تفاصيل الخبر

بعبدا تُلملم الفضائح قبل موعد الخراب!

06/05/2020
بعبدا تُلملم الفضائح قبل موعد الخراب!

بعبدا تُلملم الفضائح قبل موعد الخراب!

 

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_77704" align="alignleft" width="375"] الثورة في الشارع... الحلقة الأقوى[/caption]

لا مؤشرات حتّى الساعة تدل على إمكانيّة خروج لبنان من أزماته ولا حتّى وجود بصيص أمل في أن يُصلح "العطّار" ما أفسده دهر السياسيين على مدى سنوات طويلة، فالإقتصاد الخانق مع الأحوال الصحيّة والاجتماعيّة والأسعار الجنونيّة التي شطرت الشعب اللبناني إلى قسمين إمّا فوق وإمّا تحت، لن تفعل اللقاءات والاجتماعات فعلها لجهة إنتشال السواد الأعظم من هذا الشعب من تحت ركام خطّ الفقر. من هنا فإن لقاء بعبدا الذي دعا اليه رئيس الجمهورية ميشال عون لن يتمكّن من اعادة الحياة في لبنان إلى طبيعتها، ولا حتى إستعادة ثقة الشعب بفئة سياسيّة لها بصمة واضحة في عالم الإجرام السياسي والإجتماعي والصحّي والإقتصادي والمالي.

بوادر الإنقسام والصدام... و"المستقبل" خارج اللقاء

 

[caption id="attachment_77705" align="alignleft" width="402"] الرئيس سعد الحريري ... الهروب الى المؤسسات[/caption]

لم تكد رئاسة الجمهورية تُعلن عن قرار رئيس البلاد بالدعوة الى اجتماع بعبدا لشرح تفاصيل واهداف الخطة الاصلاحية التي اقرتها الحكومة الاسبوع الماضي لرؤساء الكتل النيابية وقادة الاحزاب والتيارات السياسية، حتّى أعلنت كتلة "المستقبل" المقاطعة وذلك في إطار حربها المفتوحة مع بعبدا و"التيار الوطني الحر"، معتبرة في بيان الاعتذار ان المكان الطبيعي لاطلاع الكتل النيابية على البرنامج هو المجلس النيابي، وأن الدعوة تندرج ضمن ممارسات وفتاوى سياسية وقانونية تتجاوز حدود الدستور لتكرس مفهوم النظام الرئاسي على حساب النظام البرلماني الديموقراطي. ومقابل مقاطعة "المستقبل" وسقوط الفريق المعارض بإنقساماته بعد فشله بتوحيد صفوفه وموقفه، خرجت عن فريق قوى الثامن من آذار تأكيدات بتلبيّة الدعوة بتمثيل من رؤساء الكتل باستثناء رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية الذي قرّر أن يوفد النائب فريد الخازن لتمثيل "التكتل الوطني".

مصادر سياسية بارزة تؤكد لـ"الأفكار" ان اللقاء لا يعدو كونه واجهة للإطلالة من خلالها على العالم الخارجي بهدف القول أن الخطّة الإصلاحية قد جرى اتخاذها بعلم من جميع الأفرقاء، موالاة ومعارضة، وأنها نوقشت على طاولة موسّعة ضمّت جميع الأطراف السياسيين إلا من رفض الحضور إمّا بقرار شخصي أو بتحريض خارجي. لكن في جميع الأحوال ثمة سؤال يتبادر إلى الذهن يتعلّق بحقيقة قراءة الملاحظات التي أبدتها بعض الجهات السياسية كالحزب التقدمي الإشتراكي وإمكانية الأخذ بها. وتشير المصادر عينها إلى أن اهل الدعوة يُحاولون إنقاذ انفسهم أمام المجتمع الدولي من خلال ورقة يُسمونها إصلاحيّة، لكنها في حقيقة الأمر ليست سوى عبارة عن قشّة يُحاول الغريق أن يتمسّك بها لإنقاذ نفسه ليس من الغرق بل من الموت نفسه.

