تفاصيل الخبر

بعد سقوط تدمر، ”داعش“ يستعيد حلمــــه بولايـــة... لبـــنان  

15/04/2016
بعد سقوط تدمر، ”داعش“ يستعيد حلمــــه بولايـــة... لبـــنان  

بعد سقوط تدمر، ”داعش“ يستعيد حلمــــه بولايـــة... لبـــنان  

بقلم علي الحسيني

داعش-في-تدمر

مع بداية الهدنة التي انطلقت في سوريا منذ شهر تقريباً بين النظام السوري من جهة والفصائل المقاتلة من جهة أخرى مع استبعاد تنظيمي <داعش> و<جبهة النصرة> عنها، تصاعدت موجة الخوف من عودة الحدود اللبنانية الشرقية الى مسرح عمليات حرب مجدداً، خصوصاً مع إطباق النظام وحلفائه الاسبوع الماضي على مدينة تدمر التي تتبع محافظة حمص، وهو ما لوحظ من خلال فرار مجموعة عناصر من تنظيم <داعش> باتجاه جرود عرسال التي عادت لتتحول بدورها الى نقطة تجمع للجماعات الارهابية.

مجدداً..العين على القلمون

في لحظة استعادة النظام وحلفائه السيطرة على مدينة تدمر والتي كان قد خسرها العام الماضي على يد <داعش> من دون ان يُبدي يومئذٍ امام هذا الاخير اي نوع من المقاومة وسط ذهول تام لمعظم المتتبعين للاحداث في سوريا من بينهم روسيا والولايات المتحدة الاميركية، عادت منطقة القلمون السورية لتصبح محط أنظار الجماعات المسلحة الفارة من المناطق التي تسقط تباعاً بيد النظام لاسيما منطقتا القريتين ومضايا وقبلهما الزبداني بحيث فرّ هؤلاء العناصر منها باتجاه بعض قرى القلمون بحثا عن ملاذ آمن يقيهم شر ملاحقتهم والقضاء عليهم ان من خلال تعقّبهم عن طريق الطائرات الاستطلاعية والتي باتت تشكّل الرقم الاصعب في حرب الجرود، او من خلال الوحدات العسكرية السيّارة التي تشكلت في الآونة الاخيرة والمؤلفة من مجموعة عناصر يفوق عددها المئتين من النظام وحزب الله والحزب السوري القومي الاجتماعي، مهمتها الانتشار في الجرود مع إقامة تحصينات لها بهدف ملاحقة فلول التنظيمات الهاربة من ارض المعارك والقضاء عليها قبل وصولها الى نقاط حسّاسة قريبة من الحدود اللبنانية لاسيما القرى المهدّدة على الدوام، والحديث هنا عن القرى المسيحية التي تعتبرها التنظيمات المسلحة خاصرة رخوة يُمكن اختراقها للتوغل في عناصر-من-النظام-وحزب-الله-في-تدمر داخل العمق اللبناني.

 

بين <جبهة النصرة> و<داعش>

العداء للنظام السوري ولحزب الله، لم يكن كافيا وحده ليوحد بين تنظيم <داعش> و<جبهة النصرة> وتحديداً في مناطق الجرود وقرى القلمون، اذ ان الخلاف بين هذين الفصيلين الى تصاعد مستمرّ ما يؤدي في الكثير من الاحيان الى اشتباكات مسلحة عنيفة ينتج عنها قتلى وجرحى بالعشرات. في جرود عرسال اليوم معارك مستمرة بين التنظيمين يصل صداها الى داخل عرسال نفسها التي تصحو وتنام يومياً على قذائف مجهولة المصدر، تسقط عند اطرافها واحيانا بين احيائها، ولكن خلال الفترة الاخيرة كان لافتاً سقوط احد ابناء البلدة هو مجد محمد عبد المجيد  الملقب بـ<أبو البراء> والذي قُتل على يد <داعش> حيث كان يقاتل الى جانب <جبهة النصرة> وقد ظلت جثته على الارض لوقت طويل من دون ان تتمكن اي جهة من سحبها قبل ان يحصل اتفاق بين وجهاء من البلدة وآخرين ينتمون الى تنظيمات اصولية على سحب الجثة وإعادتها الى أهل القتيل الذين فتحوا بدورهم باب العزاء في منزلهم، وقد لوحظ حضور قادة من <جبهة النصرة> بسلاحهم ومع مرافقيهم، وقد رصد جهاز أمني لبناني فاعل في البلدة، وجود ما يُقارب أكثر من عشرة أشخاص من أبناء البلدة داخل العزاء بسلاحهم الكامل، ينتمون الى <جبهة النصرة> في وقت كان البعض من أبناء عرسال يؤكد وجود هؤلاء خارج لبنان.

