كبير، يقول المطلعون، ولا بد أن يكون من خلال تشكيل الحكومة واختيار الوزراء فيها، سواء كانوا من التكنوقراطيين في <التيار>، او من الحلفاء في الطوائف الاسلامية... فهل ثمة من هو جاهز ليدفع الثمن؟