وتذهب المصادر إلى أبعد من اعتبار لقاء بعبدا مجرد "سيناريو" لإنقاذ العهد، إذ تقول أن ما حصل هو مصارحة قبل الوصول إلى حلبة المصارعة، وهنا تبرز مجموعة أسئلة: من سيعيد الأموال المنهوبة التي تضمنتها الورقة الإصلاحية؟ ومَن من هؤلاء السياسيين لم يُشارك بعمليات هدر وفساد وتهريب أموال إلى الخارج؟ وأي وزير أو نائب سيتجرّأ على اتخاذ القرار المناسب خلال الجلسات المخُصّصة لاستعادة هذه الأموال من دون العودة إلى الزعيم السياسي والوقوف عند رأيه؟

حزب الله يعمل على تفعيل "اللقاء" وسط الحلفاء

 

[caption id="attachment_77706" align="alignleft" width="427"] الرئيس ميشال عون يستضيف رؤساء الكتل والاحزاب في القصر الجمهوري يوم الاربعاء الماضي[/caption]

أكدت مصادر سياسيّة لـ"الافكار" أنه بعد بروز الخضّة السياسيّة التي حدثت عقب الإعلان عن لقاء بعبدا حيث تراوحت ردود الفعل بين التأكيد على الحضور وبين الرفض حتّى داخل الحلف الموجود في السلطة اليوم، ومنعاً لإسقاط اللقاء وتهميشه، قام "حزب الله" بدور الوسيط من أجل لملمة الخلافات بين أهل الفريق الواحد حيث أجرى إتصالاته مع جميع الحلفاء من أجل تأكيد حضورهم اللقاء، وذلك منعاً لضرب صدقية العهد وأيضاً من أجل تفويت الفرصة على "المتربّصين" بالحكومة وببرنامج عملها.

وفي السياق نفسه، تلفت المصادر إلى أن الدعوة في الأساس لم تكن بريئة، فلو كان العهد والحكومة راغبين فعلا بإشراك القوى كلّها في القرار التاريخي الذي اتخذ وفي ورشة الانقاذ الكبرى المطلوبة عشية شروع عملية تطبيقها على الارض، لكان من المفترض ان يقام هذا الحوار قبل اقرار الخطة، وأن تشمل الدعوة اليه كل الجهات المعنية بالعلاج المفترض، من موالاة ومعارضة ومصرفيين وتقنيين وممثلين عن الاسرة الدولية وعن الجهات المعوَّل عليها لدعم لبنان، غير ان ذلك لم يحصل.

وتُعرب المصادر عن خشيتها ان يكون اهل الحكم يسعون اليوم الى "توريط" القوى السياسية، وجعل المعارضين تماماً كما الموالين، شركاء في تحمّل تبعات أي قرارات قاسية مؤلمة ستضطر الحكومة الى اتخاذها في المرحلة المقبلة. والحال، أن فريق 8 آذار يُدرك جيداً أن الصندوق لن يقدّم أي مساعدة مجانيّة وانه قد يشترط مثلاً تحرير سعر صرف الدولار وربما فرض ضرائب، كما أن الحكومة في صدد مد يدّها أيضاً الى أموال المودعين في المصارف ضمن سلسلة اجراءات غير شعبية سيكون وقعها على الناس الجائعة كارثيا. وعليه، فإن هذه الدعوة "مفخخة" ويبدو الغرض منها نيل رضى المجتمعين فلا تُرمى النقمة الشعبية لاحقاً على حكومة اللون الواحد، بل على الجميع، على اعتبار انهم أمّنوا، بشكل او آخر، مظلّة لها. وتسأل المصادر: هل ستنزلق القوى المعارضة الى هذا الفخ وتقع فيه؟

بعبدا تُذكّر والرئيس يطلب المؤازرة

 

[caption id="attachment_77709" align="alignleft" width="375"] لقاء الرئيس عون والنائب السابق وليد جنبلاط... الصلح المؤقت[/caption]

من جهتها، كانت دوائر القصر الجمهوري قد تولَّت إعادة تذكير المدعوين الى اجتماع الأربعاء بأن الدعوات شخصيّة ولقيادات الصف الأول، وان إعتذار الجهة المعنيّة لا يخوّلها إيفاد من يمثّلها. وهذا يعني، باستثناء الرئيس سعد الحريري الذي رفض أصلًا إرسال ممثل عنه، بأن المعتذرين، ومن بينهم النائب السابق وليد جنبلاط والرئيس نجيب ميقاتي، غير مخوّلين تسمية نواب آخرين للمشاركة في الجلسة.

