بقلم عبير انطون
[caption id="attachment_82121" align="alignleft" width="167"] رولا نحاس..الى بيروت مع كل الحب.[/caption]تحية لبيروت وأهلها المنكوبين بأجسادهم وبيوتهم وأرزاقهم وأحلامهم التي تكسّرت، تأتيهم بأطيب مذاق هذه المرّة، من خلال مبادرة مختلفة بطعم الشوكولا، وبغلاف من معالم أثرية بيروتية، وبالتحديد أكثر، معالم البيوت التراثية في الأحياء الجميلة التي أنهكها الانفجار، علماً أنّها صمدت في عزّ الحرب، وأبت إلا أن تبقى شاهداً حيّاً على الأيام المطرّزة بالأناقة والرقي والهندسة المميّزة لتلك الأيام وصفوتها .
فمن هي مطلقة هذه المبادرة التي تعود بالكامل لـ"مبادرة بيروت للتراث" بهدف مساعدتها في إعادة الإعمار على قدر الإمكان؟ الى من تصل هذه الشوكولا وبأية وسيلة؟ من صمم صور الأغلفة وكيف تمّ اختيارها ؟
الأجوبة من السيدة رولا نحّاس، مؤسسة شركة "Chocolate & Sunshine" ووقوف معها عند مختلف التفاصيل.
ليست الشوكولا مجرّد قطعة حلويّات مثلها مثل أيِّ حلوى أخرى، فهي هديّة لطيفة ومميزة تتحدّث جميع اللّغات، ولدى تقديمها فإنها تشكل نوعاً من أشكال التّواصل الحميم، حتى ان لها فوائد طبّية مثبتة. فهي تجعلنا نشعر بالهدوء والسّعادة، وتُساعدنا على التّخلّص من الاكتئاب، اذ لها تأثير كبير على الحالة المزاجيّة، وهي تحفّز بعض الغدد الصمّاء على إفراز الهرمونات التي تؤثّر على المشاعر
[caption id="attachment_82122" align="alignleft" width="250"] شوارع بيروت المتضررة بنكهة الشوكولا.[/caption]والسلوك وتجعل الانسان سعيداً، حتى ان المخرج "وين جيرار ترومن" المعروف، ذهب الى القول انه "طالما هناك شوكولاته فسيكون هناك سعادة"! لذلك، فإنّها تساعد على الحفاظ على الشّباب، جسديّاً وعقليّاً وتتصدّى للاكتئاب والتوتّر، وبالتّالي تقلّل من الضغط، وما أحوجنا اليه نحن اللبنانيين في مثل هذه الايام العصيبة.
بناءً على كل ذلك، قرّرت السيدة رولا نحاس أن تشارك في تقديم هذا النوع من السعادة وان تقرنها بالمساعدة . كيف ذلك ومتى بدأت حكايتها مع "الشوكولا اللبناني" تحديداً؟
أسّستُ شركة "شوكليت اند سانشين" في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2017، تقول لنا رولا، والهدف ابراز الصورة الجميلة عن لبنان الذي أعشقه، داخلياً من خلال حبّة الشوكولا، وخارجياً من خلال الغلاف الجميل والعلب الراقية التي ترمز الى لبنان فننشرها في العالم كله.
وتضيف:
- لما سألوني عن سبب اختيار مجال الشوكولا للعمل فيه أجبتهم: لانه اسهل الطرق لايصال الرسالة. كثير من الحرفيين والعمال يقومون بصنع الفناجين والأطباق والحقائب والازياء بتوقيع لبناني. من جهتي اردت هذا التوقيع من خلال حبّة شوكولا مقدمة بطريقة تحمل رسالة وتبرز صورة لبنان، وهي قطعة ثمنها مقبول،
[caption id="attachment_82123" align="alignleft" width="200"] كرم الضيافة..فناجين القهوة العربية واسماء شوارع بيروت.[/caption]طيبة المذاق وأنيقة جداً. إنّها ترجمة مني لحبي وتعلقي ببلدي. ثم ان الشوكولا هو الصديق الذي نركن اليه كلنا في جميع الاحوال النفسية، أكنا بحالة منهكة او فرحة، وهو منتج مطلوب والناس تقبل عليه.
