تفاصيل الخبر

باريس تتحرّك على خطين: الإسراع في تشكيل الحكومة وتعطيل التهديدات الاسرائيلية بقصف ”مصانع“ الصواريخ!

16/11/2018
باريس تتحرّك على خطين: الإسراع في تشكيل الحكومة  وتعطيل التهديدات الاسرائيلية بقصف ”مصانع“ الصواريخ!

باريس تتحرّك على خطين: الإسراع في تشكيل الحكومة وتعطيل التهديدات الاسرائيلية بقصف ”مصانع“ الصواريخ!

 

لم تحظ زيارة المستشار في قصر <الايليزيه> <أورليان لوشوفالييه> لبيروت الاسبوع الماضي بالتغطية الاعلامية التي ترافق مثل هذه الزيارات، خصوصاً في ظروف سياسية دقيقة كالتي تمر بها البلاد راهناً نتيجة التأخير في تشكيل الحكومة العتيدة، ذلك أن <لوشوفالييه> الذي يعرف لبنان جيداً منذ أن عمل مديراً لـ<المركز الثقافي الفرنسي> فيه وجمعته بالشخصيات اللبنانية والفرانكوفونية خصوصاً علاقات صداقة وتعاون، آثر أن يبقى تحركه بعيداً عن الإعلام تاركاً الساحة مفتوحة للسفير الفرنسي في بيروت <برونو فوشيه> ومنعاً لحصول أي تضارب بين عمل السفير والمستشار الذي يعتبر الأقرب الى الرئيس الفرنسي <ايمانويل ماكرون> وقد رافقه خلال زيارته لبيروت عندما كان مرشحاً للانتخابات الرئاسية الفرنسية.

وعلى رغم أن المعلومات حول زيارات <لوشوفالييه> لم تحدد المرجعيات السياسية اللبنانية التي شملتها، باستثناء ما علم عن لقاء مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط ومستشارة رئيس الجمهورية السيدة ميراي عون هاشم، فإن ما حملته هذه اللقاءات من معطيات أشارت الى أنها تناولت شقين: الأول يرتبط بالعلاقات اللبنانية - الفرنسية في مرحلة ما بعد مؤتمر <سيدر> وضرورة تشكيل الحكومة الجديدة، والثاني يتصل بالأوضاع الأمنية عموماً وفي الجنوب خصوصاً، إلا أن ثمة قواسم مشتركة للشقين ترتبط خصوصاً بوساطة فرنسية غير معلنة لتسهيل تشكيل الحكومة شبيهة بتلك التي لعبها الفرنسيون مع ايران وغيرها وصولاً الى إنتاج انتخابات رئاسية وقبلها ولادة حكومة الرئيس تمام سلام بعد مخاض استمر 11 شهراً.

 

اندفاعة فرنسية

مصادر متابعة لتحرك <لوشوفالييه> أكدت لـ<الأفكار> أن ثمة اندفاعة فرنسية متجددة في اتجاه لبنان تقوم على ضرورة تسهيل تشكيل الحكومة الجديدة لتحقيق الانتظام السياسي والدستوري من جهة، ولاطلاق توصيات وقرارات مؤتمر <سيدر> وخطة النهوض الاقتصادي بعد توافر الاستثمارات التي تحتاج الى مناخ سياسي مستقر يتناغم مع الاستقرار الأمني الذي تنعم به البلاد. وقد كان <لوشوفالييه> واضحاً خلال لقاءاته من أن قطار المساعدات الدولية قد لا يصل الى لبنان إذا ما استمر الوضع السياسي على حاله وبقيت البلاد من دون حكومة، لاسيما وأن الدول التي أعلنت عن التزاماتها في خلال مؤتمر <باريس>، ربطت التنفيذ بوجود مؤسسات قادرة على أن تقوم بدورها كاملاً وتحقق الاصلاحات المطلوبة، ما يعني ضرورة وجود حكومة دستورية تتولى السلطة التنفيذية بكل ما يتفرع عنها من مسؤوليات. وحرص المستشار الرئاسي الفرنسي على الاستماع الى وجهة نظر من التقاهم في ما يتعلق بالاستحقاق الحكومي وبقرارات <سيدر>، خصوصاً بعدما تناهى الى مسامع المسؤولين الفرنسيين أن ثمة من يسعى الى <تجميد> البحث في التركيبة الحكومية لاعتبارات خارجة عن إرادة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري وبعض الأحزاب والكتل النيابية. وصارح <لوشوفالييه> محدثيه بأن زيارة الدولة التي ينوي الرئيس <ماكرون> القيام بها لبيروت في 11 و12 شباط/ فبراير المقبل، لا يمكن أن تتم في مناخات سياسية ودستورية غير سليمة أو في ظل حكومة مستقيلة أو حكومة لم تنل الثقة النيابية (إذا تأخر التشكيل)، لاسيما وأن ثمة اتفاقات سوف توقّع والتزامات سيتم الإعلان عنها، وهو أمر لا يستقيم إذا كانت الحكومة في مرحلة تصريف الأعمال.

تحرك مع ايران ايضاً!