من جهته تساءل الرئيس عون في مستهل الاجتماع مع رؤساء الكتل النيابية ما إذا كانت هناك مراحل وحقبات عاشها لبنان أشد إلحاحا وحاجة إلى مثل هذا التوافق كما هي الحال اليوم؟ معتبراً ان الإنقاذ الذي نسعى إليه ليس مسؤولية طرف واحد، أو جهة سياسية واحدة، أو سلطة واحدة، فالخروج من النفق المظلم الذي نعبر فيه هو مسؤولية الجميع.

وأكد الرئيس عون أن الوهن الكبير والخطير الذي اصاب بنية وطننا الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية يفرض علينا أقصى درجات الشفافية وأيضا أقصى درجات الاتحاد، في ظل أزمة نزوح طالت من دون أفق وتفاقمت تداعياتها على المستويات كافة، وفي ظل فيروس "كورونا" الذي استجد وزاد من انسداد شرايين اقتصادنا ونمونا العليل اذ ادى إلى انكماش اقتصادي قاس، وتراجع الطلب الداخلي والاستيراد كما التصنيع وتصدير المواد والخدمات، ونقص حاد في العملات الأجنبية المتداولة، وارتفاع مخيف لمعدلات البطالة والفقر، وارتفاع متفلت من أي ضابط لأسعار السلع على أنواعها، وتهاوي سعر صرف عملتنا الوطنية، وتراجع الإيرادات الضريبية وانحسار ضماناتنا الاجتماعية، وقال إن الأزمة المعقدة هذه ليست وليدة اللحظة وهي نتاج تراكمات متتالية في الزمن، وسياسات وممارسات خاطئة اعتمدت اقتصاد الريع وأغفلت اقتصاد الإنتاج، كما حذرنا منه في 48 موقفاً علنياً منذ تولي سدة الرئاسة، كما فضلت الربح السريع على الربح المألوف ولكن الدائم والذي يأتي من قطاعات الإنتاج والخدمات والمعرفة. ولا بد أن نضيف إلى عامل سوء إدارة شؤوننا العامة عوامل أخرى فاقمت حالتنا المرضية، كتغير المحيط من حولنا، وتأثير الحروب المتنقلة في منطقتنا، فضلا عن أزماتنا الوطنية الناجمة عن تبعثر قرارنا السياسي التوافقي في مفاصل واستحقاقات مهمة من حياتنا العامة. وأشار عون  إلى أن الخطّة ترمي إلى تطبيق تدابير إصلاحية لتعزيز النمو وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى تصحيح ميزان المدفوعات وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد، بالتوازي مع إصلاح مالي يركز على استئصال الفساد وتحسين الامتثال الضريبي وضبط الهدر وحسن إدارة القطاع العام. كذلك تسعى الخطة، في كل مراحلها، إلى تجنيب الفئات الأقل مناعة من شعبنا تداعيات الأزمة، وإلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي من ضمان وصحة وتربية وغيرها من الحاجات الحيوية.

وختم عون بالقول إن هذه الخطة لم تدرس بفكر سياسي بل بفكر اقتصادي. لذلك، أدعوكم كقيادات سياسية تتمتع بتمثيل شعبي أوصلها إلى الندوة البرلمانية، إلى مقاربتها من هذا المنطلق لعلنا نتمكن من استعادة دور لبنان: واحة من الليبرالية الاقتصادية المسؤولة وغير المتوحشة، في ظل سيادة القانون ومنطق المحاسبة والشفافية والعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن والإصلاح المستدام.

حلحلة مؤقتة بين بعبدا والمختارة

 

كل من يطلع على طبيعة وتاريخ العلاقة التي تجمع بين الرئيس عون ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، والمراحل التي مرّت بها منذ منتصف الثمانينات ولغاية اليوم، يُمكن له أن يقرأ بشكل واضح عمق الهوّة التي تفصل بينهما، وذلك لأسباب كثيرة لعل أبرزها اختلاف المدرستين اللتين تُحيطان بخلفيتهما، إذ أن الأول خلفيّته عسكرية، أمّا الثاني فخلفيّته سياسيّة مبنيّة على الحذر من العسكر.