 

معركة نفوذ

هي معركة نفوذ بين <جبهة النصرة> و<داعش> في الجرود حيث يسعى كلا التنظيمين الى وجود مقر لهما بعد سقوط مناطق سيطرتهما في الداخل السوري بيد النظام وحزب الله، ومن المعروف ان <داعش> هو الذي يقوم على الدوام بفتح جبهات حرب مع <جبهة النصرة> عند السلسلة الشرقية لاجبارها اما على رفع رايات الاستسلام له والانضواء تحت جناحه، واما الرحيل عن الجرود باتجاه مناطق أخرى لا ينتظرها فيها سوى الموت حيث النظام وحلفاؤه يسيطرون على ممراتها وطرقاتها الداخلية مثل يبرود ومهين وصدد، وهي مناطق كانت منذ عامين تقريباً تخضع بمعظمها لـ<جبهة لنصرة> وكانت تشكّل <الوكر> الابرز والأهم لتجهيز السيارات المفخخة قبل ارسالها الى لبنان عن طريق الجرود.

ومن منظار الحرب ذاتها بين من افرزتهم الثورة السورية وتحديداً <داعش> و<جبهة النصرة>، يجري الحديث اليوم عن نية الاخيرة الانكفاء عن الجرود والانسحاب باتجاه ريف ادلب، خصوصاً بعد فقدانها معظم مراكز سيطرتها لصالح <داعش>، وبعد الانتهاء من ملف المخطوفين بينها وبين الحكومة اللبنانية، ومع استمرار الجيش اللبناني تعزيز اجراءاته الامنية وانشاء تحصينات جديدة في النقاط التي تُعتبر مناطق المواجهة، لكن المشكلة الابرز التي تواجه <جبهة النصرة> هي اصطياد عناصرها اثناء انسحابهم على يد عناصر <داعش> بحيث لا يتركون لهم اي مجال للانتقال الى ضفة آمنة لكي يعبروا من خلالها الى نقاط تمركزهم، ومن هنا تُوجّه اصابع الاتهام من قبل <جبهة النصرة> الى النظام السوري وحزب الله بتأمين معابر مرور لـ<داعش> الى مناطق تُعتبر خاضعة لهما لاستهداف <جبهة النصرة> في نقاط تجمّعها او خلال انسحابها باتجاه مناطق بديلة، ولكن للحزب مقولة مغايرة للاتهام هذا تقول ان <داعش> يمنع <جبهة النصرة> من الانسحاب من مواقعها لكي لا تصبح هذه المناطق خالية من اي وجود معارض للنظام وله، خصوصاً وان <داعش> ليس بمقدوره تعويض هذا النقص، كون تعداد عناصره في منطقة الجرود لم يعد يتجاوز بأقصى حدوده او حالاته الـ 1000 عنصر بينما يترواح عدد عناصر <جبهة النصرة> بين 600 و800 عنصـــر، علــــى الرغــــم مــــن المعلومات التي تشير الى أن بلـــــدة عرسال وحدهــــا قد تكون تضم مثل هذا العـــــدد وربما اكثر.

داعش-في-جرود-عرسال 

الحجيري لـ<الافكار>:

نعم متخوّفون من الآتي

  

في بلدة عرسال يعيش الاهالي أيامهم الامنية كل يوم بيومه، ووحده الله بحسب حديثهم يعلم حجم العبء الذي يتحمّلونه نتيجة سكنهم ضمن بقعة جغرافية قدرها انها واقعة عند حدود حرب لم تنتهِ منذ العام 2011، وفي كل يوم يمرّ تكون عُرضة فيه للمخاطر أكثر فاكثر، وهو ما ظهر خلال الفترة الاخيرة بعد المعلومات التي تحدّثت عن دخول مجموعة عناصر من <داعش> الى البلدة هرباً من نيران النظام وحزب الله. وفي هذا السياق يؤكد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري في دردشة مع <الافكار> أن وضع الاهالي في البلدة مرهون بيومه، اذ ان الليلة التي تمر عليهم بأمان لا يُمكن ان يحتسبوا التالية على النحو ذاته، خصوصاً في ظل ارتفاع موجة التهديدات التي تأتينا من كل حدب وصوب ومنها نية البعض اقتحام البلدة.