خبرة ..
مشروع نحّاس ارتكز على خبرة في التسويق، درستها وعملت فيها لمدة اكثر من عشرين عاماً وتشرح رولا:
لقد درست التسويق والتواصل واحمل الـ "ام بي أي" من المدرسة العليا للاعمال في بيروت "ESA"، واخترت خوض هذا الغمار، وكان همي الوحيد ان يكون طيّب المذاق وبأفضل المكونات الى جانب شكله الأنيق والمميّز حتى تتكون الصورة ايجابية. فنحن كلبنانيين، رواد اينما كنا ، نقدّم البضاعة الأكثر جودة، نثق بأنفسنا وبما نقدّمه، فنضاهي حتى اكبر البلدان المنتجة. في كل بلد لبنانيون ناجحون وفي اعلى المراتب، ويمكنني القول بكل فخر إننا عباقرة، وشعب خلّاق!
تفتخر رولا بطباعة "الى بيروت مع الحب" على قطع الشوكولا التي تنتجها حالياً، وتباع في مختلف المناطق اللبنانية
[caption id="attachment_82117" align="alignleft" width="250"] الواح الشوكولا للمساعدة في إعادة الإعمار.[/caption]وفي احد محلات الحلويات الشهير في لبنان ، كما ان منتوجها موجود في المطار. مع وزارة الثقافة ، كانت لها محطات في مناسبات معينة، ويكون عندها الانتاج مخصصاً للحدث. وتورد مثالاً على ذلك، الاحتفال بليلة المتاحف، او ايضاً، عندما استعادت الوزارة بعض التحف والآثار التي كانت في الخارج، وتحمل الشوكولا حينها الرسالة التي هي محور الحدث وتبرز الهدف منه. كذلك قامت بالتعريف السياحي عن مناطقنا عبر قطع من الشوكولا التي حملت اسماء المناطق السياحية مثل الأرز وبعلبك وغيرهما، فضلاً عن العديد من المناطق اللبنانية مع تفسير للصورة على غلاف كل قطعة من الشوكولا .
لكن ماذا عن المساعدة التي تساهم فيها حالياً لـ"مبادرة بيروت للتراث"، وهي تعود لمن تضرّروا من جرّاء انفجار بيروت ؟ تشرح رولا:
- ليلة الانفجار كنت محبطة جداً، ولم ارد ان اقوم بأي شيء، على أساس ان الوقت ليس للشوكولا انما للمساعدة المادية والمساندة لمن نُكبوا. بيتي في الأشرفية ومكاتب الشركة في حرش تابت عند منطقة سنّ الفيل تضررت جداً، اما المعمل فهو خارج نطاق المدينة. اتصّلتٌ بإحدى الصديقات وهي على صلة بـ "مبادرة بيروت للتراث" واطلعتها على ما أفكّر به، شارحة لها انني اريد مساعدة المبادرة من خلال بيع الواح الشوكولا التي تحمل معالم البيوت الاثرية المعروفة في شوارع مار مخايل - الجميزة وغيرهما، في مبادرة انسانية وطنية مني، لما لهذه البيوت من خاصية لا
[caption id="attachment_82115" align="alignleft" width="250"] Le chocolat des libanais.[/caption] يمكن ان نجدها في مناطق اخرى، طارحة عليها فكرة ان يضعوا لوغو المبادرة على الواح الشوكولا، ما قد يساهم في زيادة المصداقية لدى البعض، مؤكدة لها في الوقت عينه، انه ولو لم احظ بالموافقة على اللوغو فإنني مستمرة بمساهمتي لهم. فبرأيي أنه، وحتى تعود هذه البيوت والابنية الجميلة الى سابق عهدها بعد اعادة الترميم فإنه ليس لنا الا صورها، تبقى امام أعيننا حتى تعود الى ما كانت عليه. وجاءني الجواب بالترحاب في اليوم التالي فانطلقت بالمشروع واتصلت بالمصممين لاجل رسومات اغلفة الالواح فكان تعاون مع كل من المصممين ميشال عازار وتييري شهاب ورالف خوري، ورسموا المعالم التي يمكن لمن يعرف المنطقة أن يميّزها، من متحف سرسق الى قصر بسترس الى البيت الاصفر وغيرها العديد من المعالم. وأشير انه كان لي قبلها تعاون مع المصمّم جورج مكتبي ايضاً عبر اصدار "Le chocolat des libanais".وهذا أيضاً له قصة تشرحها رولا:
- مع اندلاع الثورة اردت ان اواكب المرحلة بشوكولا مميزة، فارسلت الى بعض الفنانين صفحة تحمل لوغو "لو شوكولا دي ليبانيه"، وطلبت منهم تصاميم لا تمت الا للبنان الوطن وكيف يرونه من وجهة نظرهم. لا احزاب ولا تيارات ولا حركات ولا أعلام سوى العلم اللبناني، وكان هذا الاصدار رائعاً فعلاً .