يوم الاثنين الماضي نزل جنبلاط ضيفاً مؤقتاً على الرئيس عون في بعبدا من دون ان يحمل معه مطالب أو ورقة، على خلاف ما أطلقته بعض الشخصيات التي وسمت الزيارة بالمطلبية ولترتيب بعض الأمور. وقبيل تحديد الموعد، تواصل جنبلاط مع القوى التي ينسق معها فوضعها في صورة التطورات حيث أبلغ ما جرى للرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وبعث للقوات اللبنانية رسالة بشأن ترتيب لقائه مع عون لتخفيف التوتر في الجبل. وتشير المصادر إلى أن جنبلاط قدّم لعون قراءته السياسيّة لما يجري في البلد، مفضلاً الكف عن سياسة الماضي لأن الزمن قد تغير وتحول، ولبنان على شفير الانهيار، ولا مجال للدخول في مناكفات، لا سياسيّة ولا حزبيّة، ولا حتّى شخصيّة.

وتضيف المصادر: اللقاء وصف بالمفيد والايجابي وتناول عدّة مواضيع، وجرى فيه التأكيد على أهمية استقرار الجبل ووحدته وإزالة أي أمر يضر بهذه الوحدة، ولفتت إلى ان جنبلاط لم يبدِ أي كلام يفهم وكأنه ضد حكومة الرئيس حسّان دياب وهو ما عكسه في تصريح له بعد الاجتماع. ولاحظت هذه المصادر أن هناك جواً جديداً من شأنه ان يتبلور بعد اجتماع عون - جنبلاط، داعية إلى انتظار النتيجة. وقد وتوقفت المصادر عند قول جنبلاط ان لا علاقة له بأي احلاف ثنائية أو ثلاثية في اشارة إلى المعلومات أو التسريبات التي كانت قد وضعته في خانة قيام تحالف مع الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع.

ناصر: موفد رئاسي زار جنبلاط وتلقفنا المبادرة

من جهته يوضح أمين السر العام في الحزب التقدمي الإشتراكي  ظافر ناصر أن زيارة رئيس الحزب وليد جنبلاط الى بعبدا أتت بعد ان تلقفنا مبادرة إيجابية من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أرسل موفداً من قبله الى جنبلاط في اليومين الماضيين. واعتبر ناصر أن ظروف زيارة رئيس الحزب وليد جنبلاط الى بعبدا مرتبطة بالمرحلة التي يمر بها البلد، لافتا الى أن السبب الاساسي للقاء هو وضع الجبل والأولوية ليست للتعيينات الادارية، وقال: نحن لا نريد شيئا في التعيينات وهذا ليس مطلبنا ولا سبب معارضتنا.

وشدد ناصر على مطالب "التقدمي" بتحسين سلوك الحكومة على كل المستويات، موضحاً أن العمل هو تحت سقف التعاون والانفتاح، وانه ليس لدى "التقدمي" مشروع لإسقاط الحكومة حيث البديل سيكون المجهول، معلناً أنه ستكون للحزب التقدمي ورقة إقتصادية سوف يتم تقديمها مع ملاحظات في بعبدا.

العودة إلى صندوق النقد الدولي

 

[caption id="attachment_77708" align="alignleft" width="414"] صندوق النقد الدولي... الملجأ الأخير[/caption]

بعدما كان "حزب الله" قد رفض سابقاً الإستعانة بصندوق النقد الدولي من أجل حلحلة العقد المالية والإقتصادية في البلاد على اعتبار أنه ستترتّب على لبنان مجموعة أمور لا طاقة له على تحمّلها خصوصاً وأن الصندوق سيضعه أمام وصاية دوليّة جديدة، يبدو أن الفكرة عادت واختمرت في عقول الجميع بقبول اللجوء مجدداً إلى الصندوق، وذلك على قاعدة أن ما كان حراماً بالأمس أصبح اليوم حلالاً. لكن الحقيقة تقول أن خيار الصندوق لن يكون "كالفانوس السحري" الذي يخرج منه "العفريت" محمّلاً بالدولارات التي يحتاجها الاقتصاد اللبناني لعودة عجلته الى العم،. إذ أن مصادر إقتصاديّة تؤكد أن لا قرش يُمكن أن يُدفع للبنان ما لم تقوم السلطة بإعلان ورشة الاصلاحات المطلوبة، وهذا الامر يُجمع عليه من يطلّع على برامج مساعدات الدول المانحة للبنان وخطط صندوق النقد لمعالجة الازمة.