ولعلّ ما سرّع في إيفاد <لوشوفالييه> الى بيروت، ما كان الرئيس <ماكرون> قد سمعه من الرئيس عون خلال لقائهما في <يريفان> على هامش <القمة الفرانكوفونية>، في ما يشبه <الوعد> - أو على الأقل هكذا فهمه الرئيس الفرنسي - بالإسراع في تشكيل الحكومة وإزالة العراقيل من أمامها، ليتبين بعد مرور شهر على <قمة يريفان> أن ثمة عقبات ذللها الرئيس عون وهي العقدة المسيحية والعقدة الدرزية، لتبرز عقدة الوزراء السنة المستقلين وما رافقها من تداعيات. وهذه التطورات جعلت <لوشوفالييه> يأتي الى بيروت بتكليف من الرئيس <ماكرون> للوقوف على حقيقة الوضع من جهة ولتقديم عروض بالمساعدة والاستئناس بالآلية التي يمكن أن تعتمد لذلك. وفي المعلومات ايضاً أن تحرك <لوشوفالييه> غير منفصل عن تحرّك آخر يقوم به زملاء للمستشار الرئاسي الفرنسي مع سلطنة عمان وطهران، الأولى من خلال موقعها الاستراتيجي ودورها في المرحلة الأخيرة، والثانية من خلال موقف فرنسا التي رفضت تطبيق العقوبات الاميركية بحق ايران بُعيد إلغاء إدارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> الاتفاق النووي المبرم بين واشنطن وطهران.

ويعتقد مراقبون للمسار الفرنسي تجاه لبنان، بأن باريس في موقع مؤثر في التعامل مع طهران، وبالتالي فإن لبنان يمكن أن يستفيد من الضغط الفرنسي على ايران للمساعدة في تسهيل عملية تشكيل الحكومة العتيدة من جهة، وتجنيب لبنان تداعيات اي إجراءات اقتصادية تطاول من جهة طهران وحزب الله من جهة ثانية. إلا أن هذا لا يمكن أن يكون احادياً بمعنى أن يقتصر دور فرنسا في اتجاه ايران، بل يجب أن يشمل ايضاً - حسب المراقبين - خط باريس - الرياض ايضاً إذ ثمة من يعتقد أن السعودية قادرة - اذا رغبت - على توفير المناخات الملائمة التي تسهل ولادة الحكومة وتحدّ من فعالية العراقيل التي تواجه الرئيس المكلف. وفي رأي المراقبين ان اي مبادرة فرنسية حكومياً لا يمكن أن تنجح أو تحقق تقدماً، ما لم يتم تنسيقها مع الرياض وطهران على حد سواء حيث مفتاحا الحل مهما قيل عكس ذلك من رسميين وسياسيين وقياديين.

 

اسرائيل... <مصانع> صواريخ!

 

أما الشق الأمني من مهمة <لوشوفالييه>، فيكمن في معطيات حملها المستشار الرئاسي كان قد سمعها خلال وجوده في باريس، وخلاصتها ان حزب الله يملك <مصانع> في عدد من المناطق اللبنانية تنتج صواريخ ينشرها في عدد من المناطق اللبنانية لاسيما الجنوبية منها، وان اسرائيل سوف تقدم على ضرب هذه <المصانع> ومواقع الصواريخ اذا لم تتم إزالتها ووقف إنتاجها. كذلك فإن ثمة مستودعات تضم صواريخ وأسلحة متطورة حصل عليها حزب الله من الجمهورية الاسلامية الايرانية سيكون مصيرها مماثلاً لمصير <المصانع> عند الضرورة. كذلك تضمنت الرسائل الاسرائيلية غير المباشرة الى المسؤولين اللبنانيين معطيات جعلت الموفد الرئاسي الفرنسي <يقلق> حول الآتي من الأيام و<ينصح> المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم بضرورة التنبه الى التهديدات الاسرائيلية <الجديدة>، مع العلم أن المسؤولين اللبنانيين يعرفون أن مثل هذه المعطيات تدخل في إطار الادعاءات التي تروجها وسائل إعلام صهيونية من جهة، إضافة الى الرغبة الاسرائيلية الدائمة بالتأثير سلباً على الاقتصاد اللبناني والحركة السياحية فيه من جهة أخرى، وذهب الرئيس عون الى حد ابلاغ زواره من الديبلوماسيين العرب والأجانب أن لا صحة للادعاءات الاسرائيلية، بعدما كان وزير الخارجية قد <قاد مسيرة تدقيق ديبلوماسية> اكتشف من شارك فيها أن لا مستودعات صواريخ في المطار ولا في الملعب الرياضي وغيرها من الأماكن التي هدد بها رئيس وزراء اسرائيل من على منبر الأمم المتحدة في نيويورك.

إلا أن المصادر المتابعة للتحرك الفرنسي، تشير في المقابل الى أن المستشار الرئاسي الفرنسي جمع معلومات كثيرة حول هذا الموضوع مقرونة بتقارير أمنية لبنانية وأخرى دولية أعدتها قيادة <اليونيفيل> في الجنوب، تدحض الاتهامات الاسرائيلية التي تجاوبت مع وسائل الاعلام الاميركية التي تبث تباعاً معلومات تلتقي مع حملة الترويج الاسرائيلية المتعددة الوجوه، ولاسيما ما قاله <نتنياهو> خلال وجوده في مسقط أن استخدام حزب الله للصواريخ الايرانية ضد اسرائيل سيعرض المنطقة ككل لخطر كبير لأن اسرائيل لن تسكت وسترد.

في المقابل، فإن ثمة من يرى في الكلام الاسرائيلي مواقف متكررة لاسيما لجهة التهديد الذي لن يصل الى التنفيذ، لكن الاحتياط واجب وهو ما دفع الرئيس <ماكرون> الى التحرك على خطي الحكومة والاستقرار الأمني على أمل أن تتكلل مساعيه بالنجاح ويبعد الخطر الاسرائيلي مجدداً عن لبنان وعن حدوده، خصوصاً بعد المناورات الاسرائيلية التي شملت إخلاء مستوطنات قريبة من الحدود والتي حاكت إمكانية سيطرة حزب الله عليها، وقالت مصادر في الجيش الاسرائيلي إن التدريب كان يهدف الى تعريف الجنود بنقاط الضعف والقوة لدى قوات حزب الله وتجهيزهم للمواجهة!