تفاصيل الخبر

بعد مشاريع فنية محلية وعالمية في المسرح والسينما: الممثلة كارول عبود: "عبالي إزرع بندورة"!

06/05/2020
بعد مشاريع فنية محلية وعالمية في المسرح والسينما:  الممثلة كارول عبود: "عبالي إزرع بندورة"!

بعد مشاريع فنية محلية وعالمية في المسرح والسينما: الممثلة كارول عبود: "عبالي إزرع بندورة"!

  

بقلم عبير انطون

[caption id="attachment_77655" align="alignleft" width="364"] الاداء المتميز لكارول عبود في مسرحية الوحش مع دوري السمراني[/caption]

في أدوارها تذكرك كارول عبود بما ردّ به احد المفكرين الكبار يوم سأله احدهم بتعجب عن جلوسه في الصفوف غير الامامية في احد العروض التي دعي اليها بالقول: "حيث أكون يكون الصف الاول"!

هكذا كارول عبود، مهما كان الدور وتراتبيته في لائحة الادوار الرئيسية - وقد لعبت منها الكثير - او الثانوية، فانها تستجلب معها الدور الى الصف الاول وتجعله دور بطولة ولو بمشاهد قليلة. البرهان؟ ما تقدمه مؤخرا مثلا في مسلسل "اولاد آدم" حيث تلعب شخصية "عبلة" السجينة التي ترتعد منها السجينات والضباط رعبا.

واذا ما وضعنا اليوم جانبا الحديث عن المسرح الذي تتبادل واياه قصة عشق كبيرة كانت آخر تجلياتها مع المخرج جاك مارون في مسرحية "الوحش" حيث أبدعت بعد سلسلة اعمال قدمتها في لبنان وخارجه ومع مخرجين عربا واجانب، واذا ما اجلنا أيضا الحديث عن ادوارها السينمائية التي تركت فيها بصمة لا تمحى من فيلم "الشيخة" الى "قصة عودة" مع جان كلود قدسي "وارض مجهولة" للمخرج غسان سلهب والذي عُرض في البرنامج الرسمي لـ"مهرجان كان السينمائي" 2002 و"هوا بيروت" لفؤاد عليوان وفيلم "الوادي" في العام 2014 و"وينن"   لجورج خباز و"جن" للمخرج "توبي هوبر" وفيلم "بالروح بالدم" للمخرجة كاتيا جرجورة وفيلم "تنورة ماكسي" ومن بعده "الشهيد "، فاننا في لقاء "الافكار" معها غصنا اكثر في عالم الشاشة الصغيرة.

 فما الذي قالته كارول؟ وما هو حلمها اليوم؟... الاجوبة حصدناها منها بدءا من السؤال:

* تلعبين دور "عبلة" في "اولاد آدم" ونعرف انك لا توافقين على الدور الا بعد قراءة  المسلسل كاملا. ما الذي استفزك في "عبلة" حتى وافقت عليه؟

- كنت مشغولة بالسينما والمسرح والانتاج، ومنذ العام 2014 لم اعمل في التلفزيون اذ لم تعرض علي ادوار تستفزني. وفجأة، مع مطلع العام الجاري، وصلتني كمية من النصوص للقراءة وجميعها جميلة فما عدت اعرف ما اختار خاصة وان مواعيد التصوير متضاربة، فارتأيت ان أركز في اختياري على الدور الذي يستفزني ولو كانت مساحته صغيرة، فالاهم عندي ان اقدم فيه ما هو مميز. في موسم رمضان المبارك، وفي الكثير من الأحيان لا تكون النصوص بغالبيتها منتهية تماما، فقرأت حوالى العشرين حلقة من "أولاد آدم"، وما شوقني للدخول في هذه المغامرة كان، فضلا عن النص الجيد، الطريقة التي تعاملت معي بها شركة "ايغل فيلمز" المنتجة منذ اللحظة الأولى اذ كانت بمنتهى الحرفية، واوجه هنا التحية الى المنتجة المنفذة في "ايغل فيلمز" جويل بيطار، والتي لم اكن على معرفة مسبقة بها، فهي كلمتني بكل حب واحترام واصرار وجعلتني أشعر الى اي مدى كانوا يرغبون كشركة بانضمامي الى المسلسل في دور "عبلة"، وهذا الامر يجعل الممثل يشعر بقيمته ومكانته الفنية. ومن جهة أخرى، فان وجود الليث حجو في اخراج "اولاد آدم"، وانا ايضا لم يسبق ان عملت معه، شكل حافزا لي، ومنذ الجلسة الاولى شعرت الى اي مدى يهمه التركيز على "الادوار الثانوية" بين مزدوجين،

[caption id="attachment_77657" align="alignleft" width="375"] كان لي حظ المشاركة بتجارب مهمة[/caption]

والتي تتكامل بالنهاية مع الادوار الرئيسية. كما ان دور "عبلة" مميز فعلا في نص مميز.