ويشير الحجيري إلى أن هناك تنسيقاً شبه دائم مع المسلحين يتم عبر بعض الوسطاء الذين رفض ذكر اسمائهم، وذلك بهدف إبعاد الاخطار عن البلدة واهلها رغم ان حزب الله لا يتوقف عن إيفاد رسائل مبطنة لعرسال يعبر في معظمها عن نية مبيتة وذلك من خلال اتهامه الدائم بأن البلدة تحوي ارهابيين. وهنا اريد ان اوضح امراً في غاية الاهمية وهو ان بلدة مثل عرسال فيها اكثر من مئة الف نسمة، قد يحدث ان ينتمي احد ابنائها الى هذا التنظيم أو ذاك، وهذا لا يعني ان البلدة كلها يجب ان تُعاقب، وحزب الله يضعنا جميعاً في خانة واحدة ويصفنا مع حلفائه بالارهابيين. وهناك امر آخر هو انه لا يجب أن ننسى أن عرسال وقبل قيام الثورة في سوريا، كانت ارضاً متصلة عبر الجرود بمناطق سورية وهناك حالات مصاهرة بين أبناء البلدة وأبناء هذه القرى لاسيما القلمون منها، من دون ان ننسى حالات التعاطف الكبيرة مع النازحين ضد من هجّرهم.

ويتابع الحجيري: قد تكون المعركة طويلة الامد بين <جبهة النصرة> وتنظيم <داعش>، ولهذا يبقى الخوف مسيطراً على بعض اهالي عرسال خصوصا أولئك الذين يسكنون على مقربة من الحدود، رغم ان البلدة بأكملها تعيش في كنف الجيش اللبناني وفي حمايته، لكن تبدل المعارك ونتائجها هو احتمال دائم، خصوصاً واننا رأينا في السابق كيف تم اقتحام البلدة وكان الاهالي يومئذٍ من اكثر المتضررين وقد سقط العديد من أبنائها على يد الارهاب، مؤكداً ان حزب الله هو من يروج بان <داعش> اصبح يحتل البلدة ليُعطي لنفسه تبريرا بدخول البلدة، لكن الاهالي هنا وضعوا نُصب أعينهم عدم السماح لأي جهة بدخول بلدتهم، وهم في معركتهم سيقفون الى جانب الجيش للزود عن بيوتهم واعراضهم وارزاقهم.

 

كيف يستعد حزب الله في القلمون؟

علي-الحجيري

المتابع لسير المعارك التي كان يخوضها حزب الله في الجرود قبيل سقوط معظم قرى القلمون بيده ويد النظام، يمكن ان يلاحظ مدى التقدم الملحوظ في ادائه وكيفية انتشار وحداته العسكرية والتنظيم الذي طرأ على عناصره، ولدى الدخول في الاسباب المستجدة يظهر ان الامر يعود للتبديلات التي أجراها في العديد من مواقعه التي تُعتبر متقدمة نوعاً ما، خصوصاً وان ما يفصل بين نقاطه او نقاط تواجد الجيش اللبناني ونقاط المسلحين لا يتجاوز الـ500 متر في اقصى الحالات، حتّى انه يمكن لأي طرف ان يرى بشكل واضح من خلال المناظير الدشم والتحصينات التي يقوم بها كل طرف.

في الداخل السوري باتت حركة المسلحين شبه محصورة بين عدد من القرى، والاكثر تحديداً ان هؤلاء المسلحين هم بمعظمهم يتألفون من <جبهة النصرة> و<داعش> بعد انسحاب بقية الفصائل الى اماكن اكثر اماناً بالنسبة اليهم على غرار حركة <أحرار الشام> و<جيش الفتح> و<لواء الغرباء> و<كتائب السيف العمري> و<لواء نسور دمشق> و<رجال من القلمون>، وهؤلاء جميعهم اصبحوا يتمركزون في ريف ادلب، وبعضهم تمكن من النفاد الى العاصمة دمشق، فيما استطاع البعض الآخر العبور الى حلب اما عن طريق صفقات او من خلال العبور الى لبنان بطرق غير شرعية ومن ثم الى تركيا والدخول من هناك الى حلب. لكن ما هو الدور الذي لعبه ويلعبه حزب الله وسط هذه التبديلات؟