وفي وقت يتوقّع أن يوفد البنك الدولي إلى بيروت ممثلين عنه في الأيام المقبلة بالتزامن مع إقرار الحكومة الخطة الاقتصادية - الانقاذية، اعتبرت المصادر الإقتصادية ان الخطة غير كافية إذ يجب ان تترافق مع خطوات إصلاحية أساسية كان صندوق النقد ذكرها، لعل أبرزها إنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء وتلزيم الملف لشركات عالمية لإنشاء معامل تعمل على الطاقة البديلة في فترة لا تتجاوز السنتين، إضافة الى تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات. وتضيف المصادر: إن طلب الاستعانة ببرنامج صندوق النقد ليس بالأمر السهل ولا تتم الموافقة عليه تلقائياً، بل هنالك مشاورات تُجرى مع وفود دولية بالإضافة إلى الإطلاع على كافة التقارير التي كانت تضعها البعثات الأمميّة والدولية التي كان صندوق النقد والمؤسّسات المالية الدولية ترسلها إلى لبنان.

بين العهد و"المستقبل"... سقوط زمن التسويات

 

[caption id="attachment_77707" align="alignleft" width="366"] النائب رولا الطبش: الدعوة إلى لقاء بعبدا غير دستورية[/caption]

سارعت كتلة "تيّار المستقبل" إلى رفض دعوة رئيس الجمهورية للقاء بعبدا باعتبار أنه خروج عن المؤسّسة الدستورية وأن الورقة الإصلاحيّة يجب أن تُناقش ضمن المؤسّسات المعنيّة، أي مجلسي الوزراء والنوّاب وليس خارجهما. ورأت الكتلة أنّ الدعوة كانت يجب أن تتم قبل إقرار البرنامج الإصلاحي للإطّلاع على ملاحظات المدعوّين، ولكن بعد إقرار البرنامج الإصلاحي فإنَّ اللقاء الوطني في بعبدا هو من باب الفولكلور ليس الا.

في هذا السياق تؤكد عضو كتلة المستقبل النائبة رولا الطبش أن شعرة معاوية انقطعت بين العهد وتيار المستقبل كنتيجة تراكمية لتجاوزات دستورية وقانونية قام بها العهد، بدأت منذ ما قبل استقالة الرئيس الحريري، مرورا بمشاورات التكليف، وصولا الى لقاء بعبدا المرتقب. وسألت: ما الغاية من هذا الاجتماع؟ إذا كان للتشاور مع الكتل النيابية في ما خص الخطة الإنقاذية، كما يسمونها، فالأجدى لو تمت هذه المشاورات قبل إقرارها. وإذا كانت الغاية الحصول على أغلبية نيابية داعمة لها، فمجلس النواب هو المكان الصحيح لذلك. وإذا كان الهدف شرح الخطة وعرض عناوينها الأساسية، فمجلس النواب هو المكان الصحيح أيضا.

واعتبرت الطبش أن ما يجري هو مصادرة دور السلطة التشريعية، وهو شكل من أشكال تكريس الممارسة نحو النظام الرئاسي، مما يشكل انتهاكا للدستور، ومحاولة إرساء صيغة مشوهة لنظام ما قبل "الطائف". وعن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن الخطة، اعتبرت الطبش أن هناك من يحاول توظيف الخطة الاقتصادية لتحقيق مكاسب سياسية، خصوصا أن الدخول في مفاوضات جدية مع المراجع المالية الدولية يفترض حدا أدنى من التوافق السياسي الداخلي، وهذا ما يحاول البعض تصويره وكأن العهد قادر على جمع كل الكتل النيابية تحت عباءته، للإيحاء بأن كل البلد يقف خلف العهد وخطته، وهذا غير صحيح، لأنه محاولة مكشوفة لصرف النظر عن خلو الخطة من الإصلاحات الجدية المطلوبة، داخلياً ودولياً، وخصوصاً في ما يخص قطاع الكهرباء، السبب الأساسي لما وصلت اليه المالية العامة والعجز والوضع الاقتصادي المنهار ككل.