* جعلتنا نقرأ في عيني "عبلة" وهي تشطب وجه من وَشت بها (ندى ابو فرحات) قصة هذه السيدة التي حتى الآن لم يكشف عنها المسلسل، فما هي الخطوط العريضة لقصة "عبلة"؟

- شخصية "عبلة" في المسلسل كما الخط الدرامي لمختلف الشخصيات لها علاقة بطبيعة الانسان، بالخير والشر في داخله... فهل المذنب او المسجون او المدان هو الشرير، والذي يقبع خارج القضبان هو الجيد والخير؟ في شخصيات "اولاد آدم" يظهر جانب الشر الموجود في داخل كل منا، نخبئه ليبقى دفينا، ونغطيه بأقنعة او بمكانة اجتماعية. وكما الشر فان الخير موجود فينا ايضا، اذ لا شر مطلقاً ولا خير مطلقاً. لا اريد ان افضح قصة "عبلة"  للمشاهدين     لكننا رويدا رويدا سنعرف لماذا سجنت، ونكتشف في سياق القصة ان ما نراه من شر فيها ليس سوى قناع القوة الذي تفرضه وسط السجينات لتحمي به نفسها ولتكون الجلاد وليس الضحية.

*هل سبق وزرت سجن النساء يوما لسبب ما او لدور تجسديه؟

- صراحة لم يسبق أن زرت سجن نساء، ولم يكن من مجال وسط اوضاع البلد التي لا تسمح بذلك، لكنني تابعت العمل الذي قامت به الممثلة والمخرجة زينة دكاش في سجن النساء ومع السجينات وما قدمنه على المسرح، وقد صور ايضا في فيلم وثائقي، وهنا اوجه لها تحية كبيرة لان عملها سباق في الوطن العربي في هذا المجال. هناك ادوار اخرى لعبتها قابلت فيها الشخصيات التي تناولها الدور او اخرى تشبه ما اجسده.

* الادوار القاسية التي لعبتها سواء في المسرح او السينما من "الشهيد" الى "اربع ساعات في شاتيلا" وغيرها العديد... الى اي مدى تتعبك شخصيا وتؤثر عليك ام ان الاحتراف يجعلها تنتهي مع انتهاء المشهد؟

- هناك كما تعرفون مدارس عدة في التمثيل. لست من مدرسة الممثل الذي يتماهى مع الشخصية فترافقه في حياته اليومية طوال فترة التصوير. كل ما يعطيه الممثل للشخصية موجود فيه، فأنا اشبهه بالاسفنجة التي تمتص او بالبئر الواسعة يرمي فيها كل ما يراه ويسمعه ويشعر به ويعيشه كانسان، ومع الدور الذي يشخصه، يطلّع ما رماه هنا وهناك ويوزعه على  الشخصيات التي يلعبها، فما يكون داخل الممثل يعطيه للشخصية ومن ثم يعود ويسترجعه مع اضافة ما قدمته له هذه الشخصية لانها بدورها تعطي الممثل منها. المخزون هذا يعود الي ويرتفع منسوبه من دور

[caption id="attachment_77656" align="alignleft" width="164"] الممثل بئر يسقي منه الشخصية وتعطيه بدورها[/caption]

الى آخر ما يضيف الى احاسيسي كممثلة.

وبالنسبة للأدوار القاسية التي اشرت اليها، اضيف اليها ايضا دوري في "الخادمتان" مع جواد الاسدي... انها بالنهاية القساوة التي يعيشها البشر كلهم، ولما أرى او اسمع اي خبرية فانها تؤثر فيّ، ولو ان هذه القساوة بعيدة الا انها تدخل في ادواتي الفكرية والحسية والتعبيرية كممثلة بالنهاية، وحتى اختصر لك الجواب: "ما بروح بالشخصية عالبيت".