تؤكد معلومات خاصة بـ<الافكار> ان اجتماعاً قيادياً رفيعاً عقده حزب الله منذ نحو خمسة عشر يوماً في بيروت ترأسه السيد حسن نصر الله، وقد استمر الاجتماع لفترة تزيد عن ثلاث ساعات وتمحور اللقاء حول المستجدات التي سيعتمدها الحزب في حربه مع <الإرهاب> ضمن المناطق الحدودية أولاً، قبل الحديث عن سوريا المفيدة اي المناطق التي يمكن للحزب ان يستميت في الدفاع عنها كونها الوحيدة التي يُمكن ان تؤمن له طريق إمداداته العسكرية الى لبنان. وتجزم المعلومات ان لقاء نصر الله بالقياديين كان عاصفاً في بدايته حيث وضعهم جميعاً امام مسؤولياتهم بعد <الاستهتار> الذي نبّه منه والذي كان برأيه احد أهم الاسباب لسقوط هذا الكمّ الكبير من عناصره خلال الفترة الماضية وتحديدا في منطقتي الزبداني ومضايا، وهو ما ادى من الناحية الأخرى الى ارتفاع الاصوات المعارضة داخل الطائفة الشيعية لتدخل الحزب في سوريا وانغماسه هناك بشكل اكبر واوسع.

تبديلات واضحة بعد

 لقاء نصر الله

بعد مضي يومين تقريبا على اجتماع نصر الله بالقادة الميدانيين، جرت جملة تبديلات على الارض تمثلت اولاً بتفعيل الدورات العسكرية في قرى البقاع في موازاة ارتداد مجموعات مؤلفة من عناصر لم يسبق ان شاركت في حروب سابقة باتجاه مناطق اكثر امناً واماناً بعدما حلّت مكانها كتائب متمرسة في قتال الجرود والجبال تنتمي بمعظمها الى القوات الخاصة، ومن بينها مجموعة من كتيبة <الرضوان> وهي الكتيبة الابرز في صفوف حزب الله والتي تحمل الاسم الحركي لقائد مقاومة الحزب عماد مغنية الذي كان فرحة-النظام-بسقوط-تدمرمعروفاً باسم <الحاج رضوان>.

ومن جملة التبديلات ايضاً، وضع مرابض مدفعية ثابتة في الجرود وسحب عدد من وحدات الحزب من الزبداني ومضايا باتجاه المناطق الحدودية التي كان يعتبرها نوعاً ما خاصرة رخوة، وقد اجرى تنسيقاً ميدانياً مع الجيش اللبناني الموجودة وحداته ضمن المساحة نفسها، وتحديداً في ما يتعلق بالدوريات الراجلة حيث كل الخوف من ان تعمد المجموعات هذه ولاسيما <داعش> الى النفاد باتجاه قرى وبلدات عكارية عن طريق مشاريع القاع التي زرع فيها الحزب ما لا يقل عن ثلاثمئة مقاتل معظمهم من ابناء البلدات القريبة، في وقت حشد بين جرود القرى المسيحية المواجهة، راجمات صواريخ بالتزامن مع حراسات ليلية بالتنسيق مع أبناء هذه القرى. وفي السياق تكشف مصادر مقربة من حزب الله ان الحزب اعطى تعليمات واضحة وصارمة لجميع عناصره المنتشرة على الحدود، عدم التوغل داخل بلدة عرسال او حدودها على الاطلاق إلا في حال طلبت منهم قيادتهم مساندة الجيش، خصوصاً في ظل احتمال كبير ووارد في كل لحظة وهو فرضية دخول <داعش> الى مخيم عرسال في حال اشتد الخناق على عناصره في الجرود وفي القرى التي يُطرد منها تباعاً.