[caption id="attachment_82119" align="alignleft" width="250"] حب بيروت.[/caption]والى الطلبات بحسب التوصية للمناسبات الخاصة من حفلات واعياد ومناسبات وافراح ، وصلت "مواصيل" "شوكليت اند سانشين" الـ"كوفيد 19" حتى . فأصدرت الشركة الواح الشوكولا التي تحمل اسم الفيروس "كوفيد 19" بغلاف كتبت عليه بعض الارشادات والتعليمات بطريقة طريفة. "فما عرف عن الفيروس انه اول ما يؤثر، فإنه يؤثرعلى حاستي الشم والذوق واردنا ان نبقيهما متيقظتين من خلال ألواحنا الطيبة، وقد تمّ عرضه في إحدى الصيدليات وعرف اقبالاً، اذ اردناه بسمة وايجابية في هذه الاوقات الصعبة من كل صوب".
صعوبات؟!
خلال أسبوعين تم بيع حوالي مئة لوح تحمل معالم البيوت الاثرية التي تضرّرت بفعل الانفجار بسعر ثلاثين الفاً للوح الواحد، تقول رولا، وأعدنا الكرّة . كذلك فإن الطلبات يمكن تلبيتها الى الخارج، وقد تم طلبها بشكل كبير الى كل من فرنسا والولايات المتحدة. اما الطعمات ، فبدأتها رلى بطعم الشوكولا بالحليب الذي يحبه الجميع عادة، كما ويتم تسليم الواح الشوكولا المر بحسب الطلب، وهو يتوافق مع متطلبات الريجيم لمن ينشده. بالنهاية هي مساهمة اكثر منها "تفنّنا" في المذاقات تقول رلى، وغالباً من يشترونها فإنّهم ينشدون المساهمة من خلالها، اما الذين يشترونها من الخارج بالعملة الصعبة فإننا نسلمها الى المبادرة بهذه العملة ايضاً من دون ان نحولها الى الليرة اللبنانية .
[caption id="attachment_82124" align="alignleft" width="250"] لبنان الثورة.[/caption]الصعوبات التي تواجه الشركة اليوم هي ارتفاع اسعار المواد الاولية ، وفارق العملة، خاصة وانهم يستوردون اجود انواع الشوكولا لاستخدامه، فضلاً عن ارتفاع ثمن الورق للغلا ، وكلفة الأكياس التي يوضع فيها لوح الشوكولا حتى يحافظ على جودته .
ولما نسأل السيدة الأنيقة في النهاية عن سبب إضافة كلمة "سانشين" مع ما تعنيه الى اسم الشركة "شوكولا..اند سانشاين" تؤكد رولا على سببين: أولهما لأن من يأكل الشوكولا يصبح "منوّراً" ويضجّ بالايجابية التي تصرّ عليها وتتمتع بها شخصياً ، وثانياً لأن الفكرة كانت بإتمام ما قد يكون مكمّلات الشوكولا من انتاج الشركة عينها مع كل ما يلزمها من توابع...