* في سجلك تعامل مع اسماء كبيرة عربية واجنبية وادوار كانت لها بصمة، ونعرف ان الفنان تعز عليه مختلف ادواره لانه اختارها، لكن ما هو الدور الذي شكل منعطفا كبيرا بالنسبة لك؟

- كان لي الحظ ان أشارك في تجارب مهمة، وليست الاسماء التي تعني لي بقدر ما هي التجارب لان المخرج او الكاتب المهم في عمل ما قد يفقد من هذه الأهمية في غيرها، وكذلك الممثل اذ قد يبدع في مشروع ما ويكون اقل ابداعاً في آخر. دائما ما الحق بالمشروع بمختلف  عناصره، الممثلون الاخرون، النص، الاخراج، وحتى انني في السينما أسأل عن مدير التصوير.

وتزيد كارول:

- ما من دور شكل منعطفا ولا حتى علامة في خط تصاعدي لأنني مثلت ادوارا اساسية مذ لما كنت في الجامعة، وشاركت في مشاريع مهمة وانا في الثامنة عشرة من عمري على المسرح وفي غيره، انما رجائي الدائم من الحياة ان تبادرني بما يوافقني وبما يناسبني بغض النظر عن الاشخاص. لقد سبق وعملت في افلام تخرج لطلاب شكلت منعطفات اذا اردتِ من حيث انها كانت تعرفني باشخاص جعلوني افكر بطريقة جديدة واتشارك في ما اعرفه معهم.

* صرحت بانك تحبين التعاون مع الجيل الجديد من المخرجين. اين الاضافات في ادواتهم كمخرجين وهل اتاحت لهم التكنولوجيا مساحة مختلفة عما كان متاحا في السابق؟   

- جيل الشباب هو بالنتيجة من سيصنع مستقبل الفن المرئي والمسموع في لبنان، وهو يفكر بطريقة مختلفة، كما ان التكنولوجيا أتاحت له الكثير، فضلا عن وجود الكثير من الجامعات والمعاهد التي تخرج مئات المخرجين والممثلين، الذين اتمنى ان تتاح لهم فرصة تحقيق اقله ما  يحلمون به في المعهد.

في الاخراج كما في الفنون عموما، الاتيان بجديد صعب جدا، وهذا امر أناقشه مع آخرين كما مع نفسي، خاصة أنني أيضا في مجال الانتاج وانا قريبة من المخرجين الذين اتعاون معهم.  المقياس برأيي لاي مخرج، وخاصة الجدد منهم، هو مدى قربه وصدقه مع موضوعه لان الاشكال المختلفة سبق وطرحت في الموسيقى والرسم والادب والسينما وكل مجال، وما نفعله اننا نعيد صياغتها، نعيد تكوينها، والصدق يبقى العنصر الأساس، والاهم ان يظل بعيدا عن الهم المادي البحت وان يعمل من منطلق انه يقوم بهذا الفيلم في هذا الوقت لانه افضل من يقوم به. انا قريبة من الجيل الجديد وارغب في البقاء كذلك واريد ان اسمع موسيقى الجيل الجديد واكون على تواصل مع فكره، فهو يهمني جدا ولا اريد ان اقطع التواصل معه ولا ان تتشكل فجوة بين جيلي ومن بعدي وما بعده بل جسر تواصل.

* ومن يلفتك لبنانيا بين هذه الاسماء؟

- كان لي الحظ ان اتعرف على مخرجين شبابا في السينما ومنهم من عملت معهم مثل سليم مراد وانطوني شدياق، وفي التلفزيون تلفتني جدا اعمال فيليب اسمر، وحاليا المخرج ايلي السمعان الذي اشاهد من توقيعه اخراجيا مسلسل "العودة"، واتمنى لكل هؤلاء ان تتاح لهم  فرص انتاجية ليصلوا أبعد بعد.

تجميل؟!

* العديد من الفنانين اعادوا تموضعهم بعد ان كانوا يرفضون امورا  كثيرة. هل من "ريسيت" كما يقال بلغة الكومبيوتر بشأن ادوارك المقبلة ومجالاتها؟

- مذ بدأت العمل وانا في الجامعة، اتبع احساسي، ولا مشكلة عندي باي "ميديوم" او وسيط فني. اكرر، الحق بالمشروع وما يعنيه لي. لست اعرف صراحة ما سيكون عليه الوضع ما بعد "كورونا" لاضع خطة للادوار او المشاريع. لنرَ ما يخبئ لنا الزمن!