 

<داعش> وحلم الإمارة

 

حلم <داعش> بإقامة امارة او ولاية له في لبنان ليس بجديد، وهو حلم لن ينتهي الا مع انتهاء هذا التنظيم من الوجود، ولكن بما ان الامارة شبه مستحيلة خلال هذه الفترة وما سبقها بعدما تمكّنت القوى الامنية من كشف شبكات الارهاب وخيوط التفجيرات التي كانت وقعت مؤخراً في لبنان وآخرها في برج البراجنة، وما أعقبها من عمليات كشف واسعة للاحزمة الناسفة في الشمال وصيدا، يبدو ان الحلم هذه المرة قد حط رحاله في جرود عرسال، وهو ما تكشف عنه الوثائق المسرّبة من قيادة التنظيم في الرقة الى <ابو طه التونسي> امير <داعش> في الجرود الذي عُيّن مؤخراً بعد مقتل <ابو محمد الشامي> خلال غارة نفذها الطيران الروسي في القلمون منذ شهرين تقريباً، وتقول الوثيقة في جزء منها: <من قيادة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام القائمة على امر من أمير الدولة ابو بكر البغدادي حفظه الله، نحيطكم علماً بأنه تم اختياركم لتولي امارة لبنان خلفاً للأخ <ابو محمد الشامي> الذي انتقل الى جوار ربه>.

 

هل تنكفئ <جبهة النصرة>؟

موقع-للنصرة-في-الجرود-خال-من-وجود-العناصر

مما لا شك فيه أن ليس لـ<جبهة النصرة> اليوم اي مصلحة في القيام بأي اعتداء على مراكز الجيش ونقاطه لا في عرسال ولا في الجرود، لاسيما وان الاتفاق الاخير بينهما والذي قضى بتسليم العسكريين المخطوفين لا يزال ساري المفعول، وهو ما يُلاحظ من خلال ايقاف <جبهة النصرة> محاولات التسلل باتجاه عمق الاراضي اللبنانية، بالاضافة الى انها ما زالت تحتفظ بنوع من استقلالية التحرك في بعض مناطق القلمون على خلاف <داعش> ويمكنها من خلاله الحصول على مؤن غذائية، خصوصاً وان معظم عناصرها هم من ابناء القلمون بمن فيهم اميرها <ابو مالك الشامي> المعروف بـ<أبو مالك التلي>. والملاحظ ان <جبهة النصرة> استفادت خلال الايام الماضية في القلمون بعد تضييق الخناق على <داعش> تمكّنت خلاله من استعادة سيطرتها على العديد من المراكز والمعابر التي كانت قد خسرتها امام <داعش> ومنها الزمراني ووادي ميرا حتى جرود الجراجير، ومن هنا يمكن القول ان النصرة لن تقدم خلال الفترة القريبة على الاحتكاك مع اي جهة ما عدا <داعش> وهي التي تعرف جيداً بأن المساحات التي توجد ضمنها في الجرود هي آخر ما تبقى لها من معاقل يمكن أن تلجأ اليها حالياً.

اهمية مدينة تدمر العسكرية

 

من المؤكد ان سيطرة النظام وحلفائه على مدينة تدمر مجدداً وذلك تحت غطاء جوي للطائرات الروسية، لا تعود فقط لكونها نقطة استراتيجية او اكبر تجمع سكاني في الصحراء السورية، بل تصل الى اهمية تطال كل مناطق الشرق في سوريا، كما من شأنها ان تؤثر على الاوضاع الميدانية في حقول النفط الواقعة في ريف حمص الشرقي، ويمكن ان تمتد لتصل الى فك الحصار عن بلدات ومحافظات كثيرة من بينها دير الزور ولاحقاً البوكمال ومدينة اثريا، ومن هنا ان حلم <داعش> بتوسيع امارته باتجاه الشرق تضاءل بنسبة ثمانين في المئة ولم يعد امامه اليوم سوى أحد الخيارين، اما ان ينتحر على اسوار لبنان وحدوده المزروعة بعناصر الجيش اللبناني ومدفعيته مدعومة من حزب الله واهالي البقاع، واما ان يظل يحاول طرق ابواب الحدود متوهماً بأنه سيجد منفذاً للتوغل داخل الاراضي اللبنانية تمهيداً لإعلان امارته المزعومة والتي يحلم ان يُقيمها عند الحدود الشمالية اولياً. لكن يبدو ان حلم <داعش> يتشابه الى حد ما مع الحلم الاسرائيلي الذي ظن ذات يوم ان دخوله الى لبنان هو مجرد نزهة، لكنه ايقن لاحقاً ان هذه النزهة كلّفته على مدى السنوات الماضية مئات القتلى بفضل توحد اللبنانيين في مواجهة الاخطار.