* هل يملك الفنان في الظروف الصعبة التي نعيشها "ترف" رفض بعض الادوار؟

- ما عاد احد يملك ترف اي شيء! كنت أعتقد انه بما انني لست مسؤولة الا عن نفسي فإنه يمكنني ان اختار بمزاج ما هو على بالي ويستهويني، الا ان ما نسمعه بان ما بعد "كورونا" ليس كما قبله صحيح وواقعي وهذه حال الجميع، خاصة وان الوضع الاقتصادي السابق لـ"كورونا" في لبنان كان سيئاً جدا... أضحى التفكير جديا بلقمة العيش وبمنطق بعيد عن الترف، والاهم بمسؤولية لمساعدة من هم من حولنا ان احتاجوا للمساعدة.

* وهل تغير موقفك من عمليات التجميل التي ترفضيها؟

- ما عدت ارغب بالحديث في هذا الموضوع فأظهر وكانني استهدف اشخاصا معينة، وانا كنت اثرته في ما خص الممثلات والممثلين فقط وليس السيدات اللواتي لهن كل الحرية في اختيار ما يردن أن يكنّ عليه. هناك ممثلات اجنبيات خضعن للتجميل انزعج لما اراهن من شدة اعجابي وحبي لهن وكنت اتمنى لو لم يتغير شكلهن بعد هذه العمليات... "ايزابيل ادجاني" واحدة منهن مثلا وقد بات صعبا عليها الوقوف امام الكاميرا، فعندما ترون صورتها كيف اصبحت وتتخيلون ما كانت ستصبح عليه لو لم تقم بعمليات التجميل لوجدتم انه بدونها كان افضل باشواط ولما كانت معالم وجهها تغيرت. شخصيا، لن اغير في معالم وجهي وهذا قرار متخذ.

* بعد كل الخبرة التي اكتسبتها هل يمكن ان تكتبي يوما لنفسك دورا تعتبريه دور عمرك خاصة وانك صاحبة شركة انتاج؟

- موهبتان لا املكهما: الكتابة والعزف على آلة موسيقية، فأنا اواجه صعوبة في كتابة سطرين، ومن ناحية اخرى ليست عندي ملكة العزف على اية آلة موسيقية علما انني حاولت اكثر من مرة. قد اطرح فكرة لدور لي، او لغيري، الا ان عملية الانتاج اضحت صعبة خاصة للافلام الروائية السينمائية، وعلي ان احاول حينها عبر طرق انتاج بديلة اذا اردت ان اكمل في الانتاج، والا فإنني اتوقف واقوم بعمل آخر: ازرع البندورة... "عبالي ازرع بندورة"!

* ماذا بعد "اولاد آدم"؟

- سوف يعرض مسلسل "النحات" على شاشة الـ"ال بي سي آي" في النصف الثاني من الشهر الفضيل وهو من انتاج شركة "اي سي ميديا" كما يعرضه "تلفزيون ابو ظبي" و"او اس ان"، من اخراج التونسي المبدع مجدي السميري الذي اسميه اكتشافا اذ سيظهر لنا جميعنا كم هو موهوب، وآمل ان يلقى المسلسل صدى طيبا لدى الجمهور علما انه لا يشبه جدا الاعمال العربية وهو ليس سهلا ويتطلب تركيزا عاليا لمتابعته، وانني العب فيه دورا صغيرا اجده مميزا. كذلك اشارك في مسلسل "مرايا الزمن" للمخرج السوري محمد وقاف على "تلفزيون المنار" من انتاج "مركز بيروت" وذلك بدور مختلف كليا عن كل ما سبق. فالادوار الثلاثة التي اشارك بها في رمضان 2020 - وخاصة في مسلسل "النحات" اذ هناك مرحلتان عمريتيان - متباعدة كليا وقد لا يصدق المشاهد ان التي تمثلها واحدة.

لا اعرف ما تحمله لي الايام المقبلة "يمكن ما شي ويمكن كل شي"... ما هو اكيدة منه انني "عبالي ازرع واكل من زرعاتي"... هذا هو  مشروعي. اريد ان اجهز قطعة ارض وازرعها  وأعيش قربا اكبر مع الطبيعة!